العامل الحاسم في اجتذاب مستثمرين جدد هو تطوير صناعة وطنية متنوعة ومتنافسة من حيث الكم والكيف في مجال إنتاج المكونات. لأن وفرتها بالحجم والجودة المطلوبين يشكل عاملا حاسما في قرار الاستثمار في مصانع تجميع السيارات، إضافة طبعا إلى التكوين المهني الملائم ووفرة العمالة المؤهلة كما ونوعا. هنا أيضا يمكن تسجيل التطور الإيجابي الذي حققه المغرب في اجتذاب أبرز الفاعلين العالميين في مجال تصنيع المكونات للاستثمار في المغرب على هامش مشروع رونو، إضافة إلى بروز صناعة وطنية في هذا المجال. وأصبح قطاع إنتاج المكونات محليا لا يقتصر فقط على تموين مصانع رونو، ولكن يصدر أيضا إلى الخارج. فخلال سنة 2015 بلغت صادرات قطاع السيارات 50 مليار درهم، نصفها سيارات كاملة التجميع والنصف الآخر أجزاء ومكونات أنتجت رونو المغرب 289 ألف سيارة خلال سنة 2015، أي زهاء 10 في المئة من عدد السيارات التي أنتجتها المجموعة عبر العالم خلال نفس السنة (2.8 مليون وحدة)، مواصلة بذلك صعودها بمعدل نمو يتجاوز 20 في المائة في السنة في اتجاه هدف إنتاج 400 ألف سيارة في طنجة قبل 2020. وفي غضون ذلك أطلقت مجموعة بوجو سيتروين أشغال بناء مصانعها في القنيطرة، والتي ستنتج بدورها 200 ألف سيارة ونفس العدد من محركات السيارات في أفق 2020. وإذا أضفنا نحو 100 ألف سيارة في مصانع صوماكا بالدار البيضاء، فإن المغرب سيتوفر على قدرات إنتاجية تناهز 700 ألف وحدة في السنة مع بداية العقد الجديد. ومع استقطاب مشروع صناعي ثالث أو رابع خلال الثلاثة أعوام المقبلة، ستتمكن البلاد من بلوغ هدف إنتاج مليون سيارة في السنة، والذي لا تفصلها عنه سوى 300 ألف سيارة. وفي نفس السياق فإن صادرات القطاع التي اقتربت حاليا من تجاوز سقف 50 مليار درهم يرتقب أن تبلغ 200 مليار درهم في أفق 2025. فالموقع المتميز الذي اكتسبه المغرب 10 سنوات بعد إطلاق مخطط الإقلاع الصناعي في 2005 يضع البلاد كرقم لا يمكن الالتفاف عليه على رقعة صناعة السيارات العالمية. وأصبح محط أنظار باقي الصناعيين الكبار في العالم، خاصة الآسيويين، والذين تجري معهم مفاوضات سرية حسب مصادر مهنية من أجل ترتيب التحاق بعضهم بركب رونو وبوجو. العامل الحاسم في اجتذاب مستثمرين جدد هو تطوير صناعة وطنية متنوعة ومتنافسة من حيث الكم والكيف في مجال إنتاج المكونات. لأن وفرتها بالحجم والجودة المطلوبين يشكل عاملا حاسما في قرار الاستثمار في مصانع تجميع السيارات، إضافة طبعا إلى التكوين المهني الملائم ووفرة العمالة المؤهلة كما ونوعا. هنا أيضا يمكن تسجيل التطور الإيجابي الذي حققه المغرب في اجتذاب أبرز الفاعلين العالميين في مجال تصنيع المكونات للاستثمار في المغرب على هامش مشروع رونو، إضافة إلى بروز صناعة وطنية في هذا المجال. وأصبح قطاع إنتاج المكونات محليا لا يقتصر فقط على تموين مصانع رونو، ولكن يصدر أيضا إلى الخارج. فخلال سنة 2015 بلغت صادرات قطاع السيارات 50 مليار درهم، نصفها سيارات كاملة التجميع والنصف الآخر أجزاء ومكونات. غير أن هذه التطورات رغم إيجابيتها كانت دون مستوى الأهداف والطموحات التي رفعها مخطط إقلاع مند إطلاقه في 2005، وأكدها وطورها في نسخته الثانية في 2009 عبر إطلاق الميثاق الوطني للإقلاع الصناعي. فمعدل الإدماج الصناعي في قطاع صناعة السيارات لم يتجاوز 40 في المائة بالنسبة لتركيب السيارات، و30 في المائة بالنسبة لتصنيع الأجزاء والمكونات، مع هيمنة الاستثمارات الخارجية في القطاع. هذه النواقص بالذات هي التي يسعى مخطط التسريع الصناعي الذي جاء به مولاي حفيظ العلمي في 2014. الفكرة الجديدة لهذا المخطط تتلخص في إنشاء منظومات صناعية في إطار اتفاقيات بين الحكومة والمهنيين والصناعيين الكبار. وفي مجال السيارات تمخضت هذه السياسة حتى الآن على وضع أسس أربع منظومات صناعية، بداية بفرع إنتاج الكابلات والأسلاك والموصلات الكهربائية في يونيو 2014، ثم الحرف المرتبطة بتأثيث داخل السياراة والمكونات المتعلقة به، وقطاع صناعة البطاريات بشراكة مع المكتب الشريف للفوسفاط، وصناعة الطولة والصفائح المعدنية، ثم صناعة المحركات في فبراير الماضي. ويقول عبد الحميد الصويري، رئيس فدرالية الصناعات الميكانيكية والمعدنية والكهربائية، "المنظومات الصناعية التي أطلقت لا تزال في بدايتها، وهناك منظومات أخرى قيد الإعداد نرجو أن تخرج بدورها للوجود في أقرب وقت، لأننا تأخرنا كثيرا". ويضيف الصويري أن القطاع الصناعي الوطني لم يكن مستعدا لمواكبة الطفرة الصناعية، الشيء الذي يفسر قلة عدد الشركات الوطنية نسبيا مقارنة بالاستثمارات الأجنبية في مجال تصنيع أجزاء ومكونات السيارات. ويرى أن على الدولة أن تبدل مجهودا أكبر في دعم الصناعة الوطنية في هذا المجال، مشيرا إلى أنه لا يمكن الحديث عن هوية صناعية لبلد لا يتوفر على صناعة ثقيلة محلية. ويندرج المخطط الأخير لمجموعة رونو، والذي وقع أمام الملك يوم 8 أبريل في هذا المجال، أي تفعيل المنظومات الصناعية المرتبطة بصناعة السيارات والارتقاء بنسبة الإدماج الصناعي. فالهدف الذي كانت رونو قد حددته لمشروعها في هذا المجال هو بلوغ 55 في المائة كنسبة إدماج صناعي مع نهاية 2016، غير أنها تأخرت كثيرا في تحقيق هذا الهدف إذ لا تتجاوز نسبة إدماجها حاليا نحو 40 في المائة. ويهدف المخطط الجديد إلى بناء منصة تموين صناعي متطورة حول رونو المغرب لتصل إلى مستوى 65 في المائة من الإدماج في أفق 2020. ويقدر الاستثمار الإجمالي في هذا المشروع بنحو 10 مليار درهم (900 مليون يورو)، غير أن رونو لن تنجز سوى جزء ضئيل من هذه الاستثمارات، التي سيتحمل الشركاء الممونين الصناعيين حصة الأسد منها. وقبل أيام نظمت رونو زيارة لمصنعها في طنجة لفائدة 250 من الصناعيين المتخصصين في أجزاء وقطع السيارات لإطلاعهم على احتياجاتها وخططها وتحفيزهم على الاستثمار من أجل مواكبتها. ولم تكن هذه الزيارة سوى جزء من مسلسل استمر على مدى الشهور الأخيرة لإعداد الخطة الصناعية الجديدة لرونو تخللتها مشاورات عميقة مع كل القطاعات الصناعية المعنية، وعلى رأسها صناعة الصلب والحديد، خصوصا مغرب ستايل وسوناسيد، وصناعة البطاريات، وصناعات البلاستيكية. وتتوقع رونو إجمالا رتفاع مشترياتها من المكونات المصنعة محليا إلى 60 مليار درهم، أي بزيادة 33 في المائة مقارنة مع ما هي عليه اليوم. فبالنسبة لصناعة الصلب سيشكل الطلب الجديد لرونو مخرجا أساسيا من واقع الأزمة الحالية التي يتخبط فيها القطاع نتيجة تداعيات الأزمة العالمية وتراجع النشاط العقاري. ويبلغ الحجم المتوقع للطلب الذي ستوجهه رونو للقطاع بنحو 70 ألف طن سنويا من الطولة واللوائح المعدنية. قطاع إنتاج البطاريات أيضا مطلوب للمشاركة بقوة، وسيجر معه في هذه الدينامية قطاع شركات التعدين المتخصصة في إنتاج الرصاص، حيث تقدر حاجيات رونو إلى 15 ألف طن من الرصاص سنويا. وسيستفيد قطاع النسيج أيضا من هذه الدينامية إذ تحتاج كل سيارة في المتوسط إلى نحو 20 مترا من النسيج. وإلى جانب ديناميكية رونو، سيبدأ مشروع بوجو بدوره في بسط آثاره على القطاع ابتداء من 2012، بطموح قوي يتجلى في السعي لبلوغ نسبة إدماج 80 في المائة. ويتميز مشروع بوجو بنوعين من الاستثمارات، الأول يهدف تركيب 200 ألف سيارة في السنة، والثاني تصنيع 200 ألف من المحركات محليا. ويشدد العديد من الخبراء على ضرورة نهج سياسة أكثر إرادية من أجل إشراك الاستثمار المحلي بشكل قوي في هذه الدينامية قصد استفادة الاقتصاد الوطني بشكل أكبر من القيمة المضافة التي تحتويها السيارات والمنتجات المرتبطة بها المصنعة محليا، وبضرورة الارتقاء السريع في سلسلة القيمة الصناعية عبر توجيه الاستثمارات والجهود صوب الحرف الأكثر فنية وتنويع أكبر للمنتجات. فبالإضافة إلى المنظومات الخمس التي تم إطلاقها يجب الاهتمام بحرف الإليكترونيات المحمولة والهياكل ومكونات المحركات، وغيرها من الأجزاء التي تعتبر "نبيلة" في صناعة السيارات، والتي تشكل حصة الأسد في كلفة الإنتاج. الجانب الآخر في صناعة السيارات الموطنة في المغرب هو انتماؤها إلى الجيل السابق، والتي تعتبر مهددة بالانقراض نظرا للتوجهات التكنولوجية الجديدة. فالأجيال الجديدة لصناعة السيارات، والتي يحظى تطويرها بالعناية والاهتمام في الدول الصناعية الكبرى، هو جيل موجه نحو المستقبل، محركاته تعمل بالطاقة الشمسية، ولوحة قيادته أقرب إلى الكمبيوترات اللوحية، ويعتمد أنظمة قيادة جد متطورة يتداخل فيها الانترنيت والاتصالات بالأقمار الصناعية. لذلك فإن كسب رهان ديمومة صناعة السيارات في المغرب يتطلب أخذ هذه التطورات بالاعتبار والحرص على الارتباط بها صناعيا بشكل أو بآخر.