إيماناً من الفنان يونس أن للمسرح دوره الهام كقوة هادفة في العالم، و لأن عنصر الإبداع في المسرح يرتبط بالتعبير عن خفايا المشاعر والروح ، بحيث يتاح لنا إقامة حوارنا الذاتي بيننا وبين أنفسنا ، اقتنص صورة جسد فيها واقع امرأة ترزح تحت سيطرة رجل . و من هنا بدأت الأحداث وبدأ استيعابنا لكل مفردات العمل التي أراد لها الفنان يونس الظهور بلقطة معبرة حتى حدود الأحرف الناطقة !. صمتٌ خيم على المسرح بعد ضجيج أقلق الروح بمفردات كان من الصعب الوصول إليها سوى بغضب عارم اجتاح نفسيهما، فأطلقا العنان لكل المفردات. صورة من الواقع... كيف يبدو واقع امرأة أرهقها مجتمعها بترهاته، وأرهقت نفسها بالإنصات إليه؟!، فغدت معلقة بأرجوحة الكذب بين الواقع و ما تشعر به!. نظارة شمسية مع حروفٍ غير واضحة المعالم هل وضعها ليحتمي بها من أفكاره، وليخفي شخصيته التي قضت عمرها معها؟. أين هو بذهنه؟ هل هو شاردٌ عنها بحفلة قضاها و تأخر؟ ، وكيف كانت سعادته القصوى قبل مجيئه البيت؟، هل يفتخر الآن بغدر أفكاره مع جريدته التي تحكي قصة الأمس، و التي التقطها عن الأرض بعد أن كورها بيديه لحظة الخلاف؟ الآن يفردها... يتمعن بها ، و كأنها مرآته... للثقافة مكان حتى في أحلك اللحظات!. يعيد فتحها وفردها وأنتِ تسمعين كل هذا بقلبك وبأنين الجريدة، فهو لا ينسى أن يضع ساقاً فوق الأخرى ليعلن انتصاره، بإضاءة اتجهت إليه فهو بطل قصتنا! أنتِ في انطواء على الأرض وكأنك سقطت سقوطاً عليها!، بين انكسار الروح والنفس، يدٌ تعلو الصدر لتكتم شهقات ونبضات جرح ألمَّ بك من حديثه. إلى ماذا تنظرين سيدتي؟ إلى أرضك التي فرشها بالنور أيام حبه الماضية...؟!. هل تذكرين لقاءكما الأول، أم خيبة أملك في لقائكما الأخير؟ تعيدين الحديث على ملامح ما بقي من روحك التي فارقتك لحظة الخلاف. تذرفين دمعةً لكلمات... تقطبين حاجبك لكلمات... تبتسمين بدموع حارقة لجنون العاصفة التي ألمت بكما ، وكيف ألمت بكما؟! تتساءلين كيف استطاع قول هذا؟ ، هل وضعته أمام نفسه لسنين قضت ومضت ؟، وكنتِ حينها تخفين دمعك، تقولين له ربما من آثار طبخ أو ربما آثار حرقة عين ألمت بك. نغور لأعماقك سيدتي ، لنضع مشكلة اجتماعية أمام أعين القارئ ، هل هو اختلاف بالطبع؟ ، اختلاف بكل شيء؟!، ولا ذنب لأحد سوى أنكما لم تريا هذا الاختلاف بينكم. أم رجولته التي اكتسبها على مر التاريخ، من سطوة مجتمع أتاحت له ذبحك بالكلمات بوجه ملائكي يلبسه، ونعتك بالجنون؟. هو بارعٌ في تحطيم الروح، ينتقي ألفاظه بعناية، و إن كانت لحظة غضب، يجعلك تدورين في دائرته المفرغة، وتسألين نفسك أسئلة المتهم، هل نجح بالإيقاع بك وتحطيم ثقتك بنفسك؟ لا يتخلى عن كبريائه أو هدوئه بعد الخلاف، يمسك بجريدته التي شهدت الحدث كله .. تناجين نفسك الآن ، تصرخين من أعماقك : «لم يؤرقني رحيلك يوماً، كان يؤرقني حضورك !. التهمت روحي من كثرة السؤال، لم أفعل شيئاً !، و ربما فعلت كل شيء. أين تكمن حقيقة ما جرى؟ غمامة سوداء لم تمطر، أخافتني وانسحبت ببرقها، تلك الأيام لم تكن لنا... و أنت لم تكن لي!.» كل التقدير الفنان يونس العلوي لمشاركتنا إحدى مشكلات المجتمع المستترة، العنف النفسي تجاه المرأة بعمل كان له تميزه وحضوره فلا أشد حقيقة من خشبة المسرح لتروي لحظاتنا الإنسانية بكل أطيافها !. (*): ناقدة سورية، والصورة حازت على الجائزة الفضية تحت محور العنف ضد المرأة في معرض بمحافظة النجف العراقية عام 2013