الذئبية الحمراء أو ما يعرف ب (lupus)، من أمراض المناعة الذاتية التي يهاجم فيها جهاز المناعة خطأ خلايا الجسم السليمة في أجزاء مختلفة من الجسم، ويصيب هذا المرض النساء بدرجة أولى بنسبة تسعة أضعاف مقارنة بالرجال، وبالأخص الأشخاص ذوي الأصول الأفريقية أو الآسيوية الذين يكونون أكثر عُرضة للمرض من ذوي الأصول الأوروبية، وتتأثر نتيجة لهذا الخطأ أعضاء حيوية للغاية، مثل الكليتين أو القلب، والجهاز العصبي. من أهم أعراض الذئبية الحمراء وجود حساسية فائقة لأشعة الشمس، تخص %80 من المرضى، وتظهر عبارة عن بقع جلدية حمراء كبيرة تأخذ شكل فراشة تغطي الوجه والخدين وقصبة الأنف، ويمكن أن يطال هدا الطفح أماكن أخرى للجسم المعرضة لأشعة الشمس، مثل العنق، والمنطقة العليا من الصدر و الذراعيين. وتعود تسمية المرض إلى هذه العلامة الحمراء اللون التي تظهر على وجه المريض وتشبه قناع الكرنفال، هذه العلامة في غاية الأهمية لأنه من خلالها ومع معايير تشخيصية أخرى يمكن أن نميز بين الذئبية الحمراء وأمراض مناعية جهازية أخرى تشبهها كالروماتيزم الرثياني والمتلازمة الجفافية. ومن الأعراض الشائعة للمرض التي تخص ما يقارب 90 % من المصابين، نجد آلام في المفاصل تكون من نوع التهابي، إذ أن ذروتها تكون في الليل مع تحسن نسبي أثناء النهار، مرورا بفترة تيبس صباحي، كما أنه من الممكن أن يكون هناك تورم واحمرار للمفاصل، وأن يشمل كذلك هذا الالتهاب جميع المفاصل، لكن تهمّ الإصابة في الغالب المفاصل الصغيرة لليد، ومن خصائصه انه مبدئيا لا يخلف دمارا لها عكس الروماتيزم الرثياني. مرض مزمن وُصف منذ أكثر من قرن من الزمن، وهو يصيب 0.5 إلى 1 من كل 1600 نسمة، وتنال النساء نصيب الأسد من المرض بأكثر بكثير من الرجال، خصوصا ما بين سن العشرين و الثلاثين أي أثناء حقبة النشاط التناسلي، وفي 10 إلى 15% من الحالات يصيب المرض الأشخاص من دون سن السادسة عشر، ويتسم هذا البدء المبكر بجدية الإصابة. وتختلف أعراض المرض وحدته من شخص لأخر و يتطور المرض بشكل دوري مع فترات سكون و فترات نوبات يمكن أن تكون شديدة الخطورة، تصاحبها ارتفاع حرارة الجسم من دون وجود أي تعفن ميكروبي، مع نقص في الوزن وتعب شديد. أثناء هذه النوبات يتساقط الشعر بكثرة، وقد يؤثر المرض على وظيفة الكليتين مما يؤدي إلى فشل كلوي كامل، كما قد يصاب المريض بضيق في الشرايين التاجية، وذبحة صدرية، أو في التهاب لأغشية القلب، وتدلّ إصابة الجهاز العصبي على تطور خطير للمرض، وتتجلى في تغيرات في السلوك وتشنجات عصبية، أو شلل في الأطراف، كما يمكن أن يحدث المرض التهابا حادا على مستوى العين. ومن العلامات الاعتيادية للمرض جفاف العيون والفم، وتقرحات في هذا الأخير، وتحول لون أصابع اليدين عند تعرضها للبرد من اللون الوردي المعتاد إلى اللون الأبيض أو الأزرق، العلامة المعروفة بظاهرة «رينود» أو برودة الأطراف. ويمكن أن تواجه الحوامل المصابات بمرض الذئبية مشاكل إجهاض متكرر، وتشكل فترة الحمل خطورة على المصابة في غياب تكفل ملائم للمرض. مرض لا يوجد علاج جذري له، بالرغم من أنه أصبحت إمكانية السيطرة عليه الآن كبيرة، وتتوفر عدة علاجات تُهدئ من النشاط غير الطبيعي لعمل جهاز المناعة، وبالتالي تخفف من تداعياته على الأعضاء الحيوية للجسم مثل الكلي. ويبدأ علاج المرض عادة ببعض الأدوية المضادة للالتهاب، ثم ينتقل المريض بعد ذلك للأدوية المتخصصة مثل «الكورتيزون» ومثبطات المناعة، وجدر بالذكر أن الساحة الطبية عرفت في السنوات الأخيرة زيادة دواء جديد للمرض من عائلة الأدوية البيولوجية.