صدرت رواية جديدة باللغة الفرنسية بعنوان «ربيع الأوراق المتساقطة» للصحافي والمنشط التلفزي والكاتب، عبد الحق نجيب، وذلك عن دار نشر كراس المتوحد. ويقدم عبد الحق نجيب، صاحب رواية «أراضي الله» التي صدرت عن الدار نفسها سنة 2015 وحازت نجاحا نقديا كبيرا، نصا متوترا، موجزا وساخرا، حول خيبات أمل «الربيع العربي»، ويجسد شخوصا داخل المدينة العتيقة بالدارالبيضاء، التي تأخذ شكل الغيتو، المنقطع عن العالم، والتي تعيش اللحظات الأخيرة لعالم قبل المرور إلى فصل آخر، ما زال مجهولا. وتحكي الرواية، التي تقع في 132 صفحة، قصة صديقين في مقتبل العمر، لا يكادان يفترقان، يريان مصيرهما ومستقبلهما ينفلتان من بين أيديهما. يحلم خالد، أصغرهما سنا، بتغيير العالم، فيما لم يعد السي محمد يؤمن بشيء ويقضي يومه في السباحة خلف «مسجد الحسن الثاني»، رغبة في تحدي السلطات الإسبانية التي أصدرت مرسوما «يستطيع بموجبه كل مغربي أن يحصل على أوراق الإقامة في أوربا إن تمكن من عبور مضيق جبل طارق سباحة». تتميز رواية عبد الحق نجيب «ربيع الأوراق المتساقطة» بنبرتها الثورية وانفتاحها على الشعر في أقصى تجلياته وتوحشه.. وتذكر، في هذا الجانب تحديدا، بأعمال محمد خير الدين. تتداخل داخل الرواية لغة السرد مع لغة الشعر فتشكلت رواية قصيدة تعبرها سخرية سوداء، تنهر الواقع وتعالجهº يسخر طبعا من أوهام الربيع العربي. تتوالى الأحداث، فيتقدم فعل السرد بسرعة خاطفة. هكذا يصبح كل فصل من الرواية غوصا أكثر في الرعب النهائي. يستلهم النص تقنيات المسرح العبثي، لذلك لا يأبه بالمألوف. يكتب عبد الحق نجيب، صاحب برنامج «صدى الإبداع» الذي تبثه القناة المغربية الأولى، عن الخيانات والخيبات، وعن عناد الذاكرة والغموض الجوهري الداخلي، الذي يقود حتما نحو الجسارة والتهديدات المستمرة للتاريخ التي تنتهي غالبا بسحق أحلام الجميع. وهو ما يفسر حضور تلك الموسيقى الهوجاء بين الفصول: تتوزع الموسيقى كما جرس الإنذار وإعلان الحب. تلك قصة شابين يرفضان التنازل، فيتعاندان حتى آخر الأقاصي. تساعد في نسج هذا الإشكال القدري لعبة تشويق مثيرة، هنا تحديدا تتجاور لغة الرواية بلغة السينما ويظهر ذلك من خلال الحبكة وقوة حضور الشخصيات التي تبدو في الوصف وكأنها ابتكرت انطلاقا من صور. تجري وقائع النص الأخيرة داخل مقبرة، تعبر عنها كتابة شذرية مفرومة، يغلب عليها طابع السينما. تظل الكتابة رغم ذلك بعيدة عن التوتر والقلق، فمن خلال الدراما المدينية، التي أثاثها المكائد السياسية والإنسانية، نجد رواية موجزة يطغى الشعر ويتحكم في مساراتها. رواية «ربيع الأوراق المتساقطة» هي قبل كل شيء حكاية جسارة، وتحد للذات. ومن جهة أخرى، قصة للأحلام المجهضة والآمال المؤجلة. يثير هذا النص من خلال تجاور الحب والخيانة وقوة شخصياته ودقة التقرير وكذا إدراكه لمختلف أشكال التسييس والسياسة والتسلل الإيديولوجي، أصل كل توتر ومواجهة بين الشباب الحالم والفاقد للبوصلة. تبدو الكتابة مثل مشاهد سينمائية صورت للتو. ثمة علاقة بين كتابة الرواية والسينما.. يتمازجان داخل نص أدبي لا يخلو من عناصر التشويق والإثارة. وتحتدم الدراما إلى درجة لا تطاق. هكذا نقتحم تجارب الأقاصي وسط لعبة محفوفة بالمخاطر، ثمة حيث الجنون القاتل للإنسان الذي انتشر وأصبح عابرا للحدود. وهو ما يجعل من «ربيع الأوراق المتساقطة» رواية فلسفية وكونية تكشف وتعري جذور الشر.