في ظل "تواتر" الأخبار القاتمة ، الحاملة في طياتها لكل بواعث التشاؤم جراء ما تشهده "الحياة المجتمعية" – عموما - من عناوين "العنف، الغلظة ، التدمير، الاعتداء ، الإتلاف ، القبح والتشويه..."، والتي أضحت للأسف ، موضوع تسابق " وتهافت" من قبل العديد من المواقع الإلكترونية والصحف الورقية ، تحت يافطة تحقيق "السبق " أو "الانفراد" المفترى عليهما، في غالب الأحيان ، في ظل هذه " السماء الملبدة" بسحب "غير ممطرة"، تتسلل، من حين لآخر ، إلى الذهن "أنباء" تجعل المرء يلعن "شيطان اليأس" ، ويستعيد الأمل في وجود أسباب ودوافع التفاؤل من جديد . أنباء من هذه الطينة كانت العديد من أحياء مدينة طنجة – إلى جانب مدن شمالية أخرى – مسرحا لها بفضل مبادرات شبابية و سكانية خالصة، استقر قرار أصحابها على مغادرة مقعد المتفرج المنتظر لالتفاتة من قبل الجهات الرسمية قصد إحداث "تغيير" لا يتطلب تخصيص ميزانية ولا اعتقالا في قيود البيروقراطية، بقدر ما يستدعي توفر إرادة عمل صادقة . فهذا شارع الأطلس بحي السواني، وأزقة حي جنان القبطان ، حي الإنعاش ، حي ابن بطوطة القريب من سوق "كاسبريطا " الذائع الصيت... وغيرها من أحياء المدينة القديمة ، "تقف عنوانا ساطعا على أن المواطن بإمكانه توفير شروط العيش السليم في محيطه، وحماية هذا الأخير من مختلف عوامل التلوث ذات التداعيات المدمرة على صحته كفرد، والصحة العامة للجماعة التي تقاسمه الاستقرار في نفس الحي" يقول جمعويون مهتمون بالشأن البيئي بالدارالبيضاء، تعليقا على ظاهرة "التنافس الجمالي" – إن صحت التسمية – التي تعيش على إيقاعها ، منذ أكثر من سنة ، غالبية أحياء عاصمة البوغاز، مشكلة بذلك نماذج استثنائية يتمنى قاطنو باقي المدن، صغيرة كانت أو كبيرة ، الممتدة عبر جغرافية البلاد، أن تنتقل عدواها إلى دروبهم و"حوماتهم" المحيطة بها البشاعة من كل جانب إلى درجة اختناق البشر والشجر. تنافس وصفه البعض ب" الثورة الطبيعية " التي "أعادت الحياة لسكان هذه الأحياء" ، الذين كادت ضغوطات المعيش اليومي ومتطلباته الباهظة ، أن تنسيهم معنى الاستمتاع برؤية المنظر الجميل وما يخلفه في النفس من سكينة واطمئنان. تنافس يجعل الجهات – السلطات المسؤولة عن تدبير الشأن المحلي بهذه المنطقة في امتحان من نوع خاص عنوانه الأساسي :" كيف يكون المنتخب في مستوى "الحس الجمالي" المطلوب لتدبير المجال ؟ ". امتحان يستوجب التفوق فيه ، الاعتراف أولا بأن سكان هذا الحي أو ذاك، لهم من الكفاءة والأهلية ما يجعلهم مؤهلين للعب دور الشريك الأساسي والمحوري في وضع أي برنامج يتوخى تنمية محيطهم وتطويره . فهم الأدرى بحاجياتهم وتراتبيتها ، ومواطن النقص المترقبة لاتخاذ تدابير استعجالية، وكذا نقط القوة المنتظرة لإجراءات الدعم والإسناد... امتحان يدفع إلى طرح تساؤلات عديدة من ضمنها : هل ذوو هذه "الرؤية الإبداعية" الراقية - لو كانوا في مقعد المسؤولية على سبيل الافتراض فقط - يمكن أن يمنحوا تراخيص تعبد الطريق لنشر "القبح العمراني"، أو التغاضي عن استفحال تمظهراته المتعددة الأوجه لدرجة "التطبيع " مع الظاهرة باعتبارها أمرا واقعا لا مناص من القبول به ؟ ألا يستحق هؤلاء تعاطيا آخر مع مختلف مشاكل يومياتهم ، من قبل من أنيطت بهم مسؤولية تمثيليتهم في المجالس المحلية ، عقب حصيلة استحقاقات 4 شتنبر 2015، عوض اعتبارهم مجرد "خزان انتخابي" – بكل ما في العبارة من إساءة لذكائهم – لا تستحضره الأجندات المناسباتية إلا كلما دق ناقوس شد الرحال صوب صناديق الاقتراع التي أضحت تعاني الهجران ؟ إن مبادرات "تقريب الجمال" من مواطني "الأحياء الشعبية" تحمل في عمقها إشارات قوية ، توضح بجلاء حلمهم بمحيط أقل تلوثا ، وأكثر استجابة للحد الأدنى من شروط العيش الصحي ، أو كما قال أحد الشبان المشاركين في هذا "الورش البييئي" الفريد : " الشباب ثاروا على الوضع السائد بهذا الحي "السواني " بهذه الطريقة ، ولم نكن نعلم أن الأمر بسيط للغاية . ففي كل يوم أصبح التحدي شعار الجميع من أجل جمالية الحي". رهان التقطته فعاليات بيئية بالمدينة عموما ، لترفع آخر أكثر طموحا ، وهو جعل" طنجة مدينة نظيفة" . ترى هل تكون السلطات المنتخبة بعيدا عن أية حسابات ضيقة – في الموعد، وتساهم في تمدد واتساع "دائرة الجمال" لتطال بصمات" فن الشارع" مختلف أرجاء المدينة التي طالما عانت من وطأة "القبح" بشتى تجلياته ؟