في مهزلة دالة على المستوى الذي بلغته بعض العقليات السلطوية المتعجرفة، ومنها تلك التي يحملها قائد منطقة كهف النسور، إقليمخنيفرة، الذي عمد في دورة جماعة سيدي اعمرو، إلى محاولة استعراض عضلاته أمام الجميع دون استثناء الصحافة، حيث منح لسانه حرية استفزاز المنابر الإعلامية، ومنها جريدة «الاتحاد الاشتراكي» أساسا، ما أثار سخط عدد من المستشارين الذين عابوا على صاحبنا القائد دوسه على دستور 2011 الضامن لحق الرأي والتعبير والولوج إلى المعلومة، ولقنوه درسا يجهله في مرتكزات دولة الحق والقانون وقواعد محاربة الفساد ومبادئ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وما للإعلام من دور أساسي في صنع العملية التنموية المطلوبة، وفي تعرية مكامن الإقصاء والتهميش، باعتباره شريكا محوريا. ورغم نجاح سياسة البلاد في تقزيم هيمنة «أم الوزارات» على حرية المؤسسات العمومية والجماعات الترابية، ونزول القانون التنظيمي رقم 13.114/ 2015 ليضع القطيعة النهائية مع السلوكيات التي سادت لعقود طويلة، ويفسح الطريق أمام عموم الفاعلين في شتى المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والجمعوية، لتدبير الشأن العام في إطار ديمقراطي تشاركي، رغم ذلك، لا تزال جماعة سيدي اعمرو، حسب مصادر من المستشارين، «تعيش تحت سيوف التسلط، الذي أحياه قائد دائرة كهف النسور، سواء إبان الانتخابات، أو عقب تكوين مكتب مجلس الجماعة والأجهزة المساعدة، حين افتضاح انحيازه التام للأغلبية الجديدة، أو خلال الدورات التي يكشف فيها عن حنينه إلى الولاية السابقة»، تضيف مصادرنا. ولم يفت مصادر «الاتحاد الاشتراكي» توضيح ما حملته نزوة صاحبنا القائد، خلال الدورة العادية لجماعة سيدي اعمرو، والمنعقدة في الخامس من فبراير 2016، عندما «سولت له نفسه خرق القانونين التنظيمي والداخلي للمجلس بشكل سافر، وانتزاعه حق افتتاح الجلسة من الرئيس، في حضور هذا الأخير وجميع نوابه»، قبل انتهازه فرصة الدورة لتصفية حساباته مع الجسم الإعلامي، في نهجه أسلوب الوعيد والترهيب والتهديد في حق كل الأعضاء «المتهمين» حسب أوهامه بالتعامل مع وسائل الإعلام، كما لو أن نفوذه الترابي «منطقة خضراء» خارج الوطن، وممنوعة على من لا يتوفر على «فيزا» تسمح له بدخولها. وكم كانت سخرية الجميع كبيرة أمام «التحليلات المزاجية» لصاحبنا القائد وهو يرى في «مواكبة تسيير الشأن العام المحلي، عن طريق وسائل الإعلام، وانتقاد ما يجري خلف كواليس الجماعة»، «جريمة من شأنها إذابة عنصر الثقة بهذه الجماعة وحرمانها من المشاريع التنموية»، ولم يفت القائد الادعاء بأنه «زاول مهنة المحاماة التي تمكنه من الرد بقوة على ما تنشره الصحافة»، إلى غير ذلك من العبارات المبطنة بالتهديد والتضييق، والتي تستدعي من السلطات الإقليمية ووزارة الداخلية التحقيق العاجل، والكشف عن خلفيات تهور صاحبنا القائد في هذا الباب وغيرها من التجاوزات. ووفق مصادر «الاتحاد الاشتراكي»، فإن تدخلات قائد كهف النسور قد تساهم في نسف التوافقات بين غالبية أعضاء الجماعة، سيما إجماعهم على اعتبار الظرفية المناخية تستلزم توجيه فائض ميزانية 2015، رغم هزالته، نحو التخفيف من أثار الجفاف، عبر حفر بعض الآبار في المواقع الأكثر تضررا، على سبيل المثال، وغيرها من نقاط جدول الأعمال التي لم يستسغها القائد، من خلال «توجيهاته» القمعية والاستهزائية التي لم تمر دون أن تخلف استنكارا قويا لدى ساكنة الجماعة التي حضرت، بكثافة غير مسبوقة، ولامست عن قرب، المخططات المكشوفة التي تحاك ضد انتظارات الجماعة على يد «كائنات معلومة» مدعومة من جانب السلطة، في شخص القائد الذي أبى إلا أن يتخطى الخط الأحمر في استهتاره واحتقاره لغير نفسه.