(1) المزقُ تتهكّمُ الأقفالَ تحنُّ إلى وشوشاتِ مفاتيحها الصّدئة في قبْرِ الماءْ، والأقفالُ تسخرُ من هَبَلِ المزقِ تنادي مجانينَها الودعاءَ بلا كللِ، لا تجيبُ مناحتَها إلا الأصداءْ، ونبضاتُ القلبِ المرسومِ بهشاشةِ طبشورةٍ صفراءْ شاحبةً على صفيحةٍ تهتاجْ، تطفئ بالحسنى الشّنآنَ بين المزقِ المزركشة وبين الأقفالِ المعقودةِ بأسلاكِ السّياجْ... (2) عميقاً تتنهّدُ: كم ثعلباً قضمَ التّفّاحةَ الأولى وتنكّرَ للنّبضِ في الخطوةِ الثّانية، كم حمامةً خانت خوافيها الكَلِمَةَ في منتصفِ الرّحلةِ، ونفرَتْ من عشّها فذبحَ الهديلُ مزاميرَ الأشواقْ، كم حيّةً ما فتئتْ تلتفُّ على نفسِها حتى سلختْ بهدوءٍ خطيئتَها وارتدتْ تحتَ جُنح الظلامْ حلمَ فارسٍ يتعتعُ في الشّطّ، كي يزحفَ السّمُّ على ألقِ الآفاقْ... غيرَ أنّ هنديّاً أحمرَ من سُلالةٍ منقرضَة، ما زال يقتفي آثارَ ظبيةٍ تفيضُ في فؤادِه أنساغُها، يحفظُ في جرابِه المتربِ خصلةً من شعرِها، وقصّةً مخطوطةً بدمِهِ ودمعِها، ما زال يبحثُ عن جزيرةٍ بعيدةٍ يناجي فيها بسمةً قد هربتْ منذ سنينَ من كوابيسِ المتاريسِ إلى محراب فرحِها لعلّها تسقي بأكؤسِ اللّوتسِ لوعةَ الأنداءْ... (3) من يحاكي منهما الأخرَ: أناملُ منهاتن تعزفُ أغنيّاتِ الرّوح في الذّرى، أم تمثالُ الحرّيةِ تستحمّ أساطيرهُ بالضّياءْ؟ كعبّادِ الشّمسِ، قلّما تلتفتُ نيويوركُ إلى ظلّها لأنها ممسوسَةٌ بالحلْمِ في مجرّةٍ تُسابقُ الزّمنْ، لها رقصةُ الضّوء والضّوضاءِ طقوسٌ، وانسلالُ اللّيلِ إلى خِدْر النّهارِ شعائرْ، ولها أولياءُ يحتمونَ بأضرحةِ الفولاذِ من غاراتِ الوول ستريت، وللأقفالِ أرواحٌ ومقاماتٌ تتهيّبُ خلوتها السّفنُ العابرة، ما همّها المصيرُ في الأرجوحةِ الحمقاءْ، يمدُّ أطرافَهُ للرّيحِ النّافِرة، يتردّدُ في جسرِ بروكلن بين هاويةٍ لا تُؤتمنْ وهاويةٍ تمنّي الصّيفَ بالشّتاءْ... (4) سيّان أن تدفنَ رعشةٌ ربيعَها الطّعينْ، تتوعّدُ سطوةَ نارٍ تُغرقُها في فائضِ الهمِّ باليُتْمِ، أو تتفجّرَ طُوفاناً يُقاومُ هواجرَ الغيابِ تصولُ في سديمِها، كي تَرجعَ الإشراقَةُ الجذْلى إلى رحِمِ الحقولِ الظّامئة، فجوانحُها لا تزالُ تسبَحُ في الأزرقِ الموتورِ بين النّهرِ والسّماءْ، تُقطّرُ أشواقَها قطرةً قطرةً في أصيصٍ حزينْ يتنهّدُ في شرفةِ الشّقّةِ 22 في الشّارعِ 12 في الطّابقِ 49، لأنّ بذرةً غنمَها كركيٌّ من أدغالِ الأمزونْ ذات ربيعْ لا تزالُ تمتصُّ البهاءْ من حلَمَةِ نجمةٍ تطرّزُ منطاداً لأسْرابِ السّحابْ يُدلّكُ لوعتَها الينبوعْ، لكنَّ لهاثَ سنابِلِها لا يُدركُ وهْو يطاردُ غمزَ الإشاراتِ طيفَ الماءْ... نيويورك، أواخر غشت 2014