يبدو أن الانفراج الذي تشهده العلاقات بين الهندوباكستان في الآونة الأخيرة قد يذهب أدراج الرياح، بعد الهجوم النوعي الذي شنته مجموعة مسلحة على قاعدة استراتيجية تابعة لسلاح الجو الهندي، في إقليم البنجاب على الحدود مع باكستان. وبالرغم من أن الأيام المقبلة كفيلة بتحديد مدى تأثير هذا الهجوم على جهود التقارب بين البلدين، التي رسختها الزيارة المفاجئة التي قام بها الوزير الأول الهندي ناريندرا مودي إلى لاهور، حيث التقى نظيره الباكستاني نواز شريف، واتفقا خلالها على وضع أسس مسار جديد للعلاقات الثنائية. ويعد الهجوم الذي نفذه السبت الماضي مسلحون، يعتقد أنهم قدموا من داخل الأراضي الباكستانية، الأكثر جرأة ونوعية منذ زمن بعيد، بالنظر إلى أنه استهدف موقعا عسكريا استراتيجيا، إذ أن القاعدة الجوية تضم أسطولا من المقاتلات العسكرية المتطورة. وهذا ما يجعل اللقاء المقرر بين وزيري خارجية الهندوباكستان في 15 يناير رهينا بالتطورات المقبلة على الساحة الإقليمية، وما ستسفر عنه التحقيقات التي بدأتها سلطات نيودلهي بشأن هوية المجموعة المسلحة التي هاجمت القاعدة الجوية وظروف تنفيذ هذا الهجوم. وفي هذا الصدد، أكدت مصادر مسؤولة في الحكومة الهندية أن نيودلهي تدرس مآل مسار المفاوضات مع باكستان، مشددة على أن قرارا نهائيا في هذا الأمر سيتخذ عقب الانتهاء من تأمين قاعدة «باثانكوت» واستكمال التحقيق في هذا الهجوم، من أجل معرفة مدى صلة المنفذين بباكستان. وقد قررت السلطات الهندية مواصلة تحقيقاتها في الموضوع، بالرغم من أن مجلس «الجهاد المتحد»، وهو تحالف لنحو عشر جماعات متشددة موالية لباكستان، متمركزة بالخصوص في الشطر الباكستاني من إقليم كشمير، أعلن مؤخرا مسؤوليته عن الهجوم على القاعدة الجوية الهندية. ويرى مراقبون أن الهجوم على القاعدة الجوية يعد بمثابة منعطف جديد في الحرب التي تخوضها جماعات متشددة وانفصالية ضد الحكومة الهندية، باعتبار أنه استهدف موقعا عسكريا هنديا خارج منطقة كشمير المتنازع عليها. وبحسب قراءة لهؤلاء المراقبين «يبدو أن الاستراتيجية الجديدة لتلك الجماعات أصبحت ترتكز على نقل ساحة المعركة ضد القوات المسلحة الهندية إلى نطاق أوسع، لاسيما من خلال العمل على تحديد قواعد عسكرية محاذية للحدود وشن هجمات نوعية عليها». وفي المقابل، اعتبر محللون آخرون أن الهجوم الأخير على القاعدة الجوية، الذي نفذ بعد أسبوع من قيام الوزير الأول الهندي ناريندرا مودي بزيارة تاريخية إلى باكستان، يستهدف في الواقع «نسف» أي محاولة جدية لاستئناف المحادثات المتعثرة بين البلدين الجارين. وأكدوا، في هذا الصدد، أنه «كان من المتوقع حدوث هذا الأمر، منذ اللحظة التي وصل فيها ناريندرا مودي إلى باكستان، وربما منذ زيارة وزيرة الشؤون الخارجية الهندية سوشما سواراج إلى إسلام آباد ولقائها برئيس الوزراء ومستشاره للشؤون الخارجية سرتاج عزيز. وبالرغم من ذلك، توقع محللون أن تدفع الإرادة، المعبر عنها في سياق هذه اللقاءات من قبل القادة بكلا البلدين، إلى تجاوز هذا الحادث من أجل إعادة الدفء للعلاقات بينهما والدفع بالمسار الجيد الذي بدأ منذ لقاء رئيسي وزراء الهندوباكستان على هامش مؤتمر باريس للتغيرات المناخية وما تلاه من مبادرات حسن نية من الطرفين معا. وفي هذا الإطار، فسر المحللون مجمل التصريحات الصادرة عن المسؤولين الهنود بأنها مؤشرات على ضبط النفس ورغبة في مواصلة المحادثات مع باكستان. يذكر أن الهند ما فتئت تتهم جارتها باكستان بدعم الجماعات الانفصالية التي تتسلل عبر الحدود بين البلدين للقيام بعمليات تستهدف قواتها العسكرية، فيما تتهم باكستان الجانب الهندي بانتهاك حقوق مواطني إقليم كشمير ذي الأغلبية المسلمة.