سجل المجلس الوطني لحقوق الإنسان اختلال توازن السلط في مجال التعيين بهيئة المناصفة و محاربة كل أشكال التمييز من منطلق أن رئيس الحكومة يتوفر طبقا لمشروع القانون على سلطات واسعة للتعيين على حساب السلط الدستورية الأخرى بما فيها الملك و البرلمان.. و من وجهة نظر المجلس فإن هذه الخطاطة تبتعد عن منطق توازن السلط بوصفه مبدأ مكرسا في الفصل الأول من الدستور .. و اعتبر المجلس في مذكرة له أن أولوية رئيس الحكومة في خطاطة التعيين من شأنه أن يتضمن مخاطر التأثير السلبي على استقلالية الهيئة بوصفها مؤسسة دستورية بالنظر لكون الحكومة تتوفر على الإدارة الموضوعة تحت تصرفها كما تمارس الإشراف و الوصاية على المؤسسات العمومية.. و بعد استعراضه لملاحظات موضوعية متعلقة بخطاطة التعيين يقترح المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن تتألف الهيئة علاوة على رئيسها أو رئيستها و أمينها العام اللذان يعينان بظهير، من خبراء يتم اختيارهم من الشخصيات المشهود لها بالخبرة العالية و العطاء المتميز وطنيا و دوليا في مجال المساواة و المناصفة و مكافحة التمييز معتبرا أن تعيين الرئيس (ة) و الأمين (ة) العام (ة) و عدد من أعضاء الهيئة من طرف الملك ، يشكل ضمانة أساسية ليس فقط لاستقلال هيئة المناصفة و مكافحة كل أشكال التمييز و إنما لكل المؤسسات المنصوص عليها في الفصول 161 إلى 170 من الدستور .. كما سجل المجلس في هذا السياق أن عدد الأعضاء المنحدرين من المجتمع المدني لا يستجيب من منظور المجلس الوطني لحقوق الإنسان لمتطلبات الفقرة الأولى ب 1 من مبادئ باريس التي تنص على أنه ينبغي أن يكون تكوين المؤسسة الوطنية و تعيين أعضائها سواء بالانتخاب أو بغير الانتخاب وفقا لإجراءات تتيح توفر الضمانات اللازمة لكفالة التمثيل التعددي للقوى الاجتماعية المعنية بتعزيز و حماية حقوق الإنسان . .. و في هذا الصدد نبه المجلس إلى الحرص على تفادي عوامل شلل سير عمل الهيئة الذي يحتمل أن تترتب عن تداخل بين الحساسيات السياسية و الإيديولوجية معتبرا أن الشرعيات الناجمة عن أنماط تعيين أعضاء على أساس التمثيلية السياسية أو احترام تعدد التيارات الإيديولوجية من شأنها أن ترهن بشكل جدي نجاعة مؤسسة من هذا النوع . و استعرض المجلس الوطني لحقوق الإنسان في مذكرته المتعلقة بهيئة المناصفة و محاربة كل أشكال التمييز عددا من الملاحظات في مقدمتها أن مشروع القانون يخلط بين صلاحيات الهيئة في مجالي الحماية و النهوض و الصلاحيات ذات الطابع الاستشاري. ذلك أن مشروع القانون يختزل اختصاصات الهيئة في مجرد تلقي الشكايات بشأن حالات التمييز و النظر فيها و إصدار التوصيات بشأنها إلى الجهات المعنية و تتبع مآلها. و هذا الخيار من شأنه أن يؤدي إلى اختزال صلاحيات الهيئة المتعلقة بالحماية في مجال الرصد و التتبع . في حين أن مصطلح «هيئة» الذي نص عليه المشروع الدستوري يحيل إلى مؤسسة متخصصة لحماية حقوق الإنسان و مكافحة التمييز المبني على النوع ، ذلك أن مهمة الهيئة - في نظر المجلس - تتجاوز مجرد معالجة و إحالة و تتبع الشكايات . و ضمن ملاحظاته أيضا سجل المجلس كذلك أن مشروع القانون لا يتضمن مقتضيات تمكن الهيئة من التدخل لدى السلطات و غيرها من الهيئات المعنية بالشكايات من أجل إيجاد حل لها ، عن طريق الصلح / الوساطة أو عبر قرار ملزم . كما أن المشروع لا يمكن الهيئة من صلاحية البحث و التحري لدى المؤسسات المعنية في حالات التمييز و لا يتيح للهيئة صلاحية النظر بمبادرة منها في حالات التمييز . كما سجل الاختلال المقلق في التوازن بين اختصاصات الهيئة في مجال النهوض ، و اختصاصاتها في مجال الحماية . فمشروع القانون بنظر المجلس لا يكرس الطبيعة و الغاية الدستورية من إحداث الهيئة بوصفها هيئة لحماية حقوق الإنسان و النهوض بها ، و ينزع على خلاف ذلك إلى منح الهيئة طبيعة استشارية محضة و موجهة بشكل واضح نحو النهوض فقط ، و يبدو أن هذا الخيار يحتمل مخاطر عدم تلاؤمه مع مقتضيات الفصلين 164 و 19 من الدستور . بناء على هذه الخلاصات و غيرها، يقترح المجلس الوطني لحقوق الإنسان ، إدراج مادة جديدة يوصي بتكريسها كلية في اختصاصات الهيئة في مجال الحماية و مكافحة التمييز بما يسمح لها بممارسة الصلاحيات المتعلقة بإخبار المشتكين بحقوقهم و بسبيل الانتصاف المتاحة ، ودراسة الشكايات وفق المعايير و المساطر المعتمدة و توجيهها نحو السلطات المختصة و الفاعلين الآخرين المعنيين إلى جانب التدخل لدى السلطات و غيرها من الهيئات المعنية بالشكايات من أجل إيجاد حل لها ، عن طريق الصلح / الوساطة مع استبعاد أي إمكانية للوساطة في حالات العنف ضد النساء و الفتيات . و كذا القيام بالتحري لدى المؤسسات العمومية الخاصة و الهيئات الأخرى، و معالجة حالات التمييز المتعدد بتنسيق مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالإضافة إلى تبليغ السلطات القضائية أو المهنية المختصة بالمعلومات حول الشكايات التي تتولى النظر فيها قصد إجراء المتعين بصدد حالات التمييز التي تمت معاينتها مع إمكانية تنصيب الهيئة كطرف مدني و ذلك في حالة إقامة الدعوى العمومية من قبل النيابة العامة أو الطرف المدني بشأن حالات التمييز المندرجة في مجال اختصاصها. المجلس و في إطار توسيع صلاحيات الهيئة يرى إضافة اختصاصات جديدة كإعداد توصيات للسلطات العمومية و غيرها من الفاعلين المعنيين من خلال اقتراح إصلاح القوانين و الممارسات الإدارية و غيرها على أساس تحليل الشكايات و تقييم مسلسل التسويات و السهر على تتبع حالات التمييز والعنف و ما تم اتخاذه من قرارات .