في خطوة مثيرة، يدفع المجلس الوطني لحقوق الإنسان في اتجاه سحب البساط من تحت أقدام عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، فيما يخص سلطة التعيين في هيئة المناصفة ومكافحة التمييز، بتقليصها إلى ما دون 55 في المائة. وسجل المجلس الوطني، في الرأي الاستشاري بشأن مشروع القانون رقم 73.14 المتعلق بهيئة المناصفة ومكافحة التمييز توفر رئيس الحكومة على سلطة واسعة للتعيين على حساب السلط الدستورية الأخرى (الملك، البرلمان)، معتبرا أن ذلك يبتعد عن منطق توازن السلط المكرس في الفصل الأول من دستور المملكة. واعتبر المجلس أن أولوية رئيس الحكومة في خطاطة التعيين (55 بالمائة من التعيينات) تتضمن مخاطر التأثير السلبي على استقلالية الهيئة بوصفها مؤسسة دستورية، بالنظر إلى كون الحكومة تتوفر على الإدارة الموضوعة تحت تصرفها، كما تمارس الإشراف والوصاية على المؤسسات والمقاولات العمومية. بالمقابل، يقترح المجلس تأليفا بديلا للهيئة، باعتبارها متخصصة في حماية حقوق الإنسان ومكافحة التمييز، يتمثل في أن تتألف، علاوة على رئيسها وأمينها العام، اللذين يعينان بظهير، من سبعة خبراء يختارون من بين الشخصيات المشهود لها بالخبرة العالية والعطاء المتميز، وطنيا ودوليا، في مجالات المساواة والمناصفة ومكافحة التمييز، خاصة التمييز المبني على أساس الجنس، شريطة التوفر على عدد من سنوات الخبرة (15 سنة مثلا). ويقترح المجلس أن تتم إعادة صياغة المادة 4 من مشروع القانون في اتجاه التنصيص على تعيين خبيرين من طرف الملك، وخبيرين من طرف رئيس الحكومة، وخبير من طرف رئيس مجلس النواب، وخبير من طرف رئيس مجلس المستشارين، وخبير من طرف المجلس الوطني للسلطة القضائية. وحسب المجلس، فإن تعيين الرئيس والأمين وعدد من أعضاء الهيئة من طرف الملك، يشكل ضمانة أساسية ليس فقط لاستقلال الهيئة، وإنما لكل المؤسسات المنصوص عليها في الفصول 161 إلى 170 من الدستور. من جهة أخرى، يتجه رأي المجلس، الذي جاء بناء على طلب إبداء الرأي الموجه من طرف رئيس مجلس النواب بتاريخ 23 نونبر 2015، إلى تقوية نظام حالات التنافي، حيث يعتبر عضوية الهيئة متنافية مع العضوية في الحكومة أو مجلس النواب أو مجلس المستشارين أو المجلس الأعلى للسلطة القضائية أو المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أو المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية أو مؤسسات وهيئات حماية الحقوق والحريات والحكامة الجيدة والتنمية البشرية والمستدامة والديمقراطية التشاركية. كما تتنافى العضوية مع مزاولة مهنة المحاماة، ومزاولة مهام غير تمثيلية تؤدي الأجرة عنها دولة أجنبية أو منظمة دولية أو منظمة دولية غير حكومية. إلى ذلك، يبدو لافتا، من خلال الرأي الاستشاري، توجه المجلس إلى إضفاء الصفة شبه القضائية على الهيئة لتترافع وتنتصب طرفا مدنيا، حيث يوصي المجلس بأن تخول للهيئة ممارسة الصلاحيات التالية: إمكانية تنصيبها طرفا مدنيا، في حالة إقامة الدعوى العمومية من قبل النيابة العامة أو الطرف المدني بشأن حالات التمييز المندرجة في مجال اختصاصها، تبليغ السلطات القضائية أو المهنية المختصة معلومات حول الشكايات التي تتولى النظر فيها قصد إجراء المتعين بصدد حالات التمييز التي تمت معاينتها. كما يقترح المجلس، ضمن السلطات المخولة للهيئة، دراسة الشكايات وفق المعايير والمساطر المعتمدة وتوجيهها نحو السلطات المختصة والفاعلين الآخرين المعنيين، والتدخل لدى السلطات وغيرها من الهيئات المعنية بالشكايات من أجل إيجاد حل لها، عن طريق الصلح/ الوساطة، مع استبعاد أي إمكانية للوساطة في حالات العنف ضد النساء والفتيات.