تزامنت الحملة التي أطلقها نشطاء في شبكات التواصل الاجتماعي، من أجل المطالبة بإلغاء تقاعد الوزراء والبرلمانيين، مع قرب إعلان الحكومة عن مشروعها في ما اعتبرته «إصلاحا»، للصندوق المغربي للتقاعد. ومما زاد في تأجيج هذه الأزمة، التصريحات التي أطلقتها الوزيرة المنتدبة لدى وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة، المكلفة بالماء، شرفات أفيلال، حول هذا الموضوع، والذي اعتبرته مجرد نقاش «شعبوي»، مما أثار عليها موجة من الانتقادات. وبغض النظر عن الطابع الذي اتخذته الحملة المذكورة، والتي تركزت على تصريحات الوزيرة، إلا أن الموضوع يحتاج إلى نقاش عميق، حيث إنه يطرح إشكالات عديدة، ترتبط بالمشاريع التي تنوي الحكومة اتخاذها، خاصة في ما سمي بإصلاح التقاعد. فإذا كانت حكومة عبد الإله بنكيران، تعتبر أن الصندوق المغربي للتقاعد مهدد بالإفلاس، ويجب على الشغيلة أن تتضامن وتقبل التضحية، من أجل إنقاذه، فكيف تسمح بتقاعد للوزراء وللبرلمانيين، هو أقرب إلى الريع منه إلى أي شئ آخر، ويكلف خزينة الدولة مبالغ كبيرة. الفرق بين الشغيلة و بين الوزراء والبرلمانيين شاسع، حيث إن تقاعد الشغيلة الحالي، الذي يراد تقليصه، كما أعلنت الحكومة، لا يساوي نصف ما يتلقاه الوزير والبرلماني. غير أن الفرق الكبير، هو أن ما تتلقاه الشغيلة من معاش، يساوي عمرا بكامله من العمل، بينما يمكن للوزير أن يقضي بضعة شهور ليتلقى معاشا يتجاوز عشر مرات معاش العامل. ينبغي مناقشة هذه المسألة في إطار مبدأ المساواة، وليس بدافع التهجم المجاني على الوزراء والبرلمانيين. فالظرفية الصعبة تفترض أن تكون للحكومة الشجاعة الكافية لتغيير القوانين التي تنظم تقاعد الوزراء والبرلمانيين، في ضوء «اٌلإصلاح» الذي أعلنته بخصوص تقاعد الشغيلة. في ظل الوضع الذي يضيق باستمرار على الفئات الفقيرة والمتوسطة، لا يفهم لماذا لا تبادر الحكومة إلى مراجعة الأجور الخيالية التي يتلقاها مسؤولو الشركات الوطنية الكبرى، والتي تتناسب مع مستوى الدخل الفردي للمغاربة. لحد الآن تجرأت الحكومة على الشغيلة، لكنها لا تجرؤ على محاربة الريع والفساد، وعلى سن سياسة ضريبية يؤدي فيها الأغنياء بعض النسب مما يراكمونه من ثروات.