يبدو أن التصريحات الأخيرة لرشيد بلمختار وزير التربية الوطنية والتكوين المهني بخصوص ملف الأساتذة المتدربين بالمراكز الجهوية لمهن التربية، ستزيد في الطين بلة، وستذكي المزيد من التوتر ما بين الوزارة وهؤلاء الأساتذة الذين يسعون لضمان وظيفة في مجال التربية والتكوين من أجل خدمة البلاد. فما معنى أن يصرح وزير التربية الوطنية والتكوين المهني إعلاميا مؤخرا «أن الوزارة قررت في يوليوز الماضي، إصدار مرسوم حكومي يفصل التوظيف عن التكوين، فالمبدأ هو أن التكوين لا يكون من أجل الإدارة العمومية فقط، بل أيضا من أجل القطاع الخاص»؟ فهذا المعطى الذي جاء به بلمختار جديد في هذا الملف ،ومحاولة للتهرب من الالتزام بما كان جاري به العمل سابقا ،أن الأساتذة المتدربين، بعد سنة من التكوين التأهيلي بهذه المراكز، يلجون مباشرة الوظيفة في مجال التعليم العمومي. ولم يكتف بلمختار بهذا، إذ أوضح في نفس التصريح على أنه «من لم يتيسر له التوظيف، فهناك القطاع الخاص، وستكون أمامه فرص للعمل في دول الخليج لأن له شهادة من معهد التكوين»، وهنا الوزير يضيف «مخرجا» ثانيا للقطاع الخاص الذي اعتبره حلا أوليا، هو العمل بدول الخليج، وهنا يطرح التساؤل، هل المغرب الذي يحتاج الأطر التعليمية ويكونها من الأموال العمومية يعمل ذلك من أجل ملء الخصاص ،وتدارك النقص الذي يعرفه في مجال التعليم العمومي، أم يهدر هذه الأموال من أجل دول الخليج التي لها إمكانياتها المادية لحلها مشاكله؟ ألا يمكن القول إن مثل هذه التصريحات من وزير مسؤول على قطاع اجتماعي يتعلق بالتربية والتكوين والذي يهم مصير أمة بأكملها، وفي زمن الإصلاح ،وتحضير الرؤية الإستراتيجية لإصلاح التربية والتكوين 2016-2030، التي أعدها المجلس الأعلى للتربية والتكوين والتي أعطت أهمية كبرى لمحور التكوين في المجال التعليمي، بأنها تصريحات غير مسؤولة ولا تتماشي ومضمون رهانات الإصلاح التي يسوق لها اليوم؟ وللتأكيد على أن خطاب الوزير خطاب مهتز وتغيب فيه النظرة المستقبلية والإستراتيجية لملف التكوين في المجال، وعلى أن هذا الخطاب يسعى جاهدا للرد على المسيرة الحاشدة التي قام بها الأساتذة المتدربون التي شارك فيها أكثر من عشرة آلاف أستاذ متدرب بالرباط مؤخرا، أعلن بلمختار على أن الوزارة قررت «بدءا من سنة 2017، منع 14 ألف أستاذ تابع لها من العمل في التعليم الخاص، وهذا سيجعل هناك طلبا لدى مدارس القطاع الخاص». ويذكر أن المرسومين الوزاريين رقم 2.15.588 و 2.15.589 اللذان صادقت عليهما الحكومة، أعلنا أن خريجي المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، سيشاركون في مباريات توظيف أساتذة التعليم، حسب الحاجيات وبمراعاة المناصب المالية المحددة في قانون المالية، فضلًا عن استفادتهم من منحة شهرية قدرها 1200 درهما طوال مدة تكوينهم لفترة أقصاها 12 شهرًا. جوهر الخلاف بين الأساتذة المتدربين والحكومة يكمن في أن توظيف من اجتازوا بنجاح مدة تأهيلهم بهذه المراكز، كان يتم في السابق بشكل تلقائي، لا سيما وأن انتقاءهم للتكوين يتم بعد حصولهم على شهادة الإجازة، ثم نجاحهم في الاختبارات الكتابية والشفوية، بينما سيتحتم عليهم الآن، إن أرادوا التوظيف، أن يشاركوا في امتحانات لا يُنتقى منها إلّا حسب الحاجيات.وكانت وزارة التربية الوطنية قد قدمت مشروعي المرسومين في شهر يوليوز الماضي، وصادق عليهما المجلس الحكومي في الشهر الموالي، وقد نُشر المرسومان في الجريدة الرسمية ، بعدما أكدت وزارة التربية أنهما سيدخلان حيّز التنفيذ ابتداءً من موسم 2015-2016.