خلد قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بخنيفرة، الذكرى 101 لمعركة لهري الشهيرة، بحضور المندوب السامي، الدكتور مصطفى الكثيري، حيث تمت زيارة المعلمة التذكارية المخلدة لهذه المعركة، في احتفال حضره عامل إقليمخنيفرة، محمد علي أقسو، وعدد كبير من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، وشخصيات عسكرية ومدنية ورؤساء مصالح إدارية ومنتخبون وفعاليات جمعوية، حيث أقيم مهرجان خطابي كبير افتتح بكلمتين لرئيس المجلس القروي للهري ورئيس المجلس الإقليميلخنيفرة، تم فيهما استحضار ما حققته المقاومة الزيانية من ملاحم تحريرية، وخلالها أطلقت «جمعية أسود الأطلس» 101 حمامة في الهواء احتفالا بالذكرى. ومن بين ما حمله الدكتور مصطفى لكثيري بالمناسبة، إبلاغ الحاضرين بعمل المندوبية على «مراجعة راتب معاش العطب» بزيادة 30 بالمائة لفائدة 22 ألف مقاوم، أحياء منهم وأرامل وذوو حقوق، بغلاف مالي قدره 3 ملايير و850 مليون سنتيم، بينما توقف عند ما أنجزته المندوبية بخصوص التغطية الصحية التي ستكون مثالية ونموذجية هذه السنة، في حين أشار لعملية إدماج أبناء وبنات قدماء المقاومين في المحيط الاقتصادي والاجتماعي، حيث تم تسجيل 1692 مشروعا صغيرا ومتوسطا، و94 تعاونية، و138 جمعية تعمل في مجال التشغيل الذاتي والمقاولاتي. وفي كلمته، أشاد الدكتور مصطفى لكثيري، بشجاعة وبسالة أبناء الإقليم الذين لقنوا المستعمر، بقيادة الشهيد موحى وحمو الزياني، درسا تاريخيا في معنى التضحية والوطنية الصادقة، ولم يفته التعبير عن اعتزازه وافتخاره بمشاركة سكان إقليمخنيفرة وأسرة المقاومة وجيش التحرير في تخليد هذه الملحمة التاريخية الكبرى التي ستظل منقوشة في ذاكرة الأجيال، مذكرا بالمكانة التاريخية التي تحتلها ملحمة معركة لهري ضمن سجل المقاومة الوطنية. إلى جانب ذلك توقف الدكتور لكثيري للحديث عن البطل الشهيد موحى وحمو الزياني الذي تمكن بفطرته وحكمته من توحيد صفوف المجاهدين والرفع من معنوياتهم إلى أن استطاعوا إرباك حسابات المستعمر ورهاناته الرامية للسيطرة على هذه الربوع من الوطن، مشيرا لما كانت تشكله خنيفرة لدى السلطات الاستعمارية كقلعة عنيدة باعتراف المارشال ليوطي نفسه، وفي هذا السياق أشار المندوب السامي إلى ظروف معركة لهري وما سبق ذلك من محاولات استعمارية فاشلة كنهج سياسة الإغراء تجاه موحى وحمو الزياني الذي ظل صامدا قائدا لرجاله بالجبال. وفي ذات السياق، استدل المندوب السامي بشهادات اعترف فيها بعض القادة الفرنسيين بالهزيمة الثقيلة التي تكبدتها جيوشهم في معركة لهري، ومنهم «جيوم» الذي كتب قائلا: «لم تمن قواتنا قط في شمال إفريقيا بمثل الهزيمة المفجعة بمعركة لهري»، إذ بعد أشهر من بسط الجيوش الفرنسية لنفوذها على مدينة خنيفرة، لم تتوقع أن تتكبد كل تلك الخسائر في الأرواح والعتاد بمعركة لهري، حيث سقط أكثر من 580 جنديا فرنسيا، و33 ضابطا، وقائدهم الكولونيل لافيردور، علاوة على أزيد من 170 جريحا، بينما غنم المقاومون أسلحة وذخائر حية كثيرة، ولم يفت المندوب السامي الإشارة لتقرير أنجزه الماريشال ليوطي وقتها، في 18 صفحة، وفي هامش من هذا التقرير كتب بخط يده قائلا «لو خرج قائد عملية لهري، الكولونيل لافيردير، حيا من المعركة لكانت السلطة الفرنسية قدمته للمحكمة العسكرية ليأخذ جزاءه»، جراء استهانته بالقدرة القتالية لمجاهدي القبائل المشاركة في المعركة المذكورة. وقد تخللت المهرجان الخطابي الكبير مراسم تكريم 12 فردا من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير المنتمين للإقليم، بينهم 4 متوفين، ألقيت في حقهم جميعا كلمة مؤثرة، وبينما سلمت لهم لوحات تقديرية تم توزيع إعانات مالية، مجموعها 47 ألف درهم، على 8 أفراد من أهالي قدماء المقاومين وجيش التحرير وأراملهم بالإقليم، واحد منهم لإحداث مشروع اقتصادي و6 لإعانتهم على مصاريف الدفن وواحدة لمساعدتها على الإسعاف. وفي ذات المناسبة، توقف المندوب السامي للحديث عن جهود المندوبية في إطار صيانة الذاكرة التاريخية، والذي من خلاله دعا إلى زيارة جماعية للفضاء التثقيفي والمتحفي للمقاومة وجيش التحرير، حيث تم الاطلاع على ما يحتوي عليه من منشورات وإصدارات، ومن صور وألبسة وأسلحة تعود إلى مراحل معينة من تاريخ المقاومة بإقليمخنيفرة. وفي مساء ذات اليوم، احتضن المركز الثقافي أبو القاسم الزياني، فعاليات الندوة العلمية التاريخية حول معركة لهري، افتتحت بكلمة التنسيقية الجمعوية المنظمة، وأخرى للكاتب والباحث زايد أوشنا الذي شارك بكتابه الجديد (cher-is) غاريس، تلته كلمة الباحث الأمازيغي علي خداوي، وبعده الدكتور مالكي المالكي، لتختتم الندوة بلوحات فولكلورية، بشراكة مع جمعية «إغبولا إيزايان»، تضم مجموعة من الشعراء «انشادن» وأحيدوس، بالنظر لما كان للشعر الأمازيغي من إسهام بارز في حث المقاومة على الصمود في وجه الغزو الأجنبي. وبينما جددت تنسيقية هيئات النسيج الجمعوي بخنيفرة دعوتها لجميع فعاليات المجتمع المدني من أجل المشاركة تأسيس»مؤسسة موحى حمو الزياني للبحث والتنمية»، التي سبق أن أطلقتها التنسيقية السنة الماضية، لم تتخلف التنسيقية هذا العام عن برمجة سلسلة من الأنشطة تحت شعار» معركة لهري محطة للتزود بقيم المواطنة»، وذلك بشراكة مع النيابة الإقليمية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، المجلس العلمي المحلي، مندوبية وزارة الصحة والجماعة القروية لهري، ويتضمن البرنامج ندوات فكرية، حملة للتبرع بالدم، مسابقات رياضية في فنون الرماية والفروسية وكرة القدم والعدو الريفي، ثم سباق الحمام الزاجل ورحلة على الأقدام بين شعاب المسار الذي واجه فيه المقاومون جيوش الاستعمار الفرنسي، علاوة على تنظيم مسابقة لأحسن قصيدة تتناول ملحمة معركة لهري.