1 التقاطعات الصادمة لملامح صارمة قدرية عجنت حُبيبات الأيام بإيقاع مُتناغم قدر مُستطاعها، بريق العينين الذى لم يفصح أبدا عن مكنون أعماقه ، ظل ّ هو هو فى المستطيل الذى يُزين الجدار ، هالة الوقار تبسط ظلالها على زوايا الصورة كما لو كان يدب الآن متوجها إلى المسجد أو دكانه حيث أذاب كل الأيام التى كانت له. الهدوء نفسه والسكينة تغمر المكان حتى كأن أنفاسه لازالت تهجع هنا ، كما لو انه لم يغادر أصلا . 2 صمت عميق يُجلل الهيكل الذى ضمُر ، سقط الفك الأسفل وتصلبت الاطراف التى أضحت شمعية صقيعية، هاهو جسده مُسجى بلا دفء أنفاس يُعلن انسحابه النهائي مُجبرا . 3 كأنه لم يكن ، عادوا دونه ، أودعوه حفرة الفراغ، طمروا كدّه وأحلامه ، نور إيمانه الذى ظل علامته الفارقة . 4 قد نكون موتى بشكل ما ندب على البسيطة ، لكن زمنه المتأخر نمى فيه السكون بشكل فضيع جعل الموت معايشة لحظية تتخطر في حجرته ، بل تقتعد الزاوية غير مستعجلة الانصراف و إياه إلى الشق العميق هناك . تقلصت مساحاته المفترضة لتقتصر على أصغر حيز في غرفته التي ظل يمد فيها هيكله الذي ضمر و ذبل . ليست حاجة إلى وحدة مرغوبة لكنها تبذو وحدة مفروضة دفعت بها هذه الزمنية العاتية من العطب الذي أصاب ماكينة الجسد و أقعده فوق حشية على الأرض ، هذا التمدد الغافي لجسد ينتظر غير مستعجل الرحيل . طية التغضنات التي زحفت ، توارى البريق الذي عمّر في العينين لعقود طويلة ، كلها تتجابه الآن في حيزه الجسدي المهدد بالإندحار ، هل يُسقط جسدنا أقنعته الآن و نحن على مشارف هاوية الانخساف الكلي أم هي حتمية التلاشى و الاندثار تسلك طريقها الاعتيادي و القرباني .؟ ربما هي حقيقة جسدنا المفضية إلى الهباء؟ قوة ممزقة ، لغة غائبة تعوضها إماءات موضحة معضضة لهذا القصور الكلامي ، ما الذي ظل مضمرا في العمق و لم يفصح عنه ؟ ليس بالضرورة فزع الفناء الذي ينتصب في مواجهة هيكله المنهد ربما هو التلاشي الرتيب ، الصمت الزاحف على الأعضاء بتؤدة رهيبة هي روحه الفردية تتلاشي بهدوء مدمر تتحسر على كل ما قد مر، تشرع بوابتها الحميمية على مجاهل لا نستشرفها بحواسنا الأرضية . تعبر إلى سرمديتها و كأن شيئا لم يكن أصلا . 5 هذه الاعتيادية التي طبعت مسلكه ، صيّرت وجوده جزئية بسيطة في بنيان شاهق ممتد ، هل تحتاج منا إلى ملاحقة و تدوين ؟ في منحى ما نعم كي نستشف هذا الخواء الرهيب الذي ينتظرنا في المنعطف الحياتي ، كي نقف مبهورين و لو للحظة متلاشية في الزمن كي نفتح أعيننا على وسعهما و ننظر إلى كل هذا و إلى أين يجرفنا . لا عبر هناك نستشعرها وحده الحزن و الخواء يفردا جانحي المهابة في المكان غير مستشعرين وحدتنا القاسية ... دموعنا المتحجرة ... جزعنا الكبير لرحيله الأبدي . 6 نحن من نشكل صورنا ، نخلق جنتنا أو جحيمنا ، نحلق عاليا في مساحة صغيرة من السماء نعبرها باحثين عن الخيوط الواصلة بساعة الوقت ماذا تضم صحيفة أيامه ؟ صورة مقتطعة من ألبوم عائلي ، شجرة أنساب مقتدة من حجر ، مناقب و شيء من عزلة آه ... خريف 2015