عاشت المجازر البلدية للدارالبيضاء، خلال السنين الأخيرة، على إيقاع النقائص التدبيرية الحادة، والتي شكلت مبعث انتقادات من قبل المهنيين تحولت أحيانا إلى وقفات احتجاجية، بهدف التنبيه إلى أن دائرة الاختلال آخذة في الاتساع، وعلى الجهات المسؤولة، من سلطات محلية ومنتخبة، ممثلة في مجلس المدينة، التدخل لوقف النزيف تجنبا للأسوأ، الذي قد يحمل في طياته أضرارا جسيمة تؤذي صحة الملايين ، من قاطني المدينة و زائريها من «أبناء البلد» وكذا الأجانب من شتى الجنسيات عاشت المجازر البلدية للدارالبيضاء، خلال السنين الأخيرة، على إيقاع النقائص التدبيرية الحادة، والتي شكلت مبعث انتقادات من قبل المهنيين تحولت أحيانا إلى وقفات احتجاجية، بهدف التنبيه إلى أن دائرة الاختلال آخذة في الاتساع، وعلى الجهات المسؤولة، من سلطات محلية ومنتخبة، ممثلة في مجلس المدينة، التدخل لوقف النزيف تجنبا للأسوأ، الذي قد يحمل في طياته أضرارا جسيمة تؤذي صحة الملايين ، من قاطني المدينة و زائريها من «أبناء البلد» وكذا الأجانب من شتى الجنسيات. اختلالات رافقت الإشراف على تسيير هذا المرفق الحيوي في نسختيه الإسبانية والتركية، اللتين استنجد بهما «أصحاب القرار الجماعي» المنتهية ولاية بعضهم – مادام البعض الآخر أضحى لاعبا رئيسيا في التشكيلة الجديدة - على أمل الاستفادة من الخبرة الأجنبية لتجاوز ثغرات التدبير «الكلاسيكي» المتبع قبل ترحيل المجازر البلدية صوب مقرها الجديد ، لكن النتيجة كانت عكس ذلك تماما! وضع حاول مسؤولو المدينة تداركه، خلال السنة المنصرمة 2014 ، من خلال وصفة «شركة التنمية» التي أسندت لها مهام تدبير هذا المرفق، وهي خطوة لا تعفي من مساءلة مدبري الشأن المحلي البيضاوي «الجدد» حول مدى توفرهم على خطط عملية لجعل كلمة المجلس الجماعي مسموعة لدى الطرف الآخر، من خلال الحرص أولا على احترام بنود دفتر التحملات بشكل لا لبس فيه ، وحتى لا يكون دوره شبيها بما كان عليه في «الولاية السالفة»، لا يتجاوز الطابع «الرمزي» المؤشر عليه في الاتفاقات المبرمة فقط؟ خطط بإمكانها طمأنة البيضاويين، وغيرهم، بخصوص «جودة اللحوم المستهلكة» وخلوها من كل ما من شأنه الإضرار بصحتهم، وفي الآن ذاته وضع حد لنشاط «لوبي» الذبيحة السرية التي يلج «لحمها» موائد آلاف الأسر من «نوافذ عديدة» ؟ هذا دون إغفال، استفادة خزينة المدينة من المستحقات المالية، وبالأرقام الحقيقية للدورة الإنتاجية لا «المصطنعة»، تفاديا لأي تلويح بورقة «إفلاس» أو «عجز» تتوخى الهروب إلى الأمام والالتفاف على أسئلة المحاسبة؟ مسارات العبث بمرفق حيوي ذي ارتباط بالصحة العامة شكل يوم 18 ماي 2002 بداية عمل الشركة الإسبانية GVGB كمسيرة للمجازر البلدية الجديدة للدار البيضاء، وبعد شهور، ارتفعت أصوات المهنيين بشأن ‘عدم مهنية" الشركة، وما اعتبروه «خروقات تقنية ومالية«، انتقادات وصفها مسؤولون جماعيون أنذاك ب «المتسرعة ويرفض أصحابها العصرنة والتطور». ورد المهنيون مطلع 2005 بتقرير تضمن " خروقات الشركة الاسبانية"، تلته وقفات احتجاجية ، انتهت بتفجير "فضيحة استخلاص رسوم خيالية من المهنيين، غير مضمنة بدفتر التحملات وغير مشرعة بقرار جبائي جماعي"، قبل أن تنتهي المواجهة بإضراب المهنيين في أبريل سنة 2007، أفضى إلى إيفاد لجنة للمراقبة من قبل وزارة الداخلية والمجلس الجهوي للحسابات وقفت على مجموعة من "الاختلالات والتجاوزات المالية والتقنية التي كانت تقوم بها الشركة الإسبانية في غياب تام لأية مراقبة من قبل مجلس المدينة" ، وهي الخروقات التي وردت في تقرير المجلس الأعلى للحسابات لسنة 2008. بعد ذلك جاءت مرحلة التدبير التركي التي انطلقت في 18 ماي 2008 من خلال تفويت صفقة تدبير وتسيير المجازر البلدية للشركة التركية "انلير المغرب"، صفقة لم تخل من الانتقاد - حسب مصدر من نقابة القصابة بولاية الدارالبيضاء التابعة للاتحاد العام للمقاولات والمهن - جراء "عدم التزام مكتب مجلس المدينة باختيار شركة مسيرة تتوفر فيها المعايير والمواصفات المفروضة من خلال دفتر التحملات المصادق عليه من طرف المجلس الجماعي ووزارة الداخلية، والذي ينص على ضرورة التوفر، على الكفاءة المهنية، و التجربة والتخصص في ميدان الذبح وتسيير المجازر والصناعة التحويلية للحوم... حيث أن مفاجأة المهنيين كانت كبيرة – يضيف المصدر ذاته - عندما اكتشفوا أن الأتراك لا خبرة لهم ولا تخصص في مجال الذبح وتسيير المجازر، والمسؤول المباشر عنها يمتهن طب الأسنان"! مفاجأة جعلت نقابة القصابة تراسل مختلف الجهات مركزيا وجهويا ومحليا، من أجل "فتح تحقيق بخصوص الطريقة الغامضة التي تم بها تفويت الصفقة" ، لكن رد رئيس المجلس الجماعي تمثل "في طرد وسحب بطاقة قصاب من 3 تجار بالجملة من ممثلي المهنيين بالمجازر البلدية"؟. وشملت "تجاوزات" التدبير التركي جوانب عدة منها المالي والتقني والاجتماعي. وتتجسد عناوين الشق المالي في "الضمانات" الواجب وضعها لدى الخزينة الجماعية من قبل الشركة المفوض لها تسيير وتدبير المجازر البلدية قبل وبعد حصولها على صفقة التدبير المفوض، لكن إلى حدود نونبر سنة 2010 فإن الشركة التركية لم تقم بوضع بعض الضمانات المنصوص عليها بدفتر التحملات، «مما يبرز – حسب المهنيين - تقاعس مكتب مجلس المدينة ومصلحة التتبع بالمجازر التابعة له في ضمان وحماية حقوق الجماعة. كما أن الضمانة المقدرة ب10 ملايين درهم لم يتم وضعها إلا في أواخر سنة 2009»، مضيفين " أكثر من ذلك، أقدمت الشركة التركية على اقتراض مبلغ بقيمة مليوني درهم من أحد البنوك لاستكمال مبلغ الضمانة"! تنازلات تضر ب "الصالح العام" في السياق ذاته ، وبقراءة القرار الجبائي المصادق عليه من طرف مجلس المدينة سنة 2008، يلاحظ المتتبع أن الجماعة تنازلت عن جزء من مداخيلها لصالح الشركة التركية، بحجة أن هذه الأخيرة كانت هي الوحيدة التي تقدمت لهذه الصفقة، وهو ما اعتبره المهنيون "خطة، قامت بها بعض العناصر النافذة لترسو الصفقة على شركة "أنلير المغرب" بالذات"، "فقد تنازلت الجماعة عن 0,97 درهم عن كل كلغ لصالح الأتراك، إذ أن الشركة الاسبانية كانت تستخلص من الجزارين مقابل خدماتها 0,72 درهم عن الكيلوغرام الواحد، أما الشركة التركية فكانت تستخلص منهم 1,69 درهم عن كل كلغ". وبخصوص إنتاجية المجازر خلال سنتي 2009 و2010 والمقدرة ب 51,765 طنا، فإن الشركة التركية قد حققت مدخولا قدره 50,212,050 درهما، فقط عبر ما تنازلت عنه الجماعة لصالحها من خلال 0,97 درهم عن كل كلغ، وهو مبلغ يتجاوز بكثير مبلغ الاستثمار والضمانات معا، مما يدفع إلى طرح السؤال، يقول مهنيون ، حول السر من وراء وضع شروط تعجيزية لإقصاء الشركات المغربية؟ وما يزيد الوضع غرابة أن مجلس المدينة تغاضى عن معطى أساسي، وهو أن تركيا ليست لديها مجازر خاصة، بل إنها تعتمد نفس الأسلوب المعتمد بالمغرب، والمجسد في كون البلديات هي التي تسير وتدبر المجازر؟ وحسب المصادر ذاتها، فإن الشركة التركية لم تسدد قيمة واجب الضمان الاجتماعي وكذا المبالغ المستحقة عن الضريبة على القيمة المضافة منذ مارس 2009 إلى غاية يوليوز 2009، رغم أن كميات الإنتاج خلال هذه الفترة كانت جد مرتفعة؟ وضع "دموي " يثير أكثر من سؤال ؟ سبق للمهنيين أن دقوا ناقوس الخطر بشأن الوضعية التي أضحت عليها تجهيزات المجازر تحت "المظلة التركية" - ندرج نماذج منها على سبيل التمثيل لا الحصر - ف"عدد آلات الضغط بالمجازر – وفق تقرير نقابي - يتجاوز 30 آلة منها ما يتجاوز مقياس ضغطها 26,5 بار) 26,5 Bars، (هي تضم كميات كبيرة من مادة الأمونياك NH3 في حالته السائلة والغازية، وكذلك خزانات "الهواء المضغوط"، والتقاعس في صيانتها جعلها تشكل خطرا جسيما على المنطقة التي توجد بها المجازر برمتها، علما بأن هناك تقريرا لمكتب المراقبة "فيريتاس " سنة 2010 ، منع الشركة التركية من استخدام هذه الآلات إلى حين القيام بتحليل أو "اختبار هيدروليكي"، بحكم أن الخزانات تجاوزت 10 سنوات، غير أن الشركة التركية لم تأخذ هذا الانتباه بعين الاعتبار"، تنضاف إلى ذلك وضعية تجهيزات أخرى ك: "صمامات الأمان، مولد الكهرباء... " التي عانت من الأعطاب وغياب الصيانة" . "محطة معالجة الدماء" المزودة بأحدث التقنيات، والتي من المفترض أن تحمل الدماء إلى المحطة عبر مضخات وضعت لهذا الغرض، فإن الشركة التركية، وللنقص من المصاريف، كانت تقوم برمي الدماء مباشرة في مجاري المياه العادمة، وهي عملية تؤثر سلبا على صحة المواطنين، لما يسببه الدم من تلوثات بسبب البكتيريات المصاحبة له. كما أن المجازر تتوفر على محطة لتصفية المياه العادمة، غير أنه لم يتم تشغيلها، حيث كانت الشركة تقوم بإدخال المياه المختلطة بالدماء إلى المحطة ليتم قذفها عبر قنوات الوادي الحار من "مخرج سري" مخصص لذلك دون تصفية المياه ، إلى جانب أنها لم تقتن أي مواد كيماوية لمعالجة الدماء، مع العلم أن كمية المياه التي تستهلك داخل المجازر البلدية تتجاوز 600 متر مكعب في اليوم، بالإضاقة إلى الدماء الناتجة عن عملية الذبح؟ الشركة التركية لم تحترم ،أيضا، المدة التي حددت لها قصد تقديم برنامجها الاستثماري وهي 3 أشهر، كما أنها لم تراع المدة المخصصة لها من أجل بناء قاعتي بيع اللحوم وبيع السقط واللتين من المفروض إنجازهما قبل نهاية السنة الثانية من فترة الاستغلال! هذا ويبقى لافتا، واستحضارا لخطورة النقائص السالف ذكرها، أن أحد فصول دفتر التحملات، يشير إلى أن "مجلس المدينة قد وضع داخل المجازر البلدية مصلحة لمراقبة وتتبع التدبير المفوض لهذا المرفق، وأعطاها مجموعة من الصلاحيات، التي تخول لها الحق في مراقبة الوثائق والآليات... ". فلماذا لم تقم هذه المصلحة بدورها في مراقبة الشركة المسيرة تقنيا وماليا؟ أكثر من ذلك – وكما قال مهنيون - " نصبت نفسها ،غير ما مرة ، محامية عن تدبيرها وتسييرها، رافضة الاعتراف بوجود أية اختلالات ؟ ". ترى هل هناك إرادة حقيقية للقطع مع عهد "التجارب الفاشلة"، أم أن المستفيدين الأبديين من "سياسة اللاوضوح"، سينجحون، مرة أخرى، في إبقاء "رواج" مرفق المجازر البلدية بعيدا عن عين "الرقيب الجماعي"؟