انتقادات تخص جوانب التسيير والتدبير ومدى احترام دفاتر التحملات قررت الشركة التركية «أنلير المغرب»، المكلفة بالتدبير المفوض للمجازر الحضرية للدار البيضاء، فسخ العقدة التي تربطها بالمجلس الجماعي، بعد أن وجهت لها انتقادات كثيرة من طرف أوساط نقابية طيلة السنوات الأخيرة، تتمثل في مجموعة من الاختلالات والتجاوزات شابت مجال التسيير إضافة لعدم احترامها دفتر التحملات. وإلى حدود الآن، تجهل الأسباب الحقيقية لهذا القرار المفاجئ الذي اعتبرته بعض المصادر من المكتب المسير للمجلس الجماعي للدار البيضاء إخلالا بالعقد المبرم بين الشركة التركية ومجلس المدينة، والذي يمتد على عشر سنوات (2008 - 2018). وفور توصل المجلس الجماعي للدار البيضاء بقرار فسخ العقد، عقد مجلس المدينة والسلطات المحلية والمصالح البيطرية اجتماعات مسترسلة بمقر الولاية وبعمالة مقاطعات مولاي رشيد، أفضت إلى اتخاذ جملة من الإجراءات والترتيبات الأولية من ضمنها وضع طاقم إداري وبيطري للإشراف على المجازر الحضرية إلى حين اتخاذ القرار النهائي الذي يتماشى والقوانين المنظمة لسير هذا المرفق الجماعي. وصلة بالموضوع، عقد المكتب النقابي للقصابة للاتحاد العام للمقاولات والمهن، يوم الأربعاء 06 غشت الجاري، اجتماعا طارئا، لمناقشة الطلب المفاجأ للشركة التركية «أنلير المغرب» المفوض لها تدبير قطاع المجازر والقاضي بفسخ عقدة التسيير قبل نهاية موعدها بأربعة سنوات. وقال عضو بالمكتب النقابي لبيان اليوم إنه سبق لممثلي القصابة أن دقوا ناقوس الخطر بخصوص عدم قدرة الشركة التركية على تسيير المجازر البلدية ل «عدم مهنيتها، ولكونها لا ترغب إطلاقا في تطوير إنتاجية المجازر البلدية والقيام بالاستثمارات التي نص عليها دفتر التحملات، ولا تحترم بنود دفتر التحملات بخصوص وضع الضمانات»، مضيفا أن «هناك تلاعبات مالية خطيرة تقوم بها، طالبنا منذ مدة الوقوف عليها بإيفاد لجنة من وزارة الداخلية للتحقيق وتحديد الجهات التي تواطأت مع الشركة التركية وسهلت لها وساعدتها على إيصال المجازر إلى الحالة الكارثية التي أصبحت عليها، وكذلك الجهات التي كانت تساهم في تغليط السلطات والمجلس عن حقيقة الشركة التركية ووضعية المجازر». بل أكثر من ذلك، يقول مصدرنا، « نطالب برفع دعوى قضائية ضد الشركة التركية لعدم التزامها ببنود دفتر التحملات خصوصا البند المتعلق بضمان استمرارية عمل المجازر». هذا، وكان المكتب النقابي للقصابة، قد كشف قبل سنوات عن مجموعة من الخروقات والتجاوزات شابت تسيير المجازر الجديدة لمدينة الدارالبيضاء، في عهد الشركة التركية «أنلير المغرب» التي فوتت لها صفقة تسيير هذه المجازر منذ 18 ماي 2008 لمدة عشر سنوات. وشملت هذه الخروقات، التي صدرت آنذاك في تقرير معزز بالأرقام والصور، جوانب مالية وتقنية وجوانب أخرى. فعلى المستوى المالي، أفاد التقرير أنه إلى حدود شهر نونبر من سنة 2010، لم تقم الشركة التركية بوضع الضمانات المنصوص عليها في دفتر التحملات، مما يبين تهاون وتقاعس مكتب مجلس المدينة، كما أن الضمانة المقدرة ب 10 ملايين درهما لم يتم وضعها إلا في أواخر سنة 2009، بعد أن اقترضت الشركة من أحد البنوك المغربية مبلغا بقيمة مليوني درهما لاستكمال مبلغ الضمانة، في حين أنها كانت ملزمة بوضع مبلغ الضمانة مباشرة بعد أن نالت الصفقة. كما أشار التقرير إلى أن المفاوضات آنذاك مع هذه الشركة، أفضت إلى تنازل المجلس الجماعي للدار البيضاء على جزء من مداخيله لصالح الشركة، حتى يتسنى لها القيام بالاستثمار داخل المجازر لبناء قاعتين لبيع اللحوم ولبيع السقط، وإصلاح وتجديد الآليات والبنايات وقنوات الصرف الصحي والمياه العادمة، حيث تنازل المجلس على 0.97 درهم عن كل كيلوغرام لصالح الشركة، علما أن الشركة الإسبانية، التي استفادت من صفقة تسيير المجازر في وقت سابق، كانت تستخلص من الجزارين مقابل خدماتها فقط 0.72 درهم عن كل كلغ، في حين أن الشركة التركية تستخلص من المهنيين مقابل خدماتها 1.69 درهما عن كل كلغ. وفيما يتعلق بالبرنامج الاستثماري للشركة داخل المجازر، سجل التقرير أن قيمة استثمار الشركة طيلة عشر سنوات (مدة العقد)، لن يتجاوز 15 مليون درهما، في حين أنه بالرجوع إلى إنتاجية المجازر خلال سنتي 2009 و2010، والمقدرة ب 51.765 طن، فإن الشركة التركية، قد حققت مدخولا قدره 50.212.050 درهما فقط من خلال تنازل المجلس الجماعي على نسبة 0.97 درهم عن كل كلغ لصالحها، أي ما يقارب 26 مليار سنتيم في مدة 10 سنوات. مما يدفع - حسب ذات التقرير- إلى القول إن عملية منح هذه الصفقة للشركة التركية، كانت تحكمها خلفيات أخرى، خصوصا وأن هذه الشركة، لا تتوفر على أي تجربة في ميدان تسيير وتدبير المجازر. وعلى المستوى التقني، سجل التقرير، عدم احترام الشركة، لمجموعة من بنود دفتر التحملات، مما أصبح يشكل خطرا على المجازر ومستعمليها وكذلك على الأحياء السكنية المحيطة بها. وقدم التقرير مجموعة من الأمثلة، ضمنها، آلات الضغط التي يتجاوز عددها 30 آلة، وتحوي كميات كبيرة من مادة الأمونياك (NH3) في حالته السائلة والغازية، وكذلك خزانات الهواء المضغوط. ونظرا لعدم صيانة هذه الآلات، فإنها أصبحت مصدر تهديد خطير، خصوصا وأن هناك تقريرا لمكتب للمراقبة قضى بمنع الشركة التركية، في سنة 2010، من استخدام هذه الآلات إلى حين القيام بتحليل أو اختبار هيدروليكي، بحكم أن الخزانات تجاوزت عشر سنوات. كما نبه ذات المكتب، إلى ضرورة القيام بمراقبة وقياس وصيانة موازنة صمامات السخانات التي تصل درجة الحرارة بالنسبة لكل واحدة منها إلى 105 درجة، ونفس الشيء بالنسبة لصمامات خزانات الهواء، غير أن الشركة المسيرة لم تعر هذه التحذيرات أي اهتمام.