يعيش مرضى الثلاسيميا منذ شهور، معاناة متعددة الأوجه رفقة ذويهم، الذين تتضاعف آلامهم وهم يعاينون فلذات أكبادهم الذين يئنون وتزداد وضعيتهم الصحية تدهورا يوما عن يوم، نتيجة لعدم قدرتهم على توفير الدواء الذي تكلفت وزارة الصحة بمنحه لهم بالمجان، وإن عرفت عملية التوزيع تباينا بين مناطق المغرب في وقت سابق، إذ في الوقت الذي كانت تستفيد فيه مناطق بعينها كانت أخرى غير معنية به، منذ سنة 2013، في حين أضحى الوضع اليوم أكثر قتامة لحرمان العديد من المرضى من الدواء على امتداد مدن طنجة، تطوان والعرائش التي، يقول عبد الواحد البوسكسي، نائب رئيس جمعية الشفاء للثلاسيميا والأنيميا المنجلية بطنجة، لم تشملها الاستفادة، وانضافت إليها مدن كانت «محظوظة» قبل أن تعيش نفس الوضع منذ شهور والتي تتواجد بشرق المملكة. مرضى يعانون بشمال المملكة وبشرقها بكل من وجدة والحسيمة، ولايستطيعون سبيلا إلى الدواء الذي يصل ثمنه إلى 4860 درهما، كما هو الشأن بالنسبة لنوع من فئة 500 ملغ الذي يضم 28 قرصا، قد تكون كافية لمن يتناول حبّة واحدة تذاب في الماء يوميا، في حين أن هناك مرضى يتطلب وضعهم الصحي أكثر من علبة، مما يزيد من معاناتهم المادية والمعنوية على حدّ سواء، وهو ما جعل أمهات وآباء المرضى، يقول البوسكسي، يوجهون نداء استغاثة لإنقاذ فلذات أكبادهم، مشددا على أن صوت المتضررين هو ضعيف ولاصدى له، خاصة وأن الجمعية الفتية هي مشكلة من أقارب المرضى وحدهم دون مساندة من أي جهة كانت؟ من جهتها سميرة اليماني، رئيسة الجمعية المغربية للثلاسيميا والأنيميا المنجلية، أكدت أن مشكل توزيع الدواء يختلف من مركز استشفائي إلى آخر، وفقا لتدبير كل مؤسسة صحية، مشددة على أن هذه الفئة هي في حاجة إلى رعاية وتكفل شاملين، وأن التداعيات التي يكون المريض عرضة لها هي متعددة في حالة ما إذا لم يأخذ العلاج، على اعتبار أن الحديد الزائد الذي يتراكم في جميع الأعضاء مثل الكبد، والطحال، يسبب انتفاخهما وتعرضهما لأمراض، وأيضا تراكمه في القلب، مما يتسبب في أمراض قلبية، كما أن هؤلاء المرضى هم معرضون للإصابة بداء السكري وعدة أمراض أخرى. وإذا لم يتم تلقي العلاج وتسريع الاستشفاء وأخذ الأدوية الضرورية بشكل منتظم، فإنهم يكونون عرضة للموت المحتم. وتشير التقديرات إلى أن هناك ما بين 1000 و 1500 مريض، في ظل غياب أرقام مضبوطة صادرة عن وزارة الصحة التي تفتقد لإحصائيات في هذا الصدد، على اعتبار أن الأرقام التي قد تتوفر عليها تهمّ فقط المراكز الاستشفائية الجامعية، في حين أن المرضى الذين يتوجهون إلى مؤسسات صحية صغرى، أو مصحات خاصة، أو الذين يجهلون مرضهم ويتعذر عليهم الولوج إلى العلاج، هم خارج أي تصنيف في هذا الصدد. وتعد الثلاسيميا مرضا وراثيا يؤدي إلى تكسر سريع في خلايا الدم الحمراء ونقص كمية الأوكسجين التي تصل إلى أجزاء الجسم المختلفة، ويتعين على المصاب به الخضوع لعملية نقل الدم مرة كل شهر مدى الحياة وتناول الأدوية «مشطبات الحديد» بصفة يومية، ويتسبب هذا الداء في خلل في القلب والكبد والبنكرياس والغدد الصماء، بالإضافة إلى قصور في التنفس وخفقان القلب والإرهاق وكبر عظام المصاب بسبب زيادة إنتاج كريات الدم الحمراء في النخاع.