الثلاسيميا : جين وراثي يسبب المعاناة للأطفال والآباء معا حددت منظمة الصحة العالمية يوم 8 مايو من كل عام ليكون اليوم العالمي للثلاسيميا بهدف نشر الوعي بهذا المرض وكيفية تفاديه، وطريقة انتقاله. ورغم انتشار مرض الثلاسيميا في جميع أنحاء العالم، إلا أنه يظهر بشكل أكبر في بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط، ومنه اكتسب اسمه الثاني «أنيميا حوض المتوسط». وأول من تعرف على المرض، هو الطبيب كولي عام 1925، حين شخص حالات لمرضى يعانون فقر دم شديد، ومجموعة أعراض لتشوهات العظام وموت المصاب في نهاية المطاف. والثلاسيميا، كلمة يونانية الأصل، تعني فقر دم منطقة البحر الأبيض المتوسط ، ويعرف أيضاً باسم أنيميا البحر المتوسط وفي الولاياتالمتحدةالأمريكية كان يعرف باسم أنيميا كوليز. وينتج المرض عن خلل وراثي انحلالي، يؤدي إلى نقص حاد في إنتاج بروتينات خاصة في الدم تسمى الغلوبين، وهو المكون الرئيسي للهيموغلوبين الموجود في خلايا الدم الحمراء. ومادة الهيموغلوبين هي المسؤولة عن حمل الأوكسجين من الرئتين إلى مختلف أجزاء الجسم، وبالنتيجة يؤدي نقص الهيموغلوبين إلى فقر دم (أنيميا)، وتكسر سريع في خلايا الدم الحمراء، ونقص كمية الأوكسجين التي تصل أجزاء الجسم المختلفة. وتنتقل السمة المسببة للثلاسيميا من الآباء للأبناء، عن طريق الجينات المسؤولة عن نقل الصفات، فيحدث المرض وتبدأ مضاعفاته ولا بد أن يجتمع في جسم الشخص المصاب جينان يحملان هذه السمة، واحد من الأب والآخر من الأم. لذلك يعزز زواج الأقارب من فرص الإصابة بفقر الدم، لارتفاع احتمالية أن يكون لدى الأقارب نفس الجين الذي يحمل سمة المرض مع العلم أن مرض الثلاسيميا من الأمراض غير المعدية. أعراض الثلاسيميا تظهر اعراض الإصابة على المريض خلال السنة الأولى من العمر فبعد ولادة الطفل بفترة (3-6 شهور). ونتيجة لتكسر خلايا الدم الحمراء المبكر تبدأ الأعراض بالظهور على النحو التالي ''شحوب البشرة، مع اصفرار أحياناً، والتأخر في النمو، وضعف الشهية، وإصابات متكررة بالالتهابات. ومع استمراره تظهر أعراض أخرى؛ كالتغير في شكل العظام، خصوصاً عظام الوجه والوجنتين، وتصبح ملامح الوجه مميزة، ويحدث تضخم في الطحال والكبد، ويتأخر نمو الطفل. أما في الحالات البسيطة (لدى حاملي المرض)، فقد يحدث فقر دم بسيط بدرجة لا يكون فيها بادياً للعيان ويعيش صاحبه بشكل طبيعي جداً ولا يحتاج إلى علاج، وقد لا تكتشف هذه الحالات إلا بالصدفة. و يكثر انتشار المرض في مناطق مختلفة من العالم، خاصة في المناطق التالية: حوض البحر الأبيض المتوسط والدول المطلة عليه، ومنطقة الخليج العربي، ومنطقة الشرق الأوسط وتشمل إيرا ، العراق سوريا الأردن وفلسطين، ومنطقة شمال إفريقيا وتشمل مصر، تونس، الجزائر المغرب، ومنطقة شبه القارة الهندية. أنواع الثلاسيميا للثلاسيميا نوعان، أولها الصغرى التي تظهر سمتها عندما يرث شخص جين الثلاسيميا من أحد والديه وجين هيموغلوبين طبيعي من الوالد الآخر، وفي هذه الحالة يكون الشخص الذي يحمل السمة طبيعي وفي العادة لا يعلم بحمله لها، ولأن المرض وراثي قد ينقل الإنسان السمة إلى أولاده. والنوع الثاني هو الثلاسيميا الكبرى، التي تظهر عندما يرث شخص جينين للثلاسيميا (جين من كل والد) وهو خطير جدا، ويظهر الطفل المصاب به طبيعيا عند الولادة، وتبدأ الأعراض بالظهور في الأشهر الأولى من العمر كشحوب الجلد مع فقر دم (الأنيميا)، وضعف الشهية، والخمول، وتضخم الطحال. آلية عمل المرض وتؤثر الثلاسيميا على عمر خلايا الدم الحمراء، حيث تحصل طفرة في مكونات الهيموجلوبين ما يؤدي لتكسر هذه الخلايا، ويحاول الجسم تعويض النقص عن طريق زيادة التكاثر وبالتالي تصبح كثير من عظام الجسم مصنعاً للنخاع العظمي ما يؤدي إلى انتفاخ جمجمة الرأس وتضخم الطحال والكبد. لكن الإنتاج الكبير من خلايا الدم الحمراء، يفشل في تعويض التكسر ويتم نقل الدم إلى المريض بصفة مستمرة بمعدل (3 - 4) أسابيع، ويخضع المرضى للعلاج مدى الحياة. ويصاحب نقل الدم -عادة- ازدياد الحديد في جسم المصاب، ما يسبب ضررا بالغا للكبد والقلب. وقد يتعرض المصابون بهذا المرض إلى الوفاة إلا إذا أجريت لهم عملية زرع نخاع جديدة، مع العلم أن هذه العملية باهظة الثمن ونسبة الخطر فيها ما زالت مرتفعة. احتمالات الإصابة تتحدد احتمالية ولادة أطفال مصابين أو حاملين لهذا المرض، تبعا لوجود سمة المرض في أحد الوالدين أو كليهما معا. فإذا تزوج شخص سليم (لا يحمل الجين الحامل لسمة الثلاسيميا) بشخص يحمل الجين الذي به الخلل، لا توجد أي احتمالية لولادة طفل مريض. أما إذا تزوج شخصان يحملان سمة الثلاسيميا (أي أن بكل منهما جينا واحدا فقط يحمل هذه السمة) فهناك احتمال 25% من كل ولادة لمجيء طفل سليم تماما ولا يحمل أي جين به سمة الثلاسيميا. واحتمال 50% من كل ولادة لمجيء طفل يحمل جينا واحدا به سمة المرض فيكون حاملا له، واحتمالية 25% من كل ولادة لمجيء طفل مصاب بالثلاسيمي (مريض) أي يحمل الجينين المصابين معا. سبل الوقاية بالإمكان تجنيب أبنائنا هذا المرض الخطير عن طريق ''فحص ما قبل الزواج'' حيث يقوم أحد ألشخصين المقبلين على الزواج بإجراء الفحص، وفي حالة حمله للسمة الجينية يقوم الآخر بالفحص. وإذا لم يكن ''حاملا'' أو إذا ثبت خلوه من السمة الجينية فلا يوجد هناك إمكانية بان يولد طفل مريض. أي إذا كان أحد الوالدين فقط يحمل السمة، أو كانا كلاهما خاليين من السمة فبإمكانهما إتمام الزواج دون الخوف على صحة الأطفال. ويساعد فحص المقبلين على الزواج على تحديد نسبة احتمالات المرض، من خلال فحص نسبة الهيموجلوبين في الدم وحجم خلايا الدم الحمراء، ما يحدد إمكانية نقل المرض للأبناء.