حملت بوادر إعداد سياسة وطنية مندمجة للشباب منذ ستة سنوات،عزم الحكومة فصل معالجة قضايا الشباب عن السياق التقليدي الذي ابان عن فشله في التعاطي مع قضايا الشباب والاستجابة إلى احتياجاتهم وتطلعاتهم في جميع مناحي الحياة، وذلك بالعمل على صياغة أجندة وطنية لتنمية الشباب ، بمقاربة جديدة تستهدف فئة الشباب بصورة إجمالية وتروم تحسين مستوى حياتهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، وتمكنهم من تطوير قدراتهم للمساهمة في بناء المجتمع. سياسة قادرة على التجاوب مع شروط الإصلاح والتحول الديمقراطي والتنموي للمغرب، والذي يحتل فيه الشباب موقع الصدارة والتأطير والتوجيه من اجل تنمية مواطنته وتمكين مشاركته وحقوقه. وهو ما أكده جلالة الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة ثورة الملك والشعب وعيد الشباب 20 غشت 2012 : «» .... فإنه من غير المقبول اعتبار الشباب عبئا على المجتمع، وإنما يجب التعامل معه كطاقة فاعلة في تنميته. وهو ما يقتضي بلورة استراتيجية شاملة، من شأنها وضع حد لتشتت الخدمات القطاعية المقدمة للشباب، وذلك باعتماد سياسة تجمع، بشكل متناغم ومنسجم، مختلف هذه الخدمات.. « وعلى الرغم من الاهتمام المتزايد الذي بذل لإخراج هذه السياسة رغم تعثرها في سنواتها الأولى كونها كانت بعيدة عن استيعاب التحديات التي تواجهها فئة الشباب ظلت المعالجة لقضايا الشباب بطيئة وتقتصر على إنشاء برامج قطاعية مشتة ومفككة لا تلبي احتياجات الشباب . ان المطلوب اليوم هو التزام الحكومة بما أقرته وصرحت به مرارا وتكرارا ولم يطبق على مستوى تفعيل الإستراتيجية الوطنية المندمجة للشباب التي أصبحت بحاجة إلى ترجمة فعلية على ارض الواقع بعد أن تمت المصادقة عليها خلال المجلس الحكومي بتاريخ 3 ابريل 2014. . فهل ستعرب الحكومة عن جدية التزامها بالشباب وقضاياهم كجزء من أجندة الإصلاح الحكومي وتنشا هيئة حكومية بتفويض واضح وعلى أعلى مستوى لتنسيق العمل الوطني لعمل السياسة الوطنية للشباب؟، معززة بصلاحيات قوية ومباشرة مع القطاعات الحكومية الأخرى والشركاء الرئيسين المعنيين،قصد تأمين التعاون بينها لضمان مشاركة وتعاون جميع الفرقاء، تجنبا لمضيعة الوقت والموارد في سياسة لن تدخل حيز التنفيذ وتبقى حبرا على ورق؟ وفي ظل هذا الوضع الذي يفرض نفسه على القائمين بتفعيل هذه السياسة لضمان إطار التنفيذ عملي شمولي ومندمج بعيدا عن اعتماد الحلول المؤقتة والآنية لمشاكل الشباب، وجب التأكيد على ان هذه العملية مرتبطة بشكل عضوي بمستوى الممارسة وجدية التزام جميع الأطراف المعنيين بإعمال السياسة الوطنية المندمجة للشباب ،وعلى مصداقية وشرعية القرارات المتخذة من طرف فريق العمل في إدارة عملية التنفيذ. لان الخروج من تصور احتياجات الشباب الى تكريسها و إعمالها، يحتاج إلى خبرات وطنية في تنفيذ السياسات والاستراتيجيات الوطنية لأنه السبيل الأفضل لإعمال سياسة وطنية مندمجة للشباب عادلة ومنصفة في تعبيرها عن احتياجات الشباب ،و تتأسس على نهج تشاركي شامل قائم على قاعدة الحقوق والدلائل ،و تعالج تحليل الوقائع والاحتياجات الفعلية للشباب في تناغم تام مع أهداف موضوعية و عملية، و بتدابير محددة مطابقة للوقائع والمعطيات والموارد المتوفرة لتحقيق الأهداف التي تم وضعها . و إلا سنكون أمام ميزانية ترصدها الحكومة لأنشطة شبابية تفتقد مشاركتهم والتخطيط الاستراتيجي لمعالجة قضاياهم. إن تمتع هذه السياسة بحس الواقعية ا صبح يشكل تحديا للحكومة ويطرح أكثر من علامة استفهام لدى الرأي العام وخصوصا الشباب حول مصيرها، والذي لا يمكن الحسم فيه إلا باكتمال صيغتها النهائية والفعلية، مسندة إلى خطة عمل إجرائية تترجم فيها الأهداف القصيرة والمتوسطة المدى ، وكذلك التدابير والمؤشرات والمعايير والإجراءات المقترحة والميزانيات المرصودة لخلق اطار مناسب لترجمة هذه السياسة على ارض الواقع. إنها مناسبة لاختبار إرادة الحكومة الفعلية لإدماج هذه السياسة في صلب الخطة الوطنية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، و العمل على توفير آليات حسن التعاون بين الوزارات وعلى اعلى المستويات بإنشاء مجموعة عمل من كبار المسؤولين الحكوميين لكي يضمنوا حسن الأداء والمشاركة والتعاون في مراحل التنفيذ والرصد والتقييم، وكذا العمل على تفعيل إحداث المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، كآلية في مجال النهوض بقضايا الشباب في إطار مقاربة شمولية ومندمجة. إعمالا لمقتضيات الفصول 33،170 و171 من الدستور و تكريسا لدور المجلس في المساهمة، بمشاركة الشباب، في وضع المحاور الإستراتيجية لاعتماد سياسة تأخذ بعين الاعتبار تجسيد «المواطنة الكاملة للشباب» طبقا لتوجيهات الخطاب الملكي ل 20 غشت 2012.