الخاطرة الأولى : مباشرة بعد خطاب 20 غشت 2015 ، الذي توجه فيه الملك مباشرة الى الولاة والعمال وكل مسؤولي الإدارة الترابية ، محذرا إياهم من التراخي إزاء كل ما يمكن أن يفسد العملية الانتخابية ، من شراء للذمم ، واستعمال للأموال أو السلطة أو أي مؤثر آخر غير قانوني لاستمالة الناخبين .. مباشرة بعد ذلك ، دعت سلطات ولاية مكناس باسم الوالي ، الى اجتماع لوكلاء اللوائح ، ترأسه رئيس الشؤون الداخلية ، وحضره رئيس المحكمة الابتدائية ووكيل الملك بها ، وفي هذا الاجتماع شدد ممثل الوالي على أن السلطة المحلية بجميع مسؤوليها ومراتبها ، عازمة على محاربة كل أنواع التدليس الذي يستهدف الاختيار الحر للمواطن ، ويسيء الى سمعة البلاد بقتل النزاهة والشفافية ، وأن الحياد الايجابي للسلطة ، هو التطبيق الفعلي لخطاب جلالة الملك . وكوكيل للائحة الاتحاد الاشتراكي الجماعية بمكناس ، كنت أول المتدخلين ، وذكرت بأننا اعتدنا أن نسمع مثل هذا الخطاب ، الذي تردده السلطة بالحرف قبيل أية حملة انتخابية ، من دون أن نجد أثرا فعليا لكل تلك التعهدات على أرض الواقع .. ونخاف أن يكون اجتماعنا هذا مضيعة للوقت كسابقيه ، لكن ممثل الوالي ، وبنبرة الواثق ، سارع الى التأكيد على أن خطاب جلالة الملك ، سيتجسد على أرض الواقع ملموسا ، غير مجرد ، وذلك بالسهر على سلامة العملية الانتخابية ، وبالضرب بقوة على أيدي كل من سولت له نفسه المساس بهذا التمرين الديمقراطي الحاسم في مسار بلادنا . استسلمنا للوعود ، ولم نفق من الحلم إلا وأباطرة المال ، من مرتشين وتجار مخدرات ومشتطين ، قد أحكموا القبضة على رقاب المواطنين الفقراء يشترون ذممهم في واضحة النهار ، وأمام أعين السلطات المحلية والأمنية ، وذلك بطريقة ممنهجة ، في أكثر من تسعين في المائة من مراكز التصويت .. غامرت بحياتي فحاصرت اثنين من المستأجرين ، وهما يقومان بالدعاية ، يوم الاقتراع داخل مدرسة عقبة بن نافع ببرج مولاي عمر.. لكن ، ولا واحد من رجال الأمن والسلطة المحلية ، المكلفين بالحراسة بهذه المدرسة ، تحرك ؟؟ مما أفسح المجال للبلطجية الذين حرروا المتورطين ، ولولا ألطاف من الله ، لحدث ما لا يمكن أحد التكهن بعواقبه .. نفس السيناريو ، تكرر أمام مدرسة ابن حزم ، وعبد الله بن ياسين ، بل انه في هذه الأخيرة ، استوقفت سيارة رجال الأمن طويوطا رباعية الدفع ، بها خمسة أفراد ، من أجل التدخل لإيقاف مجموعة من الشباب كانوا يعترضون المارة ويسلمونهم أظرفة .. فكان الجواب « حنا شغلنا ايلى كاين شي بونية « ..و في مدرسة ولادة بنت المستكفي ، بمنطقة سيدي بابا ، كان المواطن يصوت تحت رحمة العضلات المفتولة ، مشفوعة بإغراءات المال ، وكانت المساومات تتم داخل ساحة هذه المدرسة دون حسيب أو رقيب .. رؤساء المكاتب جميعهم ، لم يفعلوا قرار منع إدخال الهاتف الى المخادع في جميع مكاتب التصويت ، حيث كان الناخب يصور الرمز الذي صوت عليه ، ليستلم المقابل النقدي في منازل كانت مخصصة لهذا النوع من النخاسة ..أعطيت بعض عناوينها لممثل الوالي ، ووالي الأمن .. دون جدوى لوقف نزيف السمسرة في المواطنين .. يضاف الى ذلك الحرمان المتعمد للعديد من الناخبين ، من التصويت بأساليب رخيصة .. في «مسرحية سخيفة» .. اسمها الانتخابات الجماعية والجهوية ؟ كل هذا العبث الانتخابي ، كان الهدف منه ، استنزاف وقت وطاقة المرشحين النزهاء ، إذا هم حاولوا الاحتجاج ، ليتركوا الباب مترعا للفاسدين يفسدون يوم 4 شتنبر ، كما شيء لهم أن يفسدوا؟ لم نظل مكتوفي الأيدي ، رفعنا الشكايات الى السلطات .. واستمع لنا في محاضر رسمية لدى الشرطة القضائية ..و عبرنا عن احتجاجنا مباشرة بمقر الولاية ، وداخلها وأمام كل مسؤوليها ، وصفت العملية برمتها بمذبحة الديمقراطية .. وكنت قاب قوسين أو أدنى من إعلان انسحابي من هذه المسرحية ؟ انتهى يوم الاقتراع ، وأنا أتساءل : هل كانت سلطات ولاية مكناس تطبق خطاب الملك ، وهي تقف عاجزة أمام المال والبلطجة والنفوذ ، وهم يسيؤون الى سمعة بلدنا ؟ الخاطرة الثانية : الناخب المكناسي ، صوت في أغلبيته على حزب العدالة والتنمية ، فأعطاه أغلبية مطلقة زائد 1، ومع ذلك قام هذا الحزب بإقحام ، حزب الحمامة في أغلبيته العددية ، ومنحه كراسي في مكتب التسيير؟ أتساءل هل الدافع الى هذا التحالف ، الذي لم يكن له من داع ، سببه افتقار حزب العدالة والتنمية الى الأطر الكفأة لتسيير الجماعة ، كما يقولون ؟ وفي هذه الحالة ، هل المستعان بهم من حزب الحمامة أكفاء مشهود لهم بالخبرة في تسيير الشأن المحلي ؟ أم أن العدالة والتنمية جاء كما يقول زعيمه لمحاربة الفساد وأن الفساد متسرطن في دهاليز هذه الجماعة ويحتاج الى معين على محاربته ؟؟ فوقع الاختيار على حزب التجمع ؟؟ و في هذه الحالة ، هل يتوفر هذا الاخير على تاريخ مشرف في محاربة الفساد ، سواء بمستشاريه الناجحين اليوم ، أو بمستشاريه الفارين خارج أرض الوطن هربا من العدالة ، أو بمستشاريه الذين قلبوا الفستة عشية الانتخابات ، وترشحوا بألوان حصانية ؟؟ أم أن حزب العدالة والتنمية ، بحث لنفسه منذ اليوم الأول ، على «المنديل» الذي يليق بمسح كل السلبيات فيه ؟ وعلى ذكر الفساد ، أوجه أنظار السيد الرئيس الجديد لمدينتنا ، مكناس ، الى أنه ليس من محاربة الفساد في شيء ، أن يكون بعض مستشاري حزبك ، يحتلون الملك العام ، ويحرمون المواطنين من قارعة الطريق ، ليوسعوا باحة مقاهيهم .. ؟ هو منظر مقرف يصادفك مباشرة ، من قبالة السينما الملكي ..؟؟ كما أوجه أنظاره أيضا الى بعض آخر من المستشارين ، لا يؤدون واجبات كراء المقهى التي في ملكية الجماعة ، وربما على ذمتهم اليوم ، عشرات الملايين ؟ كما أوجهه الى افتحاص مداخيل سوق الجملة للخضر والفواكه ، وسوق الحبوب ، والمجزرة البلدية .. ليفتح تحقيق للمقارنة بين أداء شركتي النظافة ، وبين ما يحتسب لصالحهما من فواتير بمئات ملايين الدراهم .. ولتجفيف منابع الفساد .. على الدكتور بوانو ، ان أراد أن يكون منسجما مع ما يرفعه من شعارات ، أن يجري حركة انتقالية في كل هذه المرافق ، يبعد فيها كل إخوة وأقارب وأصهار المستشارين الذين اعتادوا أن يسترزقوا من هذه المناصب المدرة للدخل .. على حساب إضعاف مداخيل الجماعة ؟ وليعلم السيد الرئيس ، أن امتياز استغلال «بارك» الحبول والمقهى الداخلي به ، قد منح في صفقة انتخابية من طرف نائب الرئيس السابق ، الذي خرج على المواطنين في حملته الانتخابية بلقب رجل أعمال ، وهو الذي دخل الجماعة سنة 92 معطلا بدون ألقاب ؟ كما أوجه أنظار الرئيس الجديد ، الى ذاك المطعم التحت أرضي بمركب الأحباس بباب بوعمايبر؟ .. هل تتوفر فيه معايير السلامة ؟؟ في ملكية من هو ؟؟ بأية أساليب تمت حيازته ؟ هذا إذا كان السيد بوانو صادقا ، وهو لا يمل من إعلانه الحرب على الفساد ، ولو أني متيقن من أن إعلان هذه الحرب، كان يمكن أن تعلن حتى والرئيس الحالي وفريقه في المعارضة ؟ الخاطرة الثالثة : مستشار لم يعرف إلا الالتصاق بالأغلبية كيفما اتفق ، منذ انتخابه أول مرة بجماعة المشور سنة 97 تحت يافطة حزب إداري .. وجد نفسه اليوم خارج دائرة التسيير ، فلم يعد أمامه لا بلان ولا بلانة ؟؟ فدفعته المرارة الى تفجير فضيحة أخلاقية ، ربما لم ينتبه لفضائحيتها الكثيرون .. حيث انه وبعد قضاء الأمور بين المصباح والحمامة ، وجد مستشار الحصان هذا ، نفسه خارج اللعبة ، فتناول الكلمة ، في اطار نقطة نظام ، ملأها بالعديد من الآيات القرآنية التي تحث على الوفاء ، وتمقت الخذلان وخيانة الأمانة ؟؟ معتبرا أن كلا من وكيلي المصباح والحمامة قد خذلاه ، عندما صرح أمام الملأ بأنه هو ووكيل لائحة الحصان ع. ل ، والرئيس الحالي وكيل لائحة المصباح عبد الله بوانو ، ووكيل لائحة الاستقلال النقيب الأنصاري ، قد اجتمعوا أثناء الحملة الانتخابية ، وتعاهدوا على أن يكون تحالف الأغلبية منهم لتسيير الجماعة مباشرة بعد إعلان النتائج ، ويعاتب وكيل المصباح ، على نقضه للعهد ؟؟ .. الفضيحة الأخلاقية هنا ، هي أن كلا من هؤلاء « المتحالفين « كان يطلب من الناخبين في العلن أن يمكنوه من الأغلبية ، ليسير ببرنامجه دون ابتزاز من أحد ؟؟ بينما كان يعقد صفقات التحالفات في الظلام بعيدا عن الناخب ، الذي لم يكن يهمه منه في الأول والأخير إلا صوته ؟؟ .. وهي فضيحة أخلاقية أيضا ، بالنظر الى ما يتبجح به بنكيران ، من احترام لاستمرار التحالف الحكومي في تكوين الجماعات والجهات ؟؟ فكيف القبول والحالة هاته ، بالتحالف في السر مع الحصان ؟؟ وإقصاء الحليف الشيوعي من المعادلة ؟؟ تماما كما فعلها معنا الحليف الاستقلالي ؟ خلاصة القول إنني ، وبالنظر لما عشته عن قرب يوم 4 شتنبر ، وطيلة أيام الحملة الانتخابية ، قد بدأت ألتمس الأعذار ، لدعوات الكف عن هذا العبث ... وان اختلفت السياقات ..