يعرف الحي الجامعي بالرشيدية منذ ما يقرب من شهرين، أجواء من الاحتقان ناتجة عن صراع بين فصيلين طلابيين. وقد وصل هذا الصراع إلى حد المواجهة بالسلاح بين الفريقين ترتب عنها جرحى من الطرفين، واحتجاز مجموعة من الطلبة تحت التهديد بالسلاح لمدد مختلفة داخل غرف الحي الجامعي الذي تحول إلى منطقة نفوذ خاصة بأحد الفصيلين محرمة على باقي الطلبة، خاصة ممن لا يقاسمونه نفس القناعات، مما أدى إلى إفراغ الحي الجامعي وصعوبة الالتحاق بأقسام الدراسة. وهكذا أصبحت المؤسسات الجامعية بالرشيدية مهجورة. وبدا أن الكليتين التابعتين لجامعة مولاي إسماعيل خاليتان من الطلبة قبل الامتحانات، وباتتا تخضعان لسيطرة فرق مدججة بالعصي» والسيوف. ولما شرع في الامتحانات كان واضحا أنها تمر في ظروف أمنية سيئة للغاية. ذلك أن الفريق الأكثر عددا عمد إلى إقامة متاريس خارج كلية العلوم والتقنيات وداخلها بشكل يرهب الطلبة الآخرين ويمنعهم من الالتحاق بقاعات الامتحان، مما حرم عددا من الطلبة من اجتياز الامتحانات تحت التهديد بالأسلحة البيضاء. وقد حاول طالبان من الكلية تحدي ذلك المنع فتعرضا للحصار والاحتجاز، ولولا تدخل العميد شخصيا الذي وفر لهما الحماية ووفر لهما سيارة أقلتهما إلى مقر سكناهما لكانت المصيبة أعظم. وفي ظل هذه الوضعية، فإن كلية العلوم والتقنيات والكلية متعددة الاختصاصات بالرشيدية مرشحتان لتوتر أكبر خلال ما تبقى من السنة، إذا لم تعمل الجهات المسؤولة على تلطيف الأجواء، وذلك بالبحث عن صيغة لإجراء الامتحانات لمن منعوا من اجتيازها وتوفير الأمن الضروري للطلبة، ومحاولة تقريب الهوة بين الطرفين المتخاصمين بشكل يجعل صوت الحوار يعلو على قعقعة المزابير والسيوف. وعلى الرغم من أن المسؤولين يعزون تردي الأوضاع الأمنية إلى التطاحن بين فصيل القاعديين وفصيل الأمازيغيين، إلا أن كل من له علاقة بالجامعة يدرك أن المتسببين في هذه الفتنة الطلابية التي تشهدها الرشيدية لا يمثلون في واقع الحال سوى الوجه البشع للتعصب الذي من المفروض أن الفضاء الجامعي يناهضه ويتنافى معه. وهذا ما يزكي الرأي الرائج بالمدينة القائل بأن هناك أياد خفية تحرك آلة العنف، وأنها تستغل الحرم الجامعي لتمرر ما لا تستطيع أن تمرره داخل المجتمع. ومهما يكن من أمر، فإن ما تعرفه الرشيدية في هذه الأيام ليس جديدا، فقد سبق أن زهقت روح طالب جامعي قبل ثلاث سنوات جراء العنف الذي تغذيه النعرات، كما أن عددا من الطلبة أصيبوا بجراح أدخلوا على إثرها إلى المستشفى. فما ذنب الطالب الذي لا ينتمي لأحد من الفصيلين. إن درجة العنف واللا أمن الذي يعرفه الحي الجامعي وكلية العلوم والتقنيات والكلية متعددة التخصصات قد نجح في ترهيب الطلبة والطالبات وترويعهم ودفعهم إلى البحث عن مكان آمن، ومنهم من شد الرحال إلى منزل العائلة طلبا للسلامة، خاصة أن العنف امتد إلى الأحياء المحيطة بالحي الجامعي، ولم يعد بمستطاع الطالب أن يخرج خوفا على نفسه من أحد الفريقين. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: أين السلطات التي من المفروض أن تحرص على أمن الطلبة باعتبارهم مواطنين، وهل تنتظر أن يسقط قتيل أو قتلى لتجد مبررا للتدخل بعد فوات الآوان؟ إن الطلبة بكلية العلوم والتقنيات مقبلون بعد العطلة مباشرة على استكمال امتحانات السداسي الأول من السنة، كما أن الدورة الاستدراكية لم تبدأ بعد، وإذا لم تتحمل الجهات الساهرة على الأمن مسؤوليتها في حماية الطلبة، فإنه يصعب على أغلبهم أن يصلوا إلى قاعات الامتحان. وإن وصلوا فإنهم يظلون مهددين في سلامتهم الجسدية، الشيء الذي يمنعهم من اجتياز الامتحانات في أجواء سليمة. ومن أجل ذلك بدأت عائلات الطلبة تتصل بعامل الرشيدية من أجل إيجاد حل يقي أبناءها من العنف الجسدي والنفسي المسلط عليهم من طرف عناصر لا تمت إلى الجامعة بصلة، ولكنها وجدت في حرمة الحي الجامعي منطلقا لزرع الأحقاد والضغينة بين شباب جاؤوا من أجل التحصيل العلمي فوجدوا أنفسهم مهددين في سلامتهم الجسدية والنفسية.