إلى عهد قريب، كان عدد الذين يعيشون من موارد حرف وأنشطة الصناعة التقليدية، بشكل مباشر أو غير مباشر, يقدرون بخمسة ملايين نسمة فقط، بيد أن المعطيات المختلفة ومنها الرسمية تفيد بأن العدد تضاعف مرتين الآن، فهل الأمر يعزى إلى تطور وتنمية استثنائية شهدها القطاع الذي ظل يعاني ويجتر الأزمة تلو الأخرى بسبب تداخل عوامل مختلفة؟ العديد من المعطيات تفيد بأن »نزوح« الآلاف من الذين انسدت في وجههم الآفاق في بعض المجالات صوب حرف وأنشطة الصناعة التقليدية قد يكون أحد الأسباب الرئيسية في »تضخم« حجم الذين يعيشون من موارد الحرف، لكن بالرغم من هذا وذاك، فإن هناك مشروعاً وطنياً لتنمية القطاع، وُصف »بمشروع رؤيا 2015«، قد يكون ساهم بشكل من الأشكال في الزيادة في »»ساكنة الحرف والمهن« «من خلال التحفيز والتشجيع على الصناعة والإنتاج في العديد من حرف ومهن الصناعة التقليدية. في الملف التالي، طرح لمختلف الإشكالات والأسئلة المرتبطة بقطاع الصناعة التقليدية، ومحاولة لمقاربة استراتيجية تنمية القطاع بالعديد من المعطيات ذات البُعد الوطني والدولي. كيف نربح رهان رفع الصادرات 10 مرات في أفق 2015؟ هناك مؤشرات اقتصادية تدل على الدور الهام الذي تلعبه الصناعة التقليدية في الاقتصاد الوطني، فالأرقام الرسمية تشير إلى أن مساهمة هذا القطاع في الانتاج الوطني الخام السنوي انتقل خلال 8 سنوات أو ما ينيف عن ذلك [أي من 1996 إلى 2004 مثلا] من 8 إلى 19 في المائة، كما تفيد المعطيات المستقاة من ذات المصدر بأن القطاع يشغل 20في المائة من الساكنة وهو بذلك يأتي في المرتبة الموالية بعد الفلاحة، كما أنه يشكل مورد عيش لثلث الساكنة تقريبا, لكن بالرغم من هذا أو ذاك، فإن من بين الاشكالات المركزية التي ظلت باستمرار تطرح هنا وهناك في ظل التحولات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية الوطنية والدولية هي كيف السبيل إلى جعل القطاع يتوفر على كل المؤهلات التي تمكنه من الاقلاع؟ وبماذا يمكن تجاوز الازمة التي تحول دون تطوير القطاع وتنميته؟ وهل الرفع من أداء مردودية القطاع بشكل يجعله يسهم بشكل أفضل في العائدات الوطنية السنوية وينتج منافذ شغل جديدة، رهين بإعادة النظر في بعض آليات تدبير القطاع، أم بمختلف السياسات التدبيرية المرتبطة به؟ لقد لامس التشخيص الذي قامت به الوزارة الوصية في اطار اعدادها وصف ب »رؤية 2015« في مجال الصناعة التقليدية بعد مكامن الخلل في هذا القطاع الحيوي, فقد خلص التشخيص الذي هو نتاج دراسة ميدانية إلى العديد من الخلاصات الاساسية منها أن هناك طلب هام غير أنه غيرمنظم لاستغلال الفرص المتوفرة, وأن هناك غياب لإرادة قوية لاستغلال المؤهلات التنافسية لبعض الشعب، مثلما أن هناك غياب بالموازاة لرؤيا مستقبلية واضحة تحدد أهداف مرقمة يمكن تقييمها. التشخيص شمل ثلاث مجموعات الاولى تتعلق بالصناعة التقليدية الاستهلاكية والثانية بالمقاولات المعنية بمختلف منتوجات القطاع والثالثة بالصناعة التقليدية الموجهة إلى التصدير وبالعديد من المسارات المرتبطة بالانتاج والتسويق, بيد أن بالرغم من هذه الخطوة التي انبثق عنها مشروع رؤية 2015 [أي استراتيجية تنمية القطاع في أفق السنوات القليلة القادمة]، فإن هناك من يرى من الفاعلين في مجال الحرف والمهن بالقطاع وكذا في حقل الغرف المهنية، بأن تطوير القطاع وجعله في مستوى التطلعات والانتظارات وكذا في مستوى التحديات الراهنة والمستقبلية رهين بإعادة النظر كليا في العديد من آليات تدبير القطاع ومنها أساسا غرف الصناعة التقليدية التي تشكل في وضعها التنظيمي والبنيوي إحدى عراقيل نهضة القطاع. العديد من الحرفيين أوضحوا لنا في هذا السياق أن مشروع رؤيا 2015 يراهن ضمن مخططاته المرتبطة بشعب وحرف وقطاعات مختلفة على الرفع من مساهمة القطاع المالية ضمن الانتاج الوطني الخام, وكذا خلق عشرات آلاف من مناصب الشغل الاضافية ضمنها أكثر من 60 ألف صانع تقليدي جديد، وهو أمر برأيهم ايجابي جدا وفي غاية الاهمية, لكن تحقيق العديد من هذه المكاسب الاجتماعية والاقتصادية يقتضي من الغرف كمؤسسات منتخبة تمثل الحرفيين والصناع التقليديين القيام على الاقل بدور التعبئة والتأطير بشكل يفضي إلى تيسير ادماج القطاع التقليدي ضمن مشروع رؤيا 2015 وهو الادماج الذي يشكل بريهم إحدى الوسائل الأساسية في قياس نجاح أو فشل هذا المظهر أو ذاك من المظاهر التي يرتكز عليها هذا المشروع الوطني... أحد الفاعلين بالقطاع أوضح لنا من جهته أن استراتيجية تنمية القطاع في أفق 2015، استراتيجية طموحة وتنم عن وجود إرادة فعلية في تطوير القطاع وجعله في مستوى الرهانات والتحديات، لكن بلورته بالشكل المطلوب يفترض ويقتضي من كل الفرقاء والفاعلين[حرفيون ومقاولون ومنتخبون] الالتفاف حوله باعتباره ملفا وطنيا يستدعي تحقيق أهداف مشاركة وتعبئة الجميع. فما الذي جاء به مشروع رؤيا 2015 من جديد؟ وما ملامحه؟ وهل يلامس الأهداف الاستراتيجية المأمولة بالقطاع التي سبق أن أكدت عليها بعض الدراسات؟ حسب نص المشروع، فإن «رؤيا 2010 «عبارة عن خطة وطنية متكاملة ومنسجمة على المدى المتوسط والطويل تتجاوز السياسية الطارئة وهي ذات أهداف وبرامج مرقمة ذات مؤشرات تسمح بتتبعها وتقييمها، كما أنها تسعى إلى توحيد مجهودات الوزارة وجميع الفاعلين والتأسيس [وهو ما يعتبر عنصرا هاما وجديدا في مجال تدبير القطاع] لدور جديد في مجال التدبير والتسيير أي «إدارة التنمية« «، من بين أهداف المشروع الذي شرع العمل في تنفيذه منذ 2007 و2008، إدماج قطاع الصناعة التقليدية ضمن المجالات الاقتصادية التي يعتمد عليها المغرب في ميدان التنمية، على غرار السياحة، وتركيب السيارات وما الى ذلك، وجعله مشتلا لانتاج مناصب شغل اضافية. وفي هذا الإطار يشير نص المشروع، الى إحداث 117 الف و500 منصب شغل خلال 10 سنوات، تتوزع بين 37 ألف منصب شغل من انتاج فئة من المقاولين، و13 ألف و735 منصب شغل بالمقاولات الصغرى والمتوسطة، و66 ألف و500 صانع تقليدي جديد بالمقاولات الصغيرة جدا. من الاهداف الاساسية التي تبدو ذات أهمية استراتيجية ولو على مستوى النص، مضاعفة قيمة الصادرات 10 مرات لتصل في افق 2015 الى 7 ملايير درهم بدلا من 700 مليون درهم التي كانت تسجل الى عهد قريب بقيمة صادرات. ومن بين المرامي التي لاتقل أهمية عن كل ما ذكر، إحداث نسيج من »المقاولات الديناميكية القادرة على اقتحام الاسواق الدولية، والسعي نحو هيكلة وتنمية المقاولات الصغرى والمتوسطة والعمل على تحقيق رقم معاملاتي بالقطاع يفوق 3 ملايير درهم بدلا من 700 مليون درهم، ورفع مداخيل الصناع التقليديين، وتطوير مختلف مسالك عمليات البيع والتسويق وغير ذلك.. وقد كشف لنا في هذا السياق، مسؤول بالقطاع، عن وجود مشروع موازي ومتكامل مع المشروع الوطني، باعتمادات مالية خاصة، يهدف الى دعم العديد من مشاريع تنمية الحرف والمقاولات الصغرى, مبرزا بأنه شرع في إعمال محتواه في العديد من النقاط ببلادنا, لكن بالرغم من كل هذه الاشياء الجميلة والهادئة جدا، هل يمكن ان نتصور تطور القطاع وتنميته ولو في بعض مناحيه المرتبطة بالصانع التقليدي مثلا وبالمقاولة الحرفية دون ان يكون هناك تكامل في الرؤيا بين مختلف القطاعات الاقتصادية ذات الصلة على الاقل، كقطاع السياحة؟ وهل يمكن للمنتوج، مهما كانت وفرته، او جودته، او تنافسيته ان يحقق الهدف المتوخى منه في غياب شرط داخلي أساسي يتمثل في تيسير ظروف العيش المناسبة للسواد الاعظم من السكان الذين قد يشكلون المستهلك، او الزبون الاضافي لما يعرض في السوق، وايضا الشرط الخارجي الذي يقتضي, وهو ما تجمع عليه العديد من النظريات الاقتصادية المعاصرة تقريبا ، تمنيع وتقوية الاقتصاد الوطني عموما، وهي القوة التي قد تكسب المنتوج كل عناصر التنافسية المطلوبة في الاسواق الدولية راهنا ومستقبلا. مستشار بإحدى الغرف أوضح لنا في هذا الاتجاه، بأن تفعيل مقتضيات الاستراتيجية الوطنية الخاصة بالصناعة التقليدية التي ذكرت بعض ملامحها آنفا سيحقق بدون شك »نقلة نوعية« بالقطاع، بيد أنه أكد على ان تحقيق اهداف هذه الاستراتيجية مرتبط بشكل وثيق بتكوين وتأطير الصانع والحرفي، وبتعاون مخلتف الفاعلين والفرقاء، وببلورة آليات تدبير مغايرة لما كان، وما هو عليه الحال في العديد من قطاعات الصناعة التقليدية.. وأضاف أن من بين المجالات التي يجب خلق نوع من الثورة في التعاطي معها، او في تدبير الملفات المتصلة بها، ملف التعاونيات، التي يمكنها ان تلعب دورا طلائعيا في هيكلة القطاع وتنميته، وتأطير وتكوين من تم عشرات الآلاف من العاملين به، والممتهنين للعديد من الحرف به، وتوفير الآلاف من مناصب الشغل الجديدة، اذا تم بالطبع تقويم مختلف اتجاهات تدبيرها، والقطع مع كل أساليب التسويف والتحايل، وخدمة أغراض غير مهنية لدى البعض منها. وأردف قائلا، بأن أي مهني او حرفي او فاعل في المجال لايمكنه الا أن يسجل بإيجابية ما يطمح إليه مشروع 2015 من أهداف تنموية نبيلة، غير أن الحقيقة على الارض، ان وطنيا او دوليا، وماهو متعارف عليه في التعاطي مع الملفات من هذه القيمة والاهمية والحجم, تفيد جميعها بأن الاجتماعي والاقتصادي والسياسي عناصر كلها مرتبطة ومتداخلة ومتلازمة, خاصة اذا كان الامر يعني قطاعا مهما مثل قطاع الصناعة التقليدية، فلا يمكن الحديث عن مشروع تنمية حقيقية لهذا القطاع او ذاك,بدون ربطه بمشروع تنموي شامل سيشرف المستقبل بكل افتراضاته وتحدياته. حرف تنقرض بالبيضاء وآلاف مناصب الشغل في خبر كان إلى عهد قريب نسبيا, كانت بعض المناطق بمدينة الدارالبيضاء، مثل المدينة القديمة, تتوفر على «»صنايعية««في مجالات مختلفة ومحلات متعددة, تحتضن انشطة متنوعة في ميدان الصناعة التقليدية، فقد كانت هناك محلات لانتاج الزرابي ذات الطابع الاصيل مثل المحل الذي كان يوجد قرب ضريح «»للاتاجة«« والذي كان يستقطب عددا مهما من اليد العاملة المتكونة من الفتيات والنساء اللائي يقطن بذات المنطقة، او بالاحياء القريبة من المدينة العتيقة، مثلها كانت هناك ورشات مختلفة في مجال صناعة الأواني النحاسية التقليدية، وحياكة الاقمشة المختلفة، وانتاج الالبسة التقليدية والعديد من المستلزمات المرتبطة بها، مثل انتاج «البلغة والشربيل» والحقائب الجلدية والعديد من المنتوجات التقليدية التي تزخر بها الهوية التراثية الفنية المغربية في العديد من ارجاء البلاد، الامر الذي ينطبق بصيغة أو أخرى على العديد من النقاط المحورية مثل حي الاحباس او منطقة درب السلطان بشكل عام, التي كانت منطقة تعكس في العديد من مناحيها، صورة قوية عن الهوية التراثية الفنية الاصيلة ببلادنا في مجالات مختلفة، إن على مستوى ورشات ومحلات الصناعة التقليدية التي كانت تؤثت مختلفة الفضاءات وتضفي عليها نكهة خاصة، او على مستوى الطراز المعماري الذي كان يستلهم اساسه من تراثنا الفني الاصيل، في مجال البناء وتزيين الغرف، والمساكن بشكل عام، وايضا في اعطاء واجهات المنازل طابعا متفردا يكشف لكل زائر وسائح الطابع الهوياتي الخاص للمغرب، بيد أن الملاحظ هو ان العديد من هذه المظاهر الجميلة تبددت، واصبحت في حكم الزوال مع مرور الزمن [مع بعض الاستثناءات بالطبع], وهو ما جعل المدينة تفقد خصوصيتها التي كانت تميزها على مستوى الهوية الفنية ذات الاثر الكبير في جلب السياح و ضخ بالتالي أموال اضافية على خزينة المدينة. لتطور ظروف الحياة، وانماط العيش إن في الدارالبيضاء او غيرها اثر كبير بدون شك في انقراض العديد من الحرف بها، وتراجع البعض الاخر بها، لكن الوقائع والمعطيات والملفات المتعددة، تبرز بأن سوء التقديرفي رسم المخططات التنموية المفترضة، وغياب تصور شامل على المستوى المحلي في التعاطي وتدبير المدينة في شتى مجالاتها الحيوية الاجتماعية والاقتصادية، هو الذي انتج الخلل على مستوى انمحاء وتراجع العديد من حرف الصناعة التقليدية بالبيضاء وانحسار من تم الهوية الفنية الاصيلة التي تشكل موردا اقتصاديا مهما جدا للعديد من الدول مثل تركيا وايران واسبانيا في الشق المرتبط بالمآثر وغيرها. من بين الملفات التي تكشف الاهمال التام من قبل البعض على الاقل لهذا الجانب السوسيو - ثقافي والاقتصادي، هو ان هيأة المهندسين المعماريين بجهة الدارالبيضاء، بشراكة مع عمالة الفداء درب السلطان، والمختبر العمومي للدراسات، اعدت مخططا تعميريا، يأخذ بعين الاعتبار العديد من المعايير الدولية والمواصفات المحلية، وذلك بهدف الاسهام في هيكلة المنطقة .وكنقطة انطلاق الاحياء التي كانت تتمركز فيها الدور الآيلة للسقوط، وفق شروط تراعي الخصوصية والمهنية، وقد شرع العمل في اعمال بعض محتويات «المخطط», وقد بدا فعلا من خلال عينات ونماذج تتعلق بإعادة بناء مساكن، بأن التنفيذ الفعلي لمحتويات المخطط، سينتج لا محالة تدبيرا حضريا متميزا بالمنطقة يزاوج بين المهني والاصيل والحداثي، والاستشرافي، غير أن الملاحظ ,هوأن هذا المشروع التعميري الهام لم يكتب له النجاح بالشكل المطلوب، لغياب الدعم المادي المطلوب، كما ان التزام العديد من القيمين على اعادة بناء مساكن مختلفة بالشرط المهني وإغفال الشرط الفني المتجسد في التشبث بالطراز المعماري الأصيل في واجهات المنازل المستهدفة بإعادة البناء على الاقل افقد[أو هكذا أريد له من قبل البعض] المشروع بعده الشامل، الذي يربط بين ماهو تعميري وحصري، واجتماعي واقتصادي وسياحي. فهل يمكن أن نحلم في العاصمة الاقتصادية مستقبلا، بمشروع تنموي يأخذ بعين الاعتبار مختلف الابعاد، المدرة للدخل، والمنتجة للقيم المضافة والمساهمة في تأصيل وتطوير الخصوصية التراثية الفنية. محطات للفهم التراث العالمي حوَّل شركات إلى «ماركات عالمية» هل يمكن تطوير وتنمية أي قطاع بدون تكوين وتكوين مستمر، والسعي بصيغ تعليمية وتواصلية مختلفة إلى الرفع من مهارات وقدرات العاملين بهذا القطاع أو ذاك، وفي حالة موضوعنا، هل يمكن تنمية قطاع الصناعة التقليدية بشكل يصبح يتمتع بتنافسية قوية إزاء المنتوج الأجنبي، ويسهم بقيمة مضافة فعلية ومغايرة بالاقتصاد الوطني، بدون التوفر على المؤهلات المهنية التي تمكن من مواكبة التطورات، ومواجهة التحديات التي تفرزها المتغيرات السوسيو اقتصادية الوطنية والدولية؟ إن قراءة سريعة للعديد من »برامج« المدارس التي تعنى بالفصالة والخياطة، وأذواق الناس، وتوجهات اختياراتهم الذوقية وللعديد من المجالات والمواقع الإلكترونية ذات الصلة، ولمسارات بعض القنوات الفضائية التي تعنى بالجمالية، وب »»لامُوضْ«« سواء في شقه النسائي أو الرجالي، تخلص بنا إلى القول بأن هناك مدارس دولية في مجال اللباس أو غيره تستثمر بملايير الدولارات في مجال البحث والتكوين المستمر من أجل »الاستئثار دوماً« بالتنافسية المخطط لها، والمرغوبة على المستوى الدولي، الأهم من هذا، هو أن هذه المدارس التي تتجسد في مقاولات ومؤسسات عالمية متعددة مثل »شانيل« و »كوتشي« وغيرهما من الأسماء العالمية المختصة في ميدان الألبسة بمختلف أنواعها وتلاوينها تأخذ في اعتبارها [وهذا ما يلاحظ من خلال العديد من تصريحات مسؤولي هذه المدارس، أو من خلال العديد من الوثائق] في إنتاج وصناعة أي منتوج جديد، عامل تطور أدوات المستهلك عموماً وتطور ميكانيزمات السوق الدولية في سياقاتها المختلفة، علاوة على عامل رصد التراث العالمي في مجال الألبسة وغيره من الأشياء ذات العلاقة بالصناعة التقليدية، أو بالمنتوج الذي يشكل هوية تراثية فنية لهذا البلد أو ذاك، وهو العامل الذي مكن توظيفه بالشكل المناسب، العديد من المدارس والمؤسسات الدولية التي تمثل »ماركات« دولية مسجلة، من فرض حضورها بقوة في الأسواق الدولية في مجالات متنوعة. في المغرب، ظهرت مبادرات لحرفيين من الشباب والشابات تستهدف تطوير العديد من منتوجات الصناعة التقليدية، أو بعض الألبسة التي ظلت لعقود من الزمن تميز الهوية الوطنية على هذا المستوى، مثل »الجلبابْ« أو القفطان وما إلى ذلك، وهي مبادرات ترمي جميعها إلى جعل المنتوج الوطني حاضراً، إن محليا أو دولياً، كما أن الدولة ممثلة في وزارة الصناعة التقليدية أطلقت في هذا الاتجاه مشروعاً وصفته »برؤية 2015«، وهو مشروع وطني يهدف ضمن ما يهدف إليه تحفيز والتشجيع المادي على التكوين وتطوير مهارات الصانع والحرفي، اعتباراً لكون هذا العامل, يعتبر ضمن عوامل أخرى, عنصراً حاسماً في تحقيق الهدف الاستراتيجي، أي تنمية القطاع، تنمية حقيقية تمكنه من الرفع من مساهمته في الإنتاج الوطني الخام، وخلق دينامية اجتماعية واقتصادية جديدة. لكن، هل التطورات المتلاحقة وطنياً ودولياً وفي مختلف المجالات، ستمكننا فعلا من ربح تحدي هذا المشروع الوطني الطموح.؟