أنفوجرافيك | أرقام رسمية.. معدل البطالة يرتفع إلى 13.6% بالربع الثالث من 2024    كَهنوت وعَلْموُوت    التساقطات ‬المطرية ‬أنعشت ‬الآمال ..‬ارتفاع ‬حقينة ‬السدود ‬ومؤشرات ‬على ‬موسم ‬فلاحي ‬جيد    رئيس الحكومة يستعرض إنجازات المغرب في التجارة الخارجية    "روائع الأطلس" يستكشف تقاليد المغرب في قطر    بنعلي.. الوزارة ستواصل خلال سنة 2025 العمل على تسريع وتطوير مشاريع الطاقات المتجددة    الأمريكيون يتوجهون إلى صناديق الاقتراع لاختيار الرئيس ال47    إسرائيل تعين يوسي بن دافيد رئيساً جديداً لمكتبها في الرباط        وزارة الاستثمار تعتزم اكتراء مقر جديد وفتح الباب ل30 منصب جديد    الاحتقان يخيم من جديد على قطاع الصحة.. وأطباء القطاع العام يلتحقون بالإضراب الوطني    مستشارو فيدرالية اليسار بالرباط ينبهون إلى التدبير الكارثي للنفايات الخضراء و الهامدة بالمدينة    "متفجرات مموهة" تثير استنفارًا أمنيا في بولندا    فن اللغا والسجية.. المهرجان الوطني للفيلم/ جوائز المهرجان/ عاشت السينما المغربية (فيديو)    الأرصاد الجوية تتوقع ارتفاع الحرارة خلال الأيام القادمة في المغرب    غير بعيد على الناظور.. حادث سير مروع يخلف عشرة جرحى    حقيقة انضمام نعية إلياس إلى الجزء الثالث من "بنات للا منانة        القفطان المغربي يتألق خلال فعاليات الأسبوع العربي الأول في اليونسكو    لهذه الأسباب.. الوداد يتقدم بطلب رسمي لتغيير موعد مباراته ضد اتحاد طنجة    أولمبيك أسفي يوجه شكاية لمديرية التحكيم ضد كربوبي ويطالب بعدم تعيينها لمبارياته    الانتخابات الأمريكية.. نحو 83 مليون شخص أدلوا بأصواتهم مبكرا    صاعقة برق تقتل لاعبا وتصيب آخرين أثناء مباراة كرة قدم في البيرو    القضاء يرفض تعليق "اليانصيب الانتخابي" لإيلون ماسك    أداء إيجابي يستهل تداولات بورصة الدار البيضاء    وزيرة التضامن الجديدة: برنامج عمل الوزارة لسنة 2025 يرتكز على تثمين المكتسبات وتسريع تنفيذ إجراءات البرنامج الحكومي    حملة لتحرير الملك العام من الاستغلال غير المرخص في أكادير    كيوسك الثلاثاء | المغرب يواصل صدارته لدول شمال إفريقيا في حقوق الملكية    المغرب ‬يحقق ‬فائض ‬المكتسبات ‬بالديناميةالإيجابية ‬للدبلوماسية    دقيقة صمت خلال المباريات الأوروبية على ضحايا فيضانات فالنسيا        آس الإسبانية تثني على أداء الدولي المغربي آدم أزنو مع بايرن ميوني    إلياس بنصغير: قرار لعبي مع المغرب أثار الكثير من النقاش لكنني لست نادما عليه على الإطلاق    هاريس تستهدف "الناخبين اللاتينيين"    استقرار أسعار النفط وسط غموض حول الانتخابات الأميركية    استنفار أمني واسع بعد العثور على 38 قذيفة في ورش بناء    ترامب يعد الأمريكيين ب"قمم جديدة"    الهجوم على الملك والملكة ورئيس الحكومة: اليمين المتطرف يهدد الديمقراطية الإسبانية في منطقة الإعصار    تصفيات "كان" 2025.. تحكيم مغربي المباراة نيجيريا ورواندا بقيادة سمير الكزاز    على بعد ثلاثة أيام من المسيرة الخضراء ‮ .. ‬عندما أعلن بوعبيد ‬استعداد ‬الاتحاد ‬لإنشاء ‬جيش ‬التحرير ‬من ‬جديد‮!‬    افتتاح النسخة الثانية من القافلة السينمائية تحت شعار ''السينما للجميع''    «حوريات» الجزائري كمال داود تقوده الى جائزة الغونكور    نجم الكرة التشيلية فيدال متهم بالاعتداء الجنسي    دراسة: المغرب قد يجني 10 ملايير دولار من تنظيم "مونديال 2030"    نوح خليفة يرصد في مؤلف جديد عراقة العلاقات بين المغرب والبحرين    دروس وعِبر للمستقبل.. الكراوي يقارب 250 سنة من السلام بين المغرب والبرتغال‬    أخنوش: فقدنا 161 ألف منصب شغل في الفلاحة وإذا جاءت الأمطار سيعود الناس لشغلهم    رحيل أسطورة الموسيقى كوينسي جونز عن 91 عاماً    أطباء العيون مغاربة يبتكرون تقنية جراحية جديدة    الجينات سبب رئيسي لمرض النقرس (دراسة)        خلال أسبوع واحد.. تسجيل أزيد من 2700 حالة إصابة و34 وفاة بجدري القردة في إفريقيا    إطلاق الحملة الوطنية للمراجعة واستدراك تلقيح الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة بإقليم الجديدة    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوارات فكرية من أجل الفهم

قرابة نصف قرن من الكتابة الروائية والنقدية شكلت شخصية أدبية حققت حضورها العربي مثلما أنجزت سِفرها
السردي عن بلادها.
الروائي السوري نبيل سليمان ومن روايته الأولى «جرماتي» مروراً بثلاثيته «مدارات الشرق» و «أطياف العرش» و «المسلة» و «دلعون» وصولاً إلى «حجر السرائر» و «سمر الليالي» يخلص اليوم لروايته «نمنوما جدرايات الشام» وكتابه الصادر حديثاً في بيروت: (أخيولات روائية للقمع والطائفية)؟ يستعد لإصدار كتابيه الجديدين قريباً في الشارقة: (طغيانيا ذا)
و(غابة السرد الروائي).
عن هذا وغيره كان حوار «السفير» الآتي مع الروائي «سليمان»:
o أن يسأل المرء في سوريا: أين نحن الآن، فقد يبدو ذلك من السذاجة والاستفزاز بمكان. ولكن أليس هذا هو السؤال السوري الجوهري اليوم؟
— يصدع هذا السؤال كل سوري وسورية ليل نهار منذ رد العنف على السلمية، وفشت العسكرة، وبدأت كرة الثلج الدموية تتدحرج، حتى بلغنا ما بلغناه. أين نحن الآن؟ في ثورة؟ لا: أُسرع إلى الجواب. في حرب؟ نعم: أُسرع إلى الجواب، ولكن أية حرب هذه؟ لماذا لا تكاد تستقر على اسم ولا على صفة؟ حرب وحشية هي؟ لكن هل من حرب غير وحشية؟ حسناً، هل هي حرب طائفية؟ أم إنها حرب إقليمية؟ حرب دولية هي؟ مؤامرة؟ حرب كونية؟ في تقديري أن ما نحن فيه الآن في سوريا وليبيا واليمن والعراق، هو حرب لها نصيب كبير أو أكبر من كل اسم أو صفة مما تقدم، ومما يقدمه غيري.
o أين أنت الآن؟ أين نبيل سليمان؟
n أنا، أنا سوريا التي لن يُبْقي منها الدمار حجراً على حجر، وأنا الكرة التي تتقاذفني المؤتمرات والمعارضات والأحزاب الشائخة والأحزاب الجديدة التي توالدت كالفطر مخصية ومجدورة. ولأنني كل ذلك فموقعي الآن لا لبس فيه: شوكة في حلاقيمهم جميعاً: من هذا الذي يبيع السبية الإيزيدية، إلى هذا الذي يبيّض وجه جبهة النصرة أو أي وجه نظير، ومن هذا الذي تعمي الثأرية بصره، إلى هذا الذي لم يكفه كل ما عاث في سوريا خلال نصف قرن، فتراه الآن يتخلّق في ميليشيات وعصابات تخطف وتتسابق إلى غنائم المدن والبلدات المدمرة المهجورة.
o لكأنكَ عازم على تشريح المجتمع في الرواية الأحدث: (جداريات الشام - نمنوما)، شأنك في تسع عشرة رواية قبلها. ولكن في ما يخص الرواية الأخيرة، لكأنك تمضي أبعد وأقسى في إدانة المجتمع، بناءً على قاعدة: كما تكونون يولى عليكم؟
n بعد نصف قرن من استبداد الحزب الواحد، والفساد الذي نخر المجتمع والسلطة، وسواه من آلام وخرائب نصف قرن، جاء الشباب والشابات، ولم يعد السؤال سؤال الماضي وحسب، بل صار سؤال الحاضر، أي سؤال المستقبل، أي سؤال التغيير. ولكن ماذا عن المعارضة الداخلية أو الخارجية المنبتّة الجذور أو الواهية الجذور على الأقل، والمنهكة من القمع ومن المنافي، والتي تفتقد الخبرة، والتي شرعت العواصم تتقاذفها؟ ماذا عن السلمية التي سرعان ما وئدت بالعنف وبالعسكرة؟ ماذا عن الطائفية؟
ليست المسألة أن تكون الرواية قد أدانت المجتمع و/أو السلطة، بلطف أو بقسوة. المسألة هي أن يبدع الفن في صوغ السؤال، وربما في صوغ الجواب أو بعض الجواب. إذاً السؤال أولاً، وهذا ما حاولته منذ الرواية الأولى قبل خمس وأربعين سنة، ولكن بدرجات وأشكال شتى، وصولاً إلى 2011، ذلك العام الذي هو بألف عام، عام التظاهرات السلمية والوحدة الوطنية والشباب والشابات والعشق والصداقة والمخبرين وتجارة السلاح والنفخ في كور الطائفية والمذهبية والتدمير والاعتقال والخوف والنزوح والتهجير والمجلس الوطني وهيئة التنسيق وحركة معاً ومؤتمر سميراميس والعرعور والتفجيرات والمذابح والقاعدة و...لكل مفردة من هذه المفردات، كيانها الروائي، لها شخصية أو حارة أو قرية أو شارع، لها عراء الروح. ومنها ما توالى في السنوات التالية التي جدّ فيها جديدها، ولذلك كان عنوان الرواية (جداريات) وليس (جدارية).
o هل في هذا العنوان (طغيانياذا) صدى للإلياذة؟
n أرجو ألا يكون صدى فقط، بل أصداء.
oمرة أخرى في (مدارات الشرق) كما في (جداريات الشام)، وكذلك في العديد من رواياتك (المسلّة أطياف العرش... وصولاً إلى حجر السرائر) يبرز بقوة نزوعك إلى التسجيلية وإلى الوثائقية. هل هذا هو اقتراحك الفني الأكبر إذاً؟
n ربما، وإن كنت أميل إلى القول إنه واحد من اقتراحاتي الفنية الأكبر. والمهم أنني أحاول أن أهيئ لكل رواية ما تقتضيه من قراءات أو أبحاث أو أسفار، مما يمكن أن تصفه بالوثيقة التي قد تكون قصاصة أو مجلدات أو رسالة، كما قد تكون شفوية. أجل، وثيقة شفوية، أعني أن الشفوي إذ تتمثله الرواية، فإنه يغدو وثيقة روائية، كما أن الوثيقة المكتوبة تغدو وثيقة روائية حين تتمثلها الرواية. وبالتالي، ليست الوثيقة في الرواية هي نفسها خارج الرواية.
الوثيقة الروائية شيء والوثيقة غير الروائية شيء آخر، بينهما تواشج وبينهما اختلاف. وبهذا المعنى ليست كل رواية تستثمر الوثيقة برواية وثائقية، إذ ثمة روايات تغلّب توظيف الوثيقة كما هي، وغاية ما تفعله بها غالباً هو التقطيع. وربما كانت روايات صنع الله إبراهيم من هذا القبيل. وقد عرف المسرح أيضاً هذا النمط.
سفر المرحلة
o تندغم شخصيات (جداريات الشام - نمنوما) في ما تعيشه سوريا منذ 2011، وتتسلل إلى الرواية مفردات المرحلة، كما تفسح لأحداث ليبيا وتونس ومصر واليمن. هل تستطيع الرواية أن تكون سِفْراً لمثل هذه المرحلة؟
n بعدما قلّبتُ التسمية لما يجري منذ 2011، كما قلّبها آخرون، بين الثورة والحراك وصولاً إلى الحرب الأهلية وو.... اخترت منذ ثلاث سنوات اسماً واحداً هو الزلزال. وكما لم يُرْضِ اختياري من لا يقولون إلا بالثورة، لم يُرْضِ أيضاً من لا يقولون إلا بالمؤامرة أو بالحرب الكونية. وكما تزلزلت المدن والبيوت والقرى والمصانع والمساجد والأجساد والأرواح والصداقات واليقينيات و... كذلك كان الأمر لبشر رواية (جداريات الشام) ولفضائها المركّز بخاصة في سوريا، والمترامي منها إلى ليبيا ومصر وتونس واليمن والعراق، على الأقلّ. ولأنه باتت لنا لغة جديدة في الإعلام وفي الغزل وفي المقالات الثورجية وفي الخطابات والبيانات الدينية الداعشية أو الشيعية.. لكل ذلك انضافت للغات الروائية لغة لغات جديدة. وإذا كان ذلك يطيش بألباب ساسة ومنظّرين وروائيين ونقاد، فهو أيضاً أثرى الكتابة الروائية بأحداث ووقائع وأخيولات وحكايات وشخصيات وتأملات وأطروحات، على الرغم من أن الزمن لا يزال محدوداً. وإذا كان الأمر كذلك، فالرواية التي لا تلهث خلف الراهن، ولا تغرق في العابر، لها وعليها أن تكون سِفْرَ هذه المرحلة، مثلما كانت أسفاراً لمراحل لا تقل استثنائية عبر التاريخ، وحسبي أن أذكر هنا بالنسبة للرواية العربية مفصل 1948.
هل يمكن القول إن ثمة نصا غائبا اليوم في سوريا، بحكم هجرة كتابه إلى خارج البلاد؟ وبالتالي كيف ترى إلى الرواية في سوريا الآن، وأنت المعروف بمتابعتك النقدية لكل ما هو جديد؟
- دعني أذكّر أولاً بأن من الكتاب والفنانين من هاجر طلباً للنجاة من العقاب على نشاط مدني ما، قام به. وثمة كثيرون وكثيرات سال منهن ومنهم اللعاب أمام إغراءات اللجوء السياسي أو الإنساني. ومهما تكن الأسباب فقد أخذ يتشكل (نص غائب) كما تقول، نصّ منفي أو مهاجر، كما أضيف. وهذا النص هو الراجح من الإنتاج الروائي السوري خلال سنوات الزلزال. وقد جعلت جملة ذلك الإنتاج الذي بلغ حتى مطلع هذه السنة تسعاً وعشرين رواية، جعلته مادة البحث الذي قدمته في مؤتمر الرواية الذي انعقد في القاهرة في آذار الماضي. والمفارقة هنا هي أن الرواية هي ما استجاب فوراً وبحرارة، وبالطبع بتفاوت، للزلزال، بخلاف المألوف في أن تكون الاستجابة الأولى للشعر. وأضيف: ان الاستجابة بالدرجة الثانية بعد الرواية، كانت للدراما.
o إذاً ما الذي تحاوله الرواية السورية في زمن التخوين والتكفير؟
n مرة أخرى أثبتت الرواية في سوريا أن الكتابة في اللجّة، أي قبل أن يهدأ الزلزال وتختمر التجربة، يمكن أن تقدم إبداعات مميزة، كما يمكن أن تكون محرقة لمن لا يمتلك أو لا تمتلك رؤية ثاقبة، وحساسية تاريخية إن صح التعبير، وكذلك: نزاهة وإخلاصاً لا متناهياً للفن، وهذا ما أثبتته من قبل الرواية العربية التي كتبت أثناء الحرب التي ودعت بها الجزائر ولبنان القرن الماضي؛ فمن اللافت أن معظم الروايات السورية المعنية قد جاء من موقع معارض، وبينها ما أصابته اللوثة الطائفية، وكثير منها كان الرواية الأولى لصاحبها أو لصاحبتها. ومن اللافت هنا أيضاً أن النقد الموالي وهو محدود، قد قابل الإنتاج الروائي بالتجاهل أو بالعقاب السياسي الذي لا يقل فداحة عن العقاب الأمني، وإن يكن الناقد أكاديمياً أو ذا ماضٍ أقل موالاة؛ في النهاية، أظن أن العبارة الختامية الأَوْلى هي: أما الزبد فيذهب جفاءً.
عن «السفير» اللبنانية..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.