خلوة مجلس حقوق الإنسان بالرباط: اجتماع للتفكير وتبادل الآراء بشأن وضعية المجلس ومستقبله    مجلس الحكومة يصادق على مقترحات تعيين في مناصب عليا    الحكومة تصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    وفاة ضابطين في حادث تحطم طائرة تدريب تابعة للقوات الجوية الملكية    يخص حماية التراث.. مجلس الحكومة يصادق على مشروع قانون جديد    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    إتحاد طنجة يستقبل المغرب التطواني بالملعب البلدي بالقنيطرة    توقيف شخصين بطنجة وحجز 116 كيلوغراماً من مخدر الشيرا    القوات المسلحة الملكية تفتح تحقيقًا في تحطم طائرة ببنسليمان    الجديدة.. الدرك يحبط في أقل من 24 ساعة ثاني عملية للاتجار بالبشر    برقية تهنئة إلى الملك محمد السادس من رئيسة مقدونيا الشمالية بمناسبة عيد الاستقلال    القنيطرة تحتضن ديربي "الشمال" بحضور مشجعي اتحاد طنجة فقط    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    "الدستورية" تصرح بشغور مقاعد برلمانية    استطلاع: 39% من الأطفال في المغرب يواجهون صعوبة التمدرس بالقرى    إسرائيل: محكمة لاهاي فقدت "الشرعية"    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    الحزب الحاكم في البرازيل يعلن دعم المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص        وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن        سعر البيتكوين يتخطى عتبة ال 95 ألف دولار للمرة الأولى    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    حادثة مأساوية تكشف أزمة النقل العمومي بإقليم العرائش    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    الأساتذة الباحثون بجامعة ابن زهر يحتجّون على مذكّرة وزارية تهدّد مُكتسباتهم المهنية    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    بلاغ قوي للتنسيقية الوطنية لجمعيات الصحافة الرياضية بالمغرب    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    من الحمى إلى الالتهابات .. أعراض الحصبة عند الأطفال    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الإله بلقزيز مفرد بصيغة الجمع
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 01 - 07 - 2015

إنّنا أمام علامةٍ فارقةٍ في الثقافة والفكر العربِيَيْن، وهذا بائنٌ في مُنْجَزه المتعدد. مُنْجَزٌ فكريٌّ، وآخرُ مُسائِلٌ للراهن العربي والعالمي، وآخرُ أدبيٌّ وإبداعيٌّ. فالنظر إلى هذه الأبعاد الثلاثة يلزم من متتبعه قراءة 46 كتابا إلى حدود الآن، والبقية قادمةٌ لا محالة. لذا حاولنا التحاور معه في هذه المجالات، إلا أننا حصرنا الحوار الأول في البُعد الأخير من مُنجزه، عسانا نُتابع الحوار معه في السنة القادمة، وكل ذلك من أجل تقريبٍ عامٍّ لهذه الشخصية المائزةِ في ثقافتنا المغربية والعربية للقراء.
لقد حاولنا خلال سِتِّ لقاءات على مَدَى شهرين الحوار معه انطلاقاً من أسئلةٍ حول الكتابة الروائية، وحول الحرب في لبنان، والأفق السحري في نصيه «رائحة المكان» و«ليليات»، إضافةً إلى النوافذ التي فتحها لنا على ضفاف شخصيته، والظلال التي تحيط بها من قبيل الشعر، الغناء، الموسيقى، بيروت، وعلاقته بشخصيات سياسية وفكريةٍ تواصل معها بطريقة أو أخرى... وبالجملة فإن الإنصاتَ إلى عبد الإله بلقزيز يرفعك إلى مساءلة الجوانية فِيكَ/فينا: كما لو كان الإنصاتُ إليه يحملك إلى آخَرِكَ. هنا تكمن المتعة الفائقة، تستدرجك نحو عوالمَ أرحبَ، تكون فيها الكتابة التزاماً إن لم نقل الشرط الوجودي للكائن. لكن كيف ورطناه في هذا الحوار؟ علماً أنَّه لم يعطِ أيَّ حوار منذ ما يزيد عن عشرين سنةً باستثناء ما قدَّمته القنوات العربية كالمنار، والميادين.. لا أقول إنِّي كنت محظوظاً في تهريبِ صرامَتِه العلميّة إلى القراء. بل أقول له شكراً لأنّه فتح لنا نوافذه، مثلما أشكر الصديق محمد رزيق الذي ساعدني في تفريغ هذا الحوار.
o في رواية «الحركة» نجد نساء وفتيات من زاوية نظر أخرى حيث يلتقي الماضي بالحاضر في ساحة الاعتصام والاحتجاج ضد الفساد وما إلى ذلك.
n الماضي والحاضر تقصد جيل اليسار مع أبنائه؟
o قد نقول إنهن يحملن قناديل آبائهن وأمهاتهن وكأنهن يبتغين التحرر من كل شيء قائم. هل هذا يعني إقصاء لأخريات حجبهن رجال السياسة المحافظون؟
n لا ليس إقصاءً؛ بدليل أنه في مسيرات الحركات الإسلامية في المغرب، خاصة حركة «العدل والإحسان»، نجد جمهوراً عرمرماً من النساء اللائي يشاركن في الحياة السياسية، فليس ثمة حجب. لكنني كنت أتحدث، في رواية «الحركة»، عن حركة 20 فبراير التي كان لأبناء مناضلي الجيل التقدمي؛ جيل الستينيات والسبعينيات، أثر كبير في قيادتها وفي توجيهها. شخصيات متخَيَّلة، لكنها قريبة أيضاً من الواقع. لكن أكثر ما كان يثيرني وأنا أكتب الرواية، كيف ينقاد الآباء في الصفوف الخلفية وراء أبناءٍ يقودونهم؟ وقبل عامين أو ثلاث سنوات من الحدث كان الأبناء والبنات تحت رقابة آبائهم وآبائهن ويحاسبون ويحاسبن على كل تفصيل. بمعنى أنّ حركة 20 فبراير فجّرت ينابيع جديدة وأحدثت تحولاً في العلاقة بين الأشياء، لدرجة أن الأب أصبح يرتضي، وهو قد كان معتقلاً سياسياً قبل عقود، يرتضي أن يسير خلف ابنه أو ابنته وهو -أو هي - يقود المسيرة.
o من أهم الموضوعات التي يتحصل عليها قارئ روايتكم هي موضوعة المفارقات، ونحن في حديثنا عن المرأة نود مساءلة نظرتكم اليقظة حول راهنها اليوم والمتمثل في الحجاب ليس فقط في حجابها بل في حجْبها داخل المكان ذاته الفصل بين الذكوري والأنثوي. لكن لماذا توقفتم كثيراً عند لباس المرأة المتطرفة في المغرب وأفغانستان ومكة والمدينة والبوسنة والهرسك؟
n ليس بهدف القدح وإنما من باب وصف أمر واقع؛ لأنه حصل هناك تحول في منظومة القيم، أصبح ينعكس على العلاقة بالجسد. أصبح الجسد مكبلاً ومحاطاً بالحُرم، الأمر الذي لم يكن من سمات الحياة في جيلنا حينما كنا طلبة قبل أربعين عاماً: أكثر أو أقل. اليوم أصبح هذا المشهد عادياً. أريد أيضاً أن أشدد على أنه ليس خاصا بمجتمعنا، وإنما هو يخترق أفقيا المجتمعات العربية الإسلامية بما في ذلك المجتمعات المسلمة في أوربا كما في البلقان في البوسنة. هذه واحدة، الثانية؛ أعترف أن الحجاب بمقدار ما يمكن أن يكون قيداً مضروباً على مشاركة المرأة في الحياة العامة وفي الحياة السياسية، بمقدار ما يمكن أن يكون باباً مفتوحاً أمام مشاركتها في الحياة السياسية كما ذكرت في حالة الحركات الإسلامية وناشطاتها. ولكن الشيء الذي أستبشعه وأستهجنه لدى الحركات الإسلامية عندنا، وفي غير بلادنا و لكن خاصة في بلادنا، هو العزل المكاني بين الذكور والإناث ! حتى في المسيرات يتظاهرن معزولات عن الرجال كما لو أنهن عورة، أو كأنهن سينقضن «الوضوء السياسي» للذكور! الشارع فضاء عام للمواطنين، هذا ليس مسجدا لكي تميز المصلي من المصلية علما أن هذا ليس من تعاليم القرآن. ولكن أن تمارس ذلك في إطار الحياة العامة فأنت تُفْقِر معنى مشاركة المرأة، تفقره على الرغم من أن الدولة لا تفقره. الدولة تعتبر المرأة صوتاً مثلك أنت الذكر، ولكن أنت تتعامل معها بقسمةٍ ضيزى، كما لو أنها ليست مواطناً مكتمل المواطنة. هذا ما لا أقبله. فإذن هذه المشاركة السياسية ناقصة، يعتورها نقص شديد مرده إلى فكرة العزل الذكوري للإناث؛ وهو ما جبَّتْهُ حركة 20 فبرايرالتي كان السجال فيها بين شبان وشابات بشكل نِدِّيٍّ، بل مرت فترة كانت إيمان هي التي تقود المعركة ضد أمجد قبل أن تعيد فهمه من جديد، وتنتهي إلى تسوية العلاقة به على نحو أفضل. هذا الحجب الذي مارسه المجتمع التقليدي الذكوري الآن يتفتت، يتفتت بالتدريج. أنا عشت في الستينيات وأنا طفل صغير؛ لم تكن المرأة تظهر خارج بيتها، لم نكن نرى إلا الرجال أو الفتيات الصغيرات اللائي يذهبن إلى المدرسة، وتفككت هذه الإقامة الجبرية التي فرضها المجتمع الذكوري على النساء بالتدريج إلى أن أصبحنا نشاهد المرأة في الشارع، تصرخ وتتظاهر وترفع اللافتات منذ الحركات النقابية في عزها: «الاتحاد المغربي للشغل»، و»الكنفدرالية الديمقراطية للشغل»، حين كنا نشاهد العاملات أو المناضلات في الأحزاب يشاركن، إلى أن أصبح نطاق المشاركة النسائية اليوم أوسع بما لا يقاس مما كان في السابق. سوف يستمر هذا المجتمع الذكوري في محاولاته كبح جِماح المرأة حتى وهو يتشدق بمشاركتها في الحياة العامة وغيرها، لكن ذلك لن ينفعه في شيء؛ لقد تدفق السيل، وأنا كنت دائماً أقول إنَّ المرأة آخر مستعمرات الرجل، لم يبق له إلا هذه المستعمرة، ولذلك فهو مصر على ألا يتنازل عن هذه المستعمرة، ولكن للتاريخ أحكامه.
o ألا تعتقد معي أن هذا الحجب هو الخوف الذي يحس به الرجل تجاه المرأة، وهذا بالنسبة إلي ليس الآن وإنما منذ قديم ؟
n طبعاً؛ وراء سطوة الرجل ورقابته الشديدة على المرأة يَكمُنُ خوف دفين من هذا الكائن إذا تحرر. طبعاً الرجل ? المحافظ خاصةً - يحاول دائماً أن يصور تحرُّرها على أنه تحلُّل، ولذلك يستهجن مشهد فتاة أو امرأة تدخن في مجتمعن مثلاً، يستهجن هذا المشهد ولكنه يرتضيه لنفسه! إنه يمارس حقاً طبيعياً عليها هي، وحدها، أن تكون محرومة منه. طيب المرأة جسد مثل الرجل جسد له الحق في أن يتصرف في جسده كما يشاء، لماذا تحيط هذا الجسد بالحجب، تخاف من الشيطان؟ الشيطان في عينيك، اخفض بصرك إذا لم يعجبك المشهد، لماذا تجبرها هي فقط على أن تحميك من الشيطان؟ ثم خذ ما تتعرض له في البيت - الزوجة أو الخادمة - من اضطهاد؛ هذا شيء لا يصدق في مجتمعنا، وينبغي أن يكتب عن هذا الضيم الذي يصيب النساء في مجتمعاتها، في المجتمع المغربي على نحو خاص والذي لا يسوِّغه مسوغ لا من الدين ولا من القانون ولا من أي شيء.
o حين الحديث عن الأمكنة وجب ضرورة الحديث عن الأزمنة. ثمة زمانان يُشدَّان عبد الإله بلقزيز وهما زمن الطفولة وزمن الشباب. لماذا العودة إليهما؟
n لعله من فعل النوستالجيا، لعله بشكل لا مُوعًى به رغبة في إلقاء ضوء على حقبة لم يعشها الجيل الجديد، وأنا أخاطب الجيل الجديد، ولعله اختيار وقع بالصدفة. أنا مثلا تسكنني فكرة كتابة رواية عن آخر أيام الأندلس قبل سقوطها منذ سنوات، وأؤجل تنفيذ الفكرة، وقد تسألني حينها لماذا العودة إلى هذا الزمن، وقد لا أجد المبرر لإجابتك عن السؤال، لكن الرواية هي التي تؤسس مبررها؛ إذ لا تستطيع أن تقول «لصيف جليدي» كرواية لماذا كان مكانك وزمانك هنا، هي تبرر نفسها هذا ما أستطيع أن أقوله.
o إذا افترضنا أزمنة الروايات الثلاث، سنتحصل على تاريخ المغرب المعاصر من العقد الثامن من القرن العشرين ? أي السبعينيات - إلى بداية الألفية الثالثة. فهل يعني ذلك أنكم تكتبون عن هذه الأزمنة كنوع من ملء البياضات التي لم تكتبها نظريا؟
n لا أنا كتبت نظرياً وسياسياً كتبت الكثير عن التاريخ السياسي الحديث، لكنني أعتقد، وكما قلت لك في جواب سابق، أن ما تستطيع أن تقوله من خلال نص أدبي هو أرحب مدى مما تستطيع أن تقوله من طريق اللغة السياسية أو اللغة الفكرية. ولذلك أحسب أنه إذا أردت أن تعتبر الرواية تأريخاً سياسياً لك أن تفعل ذلك. إذا أرت أن تعتبر الروايات تأريخاً اجتماعياً للمجتمع، لمنظومات القيم، لك ذلك؛ منظومات قيم جيل علي الزهراوي هي غير منظومات جيل عبد الرحيم الرحماني في «سراديب النهايات»، وهي غير منظومات جيل حسن وأمجد وياسر وتوفيق وغيرهم في «الحركة»؛ إذا أردت أن تعتبر الروايات الثلاث، كما فعلت في قراءة لأعمالي، أنها ثلاثية لك ذلك. أقصد، هنا، إلى القول إن القراءات هذه ممكنة جميعها. إذا أردت أن تعتبرها كتابة عن المكان، في المقام الأول، لك ذلك؛ فالنص دائماً مفتوح أمام قراءات عديدة، وهو في النهاية عندما يكتبه كاتبه ينفصل عنه، يصبح ملكاً لقرائه ويصبح هونفسُه واحداً أيضاً من قرائه.
س: في رواية «صيف جليدي» نجد كاتبها مشدوداً إلى ذلك الزمن. هل هو حلم لازال ساكناً في الذاكرة؟ أم قد تكون الكتابة عنه تحرراً منه؟ أو أنه شهادة على نشيد مرحلة تبتدئ مع منتصف السبعينيات وتنتهي مع موت الزعيم الاشتراكي عبد الرحيم بوعبيد؟
ج: لك أن تعتبر النص احتفاءً بمرحلة وبرموزها، وربما حتى خطاباً موجهاً إلى جيل جديد، مداره على القول إن وارءكم تاريخاً غنياً، وعليكم أن تعودوا إليه فتقرؤوه. هذا إذا ما افترضنا أن الهاجس البيداغوجي فيَّ أنا كأستاذ يوجد في مكان ما في ذلك النص الروائي، لكن النص قطعاً احتفاء بمرحلة. يكفيني أن أصدقاء كثر خارج المغرب؛ في لبنان، في مصر، في فلسطين، في سورية...الخ، قالوا لي بعد أن قرأوا رواية «صيف جليدي» نحن تعرفنا على حقبة سياسية من تاريخ المغرب كنا نجهلها، فقلت لهم أنا لم أخترع هذه الحقبة، هذه الحقبة موجودة فعلاً، وما كتبته هو غيض من فيض هذه الحقبة. فعلاً عشنا هذا كله في سنوات السبعينيات وبدايات الثمانينيات. فيمكنك بهذا المعنى أن تعتبره احتفاءً. طبعاً اعتبرت أن وفاة القائد الكبير عبد الرحيم بوعبيد في مطلع سنة 92 هو بمثابة حقبة جديدة طوت الحقبة التي قبلها، وفعلا أنا لم أخطئ، أعتقد أنني لم أخطئ لأنه بعد 92 دخلنا عداً عكسياً تراجعياً نحو قاعٍ لا قاع له، كلما وصلنا إلى القاع، اكتشفنا أن هناك قيعان أخرى ما تزال أمامنا أو تحت أقدامنا!
س: اللافت للانتباه في أعمالكم الفكرية والسياسية والأدبية هو وجود خيط ناظم لها، وكأن كل رواية تحيلك على عمل كتاب فكري إذا جاز التعبير، هل هذا يعني أن الرواية فتحت لكم عالماً خصباً للقول أم إن المسألة لا تروم ذلك؟
ج: لا؛ باختصار كما يقول إخواننا المشارقة «الواحد ما بيطلع من جلدو». تكتب أدباً ثم تكتشف أن شخصيتك فيه، الفكرية والسياسية وغيرها... لا تستطيع أن تخترع ماهية من ورق. قد يكون المرء في علم النفس اليوم لا يتحدثون فقط عن ازدواجية الشخصية وإنما يتحدثون عن تعدد الشخصيات في الشخص الواحد. وكثيرون يسألونني، لماذا هذا الشغف بالموسيقا؟ أقول لهم أنا هكذا أجد نفسي في الفكر، وفي السياسة، وفي الموسيقا، وفي الشعر، وفي الرواية، ومن أسفٍ لا أجدها في الفن التشكيلي. وأعترف أن لدي، كما قلت لك في السابق، قدرٌ ما من ثقافة الأذن، فيما ليس لديّ من ثقافةِ العين حظّ يرضيني. كيف تتجاور هذه الشهْوات والأهواء في شخص المرء الواحد؟ أنا لا أستطيع أن أفسرها لكنني أعرف أنها تتجاور عندي، ولا يمكنني على الإطلاق أن أستغرق في نص فكري في اليوم الواحد من دون أن أقرأ النص السياسي، وأستمع إلى السمفونية، وأقرأ الشعر في آخر الليل، أو أقرأ القرآن وما إلى ذلك. كما لا يمكنني أن أستغرق اليوم كله في نص أدبي وأهجر النص الفكري، أو النص السياسي، هذه جميعها تتجاور في شخصيتي، وبكل تأكيد تلتقي في مكان ما. بعض الإخوة نبهوني إلى أنه حتى في المقال السياسي، أو في النص الفكري، يعني أقوم بما وصفني به الصديق الأستاذ مطاع صفدي من «تهويةٍ» للنص الفكري أو النص السياسي بمفردات أدبية حين أزج بالأدب في السياسة. وهذه أمارسها بتلقائية، بتلقائيةٍ تدخل الجملة الأدبية في نص فكري أو في نص سياسي من دون تقصُّدٍ أو تكلُّفٍ. أعتقد أنه يمكنك أن تستخرج موقفاً سياسياً لأديب مثل عبد الرحمن منيف، أو أدونيس، أو محمود درويش، أو نبيل سليمان، أو محمد الأشعري، من نصه الأدبي بكل يسر؛ لا يستطيع أن «يخرج من جلده»، وفي المقابل، تستطيع أن تستخرج الرؤية الفكرية الأدبية من نص فكري لمحمود درويش: تقرأ له نصاً أدبياً لنقل مثلا «أحد عشر كوكبا على آخر المشهد الأندلسي»، وتقرأ فيه نصاً فلسفياً وجودياً من الطراز الأول. فإذن، هذا التجاور طبيعي، وهو تفاعل بين الفكري والسياسي والأدبي في شخصية الكاتب. و حينما تقرأ لوي ألتوسير، أو تقرأ ميشيل فوكو،أو تقرأ، قبلهما، نيتشه فأنت تقرأ لأدباء من الطراز الأول؛ هؤلاء ليسوا فلاسفة فقط؛ هؤلاء بزُّوا الأدباء في في صناعة اللغة والقول.
س: هناك موضوعة حاضرة في أعمالكم الروائية وهي النهايات هل نحن اليوم أمام سؤال النهايات؟ نهاية المثقف والحلم والثورة والسياسة والتاريخ إلى غير ذلك...
ج: أنا لا أقصد من ذلك إلى القول بأننا ذاهبون دائماً نحو النهايات؛ وإنما صادف أن أعمالي الأدبية تُكتَبُ على مفصلٍ تحوُّلٍ ما في المجتمع المغربي، فيبدو هذا المفصل وكأنه بداية حقبة أخرى. ولكن أنت تستطيع أن تقول إن النهايات حاضرة في هذه النصوص التي كتبتها، الروايات على الأقل؛ تشييع عبد الرحيم بوعبيد في «صيف جليدي» كان نهاية حقبة تاريخية مثلاً، إخفاق حركة عشرين فبراير في رواية «الحركة» كان نهاية تاريخية، النهاية المأساوية التي انتهى إليه عبد الرحيم في شباك الإرهاب في «سراديب النهايات»، قد يجوز لك كقارئ للنص أن تفترض ذلك، لكن أنا لم أكتب بهذا الهاجس لكي أقول إن امورنا تذهب إلى النهاية، وإنما كتبت في مفاصل تاريخية، مراحل مفصلية في تاريخ المغرب، نهاية السبعينيات، وبداية الثمانينيات كانت مرحلة مفصلية؛ الحركة، حركة عشرين فبراير أتت كحركة في لحظة مفصلية بين نظام قديم يتداعى ولكنه يتمسك بالبقاء، ومطالب جيل جديد تصطدم به في مناخ من الحراك الاجتماعي والشعبي على مدار الوطن العربي؛ هذه ايضاً لحظة مفصلية، في بن جرير سوف تعيش مرحلة الانتقال من البادية/ القرية الوادعة التي تعيش على موروثها إلى فضاء مفتوح على منظومات قيم أخرى. شخصيات مثل تلامذة السي محمد، الذين سوف ينتهون إلى أحزاب اليمين، أو شخصية مهدي الذي سوف ينتهي إلى المخدرات أو المتاجرة بالمخدرات، وعبد الرحيم الذي سوف تأخذه الهجرة نحو الشبكات الإرهابية، هذه كلها تعني أن ثمة تغيرا يحصل في النسق، نسق القيم الاجتماعي في هذه المنطقة المهمشة، وأن تيارات ومؤثرات المجتمع المديني تخترقها، ولكن تخترقها بشكل سلبي. فلك، إذن، أن تقرأها بالفرضية التي شئت.
س: لقد أبدعتم ببراعة فائقة في وصف شخوص رواياتكم في أزمنتها المختلفة إلى حد أنها تكون أقرب من قارئها ليراها وتراه، والمذهل هو البلاغة التصويرية التي وصفتم بها الجسد المتطرف في أبعاده المتعددة. القارئ في تساؤل عن الكيفية التي توصل بها الكاتب إلى تشخيص ذلك وكأنكم عشتم بالقرب منهم كيف تفسرون ذلك؟
ج: أما أنني عشت بالقرب منهم فلا أدعي ذلك، لكن أعرف من اتصالي بجمهور كبير من الحركات الإسلامية في الوطن العربي، أن نظام القيم المغلق داخل هذه البيئة يمكن أن يُنتج مثل هذه النماذج، أما أنني أبدعت أو برعت في تصويرهم فهذا متروك لك وأنا أشكرك على ما تكيله من مدائح لي في هذا السؤال ولا أعتبره سؤالا بل أعتبره تحية.
س: فعلاً أستاذي، قدرة لا يمتلكها حتى الناس الذين بدأوا الكتابة الأدبية منذ مرحلة بعيدة على الأقل في المغرب. هناك أمثلة كثيرة، لديك الدقة في الوصف حتى أن المكان والشخصيات تقربها بشكل كبير، حتى أن القارئ يخال أنها قريبة منك وأنها أمامك تراها وتراك، يعني أنه ليس هناك أي حجاب بينك وبينها.
ج: أعتقد أن هذه باختصار مسؤولية أدبية أخلاقية على الأديب؛ وهي أن يأخذ موضوعه بالقدر الأقصى من الجدية، لأنه يخاطب قارئا ينبغي أن يحترم ذكاءهُ. ماذا أضيف أنا إذا سلقت شخصيات سلْقاً وقدمتها في رواية، ماالذي أبغيه من وراء ذلك؟ أن أبيع روايتي؟ أنا قلت لك سابقاً أنا لا أنشر إلا ما أشعر بأنني راضٍ عنه، ولذلك أحياناً أكتب فِقَرًا في النص الروائي، وهذا ما يحصل لي حتى في النص الفكري، أكتب فِقرًا ثم أحرقها وأعيد كتابتها من جديد حتى لا أحتفظ بها، حتى لا أظل أسير النص الأول الذي كتبت احتراماً لفعل الكتابة، لأن فعل الكتابة إما أن يضيف وإما أنه لا يستحق أن ينشر؛ إذا أخذت شخصية علي، أن أتصرف مع هذه الشخصية وكأنني أصنعها حجرا حجرا بكل التفاصيل وكل الدقائق، إذا تحدثت عن عالمها النفسي، عليَّ أن أغوص في هذا العالم بالتفصيل لكي يكون قارئ النص مقتنعاً بأن هذه الشخصية تستحق أن تجد مكاناً في الرواية، وأنّها ليست ضيفاً ثقيلاً على أحداثِها. هناك الكثير من الشخصيات ? وأنت تعرف ذلك - التي ما إن تنتهي من قراءة الرواية حتى تقول وما محلها من الإعراب في هذه الرواية؟ ليست مقنعة، الشخصية غير المقنعة ينبغي أن تقتلها قبل أن تنشر كتابك، هذه واحدة. الثانية أعتقد أن الرواية ينبغي أن تكون دائماً قادرة على أن تخلق التوازن الضروري داخلها بين لغة السارد وبين الحوار، وقلما تجد هذا التوازن في النص الروائي العربي. كنا نجده عند الكبار عند نجيب محفوظ، عند جبرا إبراهيم جبرا، عند عبد الرحمن منيف، عند جمال الغيطاني، ولكننا لم نعد نجد هذا التوازن في النص الروائي اليوم. وهذه مَثْلَبَةٌ في الكتابة الروائية العربية، حتى أن بعض الروائيين تخلَّى تماماً عن الحوار وأصبح السارد هو الذي يسيطر، السارد هو البطل، وهذه مثلبة مضاعفة ! كلما كنت مخلصاً في الكتابة الدقيقة عن الشخصيات الروائية، أشعرت قارئها بأنك قريب من هؤلاء الناس.
س: أنا سُئلت مرات عديدة، هل عليّ الزهراوي هو أنت؟ قالتها لي بنتي...
ج: وأنا أجبْت؛ كنت أتوقع مثل هذا، ولذلك أخرجته من فاس إلى الرباط، وأخرجته من اليسار إلى «الاتحاد الاشتراكي» حتى لا يقال إن هذه سيرة ذاتية، والأنكى والأمرُّ أن أصدقائي الذين كانوا يعرفونني؛ الروائي السوري الكبير نبيل سليمان، صاحب رواية «السجن»، كتب نصاً ربما سوف تعثر عليه إذا دخلت على الإنترنت، عن رواية «صيف جليدي».ومع معرفته لي قال: ربما الرواية سيرة ذاتية للصديق فلان. لا،هي ليست سيرة ذاتية، ولكن كلما أخلصت في الكتابة وصنعت شخصيات مقنعة في الرواية، ظن قارئك خطأ أنّ ثمة صلة اتصال ما بين الكاتب الروائي وبين هذه الشخصية. وهذا خطأ كأنك لا تستطيع أن تكتب إلا عن وقائع عشتها، وهذا ليس شرطاً.
س: ولكن شخصية علي قريبة منك .
ج: ربما، وعبد الرحمن في «سراديب النهايات» قريب مني لكنه أرفعُ منّي نفساً، حسن قريب مني، وأمجد قريب مني...
س: في جملة دالة تقولون ما معناه إن موت الزعيم الاشتراكي المغربي عبد الرحيم بوعبيد هو نهاية المرحلة، ماذا يعني هذا القول؟
ج: يعني أن الفترة التي رحل فيها الراحل الكبير عبد الرحيم بوعبيد، هي الفترة التي بدأت السياسة والعمل الحزبي يشهدان فيها اندساساً غير محسوب لمنظومة قيم كانت برانية على العمل السياسي والعمل الحزبي في المغرب، لعله آخر الكاريزمات الكبيرة في تاريخ المغرب، هو والقائد الراحل عبد الله إبراهيم آخر القادة والكبار التاريخيين، والأستاذ عبد الرحمن اليوسفي يمكن أن يحسب في جملتهم وإن كانت قامة عبد الله إبراهيم وعبد الرحيم بوعبيد لا تُضاهَيان. وعلى كل حال، المحك ليس كلاماً، المحك هو ما حصل في المغرب فعلاً بعد سنة 1992، والمآلات التي انتهى إليها العمل الحزبي والعمل السياسي في المغرب، فلم أكن أخترع مآلاً دراماتيكياً حينما كتبت ما كتبت، علي نفسه - علي الزهراوي - هو نفسه أَيِسَ من العمل السياسي وطلَّقَه بالثلاث، ولكنه أصَرَّ على أن يحضر جنازة عبد الرحيم بوعبيد. بقي هذا الرجل التاريخي هو الخيط الذي يربطه بالعمل السياسي. ولكنه في قرارة نفسه اكتشف أن لا أمل في الذهاب في هذا المنحى الذي كان فيه، فقطع علاقته بالحزب، وبالعكس أصبح يستغرب كيف أن وفاء، حبيبته، أصبحت متعاطفة مع «الاتحاد الاشتراكي» هي الآتية من بيئة اجتماعية وثقافية مختلفة. الأمر نفسه حصل لحسن مع أبيه؛ هذا الاب الخَوَّاف، الذي ترتعد فرائصه ما إن يسمع عبارة سياسة، أصبح متعاطفاً مع حركة عشرين فبراير في الوقت الذي سوف يجد حسن نفسه في ضائقة من أمره معها فيَفْرَنْقِعُ عن رفاقه فيها.
س: هل انتهينا من مرحلة القادة، والكاريزما السياسية، ليس عندنا فقط، ولكن في العالم؛ وأصبحنا أمام غوغائيين بطريقة أو بأخرى؟
أنا هنا أستأذنك في أن أخرج من الأدب إلى الفلسفة وعلم الاجتماع، عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر تحدث عن ثلاثة مصادر للشرعية؛ ما سماه بالشرعية التقليدية، والشرعية الكاريزمية، ثم الشرعية العقلانية. طبعاً موقفه مما يسميه بالشرعية الكاريزمية موقف سلبي، وأنا لا أشاطره هذا الموقف، وأعتقد أن الرأسمال الكاريزمي في السياسة رأسمال غير قابل للتجاوز، ولا يمكن حتى للشرعية العقلانية التاريخية أوللشرعية الدستورية الديمقراطية أن تتخطاه، ولست أقصد بذلك أن لهذا الرأسمال قدرة على البقاء، في مجتمعات كمجتمعاتنا ما تزال تؤمن بالزعامة وهيبتها وقداستها، بل وحتى في داخل الغرب. من يستطيع الآن أن ينزع من عقل أي مواطن أمريكي كاريزما أبراهام لينكولن أو جورج واشنطن؟ من يستطيع أن ينزع من رأس أي فرنسي كاريزما شارل دوغول؟ أو أي بريطاني كاريزما تشرشل؟ لا يمكن. كيف يمكن أن تنزع كاريزما يسوع من كل العقل المسيحي، وليس فقط نحن المسلمون، لأن الكاريزما النبوية كبيرة ولها مكانة خاصة حتى بالنسبة إليهم، حتى بالنسبة إلى غير المتدينين من المسيحيين المحسوبين على المسيحية فقط بالوراثة. فإذن أنا كتبت في أكثر من مناسبة في نصين على الأقل، أحدهما نشر في لبنان في مجلة «بدايات» التي يصدرها الرفيق فواز طرابلسي، نشرت نصاً مطولاً عنوانه «انحطاط العمل الحزبي في المغرب»، وهو كتب في اللحظة التي بدأت فيها قيادات جديدة تفد إلى المؤسسات الوطنية؛ لتعتلي الكراسي التي كان يعتليها قادة وطنيون كبار، وعزَوْت هذا الانحطاط إلى جملة متصلة من العوامل من بينها فقدان الرأسمال الكاريزمي. نحن في المغرب لدينا عبارة شهيرة عند تدهور مستوى القادة، أقصد «ملي كيتقادو لكتاف». ليست هناك رمزية تعصم العمل السياسي من السقوط في الصغائر، انتهت المؤسسة الحزبية في فرنسا بعد فرنسوا ميتران، ما هي نوعية القيادات السياسية التي تصعد ساركوزي هولاند..؟ أي قيمة لمثل هؤلاء الرؤساء بعد أيزنهاور مَن الذين يتقاطرون على البيت الأبيض؟ هناك فقدان تدريجي لمركزية الرأسمال الكاريزمي في الحياة السياسية ينعكس سلباً على الحياة السياسية. لماذا؟ لأنه يفترض، حسب التصنيف الفيبري، أن الرأسمال الكاريزمي يتفكك فينشأ رأسمال جديد هو الرأسمال المؤسسي. نحن فقدنا الكاريزما من دون أن نبني المؤسسية فعدنا إلى ما قبل الكاريزمية، هذا هو المشكل. لذلك أقول، نعم وفاة عبد الرحيم بوعبيد ثم وفاة الأستاذ عبد الله إبراهيم، ومحمد البصري، واعتزال امحمّد بوستة وعبد الرحمن اليوسفي أفقرت هذا البلد، وأقْحَلَتْ حقل العمل الحزبي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.