تنشغل المصالح المركزية في الخارجية المغربية منذ أيام، بوضع لجن الانتقاء للمسات الأخيرة على ملفات ترشيحات مجموعة من موظفي الخارجية لشغل مناصب قنصل عام للمغرب في عدد من التمثيليات القنصلية المغربية في الخارج. وعلمت"الاتحاد الاشتراكي" أن وزارة الشؤون الخارجية والتعاون اختارت القناصل العامين العشرة الذين سوف يلتحقون بمراكز عملهم شهر شتنبر المقبل، وماهي الا مسألة أيام بل ساعات للاعلان عن الاسماء الجديدة إذا ما لم يتم التراجع عنها في آخر لحظة . يذكر أن السلك الديبلوماسي المغربي في الخارج تعزز بعد حركة إعادة الانتشار التي انطلقت ماي السنة الماضية، ب13 قنصلا جديدا شملتهم الحركة الانتقالية للقناصلة العامين برسم سنة 2014، همت بالأساس عددا من دول أوروبا الغربية، خاصة فرنسا وهولندا، وبريطانيا ،بالإضافة إلى بعض الدول العربية، المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة والمغاربية، الجزائر، فيما تعزز سنة 2013 ب11 قنصلا عاما. وكانت مصادر ديبلوماسية كشفت أن السلك الديبلوماسي المغربي في الخارج ستتعزز صفوف رجاله ونسائه ب10 قناصل عامين، وذلك في إطار حركة إعادة الانتشار السنوية لجهاز قنصلي يضم أزيد من 53 قنصلا مغربيا عبر العالم. غير أن عملية التحاق القناصلة المقبلين بالتمثيليات القنصلية المغربية في الخارج لن تمر بالسهولة والكيفية التي مرت بها منذ سنوات، فتزامن عملية الاختيار مع الخطاب السامي الذي وجهه جلالة الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى 16 لعيد العرش المجيد، الذي أفرد فيه جلالته مجالا واسعا للحديث عن القنصليات المغربية، سيجعل منها عملية صعبة جدا ودفعة القناصلة الجدد لن تكون محظوظة كون ثمة من سيكون من السباقين للركوب على الظرفية وتحولاتها ليغطي أخطاءه من كبار الموظفين الساهرين على تدبير الملف القنصلي ليعلنوا قرارات مجانبة للصواب لن تتجه للقضاء على السبب الرئيسي والجوهري "للتسيب القنصلي" ، بل سوف تخلق مجالا للتمويه وربح الوقت لتدارك أخطاء وتأخر ملف الاصلاح القنصلي. وبالموازاة هناك من سيكون محظوظا من القناصلة المرشحين الذين سيطمئنون ان كل الذين هم مغادرون لأجل السياحة في عدد من قنصليات الخارج ما عليهم سوى التراجع امام من هم يودون خدمة الوطن والمواطنين أينما كانوا. إن "التسيب القنصلي" الذي أشار اليه الخطاب الملكي والذي طالما تحدثت عنه الصحافة المغربية في ظل تجاهل تام من قبل المسؤول الأول عن القناصلة على مر العشرية الاخيرة ، يتطلب ليس فتح تحقيقات فقط ، بل الكشف عن مآل التحقيقات التي قامت بها المفتشية العامة لوزارة الخارجية ومديريتها للشؤون القنصلية والاجتماعية. وقد عكس الخطاب السامي لعيد العرش ، التسيب الذي تعيشه بعض القنصليات المغربية في الخارج التي تسير إلى حد الاختلالات التي تعيشها الخارجية المغربية، والتي تسير رأسا نحو مآل عمل لجنة الإصلاح القنصلي وأيضا نتائج الميثاق القنصلي وفعالية عمل مديرية الشؤون القنصلية والاجتماعية في وزارة الشؤون الخارجية والتعاون، التي أقر مسؤولها الأول الأربعاء الماضي بالرباط في لقاء مع المشاركين من أبناء الجالية في احتفالات عيد العرش، "بنقص في التواصل". كما كان مدير مديرية الشؤون القنصلية والاجتماعية في وزارة الشؤون الخارجية والتعاون، مصطفي البوعزاوي قد أخطأ التعبير توقيتا ومكانا، في الوقت الذي يؤكد جلالة الملك على التشبث بالوحدة والهوية الوطنية، حين قال إن التجنيس مع طلب التخلي عن الجنسية الأصل قرار سيادي لدول الاقامة، موضحا في رده على سؤال لمغربي مقيم بتركيا من المشاركين في احتفالات عيد العرش، أن المغربي في هذا الوضع، أي من أجل أن يستفيد من الجنسية المزدوجة، "غادي يكون دار خير فراسو بشكل كبير إلا خبا الباسبور ولاكارت ناسيونال على السلطات الامنية وماطاحتش عليها"، كما قال إن مديرية الشؤون القنصلية والاجتماعية في وزارة الشؤون الخارجية والتعاون تتوصل بأسئلة غريبة جدا من قبل أبناء الجالية المغربية على بوابتها وهي الغرابة التي جعلته يقابلها بتعليق أغرب حين قال "إلا حمق نهزوه وماعدنا عليه لاين". وقد دعا جلالة الملك إلى ضرورة العمل بكل حزم لوضع حد للاختلالات، والمشاكل، التي تعرفها بعض قنصليات المملكة، مجددا حرصه السامي على حماية مصالح أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج. وقال " نثير انتباه وزير الخارجية ، إلى ضرورة العمل، بكل حزم ، لوضع حد للاختلالات، والمشاكل، التي تعرفها بعض القنصليات". مما يبرز مدى عدم قدرة الديبلوماسية المغربية في أن تبدع أسلوبا إصلاحيا خاصا بها يعكس طبيعة وخصوصية العمل القنصلي المغربي. وتابع جلالته قائلا "وقد كنا نعتقد أنهم يواجهون بعض الصعوبات، داخل المغرب فقط. بل إن عددا منهم يشتكون أيضا ، من مجموعة من المشاكل ، في تعاملهم مع البعثات القنصلية المغربية بالخارج"، مبرزا أن بعض القناصلة ، "وليس الأغلبية، ولله الحمد، عوض القيام بعملهم، على الوجه المطلوب، ينشغلون بقضاياهم الخاصة أو بالسياسة". ويوازي اختيار القناصل الجدد تساؤل كبير: لماذا لم يتجاوز عدد المناصب الشاغرة لقنصل عام للمغرب في عدد من التمثيليات القنصلية المغربية في الخارج المعلن عنها في لائحة يونيو الماضي عشرة مناصب بالمقارنة مع لائحة السنة الماضية، كما يصاحبه سؤال هل تم "استثناء" أو "التراجع" عن دعوة البعض من الالتحاق بالمصالح المركزية خاصة في بعض دول أوربا ، حيث كان من المتوقع أن لا يقل عدد المناصب الشاغرةعن عدد السنة الماضية، وكذا الفراغ الذي تعيشه عدد من السفارات المغربية في الخارج التي يديرها منذ مدة طويلة قائمون بالأعمال عوض سفراء، وأيضا عدم فعالية عدد من السفارات في القارة الإفريقية خاصة التي تفتقر للقدرة على مسايرة رهان المغرب على العمق الإفريقي في كل تجلياته. كما أن التساؤل الذي يفرض نفسه هو : ما مآل خلاصات »ندوة القناصلة«، التي جمعت، نونبر الماضي، حوالي 53 قنصلا عاما للمغرب عبر العالم، واختتمت بتوقيع أول ميثاق للقناصلة في تاريخ الديبلوماسية المغربية من أجل قنصليات أكثر انفتاحا وفعالية ما بين وزير الشؤون الخارجية والتعاون، صلاح الدين مزوار، والقناصلة العامين للمغرب بالخارج؟ فعوض أن يتوجه هذا الميثاق إلى تطوير قنصليات أكثر انفتاحا وفعالية عبر سلوك مهني ولبق لأطرها، وتحسين ظروف الاستقبال وجودة الخدمات الموجهة لأبناء الجالية المقيمة في الخارج، وكذا التفاعل معهم ومعاملتهم بشكل يحفظ كرامتهم، يبدو انه يكرس مبدأ"باك صاحبي" وكذلك التستر على الكشف عن القناصلة المنشغلين بقضاياهم الخاصة أو بالسياسة.