قد يتوهم البعض أن المغاربة ينعمون بالأمن والأمان في الشوارع والطرقات، الظاهر يبدو كذلك لكن في العمق لا أحد يشعر بالأمان المطلق عندما يغادر منزله وهو المكان الوحيد الذي يمكن للمرء أن يحس فيه بالأمان النسبي. إن كنت راجلا أو راكبا حتى فلا أحد يضمن لك ألا تتعرض للمضايقات أو للسرقة، لا أحد يضمن لك ألا يعكر يومك متسكع تنبعث رائحة الكحول من فمه وهو يستجدي الصدقة، لا أحد يجعلك في مأمن من اعتداء تتحكم فيه المزاجية... فالشوارع مليئة بالمتربصين، لا أحد يحميك من سلاطة لسان البعض الذين لا يجدون حرجا في «تمتيعك» بوابل من السب والشتم لأتفه الأسباب، لا أحد يقيك من تسلط المتسولين ومن تحرش البائعين وأنت ترتشف فنجان قهوة في باحة مقهى. ترى، من الذي أوصلنا إلى هذه الدرجة من الإحساس بانعدام الأمان في شوارع وأزقة مدننا الكبيرة؟ من الذي حول شوارع الدارالبيضاء إلى غول يثير الرعب في نفس الزائرين وبعض أحياء مدن سلا وفاس إلى مرتع للإجرام و بعض دروب مكناس وغيرها من المدن المغربية التي ترتفع فيها نسبة الإجرام حتى وإن كان بعض الدوائر الرسمية تخفي الأرقام الحقيقية للإجرام بها. ومن حول أحياءنا إلى فخاخ لتصيد المارة؟ إن انتشار ظاهرة الإحساس بانعدام الأمن لا يرتبط بغياب عناصر الأمن، لا يرتبط بالخصاص في العناصر والدوريات الأمنية ولا بالمراكز الأمنية التي صرفت فيها الملايير لتبقى فارغة وتشكل عنوانا لفشل سياسة القرب في الجانب الأمني. /////إنه إحساس يوقع المواطن المغربي في مأزق الحرمان من الحق في الحماية من الإجرام، فأي مواطن يخرج إلى الشارع يصبح مهددا بالسرقة أو بأي شكل آخر من أشكال الجريمة أو المضايقة، وكل امرأة أو فتاة تخرج إلى الشارع إلا وتوصف بالعاهرة وتتعرض بالتالي للمعاكسة والتحرش الجنسي أو الاعتداء إن امتنعت عن تلبية رغبات المتحرش بها. من حقنا الشعور بالأمن في مدننا، من حقنا الاستمتاع بجولات ليلية عائلية بأمن وأمان، من حقنا الاحتجاج على فرض حالة طوارئ غير معلنة في شوارعنا وأزقتنا، من حقنا التبضع والتجول ليلا عوض الارتكان داخل المنزل والتسمر أمام التلفاز أو الإنترنت... لانتوخى التهويل هنا، لكنه مجرد إحساس يحس به كل مواطن ومواطنة في كبريات مدننا، إحساس لا يتبدد إلا بعد العودة إلى المنزل بأمان، إحساس يومي لا يمكن لأحد أن ينكره. من حق المواطن في الشارع المغربي في الأمن والأمان وهو الأمر الذي يستلزم توفير الأمن في مستوياته المختلفة. فهل يتحرك أصحاب القرار من أجل إعادة النظر في السياسة التي تستنبت انعدام الأمن والأمان في الشارع المغربي حتى يطمئن المغاربة على مستقبلهم؟