نتهي بحرب دامية بين تشيلي وجارتها الأرجنتين، تتجدد الخصومة بين البلدين لكن هذه المرة على أرضية الملعب، وذلك عندما يتواجهان يومه السبت في نهائي بطولة كوباأمريكا لمنتخبات أمريكا الجنوبية، التي احتضنتها الأولى منذ 11 يونيو الماضي. «آمل أن يفهم الناس بأن كرة القدم رياضة وليست حربا»، هذا ما قاله نجم الأرجنتين وبرشلونة الإسباني خافيير ماسشيرانو عشية لقاء الجار التشيلي في المباراة النهائية للبطولة القارية، التي ترتدي أهمية بالغة للطرفين، إذ يسعى المنتخب المضيف لدخول سجل الأبطال وجاره اللدود إلى لقبه الأولى منذ 22 عاما. وتابع ماسشيرانو «الماضي هو الماضي. يجب أن نعطي الآن الأولوية للرياضة على السياسة. تشيليوالأرجنتين بلدان شقيقان ويجب أن نظهر احترما متبادلا». ورغم الكلام «الجميل» لماسكيرانو، والذي ردده أيضا مدافع تشيلي أوجينيو مينا بقوله بأنه «من المهم جدا على الفريقين احترام بعضهما»، فإن هذين البلدين بعيدان كل البعد عن «الأخوة»، رغم تقاسمهما حدودا بطول 5 آلاف كلم والتخالط بين المجتمعين، في ظل وجود 60 ألف أرجنتيني في الأراضي التشيلية. وعلى الصعيد الرسمي تصنف العلاقة بين البلدين ب «الممتازة»، خصوصا منذ عودة الاشتراكيين في مارس 2014 إلى الحكم مع الرئيسة فيرونيكا ميشيل باشليه، التي أعادت المودة في العلاقة بين الدولتين، بعد فتورها إبان حكم الرئيس اليميني سيباستيان بينيرا من 2010 حتى 2014. لكن لا يمكن لهذه الأجواء «الرياضية الودية» أن تبعد عن الأذهان ما حصل عام 1978، حين كان البلدان بقيادة الدكتاتورية العسكرية حينها قاب قوسين أو أدنى من الدخول في حرب لا تحمد عقباها، بسبب نزاعهما حول تحديد حدود قناة بيغيل وملكية الجزر الثلاث بيكتون ولينوكس ونويفا، التي تقع عند فوهة هذه القناة. وذلك النزاع لم يكن بالشيء الجديد، لأن الدولتين كانتا متنازعتين منذ عقود على ملكية المناطق الواقعة فى أقصى الجنوب، لكن الأمور لم تصل بينهما إلى هذا الحد من التدهور والتوتر، كما حدث في 1978 حين كان الطرفان على أهبة الاستعداد العسكري لدخول الحرب، لولا تدخل البابا جان بول الثاني للعب دور الوسيط، لتجنيب أميركا الجنوبية بأكملها نزاعا دمويا. ويرجع تاريخ النزاع بين تشيليوالأرجنتين إلى السنوات بين 1880 و 1890، أي منذ حاولت الدولتان تقسيم إقليم بتاغونيا الجنوبي، بينهما تحت إشراف بريطانيا، وبعد أن أعلنت الجمعية الجغرافية الملكية فى لندن أن رأس هورن هي الحد الفاصل بين المحيط الهادئ والمحيط الأطلسي، وقد تم في ذلك الوقت توقيع معاهدة حدود بين الدولتين. وألحق بهذه المعاهدة بروتوكول إضافي عام 1893 ينص صراحة على أن تشيلي ليس لها حق المطالبة بأي شي في المحيط الأطلسي، وكذلك لا يحق للأرجنتين أن تطالب بشيء فى المحيط الهادئ. و التقى الفريقان 24 مرة في هذه البطولة، التي عرفت باسم بطولة أمريكا الجنوبية حتى 1975، ولم تتعرض الأرجنتين لأي خسارة أمام تشيلي فانتصرت 18 مرة وتعادلت في ست. وخسرت الأرجنتين مرة واحدة في مباراة رسمية أمام تشيلي، وكانت في تصفيات كأس العالم في سانتياغو في أكتوبر 2008، وبسبب تلك الهزيمة خسر ألفيو باسيلي منصبه كمدرب للأرجنتين وخلفه دييغو مارادونا. لكن باسيلي كان آخر مدرب أحرز للأرجنتين لقبا، حين قاد تشكيلة على رأسها الهداف غابرييل باتيسوتا للتتويج مرتين متتاليتين في كوباأمريكا 1991 بتشيلي و1993 بالإكوادور. والمرة السابقة الوحيدة التي التقيا فيها في مباراة، يمكن وصفها بالنهائية، كانت في تشيلي عام 195 5 حين فازت الأرجنتين بهدف نظيف، بينما كانت تشيلي تحتاج للتعادل فقط لتتفوق بفارق الأهداف. وشهدت هذه المباراة المأساة الكبرى في تاريخ كرة القدم التشيلية، حين سحق حتى الموت ما لا يقل عن نصف دستة من الأشخاص، في واقعة تدافع من أجل الحصول على تذاكر قبل ساعات قليلة من ركلة البداية.