سانتياغو, 3-7-2015 (أ ف ب) - بعد 37 عاما على النزاع الذي كاد ان ينتهي بحرب دامية بين تشيلي وجارتها الارجنتين, تتجدد الخصومة بين البلدين لكن هذه المرة على ارضية الملعب وذلك عندما يتواجهان غدا السبت في نهائي بطولة كوبا اميركا لمنتخبات اميركا الجنوبية التي احتضنتها الاولى منذ 11 حزيران/يونيو الماضي. "امل ان يفهم الناس بان كرة القدم رياضة وليست حربا", هذا ما قاله نجم الارجنتين وبرشلونة الاسباني خافيير ماسشيرانو عشية لقاء الجار التشيلي في المباراة النهائية للبطولة القارية التي ترتدي اهمية بالغة للطرفين, اذ يسعى المنتخب المضيف لدخول سجل الابطال وجاره اللدود الى لقبه الاولى منذ 22 عاما. وتابع ماسشيرانو "الماضي هو الماضي. يجب ان نعطي الان الاولوية للرياضة على السياسة. تشيليوالارجنتين بلدان شقيقان ويجب ان نظهر احترما متبادلا". ورغم الكلام "الجميل" لماسكيرانو والذي ردده ايضا مدافع تشيلي اوجينيو مينا بقوله بانه "من المهم جدا على الفريقين احترام بعضهما", فان هذين البلدين بعيدان كل البعد عن "الاخوة" رغم تقاسمهما حدودا بطول 5 الاف كلم والتخالط بين المجتمعين في ظل وجود 60 الف ارجنتيني في الاراضي التشيلية. على الصعيد الرسمي تصنف العلاقة بين البلدين ب`"الممتازة" خصوصا منذ عودة الاشتراكيين في اذار/مارس 2014 الى الحكم مع الرئيسة فيرونيكا ميشيل باشليه التي اعادت المودة في العلاقة بين الدولتين بعد فتورها ابان حكم الرئيس اليميني سيباستيان بينيرا من 2010 حتى 2014. "لا يجب على كرة القدم ان تتدخل في العلاقات الوطيدة التي توحد بلدينا", هذا ما شدد عليه الاربعاء وزير خارجية تشيلي هيرالدو مونيوس في محاولة منه لترطيب الاجواء قبل الموقعة المرتقبة على "ستاديو ناسيونال" في سانتياغو. لكن لا يمكن لهذه الاجواء "الرياضية الودية" ان تبعد عن الاذهان ما حصل عام 1978 حين كان البلدان بقيادة الدكتاتورية العسكرية حينها قاب قوسين او ادنى من الدخول في حرب لا تحمد عقباها بسبب نزاعهما حول تحديد حدود قناة بيغيل وملكية الجزر الثلاث بيكتون ولينوكس ونويفا التي تقع عند فوهة هذه القناة. وذلك النزاع لم يكن بالشيء الجديد لان الدولتين كانتا متنازعتين منذ عقود على ملكية المناطق الواقعة فى اقصى الجنوب لكن الامور لم تصل بينهما الى هذا الحد من التدهور والتوتر, كما حدث في 1978 حين كان الطرفان على اهب الاستعداد العسكري لدخول الحرب لولا تدخل البابا جان بول الثاني للعب دور الوسيط لتجنيب اميركا الجنوبية بأكملها نزاع دموي. ويرجع تاريخ النزاع بين تشيليوالارجنتين الى السنوات بين 1880 و,1890 اي منذ حاولت الدولتان تقسيم اقليم بتاغونيا الجنوبي بينهما تحت اشراف بريطانيا وبعد ان اعلنت الجمعية الجغرافية الملكية فى لندن ان رأس هورن هي الحد الفاصل بين المحيط الهادىء والمحيط الاطلسي, وقد تم في ذلك الوقت توقيع معاهدة حدود بين الدولتين. والحق بهذه المعاهدة بروتوكول اضافي عام 1893 اضافي ينص صراحة على ان تشيلي ليس لها حق المطالبة بأي شي في المحيط الأطلسي, وكذلك لا يحق للارجنتين ان تطالب بشيء فى المحيط الهادىء. وكان من الممكن ان ينتهى الخلاف عند هذا الحد لكن المطامع الاقتصادية والسياسية والعسكرية وقفت دائما حائلا دون بلوغ اتفاق نهائي وساعد على الفشل المتكرر لبريطانيا في ايجاد حل يقبله الطرفان, بل اضحت بعد عقود من الزمن من اسباب توتر العلاقة بين الطرفين عندما ساند الدكتاتور اغوستو بينوشيه المملكة المتحدة في حرب الفوكلاند او حرب المالفيناس. وتحتل بريطانيا جزر الفوكلاند الواقعة في جنوب المحيط الاطلسي منذ ,1833 الا ان القوات الارجنتينية غزتها في عام 1982 ما دفع رئيسة الوزراء البريطانية في ذلك الوقت مارغريت تاتشر الى ارسال قوة بحرية لاستعادة السيطرة على هذه الجزر في حرب قصيرة ولكن دموية. وشعر الارجنتينيون بالخيانة نتيجة مساندة بينوشيه للبريطانيين وهم لم ينسوا ما حصل حتى يومنا هذا وابرز دليل على ذلك ان الجمهور الارجنتيني قام بتأليف اغنية خاصة بما حصل في تلك الفترة من التاريخ ولاقت رواجا هائلا على وسائل التواصل الاجتماعي عشية الموقعة الكروية المرتقبة بين الطرفين.