أعلنت المنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات تضامنها مع الشابتين ضحيتي التحرش الجنسي بسوق إنزكان والوقوف إلى جانبهما، موجهة نداءها إلى كل القوى الحية الحداثية والديمقراطية، وكذا مختلف مكونات المجتمع المدني وعموم المثقفين والإعلاميين الغيورين على حاضر هذا الوطن ومستقبله من أجل الوقوف صفا واحدا أمام هدا التراجع الخطير عن المكتسبات، للقيام بوقفة احتجاجية يوم محاكمة الشابتين يوم 6 يوليوز . وقال بيان للمنظمة، توصلنا بنسخة منه، أن الأحداث الخطيرة تشي بنكوصية خطيرة على مستوى تراجع الوعي بدعم من الفكر التقليداني الذي يغذي عقلية الحكومة الحالية، إذ لم يعد الحق للمرأة حتى في حرية لباسها بذريعة خدش الحياء العام، والمغرب كبلد، موشوم بعشقه للحياة وانفتاحه على العالم واحتضانه وتعايشه السلس مع الاختلاف. وأعلنت المنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات بهذا الخصوص تنديدها واحتجاجها الشديدين لما تعرضت له الشابتان من تعسف ومضايقة ، كما عبرت عن غضبها من موقف السلطة تجاه هذه الواقعة، معتبرة ذلك مؤشرا خطيرا على تردي أوضاع المواطنين على المستوى الأمني من ناحية، وعلى مستوى المس بحقوقه الأساسية من ناحية أخرى، وخاصة النساء، وكأنهن آثمات بطبيعتهن . قضية الشابتين أثارت استنكارا واسعا، حيث شهدت العديد من المدن المغربية وقفات احتجاجية. وفي هذا الإطار ، رفع المحتجون بالدار البيضاء، شعارات مناهضة لما تعرضت له فتاتا انزكان بعد أن تم اعتقالهما بأحد الاسواق الشعبية بإنزكان بدعوى لباسهم غير المحتشم، أي بتهمة الإخلال بالحياء العام . وخلفت هذه القضية غضبا من طرف المجتمع المدني والسياسي والحقوقي، مستنكرا ما تعرضت له فتاتا إنزكان، بعد اعتقالهما و إحالتهما على الشرطة التي وضعتهما في المخفر، وتقرر بعدها متابعتهما في حالة سراح، كما تم استنْكارها من طرف المشاركين في الوقفة الاحتجاجية المنظمة بالرباط بعد إقدامَ النيابة العامّة بمدينة أكادير على متابعة الفتاتيْن، مُردّدين شعار "إدانة شعبية للمحاكم الداعشية"، كما انتقدوا وزارة العدل والحريات، التي تتبعُ لها النيابة العامّة. وحمل الممثل المغربيّ محمد الشوبي مسؤولية الواقعة لحزب العدالة والتنمية القائد للتحالف الحكومي، بسبب الأفكار المحافظة التي يُروّج لها الحزب، وانتقد الشوبي تعاطي الشرطة مع القضية، قائلا "هذه القضية لمْ تُرتّب في إطار القضاء، بل في إطار العقلية الذكورية، فرجال الشرطة تعاملوا بمنطق ذكوري وليس بمنطق القانون، إذ عوض أن يحموا الفتاتيْن، حمّلوهما مسؤولية التحرش الذي طالهما، وهذا هو الخطير، حيث يتجاوز رجل الأمن اختصاصاته ويحكم من منطلق نظرة ذكورية وليس بالقانون"، ودعا الشوبي المدير العام للأمن الوطني عبد اللطيف الحموشي إلى محاربة "العقلية الذكورية" في صفوف عناصر الشرطة وحثّهم على التعامل بالقانون. وفي مراكش وقف حشد كبير من أنصار الحرية والمدافعين عن حقوق الإنسان ليلة الأحد 28 يونيو 2015 أمام المسرح الملكي، تضامنا مع الفتاتين ضحيتي التحرش الجنسي بسوق إنزكان، بعد تعرضهما لانتهاك صريح لحريتهما إثر قرار النيابة العامة متابعتهما بتهمة الإخلال بالحياء العام، عوض متابعة المعتدين عليهما. وتقاطرت جموع كبيرة من النساء والرجال على الساحة المتواجدة قبالة بوابة المسرح الملكي ، للتعبير عن تضامنهم المطلق مع ضحيتي هذا الانتهاك الخطير، الذي يشي بنكوص مقلق، سمته الأساسية الهجوم على الحريات الفردية وترسيمه بذرائع قانونية ضعيفة . وردد المشاركون في الوقفة التضامنية شعارات عبروا من خلالها عن رفضهم التضييق على الحريات الفردية والمساس بها، مطالبين بحمايتها وسد كل منافذ خلق الالتباس التي تحول القانون إلى سيف مسلط على أعناق المواطنين بقصد الحد من حرياتهم الشخصية والتحكم فيها. وفي ظل مشاركة لافتة للنساء في هذه الوقفة التضامنية، تعالت حناجر المحتجين بشعارات منددة بالمحاولات اليائسة لدَعوَشة المجتمع، وفرض وصاية رؤية الظلاميين عليه، وتأويلهم العقيم للدين الإسلامي، الذي تحول على أيديهم إلى عقيدة مملوءة بالتعطش للدم والعنف الأعمى والحقد القاتل ومعاداة الحياة ونبذ المكتسبات الإنسانية التي حررت الفرد والجماعة، ومكنت الإنسان من حقوقه وحرياته . ومن الشعارات التي ترددت في الوقفة : " هذا المغرب وحنا ناسو ، والداعشي يجمع راسو "، و "لا بديل لا بديل عن الحرية والمساواة " و"مغربي حرر عقلك الداعشي جاي يحركك "، "يا إرهابي يا ملعون تونس في العيون " و "ناضل من أجل الحرية ، ناضل ضد الرجعية "، و "رفضنا الجماعي للإرهاب الرجعي " و"إسلام الجماهير ، لا إسلام المجازر"، و" ظلامي برا برا ، والمغرب أرض حرة "، و "يا سناء ويا سهام سنواصل النضال " .. وحمل المشاركون في الوقفة لافتات بعبارات جد دالة تعبر عن التمسك بالحريات الفردية، والرفض الصارم لأي مس قد يطالها تحت أي مبرر كيفما كانت طبيعته. ومن هذه الشعارات : "التحرش ليس حقا ، ولكن ارتداء التنورة حق " و"ممنوع المنع "، و"ارتداء التنورة ليس جريمة" و"نساء أحرار، رجال أحرار، في وطن حر "، و "لا لقمع الحريات الفردية، لا للإرهاب الفكري " و" لا لكل أشكال العنف ضد النساء "، و"تضامن مع كل نساء العالم " و"الإرهاب يبدأ بالتضييق على الحريات " .. وانضم بعض الأجانب إلى الوقفة التي عرفت مشاركة عدد من اليساريين وفي مقدمتهم مناضلو الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، و حقوقيون ومثقفون وفنانون وجامعيون وعدد من الطلبة وفعاليات من الحركة النسائية . واعتبر المشاركون في الوقفة ما تعرضت له سناء وسهام بإنزكان ، ضربة لوعود دستور 2011 الذي أكد أن المغرب بلد الحقوق والحريات، فإذا به يتحول إلى بلد ينكل فيه بالناس ويدفعون للمحاكمة بسبب ذوقهم في اللباس، وهو ما يشكل تراجعا يدعو إلى كثير من القلق. وحذروا من أن تحريف مسار القضية بتحويل الضحيتين إلى متهمتين، والتغاضي عن المعتدين عليهما، يمثل استسلاما للمؤسسات التي أوكل إليها تطبيق القانون أمام مزايدات بعض المتطرفين والظلاميين وأعداء الحرية والمساواة والكرامة . وأثار الاعتداء الذي تعرضت له سناء وسهام بسوق إنزكان، وما ترتب عنه من تحريف للقضية بمتابعة الضحيتين وبسبب لباسهما، موجة غضب كبيرة في مختلف ربوع المملكة، رافقها تضامن واسع مع الضحيتين اللتين انتهكت حريتهما الشخصية انتهاكا جسيما .