ندّدَ عشراتُ المواطنين والمواطنات ضمْنهم حقوقيون وسياسيون وفنانون وفاعلون مدنيّن بقوّة، خلال وقفة احتجاجية مساء الأحد أمام مقر البرلمان بالرباط، بقرار متابعة فتاتيْن بمدينة إنزكان بتهمة "الإخلال بالحياء العامّ"، إثرَ توقيفهما داخل أحد أسواق المدينة قبْل أيام من طرف الشرطة بداعي ارتداء لباس "غير لائق"، وهوَ القرارُ الذي خلّف موجةً من الرّفض انطلقتْ من مواقع التواصل الاجتماعي لتنبثق عنها وقفات احتجاجية نُظّمتْ أولاها يوم السبت الماضي بمدينة أكادير. واستنْكرَ المشاركون في الوقفة الاحتجاجية إقدامَ النيابة العامّة بمدينة أكادير على متابعة الفتاتيْن، مُردّدين شعار "إدانة شعبية للمحاكم الداعشية"، كما انتقدوا وزارة العدل والحريات، التي تتبعُ لها النيابة العامّة. وقالتْ خديجة الرويسي، النائبة البرلمانية في حديث لهسبريس، إنّ وزيرَ العدل والحرّيات يتحمّلُ نصيبا من المسؤولية في القضية، على اعتبار أنّه هو رئيسُ النيابة العامّة، مؤكّدة أنها ستطرحُ سؤالا آنيا في البرلمان حوْل هذا الموضوع. ووصفت الرويسي متابعة الفتاتيْن ب"الاعتداء الخطير على الحرية"، مشيرةً إلى أنَّ الذي ينبغي التفكير فيه هو المخاطرُ التي يُمْكنُ أن تتلوَ التسامح مع مثل هذه القضايا، "فنحنُ نعرف بداية هذه القضية، ولكننا لا نعرف مآلها"، تقول الرويسي، معتبرة ما حدث "تراجعا خطيرا عن الحقوق والحريات المكفولة للنساء"، وطالبَ المشاركون في الوقفة الاحتجاجية، الذين وصفوا متابعة فتاتي إنزكان ب"الشوهة العالمية"، بإقرار المساواة بين الرجال والنساء، مردّدين شعارات مثل "باراكا من الاستفزاز... المساواة هي الأساس". الممثل المغربيّ محمد الشوبي حمّلَ مسؤولية الواقعة لحزب العدالة والتنمية القائد للتحالف الحكومي، بسبب الأفكار المحافظة التي يُروّج لها الحزب، وانتقد الشوبي تعاطي الشرطة مع القضية، قائلا "هذه القضية لمْ تُرتّب في إطار القضاء، بل في إطار العقلية الذكورية، فرجال الشرطة تعاملوا بمنطق ذكوري وليس بمنطق القانون، إذ عوض أن يحموا الفتاتيْن، حمّلوهما مسؤولية التحرش الذي طالهما، وهذا هو الخطير، حيث يتجاوز رجل الأمن اختصاصاته ويحكم من منطلق نظرة ذكورية وليس بالقانون"، ودعا الشوبي المدير العام للأمن الوطني عبد اللطيف الحموشي إلى محاربة "العقلية الذكورية"في صفوف عناصر الشرطة وحثّهم على التعامل بالقانون. من جهته قالَ عبد الحميد أمين، عضو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في حديث لهسبريس، إنّ أصْل الموضوع لا علاقة له باللباس الذي ارتدتْه الفتاتان المتابعتان، بل بالتحرّش الجنسي المتفشي في المجتمع، والذي تحوّل إلى اعتداء في حقّ الفتاتيْن، أثناء تجوّلهما في مدينة إنزكان، "وهذا يعبّر عن وجود مناخ غير سليم في بلادنا، ناجم عن وجود عدد من الأفكار الظلامية التي أصبحت تسود في المجتمع، والتي ينبغي التصدّي لها، قبل أن يتحوّل أصحابُ هذه الأفكار إلى تيار فاشستي يستهدف المرأة في البداية، ثم الحقوق الفردية والجماعية مستقبلا"، يقول أمين. وانتقدَ أمين بشدة تعاطي الشرطة والنيابة العامّة مع القضية واصفا إيّاه ب"المُخزي"، وأضافَ أنّ من يجب أن يُتابع ليس هما الفتاتان اللتان تعرّضتا للتحرش، بل الأشخاص الذين اعتدوا عليهما، والشرطة التي اعتقلتها والنيابة العامة التي أمرتْ بمتابعتهما، وانتقد أمين موقف وزارة العدل والحريات، قائلا إنّ الوزارة كان عليها بمجرد الاطلاع على القضية أن تعطي الأوامر بإلغاء المتابعة، "لأنّ المطلوب ليس هو وقف المتابعة بل إلغائها". من جهة أخرى، نقلتْ وسائلُ إعلام عن وزير العدل والحريات مصطفى الرميد قوْله إنّه لم يطّلعْ على ملفّ القضية، رافضا الإدلاء بأي تعليق طالما أنّ القضية أمام القضاء"، ومن المنتظر أنْ تمثل الفتاتان المُتابعتان بتهمة "الإخلال بالحياء العام" أمام المحكمة الابتدائية بمدينة أكادير يوم 6 يوليوز القادم، في وقت تتنامى فيه المطالبُ بإلغاء متابعتهما. وكان الأمين العامّ لحزب التقدم والاشتراكية نبيل بنعبد الله قد كشف أوّل أمس السبت أنّ أحزابَ الأغلبية الحكومية لا تتفقُ مع متابعة الفتاتيْن.