تراجعت أسعار الطماطم العالية الجودة إلى أقل من درهم واحد للكيلوغرام وبالموازاة مع ذلك ارتفعت أسعار مشتقات الحليب كالجبن إلى مستويات عالية، أما باقي المواد فخضعت أسعارها بدورها إلى تقلبات انعكست إما سلباً أو إيجاباً على القدرة الشرائية للأسر, تأرجح الأسعار يجد تفسيره بشكل عام في انعكاسات التقلبات المناخية على الإنتاج وعلى التسويق ومن هذا المنطلق فإن أسعار الطماطم مرشحة للارتفاع في الأيام القريبة المقبلة. استناداً إلى مصادر حسنة الاطلاع فإن الثلوج التي تهاطلت بغزارة وأسفرت عن شل حركة نقل الشاحنات في بعض دول الاتحاد الأوربي ليس لها أي تأثير على وفرة الطماطم بالسوق المغربية بدليل أن الصادرات إلى الاتحاد الأوربي إما عادية أو تزيد بقليل عن المعتاد، أما الانخفاض المسجل مند يومين والذي أسفر عن تراجع الكميات المصدرة من حوالي 2500 طن في اليوم إلى ما بين 1000 و 1500 طن في اليوم، فيجد تفسيره في موجة البرد التي ضربت مراكز الإنتاج بالمغرب وفي ما تلاها من تأخر في النضج. نفس المصدر أوضح أن تدني أسعار الطماطم العالية الجودة إلى ما بين 0.70 و 0.8 درهم للكيلوغرام يعود بشكل خاص إلى ما تعرض له المنتجون خلال الموسم السابق من أضرار بفعل آفة ذبابة توتا ابسولوتا، إذ صارت القناعة السائدة هي أن زراعة الطماطم لم تعد ممكنة في الحقول العارية، وتبعاً لذلك تم تخصيص حوالي 1500 هكتار من الحقول المغطاة للسوق الداخلي وهو ما سمح بالتموين بأسعار في المتناول طيلة الفترة الممتدة من ماي إلى شتنبر، بما في ذلك شهر رمضان المبارك، ومند شهر أكتوبر عادت الأسعار للارتفاع متأثرة بإعادة الغرس الذي وصل مرحلة الإنتاج ابتداء من منتصف دجنبر 2010، فما ينتج اليوم كان من المفروض أن ينتج في أكتوبر، والتخلي الاضطراري عن الإنتاج الشتوي هو الذي أسفر عن تموين السوق الداخلية في الأيام الأخيرة بحوالي 4 آلاف طن في اليوم عوض المعدل العام الذي يقدر بحوالي 2200 طن في اليوم. بالنسبة لارتفاع أسعار مشتقات الحليب، وخاصة منها الجبن المستورد، ظل الغموض هو المهيمن على الآليات المتحكمة في تحديد الأسعار،وضل الاحتكار هو التفسير الأكثر قرباً من الحقيقة، ذلك أن مجموعة من الشركات المصنعة لأجود أنواع الجبن اضطرت إلى عرض 5 علب بنصف أورو في بعض الأسواق الباريسية، وهو سعر جد مغري وكان من المفروض أن يستغل في تموين السوق المغربية الداخلية بالكميات التي تؤمن التسويق بأسعار في المتناول علماً بأن الوسائل اللوجيستيكية المعتمدة في تسويق الطماطم المغربية بالأسواق الأوربية قادرة على نقل الجبن الأوربي وغيره من السلع التي تدنى سعرها إلى الأسواق المغربية في شروط تؤمن استهلاكها قبل حلول موعد انتهاء صلاحيتها. لقد تحولت التقلبات المناخية إلى متحكم قوي في تحديد الأسعار عند الاستهلاك، وتأثيرها لم يعد يقتصر على الأوضاع داخل التراب الوطني وإنما صار يتسع ليشمل كل مراكز الإنتاج والاستهلاك، وبالوقوف عند آخر المعطيات يتبين أن مستوى التساقطات المطرية خلال السنوات الثلاث الأخيرة وفر للمنتجين المزيد من وضوح الرؤيا مادام أن الفرشة المائية الباطنية عوضت الخصاص الحاد المسجل بفعل توالي سنوات الجفاف في حين أن نسبة امتلاء السدود استقرت في مستويات مريحة، وإذا كانت النسبة المسجلة يوم فاتح يناير قد تراجعت من 78.1% سنة 2010 إلى 76.1% سنة 2011، أي ما يعادل 12025.5 مليون متر مكعب فإن السبب في ذلك يعود إلى تفريغ السدود التي تسببت خلال السنتين المنصرمتين في الفيضانات بالغرب إذ رغم ارتفاع نسبة التساقطات المطرية فإن حقينة سد الوحدة انحصرت في 1878.2 مليون متر مكعب بعدما كانت قد بلغت 2920.6 مليون متر مكعب. إن التقلبات المناخية التي تحولت إلى متحكم قوي في تقلبات الأسعار صارت تفرض المزيد من التنسيق بين مختلف المعنيين بإنتاج وتسويق المنتجات الفلاحية ومشتقاتها، فكما أنه ليس من مصلحة المستهلك أن تعرض السلع بأسعار مرتفعة فإنه ليس من مصلحته كذلك أن يستمر الانخفاض إلى أن يضطر المنتج إلى التخلي عن الإنتاج والتوجه نحو زراعات أكثر مردودية حتى وإن لم تكن قابلة للتسويق في السوق الداخلية.