رفعت المعارضة الجزائرية من سقف انتقادها للنظام بقيادة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، حيث قال رئيس الحكومة سابقا، مولود حمروش، في حوار مع جريدة الخبر": "الحقيقة الثابتة بأنه" النظام" صار منتهي الصلاحية". واضاف حمروش "نحن في دكتاتورية اللاسلطة وانعدام النجاعة. كيف يمكننا الحديث عن سلطة قوية بينما هي عاجزة عن حل مشاكل بلدية". واتهم المسؤول الجزائري النظام بانه " يملك قدرة فائقة على توظيف الانشقاقات والنقائص في جسم المجتمع، لإطالة الوهم ولإبقاء الوضع على حاله". واعتبر كذلك الحكم في الجزائر بانه " ديكتاتوري" وأن" كل ما يشاع من صراعات داخل النظام مجرد أوهام ". وحذر حمروش من أن بقاء الوضع على ما هو عليه سيؤدي إلى "حالة الانفجار والانهيار" .ورسم مولود حمروش صورة سوداء عن وضع النظام، فقال: "إننا أمام نظام انتهت صلاحيته ليس بسبب شيخوخته، إذ عمّر أكثر من نصف قرن، و إنما لأنه أفنى عمره وجهده في منع بروز أية بدائل سياسية واجتماعية، وكانت كلفة ذلك التلاعب بالهوية الجزائرية والدين والثقافة والاقتصاد". وأضاف القيادي الجزائري أن "نظام الوضع القائم الذي مرّ من مرحلة فرض الشرعية إلى مرحلة إضفاء الشرعية بأساليب وطرق ملتوية، قد يصل اليوم إلى مرحلة نزع الشرعية". وأمام ما اعتبره "فساد الآلية الانتخابية وغياب آلية الانتقاء الديمقراطي داخل صفوفها، طالب حمروش " بإعادة تأهيل سلطة الدولة، بإعادة الاعتبار لمؤسساتها وإدارتها الدائمة وبخاصة أداتها الفضلى.. القانون". وفند ما "يشاع من صراع بين الرئيس وبين مؤسسة المخابرات، وما يثار حول استحواذ رجال الأعمال على مراكز القرار وعودة وجوه النظام القديمة، واعتبرها مجرد "أوهام" يزرعها النظام للتغطية". من جهته وفي حوار مع نفس المصدر الاعلامي، اعتبر رئيس الحكومة الأسبق، أحمد غزالي، بأن ما تردده السلطة بشأن الإصلاحات والحكم الراشد، ما هو إلا مجرد "مصطلحات" لا وجود لها في الواقع، لأن من يحكمون البلد "ليس لديهم أي مشروع للبلاد وشغلهم الشاغل هو كيفية استمرار النظام". وأبرز غزالي "بأن إظهار رئيس مريض يراد به إخفاء الحقيقة، وهي أن النظام هو المريض". وهاجم رئيس الحكومة الجزائرية الاسبق من يقولون بابتعاد الجيش عن السياسة بالقول "السلطة مركزة بين يدي مجموعة في الجيش وبوتفليقة مجرد دمية!" ، وكرر كلامه "كل السلط موجودة اليوم بين أيدي مجموعة نافذة داخل الجيش". أما رئيس الجمهورية "فهو مجرد دمية!".و لا يرى غزالي أي جدوى من تنحي الرئيس من الحكم، بحجة أنه مريض وعاجز عن أداء مهامه: "لأن الرئيس يُستخلف طبيعيا إن كان مريضا، بينما المشكلة هي عندما يكون النظام مريضا، وهي حالة النظام الجزائري"، ويعتقد أن "كثرة الحديث عن مرض الرجل (بوتفليقة) يتم لإخفاء حقيقة مرض النظام. وإذا حدث إجماع على أن هذا النظام سيئ، ينبغي إذن أن نعمل على تغييره جذريا وبطريقة سلمية". وكشف غزالي في نفس الحوار أن "أي تغيير في البلاد صادر عن رئيس الدولة لا يمكن أن يتم بدون موافقة المخابرات"، ولا يعترف لبوتفليقة بصفة "رئيس الجمهورية، لأن حامل هذه الصفة رئيس منتخب بإرادة شعبية"، ويفضّل تسميته "رئيس الدولة". ويعتقد غزالي أن "تغيير النظام سلميا أمر ممكن، بدليل أن حالتين تاريخيتين أثبتتا أن ذلك غير مستحيل. الأولى كانت مع الزعيم الهندي المهاتما غاندي، والثاني مع الزعيم جنوب إفريقي نيلسون مانديلا، وقد يأتي التغيير عندنا من داخل الجيش على يد واحد من هذه المؤسسة، ينتفض ويعلن بأن الوضع لا ينبغي أن يستمر هكذا". وأفاد غزالي أن "أول كلمة ألقاها بوتفليقة في أول مجلس وزاري، قال" إنه لا يرغب في هذا الدستور (دستور 96)، كما قال حينها: "أنا رئيس الجمهورية وأنا رئيس الحكومة وأنا وزير الخارجية، وأيضا رئيس تحرير وكالة الأنباء الجزائرية"، في إشارة الى دكتاتورية بوتفليقة. ويشبّه سيد أحمد غزالي، رئيس الحكومة سابقا، المسار الذي تتجه فيه الجزائر حاليا، بسنوات الشاذلي التي سبقت فترة الأزمة. ويصل غزالي من خلال هذه المعاينة، إلى قناعة مفادها بأن الجزائر مقبلة على أحداث أكتوبر جديدة في القريب العاجل، مع الفارق في أن المنتظر سيكون قويا بدرجات مضاعفة. واعتبر غزالي أن "النظام في الجزائر لا يكترث إلى المؤشرات الاقتصادية التي باتت خطيرة، كالتضخم ونسبة البطالة ونسبة النمو مثلا"، وصارت عينه على مؤشر وحيد هو "احتياطي الصرف الذي يمكن من خلاله معرفة عدد سنوات الاستيراد وكأن ما يهم النظام هو " كم من الوقت في يده لإسكات أفواه الناس .ورغم أن فترة الرئيس بوتفليقة كانت، وفق رئيس الحكومة السابق ، أغنى فترات الجزائر على الإطلاق، بمداخيل فاقت 800 مليار دولار، مقابل 140 مليار دولار زمن الشاذلي، و25 مليار دولار فترتي بومدين وبن بلة مجتمعتين"، إلا أن "فترته كانت أسوأ فترات الجزائر اقتصاديا، بسبب غياب سياسة واضحة، إلى جانب التبذير والفساد". وكشف غزالي واقعة خطيرة إذ قال "وضعوني في أسوأ اختبار في حياتي عندما كنت سفيرا للجزائر في بروكسل، واضطررت لأمد يدي إلى الأوروبيين حتى يساعدوننا على شراء القمح". وخلص قطب النظام السابق الى القول "لو نظمنا استفتاء حقيقيا لصوت الشعب الجزائري، فإن نسبة 90 في المائة ترفض هذا النظام. أما النسبة الباقية، فهم المستفيدون من النظام القائم من أصحاب المليارات الذين مهما أكلوا لن يشبعوا ولن يقنعوا مهما أصبح لديهم من أموال، وبالتالي هم في عداد المرضى." جميع اقطاب المعارضة في الجزائر هاجمت ، النظام بشكل جذري وتزداد المعارضة شراسة بعد مرض الرئيس ، ورفضه إنجاز الدستور الذي وعد به، مما يجعل البلد معرضا للمخاطر في ظل استهدافه من الارهاب والفساد المالي والإداري.