«وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ» .سورة الانعام جاء في القاموس ..زَعْزَعَ إِيمَانَهُ :- : شَكَّكَهُ في إِيمانِهُ ..وشكَّك الرَّجلَ : أَوْقَعَهُ فِي الشَّكِّ وَالاِرْتِيَابِ ومنه .. زعزعة الايمان بجدية الدولة فيه زعزعة لاستقرارها وطمانينتها ومسارات تقدمها ... يمكن لنا ان نقدم تعريفا اوليا عاما للعقيدة باعتبارها مجموعة من الافكار والمبادئ والقناعات والضوابط الروحية والمادية التي تكون اما سماوية ان كان مصدرها الله ...او الهة مادية طبيعية تصورها وافترضها العقل البشري حسب ميولاته وترجيحاته الايمانية فوضع لها طقوسا ومراتب ايمانية ليقدس بها ما يعتقده الها .. ويمكن لنا ان نقول ايضا بانها هي خلاصات اجتهاد فكري لفهم الحياة وانماط العيش وتدبير مجالات السياسات العمومية وفق فلسفة تنظم طبيعة العلاقات المجتمعية بين الدولة والناس .. باعتماد الديكتاتورية او الديموقراطية.. او باعتبار الخلفيات الطبقية والاستغلالية او بالالتجاء للمساواة وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية ... فالذين يسعون لبسط السيطرة على المجتمع والدولة وجعل كل ذلك في خذمة مصالح فئوية او طبقية او اثنية او مذهبية او دينية ينسجون ما يسعون اليه في افكار وتصورات ومبادئ قد تكون واضحة الاهداف بالنسبة للجميع مثل الفاشيةو النازية والصهيونية والديكتاتورية ...وقد تكون مغلفة وملتحفة برداء وغطاء العدل او الخلاص «تقية» الى ان يتمكنوا من السلطة لتظهر الحقيقة التي لاتؤمن الا بكل ما يتناقض وقيم الجمال ..بل قد تسعى لاطفاء كل الانوار و اغلاق كل الافاق حتى لايبقى من حق في التمتع بالوجود الا للذين هم على شاكلة المستبدين بجميع انواعهم ... وتامل بسيط في المجتمعات سيجعلنا نقف على حقائق ومفارقات لايمكن لاحد ان يتجاهل معها خصوصيات وقناعات الاخرين المخالفة لما يؤمن به جزءا او كلا ...فالبعض من بلدان العالم شعوبهم رواد على مستوى العلوم والمعارف والتكنولوجيا و...الا ان بعض معتقداتهم في شقها الفلسفي والروحي قد لاتقنع شعوبا او امما اخرى بل قد تنعث بالتخلف والجهل و...لنقس على ذلك بالحكم ونقيضه في افريقيا او استراليا او امريكا او العالم العربي والاسلامي ...حيث داخل المجتمع الواحد وحتى الدين الواحد نجد تباينا كبيرا يصل الى درجة التضاد عندما تمتزج العقيدة الدينية بالمذهب والطائفة وعندما تغرق في التقليدانية المطلقة التي تنفي التطور والتجديد والتحديث ...ونجد امتنا عبر العقود والقرون يظهر بها ليس من يجدد امر الدين فقط بل من يجدد الفتن والشكوك ومن يبدل كل الجهد» الفكري « والمادي لزعزعة معتقدات الناس ولو ان منبعها واحد مثل ما يفعل التكفيريون الذين يعتبرون كل المؤمنين على ضلال الا من والاهم وسار على نهجهم ؟؟ ولنا ان نطرح السؤال التالي ما علاقة زعزعة عقيدة «مؤمن» بحياتنا اليومية المعاصرة ؟ وهل لاي كان ان ينفي عن المخالفين له صفة الايمان؟ ...ان ما تتفق البشرية وتجتمع عليه هو الايمان بما تراه ملائما وناجعا لتدبير حياتها العامة والخاصة وادارة انظمة الدولة في علاقة بكل دول العالم ...هو احترام كل رموز سيادة الدول والشعوب و معتقدات الاخرين وخصوصياتهم الفكرية والثقافية والاجتماعية ...واحترام كرامة الانسان وضمان المساواة في الحقوق والحريات التي لاحق لاي كان ان ينتهكها او يتطاول بالاعتداء عليها بهدف الحد منها او استئصالها وزعزعة افكار المؤمنين بها ... إن كل جهة أو فرد او منظمة لايقبلون باي عمل يسعى لزعزعة عقيدتهم وقد يخوضون معارك فكرية وقتالية لحمايتها من كل الاساءات او محاولات الاقصاء اوفرض عقيدة دولة او منظمة ما عليهم.. ولنا في التاريخ الحديث امثلة فشلت فيها اقوى الانظمة في زعزعة ايمان الناس رغم اغلاق دور العبادة المختلفة ومنع التدين بل وفرض تعلم عقيدة الدولة او الحزب او الطائفة على الاطفال والشباب في مختلف مراحل تعلمهم... ويمكن لنا القول ان العديد من المعتقدات الموجودة اليوم ترجع الى مئات القرون ومازالت تستقطب مؤمنين جدد كما هو الحال في البودية والهندوسية على سبيل المثال ..؟ ولننظر للمسالة من زاوية الواقع المعيش... هل من حق من يحكم ان يزعزع ايمان الشعب بجدوى البناء الديموقراطية ؟ وهل من حق اية جهة ان تزعزع ايمان الناس بان تضحيات الوطنيين والمناضلين الثوريين من اجل بناء دولة المؤسسات ما هو الا تهور وشغب وتفاهات سياسية ؟ وهل من حق الحكومات ان تزعزع ايمان الناس بدور الاحزاب والنقابات في تنظيم الاختلاف والتنافس ..فتصور لهم ان الاحزاب والنقابات ماهم الا مجموعة من الخارجين على القانون وسفهاء ومعرقلين للتنمية المتحدث عنها ؟؟ وهل يستوعب المتخصصون في زعزعة معتقدات الناس بان الثقة في مؤسسات الدولة ان انعدمت او تضررت بفعل التشكيك والاساءات المتكررة ستكون العواقب وخيمة وكارثية كما نرى هناك وهنالك ان لا احد يقبل بان يحكمه من يطعن في عقيدته او يتطاول على خصوصياته او ينتهك حرماته مما يتسبب في بلقنة الدول وخلق كيانات منغلقة سريعة الغضب ..تنتقم بدون اكثراث لنتائج ردود الافعال الدفاعية او الاستفزازية ومستعدة لجعل الصراع يستمر كما استمرت حروب باردة ودموية بين من يدعون انهم شيعة علي ومن هم خوارج ومن هم بين هؤلاء الى يومنا هذا والله اعلم متى ستتوقف ... اننا امام مشهد غريب جدا وغير منطقي ولا مسؤول ...ان ما يقع ويسجل من زعزعة للروابط والعلاقات بين الناس افرادا وجماعات وهيئات .. يجعل القاعدة المشتركة بالمجتمع هي الشك اليقيني في نوايا معتقدات الاخرين وفقدان الصدقية ..والتشكيك كما يفكك الاسرة ويمزق اوصالها ..يفعل نفس الاثر واكثر داخل القبيلة والمجتمع والدولة ... فمن المستفيد من سياسات زعزعة المعتقدات و الافكار والعلاقات ؟؟ المؤكد ان الدولة والشعب ومصالح الجميع ستضرر حتما والرابحون.. هم خصوم الوطن والشعب وخصوم المستقبل ولن يكونوا الا اصدقاء للظلام واراقة الدماء والتسيب ...لهذا فالجميع مدعو لاحترام الناس وتقدير افكارهم ورد الاعتبار لقيم المواطنة والتعاون والتكامل واحترام الاختلاف وزرع الثقة في مؤسسات الدولة و المجتمع ... قال تعالى ((وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)) المائدة