انتقلت حالات الصلح في مسطرة القانون الجنائي الجديد من 135 إلى 168 سعيا من المشرع إلى توسيع دائرة الصلح في عدد من القضايا التي تتعلق بمبالغ مالية أقل من 5 آلاف درهم، كما عرف المشروع الذي قدمه وزير العدل حذف عقوبتي الاقامة الجبرية والتجريد من الحقوق الوطنية من المادة 16. كما عرف النص الجديد تقليص حالات الحكم بالاعدام التي خصصت فقط للجرائم الخطيرة والرهيبة والبشعة بحيث لم يعد حكم الاعدام يهم إلا جرائم من أصل 31 كانت في القانون الحالي، وأضحى الاعدام فقط في جرائم القتل المشدد، بعض جرائم الارهاب وبعض جرائم المس بأمن الدولة الداخلي والخارجي. كما جاء المشروع الجديد بجرائم جديدة تخص تجريم الاضرار بالصحة العامة وجرائم المخدرات وجرائم الغش في الامتحانات، وكذا إعادة تنظيم جريمة السكر البين وكذلك اعادة النظر في جرائم الاختلاس .. والرشوة واستغلال النفوذ. وراجع المشروع تنظيم مقتضيات التعذيب وعدم حصره في التعذيب المرتكب من طرف الموظف العمومي وإعادة تنظيم جريمة التمييز وتجريم التسول بتشديد العقوبة وخاصة حيث يتعلق الأمر باستغلال الاطفال والمعاقين وفي وضعية صعبة، سواء المسنين او الصغار، وتجريم المس بالحياة الخاصة عن طريق بث أو توزيع صور أو تركيبات مسجلة وغير حقيقية دون علم صاحبها أو وقائع بقصد التشهير. وفي مجال حماية المال العام والشفافية و النزاهة واستقلال القضاء، تم تجريم تأخير أوالامتناع عن تنفيذ مقرر قضائي وإقرار مسؤولية الشخص الاعتباري في جرائم الرشوة لتشمل حتى الموظف الاجنبي. واستثنى المشرع جريمة الاستغلال الجنسي للاطفال القاصرين من تطبيق عقوبة بديلة وحذف الحرمان من المعاشات التي تصرفها الدول كعقوبة اضافية، نظرا لأن هذ العقوبة تترك أثارا على الاسرة كما شدد المشروع على هتك عرض القاصرين وعقوبة التحرش الجنسي اذا كان في مواجهة قاصر. وفي مجال حماية الاسرة المغربية، جرم المشروع ترك وإهمال الواجبات الزوجية وتجريم الامتناع عن إرجاع الزوج المطرود من بيت الزوجية وتجريم الإكراه على الزواج وتشديد العقوبة على السب في حق المرأة. وفي مجال المستجدات جرم المشرع الارتزاق والاختفاء القسري والاتجار بالبشر والتحريض على الكراهية وازدراء الاديان، وتهريب المهاجرين. وسجل عن المشروع أنه حافظ على الإطار العام للقانون المهيكل وإضافة مبادئ عامة من خلال إعادة تنظيم مسؤولية الشخص الاعتباري وتحديد العقوبات والتدابير الوقائية، وهم كذلك تجريم أفعال عديدة ونزع التجريم عن أخرى في إطار التطور الجنائي وكذلك تقليص العقوبات عن عدد من الجرائم وتوسيع مسطرة الصلح. ومن جهة أخرى، عبرت الجمعيات النسائية والحقوقية عن أسفها لتغييب مطالب تحالف ربيع الكرامة بشأن التغيير الجذري والشامل للقانون الجنائي ومنظومة العدالة للنساء المضمنة بمذكراته الترافعية، واقتصار المسودة على مجرد تعديلات لا ترقى إلى مستوى التغيير الفعلي، معلنة رفضها لهذه المسودة ومطالبة بفتح نقاش جدي وعميق مع مختلف مكونات الحركة النسائية الديمقراطية والحقوقية من أجل تغيير جذري وشامل للقانون الجنائي بما ينسجم مع الدستور ويتلاءم مع التزامات المغرب الحقوقية الدولية، وبما يجيب على واقع العنف والتمييز ويرفع التضييق على الحريات والحقوق الأساسية للنساء. وكانت الجمعيات النسائية والحقوقية عقدت اجتماعا بتاريخ 17 أبريل 2015 بالدار البيضاء، وذلك في إطار اللقاء المنظم من قبل الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق النساء والجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، ضمن دينامية تحالف ربيع الكرامة من أجل تشريعات تحمي النساء من التمييز والعنف، والذي خصص لمناقشة مسودة القانون الجنائي المنشورة مؤخرا من قبل وزارة العدل والحريات ولبلورة موقف بشأنها. واعتبرت هذه الجمعيات ، في بيان توصلنا بنسخة منه، أنه وبعد تدارسها للمسودة بأن إخراجها إلى حيز الوجود يمثل لحظة إيجابية، وإن جاءت متأخرة، كما ثمنت بعض مضامينها ذات البعد الإيجابي من قبيل تجريم بعض أفعال العنف ضد النساء التي لم تكن مجرمة وإدراج موضوعات جديدة كالاتجار بالبشر وجرائم الحرب والعقوبات البديلة...إلا أنها سجلت إمعان الحكومة في تغييب النقاش العمومي قبل بلورة المسودة وأثناء صياغتها مع مكونات الحركة النسائية الديمقراطية والحقوقية والأمازيغية، لما يشكله القانون الجنائي من أهمية قصوى في حماية الحقوق والحريات، وما يتطلبه من توافق مجتمعي باعتباره أهم تشريع بعد الدستور كما سجل البيان عزل المسودة عن السياق التشريعي العام والتزامات المغرب الدولية في مجال حقوق الإنسان، وعن سياق الدستور ومستجداته بشأن المساواة وحظر التمييز وميثاق إصلاح منظومة العدالة ومختلف التراكمات؛ وغياب تصور واضح ورؤية متكاملة لحماية النساء من العنف ومناهضة التمييز ضدهن وحماية الحقوق والحريات، وهو ما يتجلى من خلال افتقار المسودة إلى ديباجة مؤطرة، واحتفاظها بنفس الفلسفة التقليدية الذكورية المنافية للحداثة والحقوق الإنسانية للنساء واعتمادها لغة فضفاضة وغير قانونية كما سجل البيان تكريس بنية القانون الجنائي الحالي التي تعتبر النظام العام أولوية وتشرع بخلفية تراعي المفهوم التقليدي للأخلاق والأسرة والمجتمع على حساب المرأة الفرد وحقوقها وحرياتها وكذااعتماد مضامين تمييزية ومقتضيات عقابية تتيح الإفلات من العقاب في جرائم العنف ضد النساء، وتبني تعاريف لا حقوقية، بما يوحي بغياب تصور للتجريم والعقاب يضمن حق النساء في العدالة الجنائية