لا تزال مسودة مشروع القانون الجنائي تثير النقاش في الأوساط الحقوقية، حيث خرجت مجموعة من المنظمات النسائية لتعبر عن آرائها في النص الجديد، معتبرة أنه "يغيب مطالبها". وفي هذا الصدد، انتقد "تحالف ربيع الكرامة" الذي يضم مجموعة من الجمعيات الحقوقية والنسائية ما اعتبره "إمعان الحكومة في تغييب النقاش العمومي قبل بلورة المسودة وأثناء صياغتها مع مكونات الحركة النسائية الديمقراطية والحقوقية والأمازيغية"، الشيء الذي نتج عنه حسب المصدر نفسه "عزل المسودة عن السياق التشريعي العام والتزامات المغرب الدولية في مجال حقوق الإنسان وعن سياق الدستور ومستجداته بشأن المساواة وحظر التمييز". واسترسلت الجمعيات النسائية انتقاداتها لمسودة مشروع القانون الجنائي التي نشرت قبل أيام على الموقع الرسمي لوزارة العدل والحريات، لتعيب "غياب تصور واضح ورؤية متكاملة لحماية النساء من العنف ومناهضة التمييز ضدهن وحماية الحقوق والحريات"، ما يتجلى في " افتقار المسودة إلى ديباجة مؤطرة" هذا مع احتفاظ النص "بنفس الفلسفة التقليدية الذكورية المنافية للحداثة والحقوق الإنسانية للنساء واعتمادها لغة فضفاضة وغير قانونية"، حسب ما أكد المصدر نفسه. إلى ذلك، سجلت الجمعيات النسائية على مشروع القانون الجديد "تكريسه لبنية القانون الجنائي الحالي التي تعتبر النظام العام أولوية وتشرع بخلفية تراعي المفهوم التقليدي للأخلاق والأسرة والمجتمع على حساب المرأة الفرد وحقوقها وحرياتها"، هذا علاوة على "اعتماده مضامين تمييزية ومقتضيات عقابية تتيح الإفلات من العقاب في جرائم العنف ضد النساء". وفي المقابل، أكد التحالف على أن إخراج المسودة إلى حيز الوجود "يمثل لحظة إيجابية، وإن جاءت متأخرة"، معبرا عن "تثمينه" لبعض مضامينها "ذات البعد الإيجابي من قبيل تجريم بعض أفعال العنف ضد النساء التي لم تكن مجرمة وإدراج موضوعات جديدة كالاتجار بالبشر وجرائم الحرب والعقوبات البديلة، وإن في حدود ضيقة"، حسب ما جاء في بيان التحالف. وتبعا لذلك، اشتكى "تحالف ربيع الكرامة" مما اعتبره تغييبا لمطالبه بشأن التغيير الجدري والشامل للقانون الجنائي ومنظومة العدالة للنساء المضمنة بمذكراته الترافعية، واقتصار المسودة على مجرد تعديلات لا ترقى إلى مستوى التغيير الفعلي"، ليعلن على هذا الأساس "رفضه لهذه المسودة ومطالبته بفتح نقاش جدي وعميق مع مختلف مكونات الحركة النسائية الديمقراطية والحقوقية من أجل تغيير جدري وشامل للقانون الجنائي، بما يجيب على واقع العنف والتمييز ويرفع التضييق على الحريات والحقوق الأساسية للنساء"، يوضح المصدر ذاته.