كان اللقاء الإعلامي، فرصة كي تعرض التنسيقية الوطنية للدكاترة المعطلين أمام الحضور، أهم خلاصات البحث التوثيقي الذي أجرته مؤخرا ومس مكونات أساسية مثل : المتوسط العُمُري لحملة الدكتوراه، الحالة الاجتماعية، الحقول المعرفية، الجامعات... . ولعل أكبر ملاحظة ستقفز بسرعة إلى الأذهان عكس الاعتقاد السائد، أن حملة الشواهد العلمية والتقنية يفوقون بطالة نظرائهم المنتمين إلى كليات الآداب والعلوم الإنسانية، شيء يدحض قطعا مبررات الحكومات المغربية المتعاقبة، بأن سوق الشغل يحتاج لدوي المعرفة التقنية الميدانية... . إجمالا، يكشف الإحصاء على ما يلي : تضم التنسيقية 82 دكتور، يتوزعون بين %50 إناثا و%50 ذكورا، في مختلف الحقول الفكرية. %33,33 منهم، استفادوا من دورات تدريبية خارج الوطن في أوروبا وكندا وآسيا. %19,51 حصلوا على شهادة الدكتوراه من خارج المغرب. أما التوزيع الجغرافي، فتحتل الدارالبيضاء المرتبة الأولى بنسبة %18,3 ثم طنجة وتطوان ب %13,40 ثم الرباط وفاس ومراكش بنسبة %9,8. فيما يخص الجامعات المغربية، التي تنتج أكبر أفواج الدكاترة المعطلين، فقد احتلت جامعة الحسن الثاني أعلى الهرم بنسبة %21,21، فجامعة سيدي محمد بن عبد الله، ثم جامعة عبد المالك السعدي ب 18,18 %، ثم القاضي عياض بنسبة %13,64، وأخيرا محمد الخامس بنسبة %10,61. تبرز عطالة دكاترة العلوم في الصدارة بنسبة %62,20، ثم كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنسبة %31,70، وخريجي العلوم السياسية والاقتصادية برقم %6,10. دكاترة الكيمياء، أكثر من احترق بناء العطالة، بحيث يشكلون %22 من مجموع 82. يليهم، تخصص البيولوجيا بنسبة %20,7 والفيزياء بنسبة %14,6 ثم الدراسات الإسلامية في المرتبة الرابعة بنسبة%12,20 ثم الأدب العربي بنسبة %9,8، بينما لا يتعدى سقف الحاصلين على الدكتوراه في الجغرافية نسبة %1,2. أما، إذا اقتفينا مسار كل كلية في ذاتها : كلية العلوم، يمثل دكاترة تخصص الكيمياء الصف الأول ب 35,29 % من مجموع 51 دكتور علمي، ثم البيولوجيا في المرتبة الثانية بنسبة %33,3 ثم الفيزيائيين ب %23,3 في حين لا يتجاوز أصحاب الرياضيات نقطة %1,96. فيا يتعلق بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، سنلاحظ غلبة عطالة دكاترة الدراسات الإسلامية بنسبة %38,4 من مجموع 26 دكتور في الآداب. واللغة العربية في المرتبة الثانية بنسبة %30,77، بينما لا يتعدى أصحاب الجغرافية نسبة %3,85. خطوط بيانية، ينبغي أيضا استحضارها ضمن سياق ميزانية بخيلة بما يكفي تنتسب للبحث العلمي، لا تتجاوز %1، وبمؤشر كهذا يعتبر المغرب من بين أضعف الدول في المنطقة العربية، قياسا حتى إلى دول كاليمن وفلسطين، أما مع الأوروبيين فلا مجال أبدا لمجرد تخمين الفكرة. وقد كشف تقرير دولي، صدر مؤخرا عن اليونسكو، بأن المغرب يتواجد في موقع متدني جدا ضمن البلدان العربية من حيث مؤشر التحاق الطلاب بالتعليم العالي، إذ شغل الرتبة ما قبل الأخيرة ب %12,3 مقابل تقدم لبنان ب %52,5 وفلسطين ب %47,2 والأردن ب %40,7. صنّف تقرير اليونسكو للعلوم، المغرب في مرتبة متواضعة جدا ضمن معطى الإنتاج العلمي العربي، هكذا ما بين 2000 و 2008 لم يصدر إلا 688 إصدارا علميا، رقم يجعله في الرتبة الخامسة وراء مصر وتونس والسعودية والجزائر. أما، عن المقالات العلمية الصادرة خلال نفس الفترة الزمانية، فقد تموقع المغرب في الرتبة الرابعة ب 1167 مقال خلف كل من مصر وتونس والسعودية. وبينما، سجلت هذه البلدان ارتفاعا ملحوظا على مستوى إنتاج المقالات العلمية ما بين 2002 و 2008، ظلت نسبة الإنتاج العلمي في المغرب مستقرة تقريبا وكان التحرك طفيفا من 1041 مقال علمي سنة 2002 إلى 1167 سنة 2008. في المقابل، أشار التقرير إلى أن المغرب يشغل موقعا متقدما، من حيث نسبة الإنفاق العام على التعليم، وكذا عدد حملة الشواهد العليا. فيما يخص المؤشر الأول، ذكر التقرير أن المغرب يعتبر الدولة الثانية من حيث حجم الإنفاق على التعليم ب 25,7 % من ميزانية سنة 2008، وراء الإمارات العربية المتحدة ب %27,2. بينما، احتل المغرب في مؤشر حملة الشواهد العليا (الماستر والدكتوراه)، المرتبة الثالثة في العالم العربي بعد مصر والجزائر، وذلك ب 23466 شهادة عليا في العلوم التكنولوجيا والعلوم الإنسانية والاجتماعية، حسب إحصائيات 2006. من المعلوم أن التنسيقية الوطنية للدكاترة المعطلين، أجرت حوارات عديدة مع الوزارة الأولى في شخص السيد عبد السلام البكاري مستشار الوزير الأول، ورغم تلقيها لوعود بإدماج جميع أعضائها خلال شهري يوليوز ثم أكتوبر الماضيين، لم يتحقق أي شيء من الأمر. فتأجل الحل مرة أخرى، نحو نسبة %10 من الوظائف المقررة في ميزانية 2011. غير أن هذا الامتياز الأخير ربما بات مهددا من قبل القانون الجديد للوظيفة العمومية الذي سيلغي القرار الوزاري رقم 99/695 الصادر يوم 30 أبريل 1999، والقرار رقم 99/888 الصادر يوم 31 ماي 1999، المحددان للشهادات التي تخول التوظيف المباشر في درجة متصرفي الإدارات المركزية، السلم 11. كما أن ميزانية 2011 أضعف من سابقتها، وقد خصصت فقط 18 ألف منصب شغل للتوظيف في أسلاك الوظيفة العمومية، بعد أن كانت سنة 2010 في حدود 24 ألف منصب شغل، والغريب أن ميزانيات المغرب لسنوات الستينات والسبعينات، وفرت سنويا 40 ألف منصب شغل. التماطل الحكومي واضح في هذا المجال، وما يعضده أيضا تلكأ القطاعات الوزارية عن الوفاء بالتزاماتها. فماذا صنعت مثلا وزارة الخارجية، حيال مصير عطالة الدكاترة الحاصلين على شهادة » Cotutelle «، أو الدكتوراه المزدوجة في إطار الاتفاقيات المبرمة مع الاتحاد الأوروبي، ونسبتهم الآن تقارب %9,09 . نفس التساؤل، يطرح على وزير الجالية المغربية بالخارج، الذي ردد باستمرار في لقاءاته مع الطلبة المغاربة بالخارج، بأن المغرب في حاجة ماسة لأدمغتهم ويحثهم على العودة كي يستفيد الوطن من خبرتهم. أما وزارة التشغيل، فهي تحيل الملفات بكل احتقار على المكاتب الجهويةلأنعاش التشغيل ، مما يجعل المشهد أكثر كافكاوية من ذي قبل.