قال محمد اليازغي وزير الدولة السابق والكاتب الأول السابق لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إن جبهة البوليساريو التي أسسها البشير الوالي السيد سنة 1973، انطلقت في البداية كحركة ديمقراطية ووحدوية، لكن بتدخل من الجزائر أصبحت لها أهداف انفصالية. وشدد اليازغي الذي كان يتحدث في ندوة نظمها مركز هسبريس للدراسات والإعلام حول "ملف الصحراء الرهانات والآفاق"، مساء أول أمس بالرباط، أن خلق جبهة البوليساريو كان نتيجة أخطاء تدبيرية، الخطأ الأول تمثل في قمع تظاهرة طانطان من طرف أوفقير، والخطأ الثاني بالنسبة لليازغي يتجسد في حل جيش التحرير في الخمسينيات. واعتبر اليازغي بنفس المناسبة، أن إطالة أمد نزاع الصحراء المفتعل، لو وصل حتى مائة سنة، "يجب أن لا نعتبر ذلك مضرا بنا"، فأغلبية ساكنة المنطقة متواجدة في الصحراء، وإحصاء السكان والسكنى شتنبر 2014 أثبت ذلك وأبرز تطور وتنوع التغيير الديموغرافي المتعلق بساكنة المنطقة، واستدرك اليازغي في نفس الاتجاه أن الخوف في تمديد هذا النزاع يهم أبناء وبنات المغرب المقيمين في شروط لا إنسانية بمخيمات تندوف الحمادة، بحيث يعيش هؤلاء لاجئين تحت سلطة الدولة الجزائرية وحساباتها، ويعيشون في وهم كبير يحلمون فيه باستقلالية الساقية الحمراء ووادي الذهب، وعلى أنه ستصبح لهم دولة. وسجل اليازغي أن وحدة الشعب المغربي قائمة للدفاع عن الوحدة الترابية، لكن هذه الوحدة القائمة غير دائمة، فهي ليست معطى قائما ودائما، إذ يجب الحرص عليها من خلال دمقرطة المؤسسات وترسيخ وحقوق الإنسان، وفتح الحوار مع أبناء الصحراء. ومن جهته أكد المحجوب السالك مؤسس جبهة البوليساريو ومتزعم خط الشهيد المعارض لقيادة جبهة البوليساريو بمخيمات تندوف، في نفس اللقاء، أن مغرب اليوم ليس هو مغرب السبعينات، الذي غادره مجموعة من الشباب الصحراوي مجبرين نتيجة أخطاء ارتكبت بالمغرب، ليتم احتضانهم من قبل الجزائر، ودعمهم بالسلاح من قبل معمر القذافي الذي فرض عليهم شروطه المتمثلة في خلف نواة ثورية داخل دول المغرب العربي. ولأول مرة يدعو هذا القيادي المعارض في جبهة البوليساريو، المغاربة، من وسط الرباط العاصمة، إلى ضرورة فتح الحوار بين الأكاديميين والمثقفين والمفكرين والأطر من أجل إيجاد حل سياسي لهذا النزاع الذي عمر أربعين سنة، لأن المصير والمستقبل مشترك، ولقطع الطريق على كل الذين يصطادون في الماء العكر. وهاجم السالك قيادة البوليساريو التي لا تريد حلا لنزاع الصحراء بحكم أنها المستفيدة الأولى من تمديد عمر هذا النزاع، باعتبار أن حل مشكل الصحراء سيعرض قيادة البوليساريو إلى المحاكمة على الجرائم اللانسانية التي اقترفتها في حق الصحراويين، مضيفا أن الجزائر هي الأخرى مستفيدة من استمرار مشكل الصحراء كما هو الشأن لبعض اللوبيات الموجودة كذلك بالمغرب على حد تعبيره. وشدد مؤسس "خط الشهيد" على أن المشكل لم يكن قط ما بين الملك والصحراويين بل كان المشكل يكمن في الوسطاء، مذكرا في هذا الصدد بأن تأسيس جبهة البوليساريو كان بغرض تحرير الصحراء من الاسبان ولم تكن لها في نزوعات انفصالية، إذ أن البشير الوالي السيد الذي مات وهو في عمره 28 سنة قد اعترف بالمسؤولية في ذلك. ومن جهته أكد حسن أوريد مؤرخ المملكة السابق، في نفس اللقاء ، أن الحوار ضروري من أجل تذليل كل العقبات والصعوبات، وتكسير كل الحواجز وما هو نفسي في هذا الملف، إلا أنه اشترط أن يكون هذا الحوار مطبوعا بالجرأة والشجاعة الكافيتين، ثم أن تكون هناك استقلالية للطرف الآخر، ثم أن تكون له شرعية تمثيلية. وتأسف أوريد على أن الإخوان الصحراويين قد وظفوا في هذا الملف، وكانت تملى عليهم القرارات، في الوقت الذي كان الهاجس الأساسي في بداية تأسيس حركتهم هو تحرير الصحراء من الاسبان، وليس بناء كيان مستقل. وبخصوص من يمثل الصحراويين، قال أوريد، اليوم هناك بوليساريوهات، حيث هناك من راجع مواقفه من قياديين وعادوا للمغرب للمساهمة في البناء الديمقراطي والتنمية، وهناك عناصر قيادية أخرى مثل المحجوب السالك التي رسمت مسافة من القيادة الحالية للبوليساريو، ثم هناك أطراف أخرى تروج رؤية مملاة من جهة أخرى لا علاقة لها بالصحراويين.