ارتفع عدد السياح المغاربة إلى مصر وبلغ سنة 2009 حوالي 53 ألف مسافر، ومن المرتقب أن تسجل ارتفاع هذا العدد مع ارتفاع الليالي التي يقضيها المغاربة بالفنادق المصرية بحوالي 16ّ%، وبالمقابل فإن عدد المصريين الذين زاروا المغرب خلال نفس السنة ظل محدودا وبذلك كشفت الأرقام هزالة النتائج المحققة من الإنفاق في الحملات الإشهارية، وبينت كيف أن بلد 80 مليون نسمة مغيب من اهتمامات الآمرين بصرف ميزانية الترويج للسياحة المغربية. الأرقام التي استشهد بها ممثلو الوفد المصري في اللقاء الذي احتضنته الدارالبيضاء حول موضوع (تنشيط التبادل السياحي بين مصر والمغرب دعامة للسياحة العربية البينية) عكست الخلل الموضح في تقارير المنظمة العالمية للسياحة ما دام أن السياحة البينية تمثل 85% في دول الاتحاد الأوربي و 84% في دول آسيا والمحيط الهادي بينما لا تتعدى 48% في الدول العربية، ومع ذلك فإن هذه الأخيرة مرشحة للتراجع لتنحصر في حدود38% في أفق سنة 2020. ضعف السياحة البينية المغربية المصرية بررته مستشارة وزير السياحة المصري أميمة الحسيني بالتشدد في منح التأشيرة (الفيزا) إذ أبانت دراسة مصرية أن 75 % من مسببات التدني تعود لهذا العامل، كما بررته بعدم تفعيل الاتفاقيات المبرمة بين البلدين وبغياب أنشطة تعرف بالإنتاج السياحي المتميز بالتنوع والجودة، ومن باب المقارنة لاحظت أن إلغاء التأشيرة من تركيا رفع عدد الوافدين إليها بحوالي 90% كما لاحظت أن تأشيرة واحدة كافية للتنقل بين 25 دولة أوربية بينما الحصول على التأشيرة في كل دولة عربية يتطلب انتظار مدة طويلة. هذا الطرح زكاه ممثل مصر الطيران الذي لاحظ أن عدد الرحلات التي تنجزها هذه الشركة بين المغرب ومصر لم يكن يتجاوز 2 في الأسبوع قبل 4 سنوات وبعد أن ارتفع إلى 6 ،فإنه سينتقل ابتداء من أبريل المقبل إلى 7 رحلات في الأسبوع كما أنه سيساير الخبرة التي اكتسبها المغرب وسيعوض طائرات إيرباص التي تنجز هذا الخط بطائرات بوينغ. أما بخصوص نوعية المسافرين، فلاحظ أنه يشمل رجال الأعمال والمثقفين والرياضيين غير أن عدد السياح الوافدين على مصر لا يغطي إلا حوالي 30% من نسبة امتلاء الطائرة لان مصر غالباً ما تعامل كنقطة عبور إما في اتجاه مكة بمناسبة الحج والعمرة وإما باتجاه باقي الدول العربية التي توجد فيها جالية مغربية. ولتأكيد دور التأشيرة في الحد من مستوى السياحة البينية، سجل أن طول مدة الحصول على التأشيرة في السفارات المصرية غالباً ما يدفع بالمسافرين إلى تغيير وجهاتهم السياحية. مضمون الخطاب الذي تبناه الوفد المصري عكسته نوعية المشاركين في المعرض التي احتضنه فندق شيراطون، حيث لوحظ أن الترويج للإقامة في الفنادق الفخمة في مكة والمدينة المنورة غطى حوالي نصف المساحة المخصصة للأروقة، أما الحضور المغربي فكاد يقتصر على وكلاء الأسفار بينما المتحكمون في القرار السياحي لم يعملوا على اغتنام فرصة توافد الوفد المصري المكون من هيئات حكومية وممثلين عن القطاع الخاص. فرغم أن التواجد المصري بالمغرب يرمي بالدرجة الأولى إلى استقطاب المزيد من السياح المغاربة، إلا أن هذا لا يمنع من تبادل الرأي حول توفير منتوج سياحي مغربي يلائم الطلب المصري والتعريف بهذا المنتوج في الأوساط التي قيل عنها أنها بدأت تستفيد من ارتفاع مستوى الدخل وتتوفر على إمكانيات تحمل كلفة السفر. ومن باب المقارنة كذلك، سجل الوفد المصري أن نفقات السياح السعوديين ترتفع سنوياً إلى حوالي 12 مليار دولار إذ يصل عددهم سنوياً إلى حوالي 6 ملايين غير أن حصة الدول العربية من هذا المجموع تتراوح بين 600 ألف و 700 ألف سائح فقط. لقد حرص ممثل الجامعة المغربية لوكالات الأسفار خلال الملتقى المغربي المصري حول السياحة على أن يبين مزايا السياحة البينية ويبرز ?مفاتن- رؤية 2020 السياحية، غير أن نتائج 12 دورة من الملتقيات المغربية المصرية أفرزت الفوارق الشاسعة بين التصريحات والوعود الرسمية وبين النتائج المحققة علماً بأن ما ينفق في البنيات التحتية وفي توفير الموارد البشرية، يؤمن مضاعفة أعداد السياح الأجانب منهم والعرب، وبعد أن أعلن الوفد المصري استعداده لاستقبال الوفود المروجة للسياحة في المغرب، فإن المعرض الذي يرتقب تنظيمه في مصر بعد حوالي 3 اشهر يمكن أن يكون فرصة لتدارك أخطاء الماضي ولجعل السياحة بين البلدين منطلقاً لتقوية السياحة البينية العربية.