عرف المغرب في العشرية الأخيرة ارتفاعا مهولا في حالات الطلاق لأسباب متعددة, حيث تفيد إحصائيات لوزارة العدل والحريات بأن 56 ألفاً و198 حالة طلاق التي سجلت في 2011 توزعت بين «الطلاق بسبب الخلاف أو بسبب الإخلال بشرط في عقد الزواج وكانت الوزارة ذاتها قد نشرت إحصائيات حديثة تؤشر إلى ارتفاع قضايا الطلاق بالمغرب، معظمها نجم عن الخلافات بين الزوجيين, مبرزة أن النساء تفوقن على الرجال في طلب الطلاق، حيث إن الزوجات رفعن 40 ألفاً و728 قضية طلاق، مقابل 26 ألف حالة و547 حالة من طرف الرجال... يفهم من خلال هذه الأرقام أن المرأة المغربية لم تعد تعطي أهمية للصورة النمطية التي ارتبطت بالنظرة الخاطئة للمطلقة من طرف المجتمع، رغم أن المجتمع الحساني جنوب المغرب لم يكن له أي موقف سلبي منذ الازل من المطلقات, بل كان اول مجتمع يحتضن بناته المطلقات و يعتبر تواجدها في الاسرة شيء أكثر من طبيعي... ويرى الاخصائيون و الباحثون في علم الاجتماع أن حالات الطلاق تختلف من حالة الى أخرى, حيث من أهم الأسباب التي تؤدي إلى الطلاق الأسباب الاجتماعية وتتمثل في نوعية المعاملة بين الزوجين (العنف، الإهانة عدم الاحترام عدم الانسجام الإهمال عدم تحمل المسؤولية، مصاريف البيت، تربية الأطفال الصراع الدائم من أجل الهيمنة على الآخر،ثم حالات متعلقة الخيانة الزوجية التي يتسبب فيها أحد الطرفين بسبب الإهمال العاطفي والجنسي، و هناك أسباب أخرى لا تفصح عنها المرأة لأنها أكثر حميمية بالنسبة إليها ... إلا أن هناك حالات لزيجات يعترفن أن كل هاته الأسباب لا تعنيهن, بل كانوا يعشن مع أزواجهن حياة في قمة التفاهم والحب والحميمية وساهمن في تنمية موارد اسرتهن والعمل على نجاح حياة أزواجهن المهنية وبعد أن حقق أزوجهن الرقي الاجتماعي أو مراتب اجتماعية في المجتمع قرر هؤلاء التخلي عن زوجاتهم غير معترفين بتضحياتهن ،بل اعتبرت الزوجات هذا التصرف نوع من «غدر الرجال» خاصة و أن الأزواج لم يرى فيهن عيوب و أصبحوا يبدعون في الافتراء فقط من أجل تغيرهن فهن لم يعدن لائقات ... التقينا حالات متنوعة وكثيرة للأسف ،بل وصلت فيهم بعض النسوة الى العلاج النفسي من هول صدمة التغيير في المعاملة التي لحقتها من زوج ،كانت تعتبره سابقا رفيق العمر, فيه الاب والأخ والصديق والحبيب ليظهر لها بوجه آخر لم تكن تتوقعه بمجرد التغيير الذي لحقه واقعه الاجتماعي والذي للأسف لولا حكمتها هي و حسن تدبيرها و أحيانا تدخل بعض أفراد عائلتها لما حقق هو هذا الرقي... زوجي قرر تغيري بعد أن أوصلته للبرلمان... تحكي فاطمة رواياتها بأسف شديد عن صدمتها بزوجها الذي جمعها معه حب منذ الدراسة الثانوية ليقررا معا اكمال دراستهما الجامعية باروبا ،وبعد عودتهما الى المغرب نجحا معا في مشاريع تخص مجال تكونيهما العلمي ، اضافة الى أنها تساعده في إدارة مقاولتهما،فهي كانت تنشط في اعمال اجتماعية جعلتها محط حب وتقدير سكان منطقتها ، ليطالبوها هؤلاء السكان بالترشيح للانتخابات الجماعية وحصدت أصوات لم يحقق منافسها من الرجال .. في نفس السياق اقترح عليها مرة أخرى الترشيح,لكن للبرلمان مادامت تملك شعبية كبرى بالجهة, فترددت في الامر ليقترح عليها زوجها مساعدته هو للترشيح مادمت هناك فرصة لا يعقل أن تضيع, بالفعل هذا ما حصل ونجح فعلا زوجها رغم أن لا أحد بالمنطقة كان يعرف وجهه ،وبمجرد وصوله الى البرلمان أصبح يتغيب عن البيت والمقاولة تاركا لها كل الأعباء المنزلية والعملية ،وفي كل يوم يأتيها بحجة، لتكتشف بعد ذلك أنه ربط علاقات مع بعض المرهقات جعلته يتخلى عن واجباته وعن زوجته التي ساهمت في تغيير مساره المهني من مقاول الى برلماني ... وبمجرد ما رأته متلبسا في خيانة زوجية طالبته بالطلاق ولم تجد وسيلة للانتقام منه غير التفكير في ابعاده عن المقعد الذي غير من معاملته لها بعد أن ساعدته في الوصول إليه « أنا لي طلعتك للبرلمان أنا لي غادي نخرجك منو ..» لقد اتصلت بمنافسه السياسي في الانتخاب على ذلك المقعد البرلماني لاجل الطعن في نجاحه، وحين وصل موعد الانتخابات الجزئية التي سوف يتقدم فيها من جديد ضد منافسه ،قررت هي السفر في رحلة الى الخارج رفقة أبنائهما ،وتركته وحيدا في معركته الانتخابية التي لم يحصد فيها الا عشرة أصوات وجد نفسه خسر فيها الزوجة والمنصب البرلماني واحترام وتقدير الاهل و الاحباب .... بعد أن حولنا مساره من سائق الى قاض خرب حياتي بشططه في السلطة ... جاء ليعمل في بيت أهلي كسائق لوالدي الذي كان يعمل قاض من كبار رجال القضاء في المغرب وحين عمل لمدة سنتين فقط رفقة والدي اعجب بحسن أخلاقه وجميل معاملته وأيضا بذكائه الخارق وقرر مساعدته على مواصلة دراسته ،كونه لم يحصل على البكالوريا ليسجله والدي من جديد في بكالوريا الأحرارو وجلب له أساتذة في البيت, فهو أصبح يعتبره ابنا وكان دائما يقول له «سوف أورثك مهنتي التي لم يقبلها أبنائي « فأنا تخصصت في الادب الفرنسي واخي في الطب, بينما أختى الأخرى درست الهندسة، بالفعل نجح والدي في تغيير مسار سائقه عبر مساعدته في إتمام دراسته الجامعية ليحصل على دبلوم الدراسات المعمقة قانون خاص وباشراف دائم من والدي الذي يتتبع عن كثب مساره الدراسي مثلما كان يفعل معنا نحن أبنائه... جميع أفراد العائلة أعجبوا بحماس السائق وأسرار والدي على نجاحه أيضا وبعد فوزه في مبارة المعهد العالي للقضاء ،فاجأني بالتعبير عن اعجابه ورغبته في الزواج بي،بداية رفض أخي على اعتبار أن يبقى أخانا جميعا دون أن نحول شكل علاقتنا به، وحين علم الوالد شجع هذا الزواج على اعتبار أنه يعرفه جيدا مثل ما يعرف أبنائه ولا يمكن أن يجد لي خير منه فتزوجنا رغم أن كل قريباتي لم يشجعني منذ البداية على أساس اختلاف محيطنا الاجتماعي ... ولأننا تربينا على تواضع والدنا رغم علمه وماله فلم أعط للأمر أهمية ،بعد ست أشهر من زواجنا توفي والدي فبدأت تظهر لي بعض أطماعه المالية, حيث بدأ يلح على مناقشة اخوتي تقسيم الإرث بحجة أننا يجب أن نعيش في مستوى يليق بمقامه كقاض ،كنت حينها لازلت لم أتوفق في الحصول على عملي الان كأستاذة في معهد عالي... كتب لي اخوتي الأرض فعلا التي ورثت عن ابي وطلب مني هو بيعها ،لنبني فيلا لا يعقل أنني أريده أن يكون قاض نزيها مثل والدي و أن نعيش بأجرته البسيطة التي لا تغني من جوع، خاصة وأننا حسب تعبيره نعيش في زمن مادي ومجتمع لا يؤمن سوى بالمظاهر .. وبمجرد ما أنهينا بناء الفيلا التي أوكلته وكالة كتابية لبنائها على أساس أننا شركاء هو بالأرض و أنا بمصاريف البناء حيث كنت أقدم له شيكات بنكية لاكتشف بعد ذلك أنه كان يبعث أحد عمال البناء لصرفهم حتى لاتبقى لي حجة في ذمته .. لقد أنجبنا توأم بنات و ولد وبعد أن عين بأحد المدن الكبرى تغير الرجل بشكل جذري و اصبحنا نبدو له متخلفين وشكلنا لايليق به ويترقب أي عبارة أتفوه بها لتكون سبب شجارنا، وأمام وضعنا المكهرب قررت المطالبة بالطلاق, خاصة و أن أطفالي اصيبوا بعقد نفسية كلما رؤوه حيث لم يسبق أن عانقهم مثلما يأخذ الاباء أبناءهم في أحضانهم ... الاشكال لما طالبته بالطلاق وجدته يكسر بعض أشياء البيت ويتصل بمستشفى المجانين على أساس انني مختلة عقليا و وجودي في البيت يهدد أفراد أسرته ،ولولا الالطاف الإلهية حيث خرجت من باب المطبخ ولم يراني لأبلغ به عند الامن وأنا في كامل قواي العقلية لكنت اليوم في مستشفى المجانين... و عند الطلاق سوف يطالبني بإفراغ الفيلا بحجة انه في ملكه و سيرحلني انا و أبنائي لشقة مفروشة مستعملا جميع الهفوات القانونية و غير القانونية من أجل التحايل على مسكني الذي بنيته بمالي الموروث عن والدي .. هي عدة معاملات سيئة لم اتوقعها من رجل مثله لم نقدم له سوى المعروف ولقد دفعتني فعلا للأخصائيين من شدة الكآبة التي أصبحت اعيشها و أبنائي فلقد ندمني على يوم رأيته فيه اول مرة... لو كنت أعلم أنه سيغدرني لتركته تاجرا بسيطا... «عندك تخلي الراجل يربي الريش،حيث نهار يعمل جناح لابد يطير...» هذه نصيحة كلثوم لكل النساء وهي تحكي قصتها المحزنة» لقد كان زوجي الذي اخترته عن حب متبادل ،تاجر بسيط يبيع ملابس الأطفال بمدينة العيون ،وبعد جهد مني حيث اشتغلت لمساعدته في احد مصانع السمك ،قررت شراء بقع أرضية بالتقسيط خاصة وأن أثمناها بالجنوب في متناول الجميع... لقد استثمرت في البقعة التي اشتريت حيث بعد أن تضاعف ثمنها قمت ببيعها واشتريت اثنتان بعيدا عنها وكلما تضاعف ثمنها ابيع احدها واستثمر في الأخرى فبعد مدة ليست بالطويلة أصبحت أملك ثلاث بقع ورصيد في حسابي, فقررت بناء احداهما عمارة تتكون من اربع شقق ،لأجمع مداخلهم كل سنة وابدأ في الأرض الثانية.. لم تمر سوى سنوات عليهم حتى وجدت نفسي أتمم العمارات الأخرى بجهدي الشخصي وحاكمتي في المصاريف وحرمان نفسي من كثرة المشتريات والتبذير وبعد أن أصبحنا نملك هذه المباني قررت استغلال مراب أحد العمارات لاجهز لزوجي مقهى أصبح يشرف عليها ،وأصبحنا نملك سيارة راقية وتطورت حياتنا في سنة ليست هي الحياة الأولى وتغير أيضا معها كل شيء حتى القيم والحب الذي كان يجمعنا انتهى كل شيء جميل مع الفقر الذي كان يجمعنا.. ولأنني كنت أكتب كل شيء في اسمنا معا عن حسن نية ولان الصدق والإخلاص الذي يجمعنا أقوى من المال و «وسخ الدنيا» كان يتصرف في اموالي التي جنيتها بعد تعب وغالبا ما يخبرني أن مشروع المقهى غير مربح حيث لم يظهر منذ توليها أرباح. لاكتشف بعدها ان الحقيقة هي أن الأرباح تحول الى مكان أخر لقد فتح بيتا ثانيا ويصرف على أخرى من مالي الذي شقيت أنا في وجوده وحين فضح أمره رد علي بجواب بارد «الشرع عاطيني الحق في أربعة» لم أتوقع غدره ولا عملية الانقلاب التي كنت ضحيتها بأموال كنت أنا من ساهمت في وجودها حسبي الله ونعم الوكيل فيه ،فلم أتقبل الإهانة فطلقت منه لأجده سعيدا بقراري لينعم بحياته الجديدة فانا أصبحت من الماضي المؤلم و أذكره بأيام «الجايحة»... قد تتعدد الأسباب في الطلاق وقد يكون أحيانا هو السبيل الى الراحة من الطرفين بعد فشلهما في تدبير مؤسسة الزواج التي تحتاج الى العديد من المقومات والضوابط ونضج حقيقي، للحفاظ عليها لكن أن تكون الأسباب تتعلق بتغير النساء مع تغيير أوضاع أزواجهن الاجتماعية والمالية خصوصا،فقد تكون الضربة التي تلقتها الزوجة جد موجعة فهي تحس أنها كانت مخدوعة في حب مزيف ...