الرباط.. انعقاد الاجتماع ال 11 للجنة العسكرية المشتركة المغربية-الإسبانية    عودة تدريجية للتيار الكهربائي إلى عدة مناطق بإسبانيا بعد انقطاع واسع    رئيس الحكومة الإسبانية: ننسق مع المغرب وفرنسا لإعادة استقرار الكهرباء بعد الانقطاع الواسع    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الارتفاع    الطالبي العلمي .. إقلاع الجنوب رهين بتحقيق السلم والتوظيف الجيد لإمكانياتنا    التحالف الديمقراطي الاجتماعي في العالم العربي يؤكد دعمه للوحدة الترابية للمملكة ويرفض أي مساس بسيادة المغرب على كامل ترابه    أورونج المغرب تعلن عن اضطرابات في خدمة الإنترنت بسبب انقطاع كهربائي بإسبانيا والبرتغال    شبهات هجوم سيبراني بخصوص الشلل الكهربائي الشامل في إسبانيا    دوري أبطال أوروبا.. إنتر يواجه برشلونة من دون بافار    الرياح القوية تلغي الملاحة البحرية بميناء طنجة المدينة    أزيد من 3000 مشاركة في محطة تزنيت من «خطوات النصر النسائية»    نزهة بدوان رئيسة لمنطقة شمال إفريقيا بالاتحاد الإفريقي للرياضة للجميع    يضرب موعد قويا مع سيمبا التنزاني .. نهضة بركان في نهائي كأس الكونفيدرالية الإفريقية للمرة الخامسة في العقد الأخير    في بيان التحالف الديمقراطي الاجتماعي في العالم العربي التشديد على الالتزام الثابت بوحدة المملكة المغربية وسيادتها ورفض قاطع لكل محاولات الانفصال أو المساس بالوحدة الترابية    منتدى الحوار البرلماني جنوب- جنوب محفل هام لتوطيد التعاون بشأن القضايا المطروحة إقليميا وقاريا ودوليا (ولد الرشيد)    بوتين يعلن هدنة مؤقتة لمدة ثلاثة أيام    لماذا المغرب هو البلد الوحيد المؤهل للحصول على خط ائتمان مرن من صندوق النقد الدولي؟ محلل اقتصادي يجيب "رسالة 24"    الدار البيضاء.. توقيف عشريني بشبهة الاعتداء على ممتلكات خاصة    يوم انهيار الخدمات .. شل كهربائي ومائي واتصالاتي يضرب إسبانيا ودول مجاورة    أبوظبي .. المغرب يعمل تحت قيادة جلالة الملك على دمقرطة الولوج إلى الثقافة (بنسعيد)    منظمة الصحة العالمية: التلقيح ينقذ 1.8 مليون شخص بإفريقيا في عام واحد    انقطاع كهربائي غير مسبوق يضرب إسبانيا والبرتغال    مزور يؤكد على التزام المغرب بتعزيز علاقاته الاقتصادية مع الصين في إطار المنتدى الصيني العربي    لماذا لا يغطي صندوق الضمان الاجتماعي بعض الأدوية المضادة لسرطان المعدة؟    هشام مبشور يفوز بلقب النسخة الثامنة لكأس الغولف للصحافيين الرياضيين بأكادير    أزيد من 403 آلاف زائر… معرض الكتاب بالرباط يختتم دورته الثلاثين بنجاح لافت    403 ألف زاروا المعرض الدولي للكتاب بمشاركة 775 عارضا ينتمون إلى 51 بلدا    فعاليات المناظرة الجهوية حول التشجيع الرياضي لجهة الشرق    مصر تفتتح "الكان" بفوز مهم على جنوب إفريقيا    ترايل أمزميز.. العداؤون المغاربة يتألقون في النسخة السابعة    حمودي: "العدالة والتنمية" نجح في الخروج من أزمة غير مسبوقة ومؤتمره الوطني تتويج لمسار التعافي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    ندوة توعوية بوجدة تفتح النقاش حول التحرش الجنسي بالمدارس    تكريم سعيد بودرا المدير الإقليمي السابق لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بالمضيق الفنيدق    هيئة حقوقية تدين حملات التشهير ضد ساكنة بن أحمد    الذهب يهبط وسط انحسار التوتر بين أمريكا والصين    "البيجيدي" يحسم أسماء أعضاء الأمانة العامة والمعتصم رئيسا للمجلس الوطني    انطلاق جلسات استماع في محكمة العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل الإنسانية    خط جوي مباشر يربط الدار البيضاء بكاتانيا الإيطالية    منظمات حقوقية تنتقد حملة إعلامية "مسيئة" للأشخاص في وضعية إعاقة    متصرفو قطاع التربية الوطنية يطالبون بتدخل عاجل من أخنوش    دراسة: متلازمة التمثيل الغذائي ترفع خطر الإصابة بالخرف المبكر    بريطانيا .. آلاف الوفيات سنويا مرتبطة بتناول الأغذية فائقة المعالجة    اختيار نوع الولادة: حرية قرار أم ضغوط مخفية؟    رد حكيم من بوريطة.. إسكات استفزازات العالم الاخر ومسه بسيادة العراق    كيوسك الاثنين | قرار وزاري يضع حدا لتعقيدات إدارية دامت لسنوات    ثروة معدنية هائلة ترى النور بسيروا بورزازات: اكتشاف ضخم يعزز آفاق الاقتصاد الوطني    شهادات تبسط مسار الناقدة رشيدة بنمسعود بين الكتابة والنضالات الحقوقية    "جرح صعيب".. صوت عماد التطواني يلامس وجدان عشاق الطرب الشعبي    مي حريري تطلق " لا تغلط " بالتعاون مع وتري    التنسيقية الصحراوية للوديان الثلاث وادنون الساقية الحمراء واد الذهب للدفاع عن الارض والعرض تستنكر… ارض الصحراويين خط أحمر    العرائش: عزفٌ جنائزي على أوتار الخراب !    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    منصف السلاوي خبير اللقاحات يقدم سيرته بمعرض الكتاب: علينا أن نستعد للحروب ضد الأوبئة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ضحايا الزواج السلفي: 
نساء في عمر الزهور
 وأطفال بدون هوية
نشر في الأحداث المغربية يوم 28 - 09 - 2012


سلفيون يقضون وطرهم ويرمون نساءهم وينكرون أبناءهم!
كانت خطواتها متثاقلة بفعل الإنهاك من المشي الطويل، زادته أشعة الشمس عناء. رفعت أم أمينة (24 عاما) على مستوى رأسها ورقة كانت تحملها لتتقي بها من الشمس، فيما كانت تكافح بشكل متواصل حبات العرق الغزير التي غمرت وجهها. ورغم أن نقابها كان يغطي مجمل وجهها إلا أنه كان يفضح عرقها بسبب البلل.
أقبلت أم أمينة في ذلك الصباح على مكتب تسجيل الولادات بالمقاطعة قادمة إليه من أولاد بورنجة بسيدي سليمان تريد أن تسأل عن إجراءات تسجيل ابنتها وهي الأم التي لا تتوفر على عقد زواج أو إقرار رسمي من الأب بنسب ابنته إليه.
تصادف أن كان اليوم إضراب موظفي الجماعات المحلية، والموظفون جميعهم غائبون بالمقاطعة الحضرية الثالثة.. كانت خيبتها كبيرة فالمسافة التي تفصلها عن المقاطعة طويلة، وبالتالي فهي مضطرة للعودة من جديد يوم الإثنين بعد انتهاء أيام الإضراب.
زواج «الكفار»!
اتخذت أم سلمى زاوية بجانب بوابة المقاطعة بعيدا عن أشعة الشمس الحارقة قبل أن تقول «إنني أعيش أسوأ أيامي وقد تفاقمت مشاكلي إلى حد لا يمكن السكوت عنه بأي حال من الأحوال، لقد مشيت مسافة كيلومترات عدة تحت شمس حارقة دون أن أقضي حاجتي» .
أزاحت الورقة التي تمنع أشعة الشمس عن رأسها، وهي تتابع قائلة «كان عمري ثمانية عشر سنة عندما قرر والدي تزويجي بصديقه الذي يلتقيه بالمسجد.. رفضي لم يكن في محله فقد كان علي أن أفهم أن والدي سيزوجني بهذا الرجل الذي يكبرني بعشرين سنة تقريبا، حتى إن رفضت فوالدي رجل متشدد يؤمن أنه من الضروري أن تتزوج الفتاة في وقت مبكر ومن رجل مثله متشدد دينيا، فأذكر أنه تقدم لي ابن خالتي فرفضه والدي لكونه كان يعتبره رجلا كافرا وابن كافرين».
تقدم لخطبتها من والدها بعد أن علم من صديق مشترك أن لديه ثلاث بنات في عمر الزهور وعليه أن يتطوع لكي «يستر» واحدة منهن بعد أن تأخرن كثيرا في الزواج رغم أن الكبرى لم تتجاوز بعد الواحد والعشرين من عمرها.
كل ما كانت تعرف عنه، كما تقول، إنه رجل ذي لحية طويلة غزيرة الشعر ومخضبة بالحناء.. بكاؤها واستعطافها لوالدها لم يشفعا لها كي يتراجع عن قراره.. حتى عندما علم والدها أن هذا الرجل متزوج بامرأتين غيرها ولديه أربعة أطفال لم يعدل عن إتمام الزواج.
تقاطر على بيت أم أمينة في ذلك المساء من ليلة الخميس كما تحكي العشرات من الرجال الملتحين يلبسون جميعهم لباسا أفغانيا، وبعضهم فضل إطالة شعره ليحضروا عقد قران «الأخت المصونة» أم أمينة ب«الأخ المصون» أبو قتادة..كانت وليمة ضخمة أشرف عليها الوالد وجمعت بين قادة السلفيين بسيدي سليمان.
«لحم ودجاج محمر» على الطريقة التقليدية التهمه جميع الحاضرين في الوقت الي كانت فيه العروس تستعطف والدتها بأن تتدخل لدى والدها لعله يعدل عن فكرة تزويجها من رجل متزوج ويكبرها بسنوات. إلا أن والدتها كانت مشغولة بضيفاتها المنقبات.
قراءة الفاتحة كانت كافية لكي يجر أبو قتادة أم أمينة من يدها في اتجاه بيته الذي يفتقر إلى أبسط التجهيزات المنزلية بدعوى أن التلفزة و«البارابول» حرام ويسهلان دخول الشيطان إلى البيت. 
تقول أم أمينة «لم أكن سعيدة بزواجي بأبو قتادة، فمنذ اليوم الأول وهو يعاملني معاملة الجواري، أقوم بخدمته دائما، سواء كان ذلك في المطبخ أو الفراش، المهم هو إرضاء رغباته، فزيارة أهلي وصديقاتي والتوجه إلى الحمام الشعبي من المحرمات لديه، صحيح أنني كنت أعيش عيشة مشابهة في بيت والدي، لكن ليس بنفس الحدة، والأدهى من هذا أنه طلب مني أن أرتدي «السدل» بحيث لا يظهر من وجهي شيء حتى أنني أكاد أسقط في الشارع بسبب ضعف الرؤية عندما كنت أخرج في المرات القليلة جدا لزيارة والدته».
ورغم معاناة أم أمينة مع زوج متعنت وفض وعنيف في المعاملة العادية وكذا في معاشرته لها، إلا أنها أنجبت منه طفلة اختار لها من الأسماء أمينة الذي تزايدت معانتها معه بعد فترة من والدتها.
بعد فترة من ولادتها طلبت منه أن يسجل ابنته باسمه بعد أن نبهتها خالتها لهذا الأمر، رد عليها بأنه لا يمكنه ذلك لأنهما لا يتوفران على عقد زواج يوثق زواجه منها بعقد رسمي.
تقول أم أمينة وهي تستعد للعودة من حيث أتت «ردة فعله كانت قوية جدا فقد رفض رفضا تاما أن يؤكد زواجنا بعقد زواج رسمي بدعوى أنه لا يمكنه أن يتعامل مع أي جهة يعتبرها كافرة، وعندما أشرت إلى أن زواجنا بهذه الطريقة لا يمكنه أن يكون زواجا شرعيا كان رده غريبا فهو يعتبر أن الزواج هو الإيجاب والقبول وتوفر الولي والصداق وأن زواجنا تتوفر فيه هذه الأركان وعندما تساءلت معه عن مصيري وابنتنا كان رده ضربي ضربا مبرحا لأنني كنت أجادله في أمور لا تعنيني وأن جدال المرأة لزوجها حرام».
أصيبت أم أمينة بخيبة أمل من هذا الزواج فقررت أن تتوجه إلى بيت والدها في أول فرصة سانحة، فكان ذلك عندما خرج لحضور اجتماع مع أصحابه الملتحين. 
لم تجد في والدها الحضن الدافئ والرجل المتفهم لمحنتها فعنفها وطلب منها أن تعود إلى بيت زوجها قبل أن يعود.. كان يشاطره نفس الرأي وهو أنها زوجته شرعا أما الوثيقة فلا تؤكد أي شيء بينهما لأنها بدعة ابتدعها الكفار. 
خالتها غير المنقبة و«الكافرة» حسب والدها كانت ملاذها الأخير.
حملت ابنتها على كتفيها وتوجهت إليها لأنها كانت تعرف أنها الوحيدة القادرة على دعم قضيتها وهي توثيق زواجها ثم إلحاق نسب ابنتها بوالدها.
معركة ستكون طويلة حسب ما يقول الحسين كنون المحامي بهيأة القنيطرة لأنه عليها أولا أن تتوفر على العديد من الوثائق حتى يمكنها أن تسجل ابنتها باسم والدها لدى مكتب تسجيل الولادات، منها أهم وثيقة وهي شهادة ثبوت الزوجية، وإثبات زواجها من ذلك الرجل مسطرته تكون معقدة بعض الشيء وعليها أن تتوجه إلى المحكمة الابتدائية بسيدي سليمان وفي الأغلب يحكم في هذه القضايا بعدم القبول».
قررت أم أمينة أن تعود إلى بيت خالتها مجددا على أن تعود صباح يوم الإثنين لتعرف ما هي الوثائق التي يجب أن تتوفر عليها قبل أن تخوض هذه المعركة التي تقول إنها لن تتراجع عنها حتى ولو كلفها الأمر حياتها بسبب التهديدات التي أصبحت تتوصل بها من طرف زوجها.
دعاوى قضائية
قضية أم أمينة لم تصل إلى القضاء بعد وإن كانت تؤكد أنه لو كان من الضروري الوصول إلى القضاء فحتما ستصل إليه رغم التهديدات اليومية لزوجها بخطف ابنتها.
بالمقابل وصلت قضية خديجة البالغة من العمر عشرين سنة إلى القضاء واختارت محاميا بسيدي سليمان من أجل رفع دعوى قضائية لإثبات زواجها من الرجل السلفي الذي تزوجته زواجا شرعيا بحضور والدها وشاهدين، بالإضافة إلى بعض من أهلها وأهله.
فبعد مضي سنة واحدة على زواجه منها قرر تركها والزواج من صديقتها بدعوى أنها لا تنجب.. اعتقدت في البداية أنه تركها لفترة لأنه كان يريد أن يعيش له أياما كما يقال مع زوجته الثانية التي هي صديقتها إلا أنه في الحقيقة تركها بدون رجعة.
تدخل والدها لديه وطلب منه أن يعيدها إلى بيته حتى وإن تزوج ثانية لكن الزوج كان مصرا على العيش مع زوجته الجديدة، فطلب منه هذه المرة أن يطلقها.. لكن الزوج كان صريحا في جوابه «كيف يمكنني أن أطلقها ولا يربطني معها أي شيء لا وثيقة ولا أبناء».
جن جنون الأب الذي لم يكن راضيا على زواج ابنته من الشاب الملتحي كونه كان يعلم أنه ينتمي إلى جماعة محظورة، لكنه تحت إلحاح والده وافق على مضض، ومع ذلك فقد كانت له وجهة نظر أخرى في الموضوع، فقد اختار مجموعة من الأصدقاء المشتركين للتدخل لدى الزوج المتعنت، غير أن هذا الأخير ظل مصرا على قراره معتبرا أنه لم يتزوجها كي يطلقها فكان الحل هو اللجوء إلى القضاء.
القضاء لم ينصف هذه المرأة الصغيرة، لأنه يحكم بالأدلة والوثائق وخديجة لم تستطع أن تتوفر على أهم وثيقة وهي إشهاد من قائد المنطقة التي تقطن بها على أنها متزوجة من ذلك الرجل. 
قائد المنطقة لم يستطع التوقيع لها على شهادة تؤكد ارتباطها بهذا الرجل كونه لم يتسلم من المقدم الذي كلفه بمهمة تقصي الحقيقة أي وثيقة تؤكد على أنها عاشت مع ذلك في إطار علاقة منتظمة وغير منقطعة.
فمنذ أن تم الزواج وهي لا تخرج من بيت زوجها ولا تختلط بجيرانها ولا تتوجه إلى السوق ولا إلى الحمام فقد كان زوجها يعتبر أن لها خرجتين، خرجة من بيت أهلها إلى بيت زوجها وخرجة ثانية إلى قبرها. 
الحسين كنون أشار إلى أن سيدي سليمان يعج بالعديد من الحالات المشابهة لرجال أغلبهم من الملتحين المتشددين تزوجوا بفتيات في عمر الزهور دون عقد ملزم لهم، على اعتبار أن أركان الزواج هي القبول والإيجاب وحضور الولي ثم الصداق والشاهدين، ما عدا هذا فلا يعتبر ركنا إنما بدعة ابتدعها الكفار وهم لا يريدون أن يتشبهوا بالكفار ولا بأفعالهم، وفي الأغلب تكون الضحية الأم ثم الأطفال والمجتمع ككل.
واعتبر المحامي الحسين أنه من خلال القضايا التي ترد على مكتبه، فإن زواج السلفيين بالفتيات الصغيرات دون عقد في تزايد مستمر وعلى الجهات المسؤولة أن تتخذ إجراءات زجرية مع هذا النوع من الزيجات.
«عندما اعترف بنسب ابنته وعدم زواجه مني اعتبرت نفسي أنني كنت أعيش معه في الزنا وليس في الحلال وأنني أنجبت معه هذه البنت سفاحا». بهذه العبارة بدأت أسماء حديثها لتسترسل قائلة، وهي تقوم بتعديل المنديل التي تضعه علي رأسها بعد أن نزعت النقاب مؤخرا بعد أن علمت أن ما كانت تؤمن به كذبا وغشا وتدليسا كما تقول «تزوجته ووثقت فيه وفي والدي الذي نصحني من رجل فاضل ملتزم بدينه، فقد وافق عليه جميع أفراد عائلتي فقد كان صديقا لخالي المعروف بتشدده في الدين، تزوجته وكنت أضع آنذاك الحجاب فقط وعندما تزوجته وأنا ابنة السابعة عشر من عمري وضعت النقاب بطلب منه وأصبحت أرتدي ملابس سوداء تغطي جسمي بأكمله حتى إنني إذا ألتقي أهلي في الشارع لا يعرفونني. سلمت له نفسي بكل ما تحمله الكلمة من معنى ووعدني أن يعاملني معاملة الرسول صلى الله عليه وسلم لزوجاته ولكن للأسف تغير بعد إنجابي لابنتنا بحيث قرر الزواج من امرأة أخرى وبنفس طريقتي أي بدون عقد، وعندما سألته عن السبب قال لي، وهل أنت امرأة إنه بمجرد إنجابك لم تعودي المرأة التي أرغب فيها، طلبت منه أن يوضح الأمر أكثر فقال لي إنه لا يمكن أن يستمتع بمعاشرة امرأة أنجبت لأن فرجها يكون قد أصابه الترهل بسبب الولادة»!!.
كانت صدمتها كبيرة وهي التي لم تعتقد في يوم من الأيام أن زوجها سيتزوح بأخرى فقررت أن تطلب منه الطلاق، فطلقها بنطقه كلمة «أنت مطلقة طلاق الثلاث»، لكنها عندما عادت إلى بيت أسرتها تذكرت أن هناك طفلة تعد من تبعات هذا الزواج ومن الضروري أن تنسبها إلى أبيها، فأدركت أنه لا يوجد عقد زواج كما ذكرها ابن خال والدها المحامي.
«كنت مضطرة لرفع دعوى قضائية تقول أسماء، لإثبات علاقتي الزوجية به أولا ثم لكي ألحق نسب ابنتي ، لكن المحكمة رفضت قبول الدعوى لكوني لم أستطع الحصول على الوثيقة التي تؤكد أنني كنت أعاشره معاشرة الأزواج بمعنى أنني كنت أقيم معه على أنني زوجته، لكنه وفي آخر المطاف اعترف فقط بأنه والد الطفلة وأنا الآن في صدد تسجيل ابنتي أما حقي كزوجة فقد ضاع وأدركت أنني، فرطت فيه عندما وافقت على الارتباط برجل دون عقد وفرط فيه والدي لكونه كان موافقا على زواجي بهذه الطريقة».
دعاوى عديدة يشير الحسين كنون تعرفها المحكمة الابتدائية بسيدي سليمان كان الغرض إثبات إقامة علاقة زوحية إلا أن المحكمة حكمت بعدم القبول فضاعت حقوق الزوجات وأغلب هذه القضايا كان أبطالها ملتحون.. وهذا ما تؤكده موظفة بالمحكمة الابتدائية بسيدي سليمان، حيث ترى أن العديد من النساء تقدمن طلبات توثيق الزواج من هؤلاء، وتقول «عادة ما يأتي حتى الزوج لتوثيق زواجه من زوجته وعندما يطلب منه القاضي أن تكشف زوجته عن وجهها لكي يراها ويعرف من تكون يرفض الزوج وبالتالي يعود من حيث قدم دون توثيق زواجه فيضيع حق الزوجة وحق الأبناء».
مكتب تسجيل الولادات
غير بعيد عن مكتب المحامي توجد المقاطعة الحضرية الثالثة بسيدي سليمان، هناك وقفت موظفة أمام بوابها يشير بأصبعه إلى الأحياء الهامشية والدواوير المحيطة بهذه المقاطعة وهي تقول «من هذه المناطق تأتي العديد من النساء لكي تسجل أبناءها بمكتب تسجيل الولادات، لسن كلهن أمهات عازبات ولكن بعضهن يكن ضحايا ما يسمى بالزواج السلفي».
وتضيف على أن هؤلاء النساء عادة ما يأتين لتسجيل أبنائهن بعد فترة طويلة من الولادة أو بعد استنفاد جميع وسائل إقناع الزوج بالاعتراف أولا بالزواج وثانيا بالطفل.
يتوفر مكتب تسجيل الولادات على وثاق العديد من الحالات المشابهة لحالة أم أمينة وخديجة وأسماء، فهناك العديد من النساء في عمر الزهور تقدمن لهذا المكتب لطلب استخراج وثيقة الولادة خاصة بأطفالهن، وفي كثير من الأحيان يأتين بدون وثائق تذكر، اللهم «إنني متزوجة من والده زواجا شرعيا» لكن بدون وثيقة تقول الموظفة.
عادة ما تطلب الموظفة من هؤلاء النساء وثائق عديدة لتسجيل أبنائهن بالحالة المدنية، وهذه الوثائق تتحدد في نسخة موجزة من رسم ولادة الأم وشهادة طبية يسلمها الطبيب المولد أو المولدة وشهادة الحياة، لكن أهم وثيقة التي يجب أن تكون ضمن وثائقها لا تستطيع أن تتوفر عليها وهي الشهادة التي تؤكد ثبوت العلاقة الزوجية.
والنتيجة حسب موظفة مكتب تسجيل الولادات هي أن الطفل عادة ما يسجل في الحالة المدنية مجهول الأب رغم وجود أب فعلي له فتختار له اسما شخصيا واسم أب مشتق من أسماء العبودية لله تعالى واسما عائليا خاصا به.
فاطنة إحدى ضحايا هذا الزواج الغريب عن مجتمعنا والتي اضطرت إلى تسجيل ابنها في الدفتر العائلي على أنه مجهول الأب بعدما رفضت المحكمة قبول دعواها لعدم توفرها على الوثائق الضرورية لإثبات الزواج، فاضطرت إلى تسجيله مجهول الأب.
تقول فاطنة «ذنبي على با أنا كنت صغيرة وزوجني بواحد اللحيا اللي كاي كولو الناس راه كيتزوج بالواحدة ويهرب وزوجني ليه لأنو كانت عندو اللحيا والدينار وعطاه فيا 100 ألف ريال هرب بعدما تزوجني بالفاتحة ضيعني با وضيعني راجلي وأنا ضيعت ولدي».
* الأسماء الورادة 
في التحقيق جميعها مستعارة، حفاظا على سلامة الضحايا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.