كلما تحدثنا عن المرأة يحركون علينا لحاهم..والدعم المخصص للأرامل ليس من عند بنكيران بل من دافعي الضرائب ميدلت/ مبعوث الجريدة: أحمد بيضي أمام حشد غفير فاضت به إحدى القاعات بميدلت، رغم رداءة أحوال الطقس والتساقطات الثلجية، جدّد الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إدريس لشكر، دعوته من أجل «فتح حوار وطني مسؤول حول أراضي الجموع»، وبالعمل الفوري على ضرورة «مراجعة ملف الأراضي السلالية بإشراك أبنائها»، معبرا عن أسفه إزاء عدم إنصاف مناطق الأطلس المتوسط ما بعد الاستقلال، وهي التي «طردت المستعمر ولم تحصل على أراضيها التي ورثها الأبناء أبا عن جد، واستحوذ على مئات الهكتارات منها المعمرون الجُدد وشركات للدولة باسم التنمية الفلاحية، أو تم اكتراؤها لأشخاص لا علاقة لهم بها في ظروف عشوائية»، وكم تساءل الكاتب الأول عن ملابسات هذا الملف، وكيف أضحى أبناء الأرض الشرعيين «خمَّاسَة» فيها أو عمالا خارج قاعدة المصالحة الاجتماعية التي تستدعي احترام العدالة والإنصاف والعيش الكريم. وخلال كلمته في افتتاح المؤتمر الإقليمي الثالث، المنعقد، بعد زوال يوم السبت 21 مارس 2015، تحت شعار :»معاً من أجل تعزيز المكتسبات التنموية لإقليم ميدلت داخل الجهة الجديدة»، لم يفت الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية التأكيد على استعداد الحزب «تبني هذا الملف العادل والمشروع بالنسبة لأصحابه المظلومين»، باعتبار الملف «من القضايا التي تضع على عاتقنا أهمية الدفاع المتواصل عن ضرورة إقامة حوار وطني»، معلقا في هذا الصدد، ب «أنه في الأمس كان الجميع على خط الدفاع عن الاستقلال وتحرير الأرض، واليوم ليس من المزايدة في شيء أن يدافع أبناء المنطقة عن حقهم في الأرض باسم الكرامة والعدالة الاجتماعية»، علما، يضيف إدريس لشكر، «أن البلاد عرفت عدة تحركات أنتهت كلها بالرصاص والاعتقالات والمحاكمات الصورية، فقط لأن قبائل هذه البلاد، ومنها قبائل ميدلت والأطلس المتوسط، رفضت مظاهر الظلم والاستغلال والاستبداد»، والمؤكد أن التقارير كلها ما تزال شاهدة على نضالات هذه المناطق. وارتباطا بالموضوع، سجل الكاتب الأول، بمرارة، وضعية عدة أراض أضحت «مستغلة من طرف أجانب عوض أبناء البلاد»، وتساءل: «أين نحن من المغرب الأخضر الذي يؤكد على الشراكة مع المواطن؟ وكيف يمكن تفسير حالة الأبناء المعطلين الذين أرادوا الاستثمار في أراضيهم فوجدوها بيد الأجانب»، داعيا إلى «تضمين البرامج الحزبية الاهتمام بشريحة الشباب والمعطلين الذين هم في حاجة للمساعدة والدفاع عن حقهم في التمويلات البنكية لتنمية مشاريعهم على أراضيهم المسلوبة»، قبل توقف الكاتب الأول عند حالة تسويق التفاح رمز المنطقة، وربطه بالسياسة الممنهجة في ما يتعلق ب «تمويلات المغرب الأخضر» التي أدت بالكثيرين إلى حافة الإفلاس والتفقير بسبب «غياب المصاحبة المتمثلة في التسويق الجيد والإستراتيجية الحكيمة، سيما أمام علم الجميع بموقع البلاد على ضفتين بحريتين كافيتين لتشجيع ودعم تسويق منتوجات المنطقة والبلاد»، يضيف الكاتب الأول. من جهة أخرى، ومن خلال كلمته التي تابعها حضور مكثف باهتمام وتفاعل عميقين، وجه إدريس لشكر تنبيهاً للسلطات بالقول «إن اليوم ليس هو الأمس، لا أحد يقبل اليوم بالظلم على اعتبار أن الآباء ضحوا بما يكفي»، موضحا أن «الأمن الذي ينعم به المغرب لم يأت عبثا, بل جاء بالتضحيات التي قدمها الشعب خلال سنوات السبعينات والثمانينات والتسعينيات»، ليتوقف عند مضامين الدستور الجديد الذي وصفه ب «الطموح والإصلاحي الكبير»، إلا أنه لم يستسغ جعله من طرف الحكومة الحالية من دون معنى، عندما عمدت هذه الحكومة إلى إفشاله بعدم تفعليه، رغم أن نفس الدستور وعد بأن الحكومة هي المعنية بتنزيله على أرض الواقع. وفي سياق كلمته أمام المؤتمر الإقليمي, أكد أن حكومة بنكيران فشلت في محاولاتها التمويهية، إذ «بعد وعي الشعب المغربي بظروف المرحلة مثلا، وإجماعه على التمسك بالاستقرار والأمن، استغل رئيس الحكومة ذلك من خلال خرجاته، وفسره على هواه بالادعاء أن الشعب المغربي راض على الزيادة في الأسعار والتدخلات العنيفة»، بمعنى أنه لا ينتفض ولا يتكلم، حيث لم يفت لشكر التعليق ب «أن الشعب ليس راض بسياسة الحكومة بل متسلح بالصبر إلى حين»، سيما في وقوف هذا الشعب على ما وقع في بلدان عربية معينة بعد الربيع العربي، وعندما ارتفعت هتافات القاعة للمطالبة بإسقاط الحكومة رد الكاتب الأول ب «لا نطالب بإسقاطها بل بمحاسبتها أولا»، واصفا هذه الحكومة ب «البلاء» الذي نزل على رأس هذا الشعب، وأن الأوضاع قد بلغت بالمواطنين حدا لا يطاق. وفي معرض كلمته، أشار إدريس لشكر لقرار الحكومة برفع الدعم عن المواد الأساسية حتى بالرغم من انخفاض سعر الوقود بالأسواق العالمية، والتي كان عليها، يضيف لشكر، أن ترفع الضرائب عن هذه المواد وليس الدعم، محذرا من تبعات الزيادات المتتالية في المواد الأساسية، وما سوف ينتج عن ذلك من مستقبل غير محمود العواقب، وفي الوقت ذاته أشار إدريس لشكر لانعكاس قرار رفع الدعم على سعر حطب التدفئة مثلا، الذي يعتبر بالنسبة للمناطق الباردة كإقليم ميدلت بمثابة الخبز، واصفا قرارات الحكومة بالجائرة لاستهدافها ضرب القدرة الشرائية للمواطن المغربي، وإجهازها على مكتسباته في العيش الكريم، ما بات يهدد السلم الاجتماعي بصورة كارثية. وضمن معرض حديثه عن الحكومة، تطرق إدريس لشكر للقانون المالي الرابع الذي ستتم مناقشته، رغم «أن الحكومة ما فتئت تقدم وعودا شتى في ظل ظروف لم تعد تسمح بالإبقاء على هذه الوعود عقيمة»، مذكرا الحضور الغفير بمنجزات ومشاريع حكومة التناوب التي كان يقودها عبدالرحمان اليوسفي، وسياسة محاربة أثار الجفاف وما تلاها من ربط طرقي وماء وكهرباء وأوراش تنموية. وفي ما يتعلق بالنضالات النسائية، انطلق إدريس لشكر في كلمته بانتقاد رئيس الحكومة ونظرته التحقيرية والاستفزازية للمرأة، وتراجعات هذه الحكومة في ما يتعلق بمجال حقوق النساء، مشيرا إلى «أننا كلما تحدثنا عن المرأة «يحركون علينا لحاهم»»، متطرقا للمسيرة النسائية التي شهدتها العاصمة الرباط بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، حيث لم يخجل عبدالإله بنكيران، يقول لشكر، من استمراره في احتقار النساء، في حين تحدث عن مسألة الإجهاض وتدخل الملك في هذا الملف الذي سبق للاتحاديين أن نالوا بسببه الكثير من الهجومات المجانية. وبينما لم يفت الكاتب الأول الإشارة إلى محاولة ركوب رئيس الحكومة على رمز البلاد بتصريحات وأوهام متهورة، من خلال توظيفه لاسم جلاله الملك في ترهاته الابتزازية، حذر الجميع من «مغبة الوقوع في نفس المخطط المتمثل في وضع نسخة مكررة من الحكومة الحالية على كرسي الحكم خلال الاستحقاقات المقبلة»، واصفا الصوت الانتخابي بالأمانة التي ينبغي منحها حقها اللائق بها. وضمن تطرقه للحياة النسائية، دعا الأرامل إلى تعبئة الاستمارة المعلن عنها، مؤكدا «أن هذه الاستمارة لا علاقة لها بحزب العدالة والتنمية الذي يسعى إلى استغلالها»، على اعتبار أن «الدعم المالي المخصص للأرامل ليس من صندوق هذا الحزب بل من دافعي الضرائب»، وفي الوقت ذاته لم يفت الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية توجيه انتقاد قوي لرئيس الحكومة الذي «ينظم تجمعاته بسيارات الدولة وأموال الدولة وموظفي الدولة، والأدهى أنه يتحرك كأمين عام لحزب وليس كرئيس حكومة»، ما لن يعتبر إلا فسادا وشططا وهدرا للمال العام، ومن هنا جدد إدريس لشكر دعوته إلى ضرورة محاسبة الحكومة طالما أننا في دولة ديمقراطية. وعلى صعيد آخر، رأى الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أن «المناضل داخل الاتحاد الاشتراكي والمتعاطف مع هذا الحزب هما سواسية»، داعيا إلى توزيع البطاقات الحزبية على الجميع «ليكون لحامليها الحق في اتخاذ القرار والاختيار بحرية»، طالما أن الواقع العام للمجتمع لم تعد تتحكم فيه العقليات الاحتكارية، منبها الجميع لدقة المرحلة من أجل الدفاع عن المكتسبات والانتماء إلى الحزب، وداعيا رؤساء الجماعات المحلية إلى العودة لمنتخبيهم لتقديم الحصيلة والحساب مادامت المسؤولية من دون معنى في حال عدم ربطها بالمحاسبة. وكان الكاتب الأول قد افتتح كلمته بالحديث عن رمزية المنطقة وتاريخها الوازن، مع دعوته إلى «ضرورة الاعتراف لهذه المنطقة بجهادها وكفاحها»، مذكرا في نفس الآن بأهداف الاستعمار الفرنسي من وراء احتلاله المنطقة، ومنها ميدلت التي كانت تسمى ب «باريس الصغيرة» بهدف جعلها مجرد ضيعة خاصة بالمستعمر الأجنبي الذي اصطدم بمقاومة شرسة من لدن نساء ورجال هذه المنطقة، مشددا في هذا الصدد، على ضرورة تمكين المنطقة، وباقي مناطق الأطلس، من تأهيل أفضل للموارد الطبيعية، وبما يمكن من الارتقاء بتنميتها اقتصاديا واجتماعيا. كلمة سعيد شباعتو أشغال المؤتمر الإقليمي الثالث لميدلت دشنها الكاتب الجهوي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ورئيس جهة مكناس تافيلالت، سعيد شباعتو، بحديثه عن أهمية المعارضة البناءة التي ينهجها الحزب، انطلاقا من تصوراته المجتمعية الهادفة إلى بناء البلاد والرقي بها إلى الأمام، في حين لم يفته استعراض حصيلة تسييره للجهة على مدى أزيد من 15 سنة بحكمة وحكامة ومنهجية ديمقراطية، من حيث أن «الرئيس الديمقراطي لا يحتاج إلى أغلبية»، حسب تعليقه، مشيرا لوجود فريق يعمل مدى الليل والنهار، ليوجه نداءه لبعض وسائل الإعلام المحلية التي تخرج من حين لآخر بمعطيات وأخبار غير منصفة، حيث وضع الجميع في ما قام به مجلس الجهة من منجزات على مستوى الكهربة التي بلغت 97 بالمائة، إضافة إلى تشييد 11 قاعة مغطاة وتوفير ما يقرب من 80 سيارة إسعاف، علاوة على بناء عدة طرق ومسالك، والتدخلات المثمرة في ما يتعلق بالقطاع الفلاحي. ولم يفت رئيس الجهة الرد على بعض الأصوات التي تحدثت عن «سخائه» في المنح الموزعة على الجمعيات، حيث أشار بوضوح للميزانيات التي برمجت في هذا الشأن بإجماع المستشارين، على أساس توزيعها دون تمييز ولا غموض ولا سياسوية أو استثناء، وكل جمعية تضع ملفها تتم دراسته بجدية وقانونية، وبينما استدل ب «عدم توظيف التدبير المالي لهذا الملف»، أكد على استعداده لإعطاء الحصيلة بشفافية في أي وقت للوقوف على حقيقة الأرقام والبيانات الكفيلة بإعطاء صورة واضحة عن منجزات ومناهج التدبير وترشيد النفقات. من جهة أخرى تطرق سعيد شباعتو لبعض المشاكل التي يعاني منها إقليم ميدلت، مثل مشكل العقار الذي يحتاج إلى تدبير جماعي قانوني، ثم الأراضي السلالية التي تحدث عن ملفها بتفصيل كامل تاريخيا وراهنا، وكيف طرحه أكثر من مرة على السلطات المركزية والإقليمية دون جدوى، ثم على طاولة وزير الداخلية الذي تمت مطالبته بالتدخل لإعطاء أصحاب الأرض حقوقهم وليس تغطية المشكل بحجاب السياسة التنموية، كما لم يفته انتقاد البعض ممن يتهمونه بنهج السياسوية في قضية الصراع الدائر بين آيت عياش وأيت مولي الذين عليهما تغليب كفة الجوار بينهما، يقول سعيد شباعتو، مؤكدا أن ما يروجه البعض هو لون من ألوان العبث المجاني. وفي السياق ذاته توقف سعيد شباعتو في كلمته لتحذير قائد إيتزر من الاستمرار في اللعب بالنار، من خلال استفزازات هذا المسؤول المحلي للسكان وحشر أنفه في ملف الأراضي السلالية بخلفيات وأهداف مبيتة، في حين استنكر شباعتو ما يجري، من حين لآخر، من تعسفات وانتهاكات على صعيد الإقليم، وشدد على ضرورة احترام حقوق الإنسان حتى لا يتم الميل لخيار المواجهة، كما انتقل إلى حقل القضاء من خلال تأكيده على أن لا أحد يقبل باعوجاج استقلالية القضاء. بعدها لم يفت سعيد شباعتو التركيز على بعض القضايا الأخرى التي تعيشها المنطقة، ومنها العزلة، بالقول إن مجلس الجهة عقد عدة اتفاقيات لتطويق هذا المشكل، كما تم طرق الكثير من الأبواب المسؤولة، قبل توقفه عند وضعية الفلاحة, بالدعوة إلى نهج طرق سليمة للتضامن، وإحداث تعاونيات كبرى. كلمة اللجنة التحضيرية للمؤتمر وقبله، تقدمت اللجنة التحضيرية للمؤتمر بكلمة شاملة، ألقاها إدريس الصالحي، بكلمة شاملة وتنظيمية متميزة، استعرض من خلالها ظروف انعقاد المؤتمر الثالث للإجابة عن السؤال التنظيمي والسياسي، واتخاذه لشعار: «معا من أجل تعزيز المكتسبات التنموية لإقليم ميدلت داخل الجهة الجديدة»، لقناعته بنجاعة وأولوية استنبات شروط تنمية مجالية محلية في ظل تقطيع جهوي جديد ألحق الإقليم الفتي بجهة درعة تافيلالت. ورأت كلمة اللجنة، من جهة أخرى، أن «المدخل الاجتماعي لتفادي الاحتقان والاحتجاج هو المدخل الأنسب والأساسي»، كما أن المبادئ الموجهة للتنظيم الحزبي أشارت إلى «ضرورة جعل الجهات كيانات حقيقية ذات صلاحيات واختصاصات واسعة»، في حين أكدت اللجنة التحضيرية أن من مهام التنظيم الحزبي هو «الاستمرار في ملامسة انتظارات الساكنة، مع التقيد بأسلوب المكاشفة بعيدا عن لغة الوعود والأماني»، وأيضا مع إعمال ربط المسؤولية بالمحاسبة من أجل كسب رهان إعادة الاعتبار للعمل السياسي. وأشارت كلمة اللجنة التحضيرية بالتالي إلى أن «برلماني الحزب ورؤساء الجماعات وعموم المنتخبين الاتحاديين بالإقليم على استعداد كامل لعقد لقاءات مفتوحة مع الساكنة من أجل تقديم الحصيلة والمساءلة والمكاشفة»، انطلاقا من وعي حزب القوات الشعبية بدوره في مسار بناء المجتمع الديمقراطي الحداثي والمحارب للانغلاق والتطرف. أجواء المؤتمر الثالث المؤتمر الإقليمي الثالث لميدلت، الذي تم تزيينه بصور شهداء الحزب، ولم تنقطع خلال افتتاحه الهتافات والشعارات الحماسية، حضره إلى جانب الكاتب الأول إدريس لشكر، أحمد أبوه، حنان رحاب، فاطمة بلمودن، خديجة القرياني وسعيد شبعتو، إضافة إلى الكتابات الإقليمية بالجهة، وأعضاء الكتابة الجهوية، وكافة المناضلين والفاعلين والمنتخبين الاتحاديين والاتحاديات من الإقليم، في حين حضر مناضلون من مناطق أخرى كورزازات، زاكورة، تنغير، الحاجب، الراشيدية، ميسور، فضلا عن هيئات سياسية وجمعوية وحقوقية ونقابية وثقافية وفنية، ومنابر إعلامية ورقية والكترونية. وبينما تميزت أشغال الافتتاح بحضور المناضل زايد أوبراهيم الذي وقف له الحاضرون إجلالا وتصفيقا حارا، تمت دعوة الحضور إلى وقفة ترحم على أرواح ثلاثة مناضلين اتحاديين رحلوا إلى جوار ربهم، وهم بوعزة باكي، مولاي العربي الهيلالي ومولاي الشريف البوحاميدي.