الاتحادي هو المناضل الميداني وليس هو الذي يكتفي بحمل بطاقة العضوية في الحزب أكد الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إدريس لشكر، في افتتاح المؤتمر الإقليمي الثاني لإفران بمدينة أزرو، أن «الوقت قد حان لفتح حوار وطني مسؤول حول أراضي الجموع»، مضيفا أنه كان له شرف الالتقاء بعدد من بنات وأبناء المنطقة وفعالياتها، وتم الاتفاق على «أن يبادر الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إلى تبني هذا الملف ما دام الحق يؤخذ ولا يعطى»، مشيرا في هذا الصدد إلى أنه بالأمس كان الجميع على خط الدفاع عن الاستقلال وتحرير الأرض، ومن الطبيعي اليوم أن يكون من حق أبناء المنطقة الدفاع عن حقهم في الأرض باسم الحرية والإنصاف والكرامة والعدالة الاجتماعية. وارتباطا بالموضوع، سجل الكاتب الأول، بمرارة، مظاهر النهب والاستغلال الني تعرضت لها العديد من الأراضي بالمنطقة، وأضحت «أراض مستغلة من طرف أجانب عوض أبناء البلاد»، ما يطرح السؤال: أين نحن من المغرب الأخضر الذي يؤكد على الشراكة مع المواطن؟ وإذا كنا في دولة الحق والقانون، يضيف لشكر، فعلى الحكومة أن تنفذ دفتر التحملات. وعلى هذا المنوال ذكر أساسا بالمواطنين الذين تم إخراجهم من أراضي أداروش، قائلا بأن هؤلاء لا يطالبون إلا بإحقاق الحق والانصاف، وتطبيق العقد وتنفيذ دفتر التحملات. وخلال كلمته في المؤتمر الإقليمي الثاني المنعقد يوم الأحد فاتح مارس 2015، تحت شعار :»من أجل تنمية مستدامة منصفة للجبل قوامها التدبير التشاركي المعقلن»، شدد إدريس لشكر على ضرورة ما أسماه ب «المصالحة الاجتماعية والاقتصادية»، «إذ ما دامت بلادنا تريدنا أن نتصالح، وأنها أسست لمصالحة سياسية، يقول لشكر، فلا بد أن يكون تصالحنا لأجل إرجاع الحق لأصحابه على قاعدة مصالحة اجتماعية تحترم العدالة والإنصاف». وفي كلمته دائما، التي تابعها حضور مكثف باهتمام وتفاعل عميق، ذكر الكاتب الأول برمزية المنطقة وتاريخها الوازن، مع دعوته إلى «ضرورة الاعتراف لهذه المنطقة بجهادها وكفاحها»، ومذكرا في نفس الآن بمحاولات الاستعمار الفرنسي ونواياه «لبسط نفوذه على المنطقة باعتبارها المركز ومصدر الماء والغابة والثروات»، كما تكتسي أهمية جغرافية واقتصادية حيث كان لنسائها ورجالها معارك بطولية في مواجهة هذا الاستعمار، ما سيمتد لاحقا إلى ما بعد الحقبة الاستعمارية عندما تعرضت المنطقة لحقها من موجة الاضطهاد والقمع، يضيف الكاتب الأول الذي عبر عن تنويهه بأحد الشعراء الأمازيغ الذي شارك في افتتاح المؤتمر، وتغنى بالنضال الاتحادي ضد الاستبداد والظلم. ولم يفت الكاتب الأول بالتالي استحضار معاناة المنطقة والأطلس المتوسط خلال سنوات الجمر والرصاص، يوم كان كل واحد يجهر بعبارة «اللهم إن هذا منكر» تنزل القوات القمعية فتضربه وتدك كل المنطقة، كما يتذكر لشكر، مشاهد نساء ساقهن الجلادون إلى الزنازين مع أطفالهن في السبعينيات، ليرفع من لهجته عبر وصفه للمنطقة بالمنطقة التي «كافحت من أجل ما نعيشه وما ما وصلنا إليه اليوم»، مشددا في هذا الصدد على ضرورة تمكين هذه المنطقة، وباقي مناطق الأطلس، من تأهيل أفضل للموارد الطبيعية، وبما يمكن من تطوير أنشطة من شأنها الارتقاء بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية. ومن جهة أخرى، أكد الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية على ضرورة «تعزيز وتقوية مكونات المجتمع المدني بفاعلية أكبر»، داعيا المؤتمرات والمؤتمرين إلى الانفتاح على المجتمع وفئاته ومكوناته، ورأى من خلال خطابه التوجيهي ب «أن الاتحادي هو المناضل الميداني وليس هو الذي يكتفي بحمل بطاقة العضوية في الحزب ويغلق على نفسه»، وأنه على الاتحاديات والاتحاديين «نهج نضال القرب طالما أن الواقع العام للمجتمع لم تعد تتحكم فيه العقليات الاحتكارية»، وزاد فأكد أنه «سيجعل من بطاقة العضوية حقا للجميع وليس حكرا على البعض دون الآخر»، منبها الجميع لدقة المرحلة من أجل الدفاع عن المكتسبات والانتماء الى الحزب. كما دعا إلى فتح الباب والانفتاح الحقيقي على كل المبادرات المجتمعية، من حيث أن «ما ينتظر البلاد من معارك واستحقاقات سيكون المناسب فيها هو من له امتداد وسط الشعب وليس من يتبجح بطول تاريخه في صفوف الحزب»، وحول نضال القرب، دعا إدريس لشكر كافة الاتحاديات والاتحاديين إلى «التواجد اليومي إلى جانب المواطن المغربي»، ومؤازرة المظلومين والمحكورين وضحايا الانتهاكات والتعسفات والتجاوزات. وفي ما يتعلق بالنضالات النسائية، انطلق إدريس لشكر في كلمته بانتقاد رئيس الحكومة ونظرته التحقيرية والاستفزازية للمرأة، وتراجعات الحكومة المغربية في ما يتعلق بمجال حقوق النساء، وما راكمته المرأة المغربية عبر نضالاتها لتكون في صلب التأسيس للمجتمع الحداثي الديمقراطي، القائم على المساواة والمناصفة، ولم يفت إدريس لشكر التذكير بما اعترضه من تكفير وتهديده بهدر الدم لدفاعه عن الحداثة في ما يتعلق بالمرأة، قائلا بأن «هؤلاء التكفيريين تناسوا أن الاتحاد الاشتراكي قد وضع المرأة ضمن أولى أولوياته»، في حين ذكر باليوم العالمي للمرأة، عبر تعبئة كل المناضلات والمناضلين والمتعاطفين والمهتمين بقضايا المرأة إلى المشاركة المكثفة في مسيرة الرباط يوم ثامن مارس. وبخصوص التأويل الخاطئ لكلمته في افتتاح المؤتمر الإقليمي للحزب بمدينة تيزنيت، وما تلاه من ردود فعل بخصوص ادعاء رميه للفنانة البرلمانية فاطمة تباعمرانت، ب «الشيخة»، بل إنه أشار إلى الفرق بين حزبه وبعض الأحزاب التي وصفها ب»التْشْخْشِيخ»، ما فهمه البعض بأن المقصود هي الفنانة المذكورة المنتمية للتجمع الوطني للأحرار، حيث اجتهد المشوشون باللجوء إلى الإيقاع بالفعاليات الحزبية المدافعة عن القضية الأمازيغية وقضية المرأة من خلال تعويم الموضوع بأشكال غير صحيحة، ولهؤلاء جدد الكاتب الأول كلمته إليهم من أزرو بوصفهم «يصطادون في الماء العكر»، وجدد إصراره على بقاء الاتحاد الاشتراكي في صلب الدفاع عن القضية الأمازيغية. وفي معرض كلمته، أشار إدريس لشكر، بنبرة غاضبة، للزيادات الصاروخية وغير المسبوقة التي طالت وتطال مختلف المواد الاستهلاكية والوقود، معتبرا ذلك بالقرارات الجائرة للحكومة الحالية التي تستهدف ضرب القدرة الشرائية للمواطن المغربي، وإجهازا على مكتسباته في العيش الكريم، ما يهدد السلم الاجتماعي بجلاء وفي أية لحظة. وكان الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية قد افتتح كلمته أمام المؤتمر الإقليمي الثاني لإفران بتأكيده على أن هذا المؤتمر يأتي في سياق التزام القيادة الحزبية بالتعاقد المسطر خلال المؤتمر الوطني التاسع، وقبله تقدم الكاتب الإقليمي محمد والحاج بويزكار، بكلمة شاملة وتنظيمية متميزة، استعرض من خلالها ظروف عودة الحزب للمشهد المحلي بعد فتور لوقائع وأسباب ذاتية، وها هو يستعيد المبادرة، سيما أن الرأي العام يتذكر ما قدمه هذا الحزب من تضحيات جسام منذ سنوات السبعينيات، وإلى تجربته في تدبير الشأن العام المحلي خلال التسعينيات، وما سطره من مشاريع تنموية استحسنها الجميع. كما توقف الكاتب الإقليمي عند الوضع الهش الذي تعاني منه الأغلبية الساحقة على مستوى الإقليم، في حين لم تفته الإشارة للمناضلة فاطمة السوسي التي كانت أول امرأة تلج قبة البرلمان، داعيا إلى مبدأ التشارك الديمقراطي في تدبير الشأن العام المحلي، ومحاربة كل أشكال الفساد الانتخابوي والسياسوي واقتصاد الريع. المؤتمر الإقليمي لإفران بأزرو، حضره إلى جانب إدريس لشكر، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بديعة الراضي، محمد درويش، إدريس خروز، إضافة إلى الكاتب الوطني للشبيبة الاتحادية، الكاتبة الوطنية للنساء الاتحاديات، الكتابات الإقليمية بالجهة، وأعضاء الكتابة الجهوية، وكافة الاتحاديين والاتحاديات من الإقليم، والأقاليم المجاورة، وهيئات سياسية ونقابية ومدنية وثقافية وفنية. وقد توج افتتاح المؤتمر الإقليمي الثاني لإفران، الذي احتضنته المعلمة التربوية ثانوية طارق ابن زياد (قاعة د. رشيد الادريسي)، بالإعلان عن تكريم 13 مناضلا من عدة مناطق تابعة للإقليم.