كانت لحظة استثنائية بالفعل خلق فيها حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الحدث بكل تجلياته بميسور، بمناسبة انعقاد المؤتمر الاقليمي الثالث لبولمان ميسورمساء أول أمس السبت بالقاعة الكبرى لدار الثقافة، والتي غصت عن آخرها بالمؤتمرين والمناضلين الاتحاديين بالاقليم والأقاليم المجاورة والضيوف من باقي الهيئات السياسية والنقابية والجمعوية والمواطنين العاديين من مختلف الأعمار، والذين جاؤوا للتأكيد أن ميسور قلعة اتحادية لامجال للشك في ذلك. فبحضور كل هؤلاء افتتح أشغال المؤتمرالأخ ادريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، حيث كان برفقته محمد محب، عضو المكتب السياسي. كلمة الافتتاح، والتي ارتجلها الأخ الكاتب الأول للحزب، كانت جامعة مانعة ربطت الماضي بالحاضر وسطرت خارطة طريق لمباشرة التحركات لأجل ترجمة شعار المؤتمر «رفع التهميش عن الاقليم رهين بسياسة مركزية عادلة وجهوية منصفة على أرض الواقع».. ففي بداية كلمته دعا الاخ الكاتب الاول الى الوقوف تحية واجلالا للمرأة المغربية بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للمرأة، موجها التحية بشكل خاص للنساء الاتحاديات. بعد ذلك استحضر مراحل تاريخية ومحطات نضالية جالت بفكره، وهو في الطريق الى ميسور، حيث قال ادريس لشكر «..تذكرت حينما زرت ميسور مباشرة بعد أحداث يونية 1981، تذكرت زيارتي للمدينة خلال آخر مؤتمر للاتحاد الوطني لطلبة المغرب، تذكرت ماعاناه الفقيد عبد الرحيم بوعبيد من أجل اخراج الحزب من وضع الجمود والانتظارية الى وضعية البناء والدينامية، تذكرت معاناة الفقيد وكل المجد النضالي وكل التاريخ المجيد لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. لقد فاجأني كثيرا ما شهدته المدينة من تطور، فعندما زرت ميسور من قبل كانت مدينة صغيرة بدون بنية تحتية، كانت على شكل القرى التي مررنا بها ونحن في طريقنا الى ميسور، هنا استحضرت أن عشرين سنة من التدبير الاتحادي للشأن المحلي بالمدينة قد حولت المدينة رأسا على عقب، فقد ظهرت نتيجة هذا تدبير مجموعة من الاتحاديين بشكل جلي، وأذكر من بين هؤلاء إن لم يكن على رأسهم الأخ كاسم الصديق. الاتحاديون بالمنطقة انطلقوا من العدم بعد أن كانت حركة معينة هي الماسكة بزمام الامور خلال سنوات الرصاص بهذا الاقليم الذي ارادوا أن يبخسوا العمل السياسي به، وكان يمنع على كل قوى اليسار أن تشتغل في هذه المنطقة. هذه هي الظروف التي كان الاتحاديون يشتغلون فيها. فتحية تقدير لكل الاتحاديين الذين تحملوا المسؤولية سابقا أو الذين يتحملونها في الوقت الحاضر، وعلى رأسهم الأخ رشيد . وهنا أود الاشارة الى المجهود الجبار الذي كان يقوم به كاسم الصديق عندما كان يتحمل مشقة التنقل الى الرباط للحضور الى اجتماعات الفريق أو جلسات البرلمان بالرغم من طول الطريق وتعب السفر، نفس الشيء، الخلف كما السلف، فهذا مايقوم به الأخ رشيد حموني برلماني الاقليم، حيث يكون من الأوائل في الاجتماع كما كان من قبله الأخ كاسم. فطوبى لكم لقد أحسنتم الاختيار..» هذه المواقف، يضيف الكاتب الاول، ليست غريبة على من قلدتموهم المسؤولية، فهم من أبناء تربة هذه المدينة المناضلة وأبناء خيرة المقاومين والمناضلين، هنا نرى المغرب العميق والمغرب الحقيقي، يختلط الزي التقليدي الجميل بالبذلة الرسمية، تجلس المرأة مع الرجل، يجلس الأمازيغي مع العربي، نحن الوحيدون في هذه المنطقة من يجسد هذا الازدواج والتلاحم الثقافي. واستطرد قائلا لكم ان تفخروا كاتحاديات واتحاديين انكم ورثة حركة التحرير الشعبية التي قاومت الاستعمار الفرنسي ببسالة، انتم ورثة قبائل مرموشة والاطلس المتوسط الشرقي، انتم ورثة المقاومة الباسلة باوطاط الحاج وتالسينت.. ونتذكر اسماء خالدة مثل المرحوم لحسن بوولي الذي ترك بصماته في المنطقة، الحاج اعلي باو محمد المدركي، ولا ننسى عالم الكيمياء مكتشف اليورانيوم في الفوسفاط المرحوم رشيد الادريسي. المغرب العميق هو الأكثر تضررا من أية سياسات حكومية غير مستقيمة. هذه المنطقة ستكون من اكثر المتضررين من السياسة الحكومية التابعة للمؤسسات المالية الدولية. فمن سيتأثر برفع الدعم عن الوقود هو قطاع النقل، وبالتالي ستتأثر هذه المنطقة من تبعات ذلك، ومن سيقتني قنينات الغاز بسعر مرتفع هي هذه المناطق، وكذلك الامر بالنسبة للنقل العمومي،، اذن هذه الحكومة التي ارادت ان تكون تلميذا نجيبا للمؤسسات المالية الدولية ستضرب مبدأ التضامن بين المغاربة الذي يوفره صندوق المقاصة، وهي ستضرب حق الشباب في التشغيل عندما ستعتمد 65 سنة سنا للتقاعد. ادريس لشكر أضاف أن الحكومة الحالية لا يهمها أرزاق المواطنين، ولنا في حكاية الغاسول أكبر مثال على ذلك، ألم يكن من الواجب على الحكومة أن تهيء الظروف وتضع دفتر التحملات من دون التسبب في توقيف أجور هؤلاء العمال، فنحن مع كل اصلاح معقول، ويتخذ بطريقة تدريجية ومدروسة عوض التسبب في قطع أرزاق المغاربة بشكل ارتجالي.. من هذه المنصة ومن قلب ميسور أعلن أن ملف الغاسول أصبح ملفا وقضية يتبناها الاتحاد الاشتراكي. ملف آخر، يضيف لشكر، نتبناه هنا، وهو ملف الأراضي السلالية، حيث أن المنطقة من أكثر المناطق بالمغرب تنتشر فيها هذا النوع من الأراضي، فعلى الحكومة إن كانت تريد المعالجة الحقيقية لهذا الملف ألا تكتفي بالاصلاحات الجزئية، بل لابد من اصلاح شمولي، بل لابد من حوار وطني أساسه ليس تمكين ذوي الحقوق منها، بل تمكينهم من التمويل اللازم لأجل استغلالها على أحسن وجه بإشراك المؤسسات التمويلية. لذلك فبنفس المقاييس وبنفس المعايير التي تم اعتمادها في مخطط المغرب الأخضر يجب اعتمادها هنا في هذه المنطقة التي تتمتع بدور وطني. لابد أن نعي في المغرب أن المناطق الحدودية يجب أن يكون لديها نوع من التمييز الايجابي لدعمها، لكن مع كامل الأسف فإن الإنصاف غائب هنا حكوميا وجهويا، حيث لاتتوجه مشاريع التنمية بالجهة الى هذه المناطق، بل تتوجه الى المناطق الأكثر غنى . من هنا طالب الكاتب الاول بإعطاء الدعم الكامل للقطاع الفلاحي بالاقليم والاهتمام بالقطاع العقاري وتصفية المشاكل المرتبطة به خدمة للتنمية. وحث، أيضا، على ضرورة استفادة الإقليم من المياه السقوية للنهوض بالقطاع الفلاحي . وأشار الكاتب الأول الى وضعية جماعات قادها أشخاص عندهم إمكانيات هائلة، ومع ذلك مازالت تعيش التهميش ولم يتغير شيء في جماعاتهم عندهم امتدادات قوية في السلطة، ومع ذلك لم يقدموا أي شيء لجماعاتهم. الكاتب الأول أشاد بتجربة الاتحاديين في التدبير بالإقليم، ودعا أبناء المنطقة، كل من موقعه، إلى الانخراط في التنظيم لأجل رفع التحدي التنموي وبناء التنظيم، فلن تستعيد المبادرة إلا في إطار تنظيم قوي بأبنائه، ولن يستقيم هذا إلا إذا كنا في البلديات الأربع وفي 17 جماعة . وفي الأخير أكد الكاتب الأول أن ربح المعارك القادمة أساسها الالتحام مع الجماهير والاقتراب أكثر من الجماهير، وأن نقف مع جميع الحركات الاحتجاجية، مذكرا بما وقع في بلدية المنزل إقليمصفرو عندما تم التجاوب مع الحركة الاحتجاجية للمعطلين والذين كانوا معتصمين لفترة طويلة فتم التحاور معهم بمسؤولية وتم فك الاعتصام بعد أن توصلوا إلى اتفاق متعاقد عليه. وعلى هذا المنوال دعا ادريس لشكر الى تبني معركة الغاسول، كما تبنينا معارك الرعي والحق في الماء والتعليم والحق في المساواة بين أبناء هذه المنطقة ومناطق أخرى من المغرب. الكاتب الأول استطرد المحطات الانتخابية السابقة، وطالب بضرورة العمل على الحصول على مراتب متقدمة، فالاتحاد الاشتراكي يملك تصورا مجتمعيا واضحا، وهو يعرف جيدا المفسدين الحقيقيين، وبالتالي يجب الالتحام بالتنظيم لإنجاح المحطات القادمة.
كلمة الكتابة الإقليمية لحزب الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، لإقليم بولمان، و باسم جميع الاتحاديات و الاتحاديين بهذا الإقليم المناضل، أعلن فيها الكاتب الاقليمي بوطيب عن تضامن إقليم بولمان مع رموز الحزب و مع قيادته وعلى رأسها إدريس لشكر، الكاتب الأول، ضد الحملة التكفيرية و التغليط التي يقودها فقهاء التطرف و قوى الظلام بحسب تعبيره. كما عبر عن التضامن المطلق مع المرأة الاتحادية و مع مثقفي و مناضلي الحزب، ضد الحملة الرجعية التي يهدف مختلقوها إلى إلهاء و تحويل أنظار المغاربة عن القضايا الأساسية الاقتصادية الاجتماعية، التي عرفت تراجعات خطيرة وتدهورا في ظل الحكومة الحالية - بحسب ماورد في كلمته - وذلك بسبب الزيادات الفاحشة التي عرفتها أسعار بعض المواد و المحروقات، ومن خلال تدني الخدمات الاجتماعية وتملص الحكومة من التزاماتها و التراجع عن المكتسبات التي ناضل من أجلها الحزب في طليعة القوى التقدمية الوطنية و الديمقراطية. الكاتب الاقليمي أوضح أن اختيار شعار: «رفع التهميش عن الإقليم رهين بسياسة مركزية عادلة وجهوية منصفة» يحمل من الدلالات الواقعية والموضوعية ما يحدد المسؤوليات ويضع اليد على مكامن الخلل. فإقليم بولمان، يقول الكاتب الاقليمي، عاش و يعيش الإقصاء من كل العمليات التنموية، ذلك أنه قلما حظي بالتفاتة في البرامج و المخططات الوطنية و الجهوية؛ كما أنه يعرف انحصارا اقتصاديا و اجتماعيا و ثقافيا مهولا، برغم مؤهلاته البشرية وموارده الطبيعية الفلاحية و المعدنية، وبرغم شاسعة أراضيه وصلاحيتها وموقعه الجغرافي الإستراتيجي كنقطة التقاء بين جهات المغرب. هذه المؤهلات التي يمكن أن تجعل منه رافعة لتنمية جهوية متميزة وقطبا اقتصاديا وسياحيا مهما في جهته. رشيد حموني، برلماني الاقليم، اعتبر اللحظة لحظة نضالية رائعة هاته التي يعيشها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بإقليم بولمان، هنا في مدينة ميسور إحدى قلاع الاتحاد ومدينة الوفاء للاتحاد واحتضان المناضلين والقياديين الاتحاديين، لحظة يقول عنها أنها تنضاف إلى لحظات جميلة ونضالية أخرى، عاشوها بعد أن عانى الإقليم والاتحاد الاشتراكي فيه من سنوات القمع والتلسط فقبل حوالي عشرين عاما لم يكن من اليسير، بل كان محرما أن يعقد اجتماع على هذا النحو في إطار الاتحاد الاشتراكي أو إطار تقدمي ديموقراطي والأكثر من هذا كان يعتبرالإقليم من منافي المغرب، كما دل على ذلك سجن قيادة الاتحاد الاشتراكي عبد الرحيم بوعبيد واليازغي والحبابي عام 1981 بميسور على اثر الموقف التاريخي للاتحاد بشأن قضية الصحراء المغربية. يضيف الأخ رشيد «ما يتميز به الاقليم لمدة سنوات وهو الجو السياسي الذي ساد ويسود داخل هذه البلدة وخصوصا علاقة الاحزاب السياسية داخل الاقليم التي تميزت بروح المسؤولية والنبل السياسي والاخلاقي وكانت مصلحة الوطن والاقليم فوق كل اعتبار . فالاتحاد الاشتراكي، يقول الاخ رشيد، دبر الشأن العام لأزيد من عشرين سنة في البرلمان والمجلس البلدي برئاسة الصديق كاسم الذي يعترف له الجميع بالفضل والتكريم والاحترام والتقدير، في هذه اللحظة اهتزت القاعة بالتصفيق عربونا لرجل خدم الاقليم بكل اخلاص وتفاني». بعد ذلك استعرض الاخ البرلماني بعض الخطوط العريضة لحصيلة عمله الميداني على أن يقوم بتقديم هذه الحصيلة برسم منتصف الولاية مفصلة في قادم الأيام. محمد أوراغ، الكاتب الجهوي، و في كلمة جد وجيهة و معبرة ، تحمل العديد من الدلالات فيما يعرفه حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالجهة من دينامية و حراك و تفاعل مجتمعي يربط بين الأجيال ، معتبرا المؤتمر الإقليمي لبولمان دليل على تلك الدينامية و النجاح و الالتحام و التوحد ، داعيا القيادة الوطنية للاطمئنان على التنظيم بهذا الإقليم ، لأن الجسد الاتحادي به قوي و متين ، ملوحا إلى الحضور المتميز بالقاعة و الذي تتقدمه وجوه من مؤسسي الاتحاد الاشتراكي بالإقليم إبان سنوات الرصاص، وشباب كله مؤكدا أن هذا التلاقح بين الأجيال هو معبر أساسي أن لدينا مشروع مجتمعي و رؤية واضحة في الاتحاد ، لأن تاريخ الاتحاد مشرق، يقول الأخ الكاتب الجهوي، من أجل العبر و الدروس و الحاضر و المستقبل ، كما أشاد في تدخله لما يتميز به الاتحاد من دينامية في إقليم بولمان الذي له السبق في عقد المؤتمر الإقليمي في جهة فاس بولمان بعد الدينامية التي أطلقها أخونا الكاتب الأول للحزب ، وكذا القوانين التي صدرت عن المؤتمر التاسع . الجلسة الافتتاحية أدارتها الأخت رجاء الأزهري حيث رحبت بالحضور في هذه القلعة الاتحادية ميسور بولمان، أوطاط الحاج، انجيل، لقصابي، موزارمرموشة، في هذه المحطة التنظيمية، المؤتمر الإقليمي الثالث، الذي ينعقد في إطار الدينامية، التنظيمية التي يعيشها الحزب لإعادة تأسيس تنظيماته وهياكله وقطاعاته، تنفيذا لمقررات المؤتمر الوطني التاسع ومقررات اللجنة الإدارية للحزب ليجعل من هياكله المحلية والإقليمية مدرسة لتكوين أطر الحزب لتبليغ رسالة الاتحاد، والانخراط في معارك نضال القرب لأجل التنمية والديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية. أشغال المؤتمر تواصلت بالمصادقة بالاجماع على التقريرين الأدبي والمالي وانتخاب الأجهزة الاقليمية بعد جلسات نقاش بناء ومسؤول.