هي مدرسة عليا للفنون الجميلة بقلب الدارالبيضاء، وطاقم تدريسها من أنضج أساتذة الرسم والتشكيل بالمغرب منذ الستينات من القرن الماضي، ومر منها الآلاف من الطلبة المغاربة، الذين حازوا ديبلوم التخرج العالي منها. لكنها تعيش مفارقة عجيبة ظلت تطرح منذ سنوات دون أن تبادر الجهات المعنية بإيجاد حل منصف. الأمر يتعلق بالجهة التي تتبع لها إداريا تلك المدرسة العليا، التي تنظم سنويا مباراة الولوج إليها لكل حاملي الباكالوريا والدراسة فيها بالمجان. فهي تتبع لوزارة الداخلية ولولاية الدارالبيضاء، بسبب الموقف المتقادم الذي ظل ساريا منذ زمن الجنرال أوفقير، حين كان وزيرا للداخلية. والحال أنها طبيعيا يجب أن تتبع لوزارة التعليم العالي أو وزارة الثقافة (كما هو حال معهد تطوان للفنون الجميلة). المثير، هو أن مدرسة الدارالبيضاء العليا للفنون الجميلة، تعتبر بشهادة أغلب الفنانين التشكيليين المغاربة، والتي يديرها اليوم الفنان التشكيلي المغربي المتميز، عبد الرحمان رحول، من أهم مدارس التكوين العليا في مجالها في إفريقيا، وأنها تظاهي ما يدرس في جنوب إفريقيا والقاهرة والجزائر العاصمة. لكن، المفارقة هي أن خريجيها حين يذهبون إلى سوق الشغل، يصطدمون بعدم اعتراف عدد من الوزارات بديبلومها، بدعوى أنه ليس معادلا للإجازة، حتى والدراسة فيها كانت هي ثلاث سنوات واليوم أربع سنوات. لقد حاولت جهات تربوية حل هذا الإشكال خلال السنوات الأخيرة، من خلال إلحاق خريجيها بوحدة للفنون بكلية الآداب بنمسيك لسنة واحدة، لكنه إجراء تم التخلي عنه هو أيضا، ليبقى خريجو هذه المدرسة ضحية خيار تدبيري يعود للزمن المقلق الذي كانت فيه الداخلية تضع اليد على كل شئ، بما فيها الفنون والثقافة ومجالات إنتاج القيم بالمغرب. إن حق خريجي مدرسة الفنون الجميلة (وهم كثر ومتفوقون جدا في دراساتهم ومجالات تكوينهم العالي)، على الحكومة المغربية، يقتضي إنصافهم، من خلال الإعتراف بمعادلة الديبلوم المتحصل عليه للإجازة، إنقاذا للعديد منهم من الضياع ومن حقهم في الشغل الضامن للكرامة. فمن ينقذ هؤلاء الخريجين، الذين كثير منهم مهددون في عدد من الوظائف التي نجحوا في مباريات ولوجها، بسبب عدم اكتمال ملفاتهم الإدارية؟!.. إن أخطاء الماضي لا يجب أن تواصل خلق ضحايا جدد في مغرب تطور كثيرا نحو الإيجابي في التدبير، ضمن فلسفة «الأسلوب الجديد للسلطة»، الذي أطلقه جلالة الملك في خطابه التاريخي الشهير بالدارالبيضاء.