طقس حار من السبت إلى الاثنين وهبات رياح قوية مع تطاير الغبار الأحد بعدد من مناطق المغرب    كأس إفريقيا لكرة القدم للسيدات المغرب 2024.. لبؤات الأطلس في المجموعة الأولى مع الكونغو الديمقراطية والسنغال وزامبيا    افتتاح أول مصنع لمجموعة MP Industry في طنجة المتوسط    صادرات الصناعة التقليدية تتجاوز 922 مليون درهم وأمريكا تزيح أوروبا من الصدارة    الرئيس الصيني يضع المغرب على قائمة الشركاء الاستراتيجيين        الإكوادور تغلق "ممثلية البوليساريو".. وتطالب الانفصاليين بمغادرة البلاد    وهبي: أزماتُ المحاماة تقوّي المهنة    خبراء: التعاون الأمني المغربي الإسباني يصد التهديد الإرهابي بضفتي المتوسط    حكيمي لن يغادر حديقة الأمراء    المغرب التطواني يُخصص منحة مالية للاعبيه للفوز على اتحاد طنجة    السجن المحلي بالقنيطرة ينفي تدوينات يدعي أصحابها انتشار الحشرات في صفوف السجناء    ابن يحيى تشارك في افتتاح أشغال المنتدى البرلماني السنوي الأول للمساواة والمناصفة    المحكمة توزع 12 سنة سجنا على المتهمين في قضية التحرش بفتاة في طنجة    من العاصمة .. إخفاقات الحكومة وخطاياها    بوريطة: المقاربة الملكية لحقوق الإنسان أطرت الأوراش الإصلاحية والمبادرات الرائدة التي باشرها المغرب في هذا المجال        مجلس المنافسة يفرض غرامة ثقيلة على شركة الأدوية الأميركية العملاقة "فياتريس"    مندوبية التخطيط :انخفاض الاسعار بالحسيمة خلال شهر اكتوبر الماضي    "أطاك": اعتقال مناهضي التطبيع يجسد خنقا لحرية التعبير وتضييقا للأصوات المعارضة    لتعزيز الخدمات الصحية للقرب لفائدة ساكنة المناطق المعرضة لآثار موجات البرد: انطلاق عملية 'رعاية 2024-2025'    هذا ما قررته المحكمة في قضية رئيس جهة الشرق بعيوي    فاطمة الزهراء العروسي تكشف ل"القناة" تفاصيل عودتها للتمثيل    المحكمة الجنائية الدولية تنتصر للفلسطينيين وتصدر أوامر اعتقال ضد نتنياهو ووزير حربه السابق    مجلس الحكومة يصادق على تعيين إطار ينحدر من الجديدة مديرا للمكتب الوطني المغربي للسياحة    الرابور مراد يصدر أغنية جديدة إختار تصويرها في أهم شوارع العرائش    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    قانون حماية التراث الثقافي المغربي يواجه محاولات الاستيلاء وتشويه المعالم    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    الخطوط الملكية المغربية وشركة الطيران "GOL Linhas Aéreas" تبرمان اتفاقية لتقاسم الرموز    المجر "تتحدى" مذكرة توقيف نتانياهو    ما صفات المترجِم الناجح؟    خليل حاوي : انتحار بِطَعْمِ الشعر    الغربة والتغريب..    كينونة البشر ووجود الأشياء    تفكيك شبكة تزوير وثائق السيارات بتطوان    زَمَالَة مرتقبة مع رونالدو..النصر السعودي يستهدف نجماً مغربياً    رابطة السلة تحدد موعد انطلاق الدوري الأفريقي بالرباط    بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع "الجمهورية الصحراوية" الوهمية    مفتش شرطة بمكناس يستخدم سلاحه بشكل احترازي لتوقيف جانح    القانون المالي لا يحل جميع المشاكل المطروحة بالمغرب    "سيمو بلدي" يطرح عمله الجديد "جايا ندمانة" -فيديو-    بتعليمات ملكية.. ولي العهد يستقبل رئيس الصين بالدار البيضاء    العربي القطري يستهدف ضم حكيم زياش في الانتقالات الشتوية    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تجدد الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات للسكان بالإخلاء        تفكيك خلية إرهابية لتنظيم "داعش" بالساحل في عملية مشتركة بين المغرب وإسبانيا    الولايات المتحدة.. ترامب يعين بام بوندي وزيرة للعدل بعد انسحاب مات غيتز    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نحن والعالم : أرضية حول المشروع الحزبي للسياسة الخارجية

تحاول هذه الأرضية استعراض التحديات الكبرى التي تواجهها بلادنا في علاقتها مع المحيط الخارجي، مع الإشارة إلى بعض المحددات التي ينبغي أن تواجه سلوكنا كحركة اشتراكية تقدمية .
لقد بات اليوم واضحا أنه لا يمكن صياغة مشروع خارجي دون الأخذ بعين الاعتبار معطيين أساسيين يميزان النظام الدولي :
يتعلق الأول بالعولمة و التي وسعت من مجال المبادلات و التفاعلات و أفرزت موازين قوى جديدة،خاصة في المجال الاقتصادي. في نفس الوقت ، فقد وسعت من الفوارق و الاختلالات، حيث مازالت جيوب الفقر و الهشاشة سائدة في مجموعة من مناطق العالم . في نفس السياق ، فإن الاختراقات الكبيرة التي حققتها الديموقراطية لم تخل من توترات و من صراعات تجد صداها اليوم في دول عربية و إسلامية و إفريقية كما هو الأمر بالنسبة للشرق الأوسط و العراق و أفغانستان وساحل العاج .
أما المعطى الثاني، فهو يكمن في الاختلالات و التهديدات التي بات يواجهها النظام الدولي برمته و التي تأخذ صيغة نزاعات من نوع جديد، كما هو الأمر بالنسبة للحروب غير التماثلية التي تضع في المواجهة دولا مع قوى غير دولتية. أو بالنسبة للتغيرات المناخية التي باتت تمظهراتها و انعكاساتها جلية على جميع الدول ، و التي لا يمكن مواجهتها إلا بإجراءات جماعية كونية .
أكثر من ذلك، فإن التفكير في النظام الدولي هو تفكير في الأزمات الاقتصادية التي تأخذ أشكالا متنوعة قد تأخذ طابع أزمة مواد أولية أو غذائية أو مالية أو اقتصادية واجتماعية. هذه الأزمات أصبحت بفعل العولمة ذات انعكاسات مدمرة على الشعوب، وخاصة منها الطبقات المتوسطة والأكثر هشاشة التي تؤدي الثمن غاليا بفعل الإجراءات التقشفية التي غالبا ما تقدم على أنها البديل الوحيد لتجاوز الأزمة، والتي تفرضها تفاقم مديونية الدول نتيجة تدخلاتها من أجل تطويق الأزمة، حيث أصبحت السياسات الاقتصادية تتأرجح بين ضرورة إخراج الاقتصاديات من الكساد و الاهتمام بالهواجس الاجتماعية من جهة و الحد من الاختلالات المالية من جهة أخرى .
نحن كقوة اشتراكية تقدمية لا يمكن إلا أن نساند المطالب المتعلقة بمواجهة الاختلالات العميقة التي أفرزتها العولمة ، و المتمثلة في توسع الفوارق بين الشمال و الجنوب و ضعف آليات الضبط و بروز تحديات جديدة تهدد الإنسانية برمتها كما هو الأمر بالنسبة للاختلالات المناخية و تقلص الموارد المائية .... لذلك لا يمكن لنا مبدئيا إلا مساندة الدعوات المطالبة بضرورة إعادة النظر في هذه العولمة من خلال إقرار تعددية أكثر تعبير عن التنوع الذي يعرفه العالم ، و كذلك رصد آليات أكثر نجاعة فيما يتعلق بالضبط الدولي . كل ذلك يمكن أن يتم في إطار منظمة الأمم المتحدة الواجب إصلاحها بشكل يجعل ميثاقها أكثر ملاءمة مع الحقائق الدولية الراهنة.
لكن على المستوى الجيو سياسي لبلادنا يفرض الموقع الجغرافي و المحددات الأخرى على المغرب أربع دوائر جيو سياسية متباينة الأهمية ، لكنها لا تخلو من تفاعلات و ارتباطات : تتمثل الأولى في المشروع الذي يفرضه الجوار الصعب للمغرب ، و تكمن الثانية في الفضاء المحكوم بالشراكة ، و تتمثل الثالثة في المجال المحكوم بالتضامن . أما الرابعة فتتمثل في المحيط البعيد المؤثر ، الذي يعرف تحولات هيكلية تكمن بالأساس في هذه القوى الصاعدة و التي تغير موازين القوى على المستوى العالمي.
وهي في الواقع أربعة مفاهيم أساسية تهيكل المشاريع الجيو سياسية للمغرب بحكم موقعه الجغرافي وتطوره التاريخي و إكراهات تطورات المحيط الدولي.
1 . الجوار الصعب
وهو من أهم التحديات التي يواجهها المغرب . وبحكم طبيعة استقلال المغرب المتدرج ، فإن هذا المستوى يحيل إلى الجوار المباشر للمغرب . و يضع في قلب التفاعل العلاقات مع 3 دول و هي الجزائر و موريتانيا ، و من جهة أخرى إسبانيا.
و على صعيد آخر يطرح قضايا من قبيل استكمال الوحدة الترابية و بناء المغرب العربي ، و الانفتاح على الفضاء الأورو متوسطي .
ففيما يتعلق بقضية الصحراء. يبدو المغرب دبلوماسيا في وضعية أفضل بعدما قدم مشروع الحكم الذاتي إلى مجلس الأمن و الذي اعتبره بمثابة مبادرة تتسم بالجدية و المصداقية من خلال قراره رقم 1754 الصادر في 30 أبريل 2007 . هذا المشروع الذي فتح الباب أمام مفاوضات شهدت مجموعة من الجولات بدون نتيجة حاسمة. و على المغرب أن يستمر في مواجهة مناورات خصومه.
و إذا استبعدنا إمكانية الوصول الى تسوية على أساس المقترح المغربي بفعل معارضة الجزائر ، فإن المغرب مطالب بأن يواجه تحديين مختلفي الأهمية :
الأول يكمن في فشل جهود الأمم المتحدة ، و بالتالي انسحابها من الملف . و هو ما هددت به عدة مرات عبر تقارير مختلف الأمناء العامين . و هو أمر قد يفتح المنطقة على الكثير من المخاطر ، و خاصة عودة الحرب بين المغرب و الجزائر عن طريق البوليزاريو، التي ضعفت بشكل ملحوظ دون أن ينفي ذلك استمرار قدرتها بسبب الإحباط على الدخول في مغامرة.
و يكمن الثاني وهو الأكثر واقعية في استغلال بعض المطالب السوسيو اقتصادية داخل المناطق الصحراوية لإعطائها طابعا مطالبا بالاستقلال . و هذه المناورة تستفيد من عاملين : الأول مرتبط بالمقاربة الجديدة التي تم سنها منذ وصول الملك محمد السادس و هي التي حاولت القطيعة مع المقاربة الأمنية السابقة من خلال السماح بهامش من التعبير قد يصل إلى حد ترويج خطابات مناهضة للوحدة الترابية ، و محاولة إشراك الفاعلين المختلفين في تدبير هذا الملف ، و من بينهم أساسا الصحراويين من خلال إعادة تحريك المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية . و الثاني مرتبط بوجود عناصر لها ارتباطات بقوى خارجية لا تتردد في استغلال كل المطالب لرفعها إلى درجة المطالبة بالاستقلال .
على هذا الصعيد ينبغي الإقرار أن المغرب يواجه تحديا حقيقيا. فالصحراء لا ينبغي ان تبقى فقط منطقة مطالب ، بل لابد أن تنخرط بشكل عادي ضمن النسيج المغربي . و يتم التعويل على شيئين :
ما ستسفر عنه الجهوية الموسعة، و الكيفية التي ستقارب بها المسالة الترابية برمتها و كيفية تدبير المجال المغربي من خلال إقرار ديموقراطية محلية أكثر فعالية و نجاعة. و لا يمكن أن يتحقق ذلك بدون أحزاب سياسية قادرة على تأطير المواطنين و متوفرة على الإمكانيات السياسية و المادية للقيام بأدوارها .
و الثاني مآل مبادرة الحكم الذاتي التي لا يمكن أن تطبق الا في إطار تسوية نهائية ترعاها الأمم المتحدة من خلال تزكية مجلس الأمن تكرس بشكل لا رجعة فيه سيادة المغرب على صحرائه .
و مما قد يعطي بعض الأمل لهذه المقاربة هي المخاطر الجيو سياسية المرتبط بمنطقة الساحل الصحراوي . و التي جعلت معطى الإرهاب يأخذ بعدا جديدا ، و يتحول إلى تهديد واضح بسبب ضعف دول المنطقةوعجزها عن ضمان أمنها .
في هذا السياق لا يمكن للمغرب أن يبقى بعيدا عن الترتيبات المتعلقة بمحاربة الإرهاب في هذه المنطقة و إرجاع الاستقرار . فالجزائر تسعى إلى بناء نظام أمني يستبعد المغرب بدعوى أنه ليس دولة ذات حدود مع المنطقة . كيف يمكن لنا محاربة مثل هذه التوجهات اعتبارا إلى أن كل المخاطر التي تهدد المنطقة لا يمكن إلا أن تكون لها تداعيات ؟ علينا أن نتحدث بعقلانية وعن الارتباطات بين حركة البوليزاريو و الحركات الإرهابية التي تشتغل في المنطقة . كما ينبغي إقناع القوى المعنية بهذا الخطر بجدوى مساهمة المغرب في هذا المجهود نظرا للإمكانيات التي يتوفر عليها
تشكل موريتانيا حلقة أساسية في التوازن الاستراتيجي في المنطقة . وهي تبدو كحلقة ضعيفة لزعزعة الاستقرار . و بحكم الجوار المباشر مع موريتانيا ، فإن استقرارها و حيادها في قضية الصحراء يعتبر مسألة حيوية بالنسبة لبلادنا . و تدعيم جميع أشكال العلاقات و التضامن مع هذا البلد الشقيق يعتبر قضية استراتيجية بالنسبة لنا لأن استقرار و تقدم موريتانيا لا يمكن إلا أن يعزز الاستقرار في المغرب العربي .
لذلك تبدو مسؤوليتنا واضحة فيما يتعلق بالجوار الصعب المغاربي .
فمن جهة، علينا أن نواصل اليقظة فيما يتعلق بمستقبل الصحراء المغربية عبر عدة تحركات :
التحرك إزاء الدوائر التي نرتبط بها و التي يسعى الخصوم إلى استثمارها. كما هو الأمر بالنسبة للأممية الاشتراكية. و مشاركتنا تسعى بالدرجة الأولى إلى منع صدور كل قرار من شانه أن يضعف من موقف بلادنا الدولي. و الدفع بهذا التجمع إلى الانخراط في المقاربة الدولية إن لم يتسن لنا إقناعه بنجاعة الطرح المغربي فيما يخص مبادرة الحكم الذاتي .
كما ساهم الحزب في السابق بمواقفه الجريئة المنخرطة ضمن الإجماع حول الوحدة الترابية ، علينا أن لا نكتفي فقط بتثمين كل القرارات ، بل علينا أن نمارس في بعض الأحيان ، و كلما اقتضى الأمر ذلك نوعا من التقييم الموضوعي لها من أجل عقلنة أكبر لسلوك المغرب . فالممارسة الخارجية ليست جامدة ، بل هي كمنتوج محتاجة باستمرار إلى التقييم الموضوعي . و لا يمكن الا أن يقويها و يقوى موقع الحزب داخلها .
إن جمود البناء المغاربي لا يمكن أن يكون عائقا أمام استمرار استنهاض القوى الديموقراطية في المنطقة. فعلينا أن نستمر في العمل من أجل تفعيل البناء المغاربي كخيار استراتيجي يتعالى على الصعوبات الظرفية و المصالح الضيقة . وعلينا أن نشتغل بإصرار على إعادة إحياء روح مؤتمر طنجة للأحزاب المغاربية الذي انعقد في سنة 1958 . علاوة على المشاركة في التظاهرات التي تقيمها مختلف الأحزاب المغاربية، يمكن لحزبنا أن يسعى إلى تنظيم إما بشكل مباشر أو غير مباشر لقاءات فكرية سياسية لاقتراح بعض الحلول للدفع بالبناء الوحدوي المغاربي.
على الضفة الأخرى تطرح العلاقة مع إسبانيا. وهي علاقة تتأرجح بين المد و الجزر ، علاقة لا تخضع لخط تطوري متواصل. إنها علاقة محكومة بالكثير من وشائج التقارب و التفاعل الايجابي خاصة في المجال الاقتصادي ، لكنها في نفس الوقت مثخنة بملفات معقدة مرتبطة بالوحدة الترابية و العلاقات الإنسانية المرتبطة بإشكالات الهجرة و الإدراك المتبادل من خلال المجتمع المدني في البلدين .
يمكن أن يتخذ تحركنا كقوى سياسية أكثر تأهلا لمخاطبة اليسار و القوى الديموقراطية في إسبانيا مسلكين :
المسلك الأول : و هو الذي يتمثل في عمل تقييمي لحضورنا الدبلوماسي الرسمي في إسبانيا سواء تعلق الأمر بالجانب السياسي الذي تمثله السفارة المغربية أو الجانب القنصلي ، و الذي يساهم في إبراز صورة معينة عن المغرب لدى الإسباني . وهذا عمل يتطلب منا جهودا فكرية ملموسة . في نفس السياق من الضروري تقييم مدى ملاءمة بعض القرارات في حينها كما هو الأمر بالنسبة لقضية أميناتو حيدر أو طريقة تفكيك مخيم العيون ، و انعكاسها على العلاقات بين البلدين .
المسلك الثاني ، و هو المرتبط بدبلوماسيتنا الحزبية . من الضروري داخل لجنة العلاقات الخارجية إذكاء حلقات للتفكير حول التفاعل بين البلدين ، و تقدير نوعية مساهمتنا لتحسين صورة المغرب و إدراك اليسار الإسباني لهواجس بلادنا ، و إخراج العلاقات من حالة التوتر إلى حالة من التطبيع الهادئ . و هناك بضع مبادرات تتعلق بالتكوين و بالجهوية و الحكامة بحاجة إلى الدعم و الاستمرارية .
2 . الشراكة
على خلاف علاقات الجوار المعقدة و الصعبة ، و التي تمثل النواة الصلبة في العلاقات المغربية مع جواره ، يبدو المغرب أكثر ارتياحا في شراكته . و هي تجمع شبكة العلاقات التي يربطها المغرب مع محيط متنوع و محكوم باعتبارات متنوعة . لعل أهم شراكة هي المتمثلة في العلاقات مع الاتحاد الأوربي، و التي تتحدد اليوم من خلال الوضع المتقدم الذي منح إلى بلادنا منذ شهر أكتوبر 2008 . إلى جانب ذلك تم إبرام سلسلة من الاتفاقيات التي أحدثت مناطق للتبادل الحر كما هو الأمر بالنسبة للولايات المتحدة و الإمارات العربية وتركيا وتونس و مصر و الأردن. علاوة على اتفاقية أغادير التي تجمع المغرب و مصر وتونس ، و التي تم توقيعها في 25 فبراير 2004 وصادق عليها المغرب في دجنبر 2005 .
لكن من الواضح أن العلاقات مع الاتحاد الأوربي ومع دوله تبقى مصيرية بالنسبة للمغرب بفعل الثقل الاقتصادي الذي تمثله، و الذي تعتبر فرنسا قاطرتها وتليها إسبانيا . و تتميز هذه الشراكة بكونها شاملة تستحضر الأبعاد السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الإنسانية، خاصة ما يخص ملف الهجرة ، كما أنها تستقطب أبعادا جغرافية و مجالية أخرى كما هو الأمر بالنسبة للبعد المتوسطي .
و ينبغي أن ينصب تفكيرنا على إعطاء الوضع المتقدم محتوى يناسب مركزه، سواء تعلق الأمر بالجانب المغربي الذي يقع عليه عبء تحسين مؤشرات الحكامة و الديموقراطية لتأهيل المجتمع في كافة المجالات، أو بالنسبة للجانب الأوربي الذي ينبغي أن يلتزم فعليا و بشكل أكبر في مسلسل إنماء المغرب ، وخاصة فيما يتعلق بالتأهيل الإقتصادي و محاربة الفقر و الهشاشة بتشكلاتها المختلفة ضمن السياسات العمومية الوطنية. في نفس الوقت واعتبار ا للثقل الذي تمثله الهجرة المغربية إلى أوربا ، و التي تتأثر إيجابا أو سلبا بتطورات دول الاستقبال، فإنه من الضروري خلق آلية حزبية لمتابعة تطورات هذا الملف و تقديم مقترحات كفيلة بأن تجعل من حزبنا قوة اقتراحية، سواء تعلق الأمر بالآليات الوطنية المكلفة بتدبير هذا الملف أو بالسياسات الأوربية المتعلقة بالهجرة .
و لا يمكن لنا إلا أن ننخرط ضمن هذا الفضاء . و يهمنا أن نفتح ونعمق جسور التواصل مع الأحزاب الاشتراكية و التقدمية، و في مقدمتها الحزب الاشتراكي الأوربي، و منظمات المجتمع المدني التي تشاطر نفس القيم التي ننتمي إليها. و قد يكون مفيدا برمجة على الأقل سنويا لقاءين مع حزبين من هذا الفضاء .
يمكن أن ندرج ضمن سياق الشراكة ، و لو بدرجة اقل وضع وتصور المغرب لعضويته في شبكة من المنظمات الدولية ، و في مقدمتها الأمم المتحدة، و منظمة المؤتمر الإسلامي وجامعة الدول العربية . فضلا عن مؤسسات الضبط الاقتصادية العالمية كما هو الأمر بالنسبة لصندوق النقد الدولي و البنك العالمي و المنظمة العالمية للتجارة . فهذه المنظمات المختلفة هي في قلب التفكير حول أدوارها و تسييرها. وهي تطرح اليوم سؤال الضبط و الحكامة على المستوى الدولي خاصة في ظل تعقد العلاقات الدولية و بروز موازين قوى جديدة. و من المهم جدا أن يكون للحزب عناصر للتفكير تساعد على بلورة موقف واقعي و مسؤول في أفق بلورة مشروع حزبي للسياسة الخارجية .
3 . التضامن
في هذا الإطار يمكن أن ندرج علاقات متعددة و ذات شحنات مختلفة .
ينخرط العالم العربي ضمن هذا الفضاء . و تبقى القضية الفلسطينية و تفاعلاتها حاضرة بشكل عضوي في اهتماماتنا و اهتمامات الشعب المغربي . لكن علاقتنا مع هذا الفضاء أصبحت اليوم بحاجة إلى مراجعة عميقة تأخذ بعين الاعتبار التحولات الهيكلية التي يخضع لها ما يمكن وصفه بالنظام الإقليمي العربي.
علينا أن نبتعد عن تلك النظرة المرتكزة فقط على التضامن العاطفي ، ونسعى إلى بناء علاقات من جهة تستند إلى مشاريع ملموسة تقوي من الروابط و تساهم في عملية الإنماء، كما هو الأمر بالنسبة لإعلان أغادير الذي هو محتاج إلى تقييم حول مساره و نجاعته في توسيع الفضاء الاقتصادي بين أطرافه . و من جهة أخرى لا تقتصر فقط على التحالفات الكلاسيكية بل ينبغي أن تنفتح قدر الإمكان على القوى الحداثية الناهضة في العالم العربي و التي تناضل من أجل إشعاع نفس القيم التي نؤمن بها وخاصة ما يتعلق بالديموقراطية و الحرية والمساواة و الحكامة الجيدة. و يمكن للاتحاد الاشتراكي أن يستفيد من حضوره و تراكمه في هذا الفضاء لتنظيم ندوة حول العالم العربي الراهن و التحديات المطروحة عليه من خلال مشاركة فعاليات وازنة و متباينة المشارب .
تمثل إفريقيا مجالا خصبا للتضامن . و منذ تربع الملك محمد السادس على العرش بذلت جهود ملحوظة لإعادة ترتيب تموقع المغرب في بعض الأقطار الإفريقية . وتحققت نتائج ملموسة خاصة فيما يتعلق بسحب عدد من الدول الإفريقية لاعترافها بالجمهورية الصحراوية , كما تنوع الحضور المغربي الذي لم يعد مقتصر على الجانب الرسمي ، بل إن القطاعين الخاص والعام حاضرين في بعض المشاريع . لكن مع ذلك ينبغي أن نسجل ملاحظتين :
أولا : ما زالت الدبلوماسية المغربية تعاني في تفاعلها مع الفضاء الأنغلوفوني و الذي تقوده دول قوية كجنوب إفريقيا و نيجيريا ، مناوئة لمصالحنا وخاصة فيما يتعلق بقضية الصحراء .
ثانيا : إن استمرار غيابنا عن الاتحاد الإفريقي محتاج إلى تقييم موضوعي لمعرفة ما إذا كانت هذه الوضعية مضرة بمصالحنا، أم ليس لها أي تأثير اعتبارا إلى أن غيابنا المؤسساتي لم يمنع من إنماء العلاقات الثنائية مع أغلبية الأقطار الإفريقية . و في حالة ما إذا تم تبني خيار إعادة الانخراط في الاتحاد الإفريقي ما هي الإمكانيات القانونية و السياسية المتاحة لتحقيق هذه العودة ؟
حزبيا علينا الاستمرار في الحضور في التظاهرات القارية، سواء في صيغتها الشمولية، في مقدمتها الأممية الاشتراكية الإفريقية التي قد يستغلها الخصوم لتمرير مواقف مناوئة، أو الثنائية من خلال عقد اتفاقات تعاون مع بعض الأحزاب الاشتراكية أو التقدمية الإفريقية.
في نفس السياق ، إذكاء التفكير حول التحولات التي تعرفها القارة الإفريقية في المجال السياسي ، و خاصة نوعية القوى الجديدة التي تفرزها و التحديات المطروحة عليها .
4 . نحن والمحيط الصاعد
لا يمكن للمغرب المحكوم إلى حد كبير بإكراهات المحيط الخارجي أن يبقى معزولا عن الهزات الجيو سياسية التي يعرفها العالم ، و المتمثلة أساسا في صعود قوى جديدة باتت تنافس الولايات المتحدة ، خاصة في المجال الاقتصادي . كما هو الأمر بالنسبة للصين و الهند و البرازيل ، التي تشكل رافدا ديموغرافيا أساسيا و تمكنت من التصدي لانعكاسات الأزمة الاقتصادية التي تضرب القوى التقليدية . مما يجعل السؤال مشروعا حول ما إذا كان الأمر يتعلق فعلا بأزمة اقتصادية عالمية .
بالرغم من توقيع اتفاقية التبادل الحر بين الولايات المتحدة و بلادنا ، ليس بإمكاننا اليوم تحديد انعكاساتها الكمية و النوعية على المبادلات بين البلدين . و يبقى الجانب السياسي مهيمنا على هذه العلاقة . و قد تمكن المغرب من تحسين صورته بفعل الإصلاحات التي قام بها ، و خاصة في المجال السياسي .مما مكنه من الحصول على وضع الحليف الاستراتيجي خارج الحلف الأطلسي . كما أن الموقف الأمريكي أكثر تعاطفا مع مبادرة الحكم الذاتي. بيد أن ذلك لا يعني أننا أمام موقف نهائي و ثابت. ومن الواضح أننا مطالبون بتعميق هذه الإصلاحات . فالسياسة الدولية لا تحكمها المواقف الثابتة و الفجة ، بل إن الولايات المتحدة كقوى عظمى ترسم سياستها بناء على مجموعة من المعايير والتوازنات خاصة في منطقتنا التي تشهد منافسة حادة مع الجزائر التي تتطلع إلى قيادة المنطقة .
إلى جانب العلاقة التقليدية مع الولايات المتحدة ، فإن العلاقات مع القوى الناهضة أصبحت مهمة ليس لاعتبارات سياسية، بل بدرجة كبيرة اعتبارا للثقل الذي باتت تمثله في المجال الاقتصادي و الذي سيؤهلها مستقبلا إلى تحسين موقعها السياسي في تدبير النظام الدولي. ومن الواضح ان صعود هذه القوى الجديدة يعطي لمطالب إصلاح دواليب و مؤسسات الضبط الدولي مشروعية أكبر حتى تكون أكثر ديموقراطية و تمثيلية لجميع القوى و الهواجس .
ونقترح إذكاء حلقة للنقاش بمشاركة فاعلين مختصين لتحديد انتظارات المغرب ونوعية سياسته فيما يتعلق بهذه القوى الصاعدة .
مقترحات عملية
إن إدراكنا و تفاعلنا الإيجابي مع هذه التحديات التي تطرح على بلدنا و على حزبنا ، تفرض علينا بعض المواءمات و الإجراءات .
أولا : على مستوى الأداة ، يبدو واضحا أن تدبير العلاقات الخارجية للحزب مازال يشوبه الغموض ، مما يقلص من فرص المردودية و العطاء . فوجود جهازين : الأول منبثق عن المكتب السياسي و الثاني عن المجلس الوطني يبدو خيارا غير ناجع و لا فعال، خاصة في في غياب وضوح الاختصاص . و ما يقع حاليا هو مؤشر واضح على هذا الخلل . لذلك اقترحنا ووضعنا مسودة لإحداث شعبة للعلاقات الخارجية على شاكلة ما هو موجود في أحزاب اشتراكية و غير اشتراكية . لكن هذه الصيغة لم يتم تبنيها من طرف المؤتمر ، ولا حتى الندوة التنظيمية . و قد يبدو من المفيد إعادة تحيينها خلال الاجتماع المقبل للمجلس الوطني الذي سيتولى الحسم في المشروع التنظيمي .
عمليا يتأسس مقترح خلق هذه الشعبة على خصوصية العلاقات الخارجية و تدبيرها في الكثير من الأحزاب الاشتراكية و غيرها .
يرأس الشعبة عضو من المكتب السياسي يتفرغ لإدارتها و يديرها مكتب في عضويته أعضاء من المكتب المجلس الوطني . تتوفر على حد أدنى من اللوجستيك تيسر اشتغالها .
العضوية في هذه الشعبة تبقى مفتوحة ، لكن من الضروري التوعية بضرورة التخصص و الاستمرارية .
من اختصاصاتها :
* رصد الموارد البشرية التي يتوفر عليها الحزب و التي يمكن الاعتماد عليها في بلورة توجهات الحزب الخارجية.
* مد المكتب السياسي بالمعطيات و التحليلات اللازمة حول القضايا التي تهم السياسية الخارجية المغربية.
* إذكاء التفكير و التحليل للقضايا و التحديات التي يعرفها النظام الدولي و كيفية تفاعلنا معها. و يتم ذلك من خلال الاستماع للمعنيين سواء منهم الباحثين أو الممارسين . و الهدف الأساس هو الوصول بلورة مشروع سياسي حزبي للمجل الخارجي .
* التفاعل و التواصل مع الأجهزة الحزبية المنشغلة بالمجال الخارجي كما هو الأمر بالنسبة للفريقين الاشتراكيين في مجلس النواب و مجلس المستشارين، و كذا المؤسسة الاشتراكية للأبحاث و الدراسات و المؤسسة الاشتراكية للمستشارين المحليين ..
* متابعة تمثيلية الحزب فيما يتعلق باللقاءات و الأنشطة التي تهم الدبلوماسية المغربية.
* السهر على تنظيم و المحافظة على الذاكرة الحزبية في تفاعلها مع قضايا السياسة الخارجية
* فيما يتعلق بتفاعلنا مع القضايا الخارجة لبلادنا، و التي هي من اختصاص المكتب السياسي من الحيوي أن تكون هذه النقطة ضمن جدول الأعمال بشكل منتظم. و من الممكن كلما كان المكتب السياسي بحاجة إلى إضاءات أن يتم استدعاء عضو أو أعضاء من جهاز العلاقات الخارجية لعرض بعض الأفكار المتعلقة بالقضية المطروحة. و هذا من شأنه أن يعطي جدوى للجن الموجودة و يقوي من مساهمتها في مسلسل اتخاذ القرار داخل الحزب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.