أقدمت الجمعية المغربية للعلم السياسة التي يترأسها الوزير السابق في حكومة التناوب عبدالله والأكاديمي عبد الله ساعف على اصدار مجلة خاصة بالعلوم السياسية بالمغرب، والتي توجد الآن في الأكشاك باللغتين العربية والفرنسية، هذه المجلة خصصت في العدد الأول المتعلق بمحاور الجانب العربي مواضيع مختلفة كالإصلاح السياسي لمحمد عابد الجابري ، والطبقة الوسطى والسياسة التعليمية: فرضية الأزمة والتحول، لأحمد بوجداد، ثم المسألة الدستورية في فكر علال الفاسي: دراسة في الأصول الفكرية والآليات الدستورية، لعبد العلي حامي الدين بالاضاقة الى المغرب كموضوع سياسي لعزالدين العلام. ويقول عبدالله ساعف مدير المجلة المغربية لعلم السياسة في تقديم العدد الأول، على أن الإقدام على إصدار مجلة خاصة بالعلوم السياسية بالمغرب اليوم، لا ينبع فقط من الرغبة في تقسيم المهام بين الباحثين الجامعيين من مختلف التخصصات، ولا من الرغبة في تحديد قطاع نفترض أنه من حقنا، ولا من الرغبة في توزيع رسمي للعمل بين المؤسسات الجامعية الباحثة عن مجالات مازالت عذراء ترى إمكانية الخوض فيها. واعتبر عبد الله ساعف ان اصدار مجلة مغربية تعنى بالعلوم السياسية تلبية لحاجات الباحثين الذين كثر عددهم في هذا الميدان، وما فتئ عدد النصوص والمؤلفات التي ينتجونها يتزايد، ويرى ساعف أنه في غياب كذا منشور مثل هذه المجلة، فستعوزنا آلية لجمع كل هذا الإنتاج والاستفادة منه أكبر استفادة. فهي آلية تسمح بنقاش علمي رصين حول كل الأبحاث التي يتم إنجازها في هذا المجال، ويعطيها انسجاما أكبر ويخضعها للنقد. هذا فضلا عن أن هذه المجلةستكون آلية لمواكبة النقاشات الدائرة حول قضايا مختلفة أخرى. وبالنسبة لعبد الله ساعف، تزايد عدد الباحثين المتخصصين في العلوم السياسية، أو عدد الذين يهتمون بالشأن السياسي بالبلاد بشكل موضوعي، وتنوع المواضيع السياسية المتناولة، تؤشر بلا شك عن ميلاد حقل معرفي جديد لا يمكنه أن يزدهر من دون مجلات ومنشورات متخصصة. فالمجلة المغربية لعلم السياسة لا تهتم وتبحث فقط في الشأن السياسي الذي يتخد من المغرب موصوعا له و فقط، وانما تتعدى ذلك من أجل كما يقول ساعف استكشاف الحقل السياسي في الفضاءات الشبيهة في منطقتنا. ولكن اهتماماتنا لا يمكن أن تنفصل عما يجري في حقول العلوم السياسية على الصعيد الكوني. ولهذا يؤمن ساعف بالانفتاح التقاربي على البحث المتقدم في العالم عبر مؤسساته (جمعيات دولية، وإقليمية، مراكز، معاهد...) ، ومن خلال العديد من الباحثين المعترف بهم على الصعيد الدولي الذين يتعاونون بالفعل مع الجمعية الكغربية للعلوم السياسية والذيم سيساهمون كذلك في تنشيط هذه المجلة. ويعتقد مدير المجلة أن اصدار المجلة المغربية للعلم السياسة، يشكل، فضلا عن كونه عنصرا من عناصر البرنامج الجاري للجمعية المغربية للعلم السياسة، مطلبا كبيرا للحقل الثقافي المغربي الحالي .يبدو لنا أمرا طبيعيا أن تنهض هذه الجمعية، التي تحظى باعتراف المجتمع العلمي الوطني والدولي كمؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني، بمهمة إنتاج المعارف في الحقل السياسي، ونشرها على أوسع نطاق بالمجتمع، بعيدا عن كل توجه أكاديمي ضيق، أو المعرفة القابعة خلف الأبواب المغلقة، هادفة إلى تحقيق ما تسميه بعض تيارات السوسيولوجيا بأمريكا الشمالية « السوسيولوجيا العمومية » (مايكل بوروي(، ولكن مع الحفاظ على الصرامة العلمية والهيبة العلمية التي تطبع العلوم السياسية. وبحسب ما جاء في تقديم العدد الأول، تروم هذه المجلة التعبير عن نضج العلوم السياسية الذي يتحقق اليوم أمام أعيننا بالمغرب. وهي تصطف مع تلك المعارف التي تم إنتاجها حول السياسة بالمغرب في إطار العلوم الرائدة وذات الصلة بالسوسيولوجيا الكولونيالية، والانتروبولوجيا، والتاريخ والاقتصاد، واللسانيات، والعلوم القانونية... وبعيدا عن الارتباط ذي الطابع الأكاديمي، فهذه المجلة تعتبر كذلك نتيجة من نتائج مسلسل بناء فضاء عمومي، وانتقال المجتمع إلى السياسية، إلى مرحلة يتعاظم فيها النقاش حول الشأن العمومي، إلى لحظة تبدو بالغة الحساسية فيما يتعلق بالتساؤلات حول الانتقال الديمقراطي.