تعززت الساحة الثقافية المغربية مؤخرا بصدور العدد الأول من المجلة المغربية لعلم السياسة كمنبر متخصص في نشر المعارف والأبحاث الخاصة بحقل العلوم السياسية وإثراء النقاش حولها. وجاء في مقدمة العدد الأول للمجلة، التي تصدرها الجمعية المغربية للعلوم السياسية، أن هذا الإصدار يستجيب لحاجات الباحثين الذين تزايد عددهم وتضاعفت إنتاجاتهم العلمية في الميدان، باعتباره آلية تسمح بنقاش علمي رصين حول كل الأبحاث التي يتم إنجازها في هذا المجال، ويعطيها انسجاما أكبر ويخضعها للنقد، وكذا لمواكبة النقاشات الدائرة حول باقي القضايا. كما يروم هذا الإصدار المزدوج باللغتين العربية والفرنسية، حسب المصدر ذاته، التعبير عن نضج حقل علم السياسة اليوم بالمغرب وهي "تصطف مع تلك التي تم إنتاجها حول السياسة بالمغرب في إطار العلوم الرائدة وذات الصلة بالسوسيولوجيا الكولونيالية، والأنتروبولوجيا، والتاريخ والاقتصاد، واللسانيات، والعلوم القانونية..." وتعتبر المجلة أيضا إحدى نتائج "مسلسل بناء فضاء عمومي، وانتقالا كبيرا من المجتمع إلى السياسية، إلى مرحلة يتعاظم فيها النقاش حول الشأن العمومي، إلى لحظة تبدو بالغة الحساسية في ما يتعلق بالتساؤلات حول الانتقال الديمقراطي". وأوضح رئيس الجمعية المغربية للعلوم السياسية الأستاذ عبد الله ساعف، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذه المجلة، فضلا عن كونها جزءا من البرنامج الجاري للجمعية، تعرض مستجدات الإنتاج العلمي لعلم السياسة بالمغرب وتتوخى المساهمة في النقاشات الجارية بشكل علمي أكاديمي يسعى لتأصيل قاعدة موضوعية للشأن السياسي المرتبط بالواقع المغربي. واعتبر هذا الإصدار منبرا يعرض اجتهادات وتراكمات الباحثين من جميع المؤسسات الجامعية المغربية ويبرز الهوية الخاصة لعلم السياسة كحقل مستقل بذاته على مستوى المنهج وطريقة البحث والقاموس والخلاصات، بعد أن كانت هويته تتماهى مع باقي الأبحاث في العلوم الاجتماعية. وقال السيد ساعف في هذا الصدد إنه "قد يبدو الموضوع السياسي أمرا يسهل تناوله، لكنه في الواقع يتطلب ثقافة وأدوات مفاهيمية ومنهجية خاصة به، حيث إن السياسة شأن قابل لأن يشكل معرفة موضوعية". ويدشن هذا الإصدار أولى مواده باللغة العربية بمحاضرة حول "الإصلاح السياسي" ألقاها المفكر الراحل محمد عابد الجابري في الجلسة الأولى لافتتاح المؤتمر الثاني للجمعية المغربية للعلوم السياسية في نونبر 1997 بالمحمدية وتناول فيها بالأساس علاقة الأخلاق بالسياسة. كما يساهم في العدد الأساتذة الجامعيون أحمد بوجداد الذي يتناول "الطبقة الوسطى والسياسة التعليمية، فرضية الأزمة والتحول"، وعبد العلي حامي الدين متحدثا عن "المسألة الدستورية في فكر علال الفاسي، دراسة في الأصول الفكرية والآليات الدستورية"، وعز الدين العلام الذي كتب حول "المغرب كموضوع سياسي". وتتناول المجلة في أول ملف خاص لها باللغة الفرنسية موضوع "علم السياسة بارتباطها مع الإدارة السياسية، ممارسات وإكراهات الحقل السياسي في المغرب العربي"، يتطرق فيه الأستاذان عبد الله ساعف وعبد الرحيم المصلوحي بداية ل"علم السياسة في المغرب العربي.. المسارات ومظاهر الارتباط بالإدارة السياسية"، وميشيل كامو ل"التشكيلات السياسية وعلم السياسة في المغرب العربي". كما يتحدث الأستاذ حسن رشيق حول "علم السياسة والممارسة الميدانية في المغرب" والهواري عدي حول "المعرفة كتمثل وكإرادة، علم السياسة والعلوم الاجتماعية في الجزائر"، وميكاييل بشير أياري حول"العلوم الاجتماعية ورهانات المعرفة: نموذج قطب إيكس للبحث حول المغرب العربي"، وامحمد بلعربي الذي يتناول "علم السياسة في المغرب: مسألة الاستقلالية إزاء الإدارة السياسية".