منذ أواخر غشت بدأ سكان إقليمافران بالتفكير في حطب التدفئة لمواجهة البرد القارس، حيث الحطب أولا والباقي ثانيا، لأجل البقاء والوجود، ومن هنا، الجميع يبدأ في البحث عن هذه المادة، كل حسب إمكانياته ووضعيته المادية، وهذه الأجواء بالضبط تدفع النقابات المحلية القطاعية للموظفين والمستخدمين العموميين إلى خوض سلسلة من الاحتجاجات والإضرابات، بعضها يطالب بإعادة النظر في تصنيف المنطقة نظرا لخصوصيتها وقسوة مناخها المماثلة للأقاليم المجاورة (بولمان وخنيفرة)، في الوقت الذي تطالب فيه النقابة الوطنية للتعليم (فدش)، بتعويض مادي عن التدفئة، على أساس أن هناك قطاعات تستفيد منه( مستخدمو وموظفو كل من التجهيز والفلاحة والمياه والغابات والتكوين المهني...) إلى جانب ذوي النفوذ، إما ماديا أو عينيا أوهما معا، وهو ماتعتبره هذه النقابة حيفا في حق نساء ورجال التعليم وظروف عملهم بالبوادي والحواضر، بعدما تم التراجع عن الحطب المدعم الذي كانت توفره الجماعات المحلية بأثمنة مناسبة وان كانت تشوبها بعض الممارسات في توزيع الوصولات (البون)، منذ التسعينيات، لتفتح الأبواب مُشرعة، جعلت قطاعا يعرف استهلاكا جائرا، نظرا للكمية الهائلة التي توزع على مستخدميه الذين أمام الفائض المتوفر لديهم يلجؤون إلى بيعه مباشرة على شكل حمولة شاحنة، أي بالأمتار المكعبة، والتي يصل ثمنها إلى 2000 درهم أو بالتقسيط 850 درهما للطن (وسيلة القياس، نقالة) وهو ما يعتبره مستخدمو وموظفو القطاعات الأخرى، المتضررة إلى جانب ذوي الدخل المحدود أو لا دخل لهم ، حيفا في حقهم، وهذا يجعلهم يحسون ب«الحكرة»، خاصة وان هذه السنة تتابعت المناسبات المكلفة :رمضان، الدخول المدرسي وعيد الأضحى على الأبواب وحطب التدفئة، الذي سنة عن سنة ترتفع أثمنته ارتفاعا صاروخيا وبوتيرة سريعة: السنة الماضية بدأ ثمن الطن الواحد ب 650 د، وما إن بدأت التساقطات المطرية حتى تجاوز ال1000د، حجتهم أن الطقس لا يسمح بالدخول إلى الغابة لجلب الحطب، وهذه السنة انطلقت الاثمنة من 900 درهم دون إغفال كلفة النقل، إذن أي مصير ينتظر سكان إقليمافران المغلوبين على أمرهم لتوفير الحد الأدنى والمقدر في ثلاثة أطنان للحصول على بصيص من التدفئة في غرفة واحدة، في موسم تنخفض درجة الحرارة إلى ما اقل من خمسة تحت الصفر، مع العلم أن لا جهة مسؤولة عن شؤون هذا الإقليم تتدخل لضبط الاثمنة، فهم لا يبالون بمعاناة الساكنة، كل مايهمهم أن الغابة ثروة تدر عليهم كسلطات ومجالس جماعية وخواص الذين يستغلون هذه الخيرات، مداخيل هامة، فبطريقة أو بأخرى إنهم يضربون عرض الحائط، مفهوم التنمية المستدامة في إطار المحافظة على المجال الغابوي، بل إن مافيا الغابة تجول طولا وعرضا دون تدخل صارم من المسؤولين عن القطاع ... وبذلك كل من له إمكانيات مادية سيصله ما يحتاجه من الحطب ليلا أو نهارا ولا من يعترض، لأن شاحنات النقل متواجدة، وللتمويه حتى لا يمكن لأحد التفريق بين هذه وتلك التي توزع على المستخدمين، في حين أن الذين يؤدون الثمن والذعائر هم من لا حول لهم ولا قوة، ذنبهم هو أنهم دخلوا الغابة بحثا عن حطب لأسرهم، حمولتهم لا تتعدى حمولة دابة اوناقلة. إذن أما آن الأوان للتفكير بجدية في إشكالية حطب التدفئة، التي ترهق الغابة والساكنة في آن واحد ؟ وفي انتظارإيجاد حل بديل، يجب اعتبار سكان إقليمافران سواسية في الحقوق والواجبات، بتعميم التدبير المعقلن لحطب التدفئة بدون استغلال للنفوذ، هذا من جهة أما من جهة أخرى فالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي أعطى انطلاقتها جلالة الملك منذ خمس سنوات كان من بين دعائمها الأساسية، تحسين ظروف عيش اكبر عدد من الشرائح الاجتماعية، وذلك بتوفير المرافق الأساسية من ماء وكهرباء وصحة وتعليم ، ونظرا لخصوصية إقليمافران يجب توفير التدفئة حتى يمكن التخفيف من تكلفة الحطب المرهقة، و بذلك يمكن فعلا تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لساكنة الإقليم.