أي سؤال جدير بأن تطرحه الفلسفة اليوم ؟ خلفية طرح إشكالية الفلسفة بهذه الصيغة تكمن بالأساس في البحث عن الإمكانية المتاحة لهذا الشكل من التفكير الإنساني ليكون مؤثرا في عالمه ، مسكونا بما تفرضه تحولاته من درجة قصوى من اليقظة الفكرية . إن ذلك كفيل بطرح مسألة الفكر كتجربة للحاضر لا يرث أسئلته و مضمون قلقه بفعل العادة و التقليد و إنما يلتقطها بضرورة ما تحايث عالمه و تمنحه قوته . لا تحصّل الفلسفة حيويتها إلا عندما نحيا على نحو ما نفكر و نفكر كما نحيا . أي أن تكون الحياة الجوهر الفعلي لتفكيرنا ، موضوعه و مبدأه و غايته . إن الفلسفة تموت على يد أولئك الذين يحولونها إلى درس ثابت في ذات الشيء . لأن ذلك يعني أنها غير معنية بالحياة . فيترتب عن ذلك استغناء الحياة عنها و تحولها إلى أفكار ميتة لا دماء تجري في عروقها . هل للفلسفة أسئلة أبدية يتغذى منها قلقها على الدوام ؟ لا يعني ذلك سوى أنها غير معنية أبدا بعالم الناس و بما يمنح الوجود مضمون التجربة ، أي الحاضر . و لهذا السبب يكاد بعض المشتغلين بالفلسفة ينسون أن كل فلسفة هي سيرة ذاتية لجسد ، و أن كل أنطولوجيا تفترض عملا معينا للفيزيزلوجيا .. ماهو السؤال الذي تجد الفلسفة نفسها مضطرة لطرحه اليوم ؟ أي ذاك الذي تجد فيه وجاهة لا يمكن التنكر لها . إن أسئلتنا ذاتها هي التي تحدد من نحن بالنسبة لمصيرنا ، أي هذه الصيرورة التي تسحبنا بعيدا عن أنفسنا لتحيلنا إلى أغيار ذواتنا . فالمصير لا يسمي شيئا آخر غير ما نصير إليه ، لأننا لا نكون ما كناه من قبل و لا ما نحن إياه . بل ما نحن بصدد التحول إليه . وهو ما يمنح أسئلتنا قوتها و يشحن إشكالياتنا بالحيوية اللازمة التي تجعل منها عملا مستمرا في صلب تاريخية الكائن ، ويمد مفاهيمنا بالخصوبة التي تجعلها تلد واقعها. هل هو سؤال الجسد أم سؤال القيمة أم سؤال النقد أو سؤال السرعة ذاك الذي يجدر بالفلسفة أن تطرحه اليوم ؟ ذلك كفيل بتذكيرنا أن سبيل التساؤل عن مستقبل الفلسفة هو نفس سبيل التساؤل عن مستقبل العالم .