كان الانتظار طويلاً، لكن الهدف المنشود جاء في نهاية المطاف، حيث نجح دافيد فيا أخيراً في معانقة الشباك والالتحاق بصدارة هدافي المنتخب الإسباني على مر العصور. فقد ترجم مهاجم برشلونة ضربة جزاء في نهاية الشوط الأول خلال مباراة إسبانيا أمام اسكتلندا ضمن تصفيات كأس أمم أوروبا 2012، ليعادل ابن أستورياس رصيد 44 هدفاً دولياً، الذي يضمه الأسطورة الخرافي، راؤول غونزاليس، في حوزته منذ أربع سنوات. لكن فيا أصبح يتفوق على نجم ريال مدريد السابق من حيث العدد القياسي للمباريات التي تحقق فيها هذا السجل المثالي. فبينما كان ابن القلعة البيضاء قد أحرز تلك الأهداف الخالدة على امتداد 102 مباراة دولية، جاء هداف فالنسيا السابق ليسجل نفس العدد في 70 مباراة فقط. هذا ويرجع تاريخ آخر هدف دولي لراؤول إلى 19 يونيو 2006 في ألمانيا، عندما أدرك التعادل لإسبانيا في مباراة نارية أمام المنتخب التونسي، ضمن مرحلة مجموعات الدورة ما قبل الأخيرة من المونديال. وفي مقابلة سابقة مع موقع FIFA.com كان دافيد فيا قد علق قائلاً: «سأكون سعيداً بمساعدة منتخب بلادي على تحقيق انتصارات كبيرة من خلال إنجازاتي الشخصية، كما أتمنى أن أكون بعد سنوات من الآن واحداً من الذين يسعى النجوم الصاعدون لتحطيم أرقامهم القياسية. سيكون أمراً رائعاً.» وها هو اليوم ابن الثامنة والعشرين يحقق ذلك الحلم الذي كان يراوده طويلاً، حيث تزامن إنجازه الكبير مع فوز أبطال العالم بثلاثة أهداف لاثنين بقلب غلاسغو. بيد أن سجل ابن أستورياس لن يقف عند هذا الحد من دون أدنى شك، إذ يتوقع المراقبون أن ينجح في رفع سقف التحديات إلى أعلى مستوى ممكن، وهو الذي مازال يعد بالكثير من التألق والعطاء فوق أرضية المستطيل الأخضر وعلى امتداد سنوات. استهل فيا مشواره الدولي مع المدرب السابق لويس أراغونيس، وكان يوم 9 فبراير2005 تاريخاً شاهداً على أول مباراة له بقميص منتخب إسبانيا، حيث شارك في اللقاء الذي جمع لاروخا بمنتخب سان مارينو في مدينة ألميريا ضمن تصفيات كأس العالم ألمانيا 2006، والتي فاز فيها أصحاب الأرض بخماسية نظيفة. ثم جاء أول أهداف هذا المهاجم الداهية في مباراته الدولية الرابعة، يوم 16 نوفمبر من العام ذاته، خلال لقاء تأهيلي مثير أمام سلوفاكيا. فقد دخل «إل جواخي» في الدقيقة 59 عوض فيرناندو توريس لينجح في إدراك التعادل عند تمام الدقيقة 71. وفي أول موقعة لإسبانيا ضمن نهائيات ألمانيا 2006، تمكن فيا من تسجيل ثنائية رائعة أمام أوكرانيا (4 - 0)، ثم افتتح التهديف من ركلة جزاء أمام فرنسا في ثمن النهائي، بيد أن الديوك تمكنوا من قلب الموازين لصالحهم، لينتصروا في النهاية بواقع 3 - 1 في هانوفر. ولغرابة الصدف، شهدت تلك البطولة آخر أهداف راؤول بقميص لاروخا، قبل أن تتوقف مسيرته الدولية في السادس من سبتمبر من العام ذاته، عندما شارك في مباراة تأهيلية لكأس أمم أوروبا 2008 وانهزم مع منتخب بلاده على يد إيرلندا الشمالية بثلاثة أهداف لاثنين. بعدما ترك راؤول الملاعب الدولية، بات القميص رقم 7 من نصيب دافيد فيا، الذي رأى فيه العديد من المتتبعين الخليفة الشرعي لنجم ريال مدريد المدلل. وقد تمكن فيا من تسجيل أول ثلاثية له في المباراة الافتتاحية لمنتخب إسبانيا خلال نهائيات النمسا وسويسرا 2008، حيث قاد كتيبة أراغونيس لتحقيق فوز كاسح على روسيا بواقع 4 - 1. ثم عاد ليسجل هدف الفوز على السويد في آخر أنفاس المباراة الثانية، ليضمن تأهل الكتيبة الإيبيرية إلى الدور الثاني، قبل أن يساهم بشكل حاسم في التتويج باللقب الأوروبي الذي طال انتظاره، رغم أن «إل جواخي» لم يتمكن من المشاركة في الموقعة النهائية التاريخية بسبب إصابته في المربع الذهبي. لكن فيا نال فرصة تاريخية للتعويض عن ذلك الغياب الذي ظل يحز في نفسه كثيراً، إذ لم يتخلف عن الموعد المونديالي الكبير، وشارك في نهائي كأس العالم جنوب إفريقيا 2010، الذي شهد تتويج إسبانيا بالذهب الخالص لأول مرة في تاريخها، علماً أن ابن الثامنة والعشرين أنهى البطولة متربعاً على ترتيب هدافي منتخب بلاده.